لبنان
27 كانون الأول 2022, 12:50

الشّهداء المسابكيّون قدّيسين

تيلي لوميار/ نورسات
هم "علامة رجاء وخلاص جديدة للكنيسة جمعاء وللكنيسة المارونيّة بخاصّة". بهذه الكلمات وصف البروفيسور الأب يوسف مونّس الشّهداء المسابكيّين الّذين وافق البابا فرنسيس قبل أيّام على إعلانهم بين القدّيسين من دون الحاجة إلى أعجوبة لكونهم "شهداء الإيمان".

وتابع مونّس مستفيضًا في الأحداث الّتي غيّرت مجرى حياة الشّهداء الثّلاثة، وكتب: "الأخوة الثّلاثة الشّهداء المسابكيّون: فرنسيس وعبد المعطي وروفائيل الموارنة مع ثمانية فرنسيسكانيّين لأجل إيمانهم المسيحيّ في 10 تمّوز 1860 في دير الآباء الفرنسيسكانيّين في دمشق، وطوّبهم قداسة البابا بيوس الحادي عشر في 10 تشرين الأوّل 1926، ولا ننسى كيف حمل قضيّتهم وكتب عنهم المطران غي بولس نجيم.  

تزيّنوا بالفضائل  

الأخوة الثّلاثة عُرفوا بوفرة غناهم وعميق تقواهم وسموّ أخلاقهم وكرم أعمالهم على الفقراء والمعوزين وإطعام الجياع وزيارة المرضى.  

فرنسيس كان أب لثمانية أولاد، وعبد المعطي أب لخمسة أولاد، أمّا روفائيل فلم يتزوّج. وقد عُرف الثّلاثة بالاستقامة والسّخاء وصلاة الورديّة وممارسة العبادات التّقويّة والالتزام المسيحيّ بالإنجيل وبتعاليم الكنيسة والأخلاق العالية والتّواضع واللّطف والوداعة وزيارة القربان وتلاوة المسبحة الورديّة. فرنسيس نجح بالتّجارة والعطاء. عبد المعطيّ كان يدرّس الأولاد في مدرسة الفرنسيّين.  

عاصفة الكراهيّة تهبّ  

وهبّت عاصفة الكراهيّة والتّعصّب والتّطرّف في دمشق وشعر الموارنة المسيحيّون بأنّ المتطرّفين يريدون قتلهم، فالتجأ بعضهم إلى دير الآباء الفرنسيسكان في الشّام، واجتمعوا يصلّون في الكنيسة. فهجم المتطرّفون على الدّير وقتلوا وذبحوا ثمانية رهبان فرنسيسكان. وكان فرنسيس جاثيًا أمام تمثال العذراء يصلّي، فقالوا له: أرسلنا الوالي لنخلّصك أنت وإخوتك وأولادك وكلّ أهلك شرط أن تنكر إيمانك. فأجابهم فرنسيس: يستطيع الوالي أخذ مالي وأرزاقي، أمّا إيماني فلا يقدر أحد أن ينزعه منّي. فهبّوا عليه بالعصيّ والفؤوس والخناجر وقتلوه هو وإخوته.  

كان ذلك سنة 1860 يوم ثار المسلمون في دمشق والدّروز في جنوب لبنان. وأضرم المسلمون النّار في حيّ المسيحيّين فلجأ عدد كبير منهم إلى دير الفرنسيسكان في دمشق، والتجأ الرّهبان والنّاس إلى الكنيسة يصلّون ويعترفون ويتناولون.  

وبعد منتصف اللّيل هجم المتطرّفون على الدّير وهم يصرخون: أين فرنسيس مسابكي؟ إنّنا نريد فرنسيس! فدنا منهم فرنسيس قائلًا: أنا فرنسيس، ماذا تطلبون؟ فأجابوه: جئنا ننقذك أنت وأهلك بشرط أن تجحدوا الدّين المسيحيّ وتعتنقوا الإسلام وإلّا سنقتلكم.  

إستشهدوا على دين المسيح

فأجاب فرنسيس: إنّنا مسيحيّون وعلى دين المسيح نموت، والتفت إلى إخوته يشجعهم فأعلنوا هم أيضًا إيمانهم المسيحيّ، فانهال عليهم المضطهدون بالضّرب بالعصيّ والخناجر والفؤوس فأسلموا أرواحهم الطّاهرة ونالوا إكليل الشّهادة، وكان ذلك في العاشر من تمّوز، واليوم تعلنهم الكنيسة قدّيسين، صلاتهم تكون معنا، آمين.  

"إنّ قداسة البابا فرنسيس وافق اليوم 17 كانون الأوّل الجاري على إعلان الطّوباويّين الأخوة المسابكيّين الثّلاثة الشّهداء بين القدّيسين دون حاجة إلى أعجوبة لكونهم شهداء الإيمان".

كيف ننسى شهداء دير عشاش أو دير جنين؟

وإنّني أصلّي وأتمنّى أن يرفع إلى مراتب الشّهداء والإيمان الرّهبان والرّاهبات والكهنة والأساقفة والعلمانيّين الّذين استشهدوا خلال الحرب العبثيّة في لبنان لأجل إيمانهم وأوطانهم، فكيف ننسى إخوتنا رهبان دير عشاش أو دير جنين أو الكثير سواهم الّذين استشهدوا من أجل يسوع المسيح، كما تلامذة رهبان مار مارون 350 راهبًا؟".