تكنولوجيا
18 شباط 2022, 09:00

الساعة الجدارية الأكثر دقة في العالم تُمهد لتقدّم كبير في تفسير الظواهر الفيزيائيّة

الوكالة الوطنيّة للإعلام
نجح علماء في التحقّق من نظرية أينشتاين عن النسبية العامّة على أصغر مقياس في تاريخ التجارب العلمية، من خلال إثباتهم أن دقات ساعتين جداريتين تظهر تباعدًا طفيفًا بينهما عندما يفصلهما جزء من الملليمتر فقط، وفق تحقيق لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" من واشنطن.

وأوضح جون يي من جامعة بولدر في كولورادو أن الاختبار أجري على نوع من الساعات الجدارية يعتبر الأكثر دقة "بأشواط" بين تلك المتوافرة حتى اليوم. وقد تتيح هذه الساعة الجدارية الطريق لاكتشافات جديدة في ميكانيكا الكم التي تشكّ الأساس في العالم دون الذري.

ونشر الباحث وزملاؤه نتائج دراستهم في مجلة "نيتشر" المرموقة، وشرحوا فيها تفاصيل التقدم التقني الذي مكنهم من التوصل إلى ساعة جدارية تفوق دقتها 50 مرة  نموذجهم السابق الذي سبق أن حطم عام 2010 الرقم القياسي في الدقة.

وتعود نظرية أينشتاين عن النسبية العامة إلى عام 1915 ومفادها أن مجال جاذبية جسم كبير جدا يشوه الزمكان (الزمان والمكان)، وتفيد هذه النظرية أن الوقت يتباطأ عند الاقتراب من كتلة مهمة.

لكن التحقق من هذه النظرية لم يصبح ممكنا إلا بعد مدة طويلة بفضل اختراع الساعات الذرية التي تقيس الوقت عبر رصد انتقال الذرات إلى درجة أعلى من الطاقة لدى تعرضها لتردد معين.

وأجري اختبار عام 1976 تمثل بإرسال ساعة إلى الفضاء، فتبين بنتيجته أنها أسرع بمقدار ثانية واحدة كل 73 عاما من ساعة مماثلة لها على الأرض.

ومذاك، أصبحت الساعات أكثر دقة، وبالتالي أصبحت أكثر قدرة على رصد تأثيرات النسبية.

وتمكن فريق جون يي قبل قرابة 10 اعوام من تحطيم رقم قياسي عبر رصد فارق في التوقيت نتيجة تثبيت ساعتهم الجدارية في نقطة أعلى بمقدار 33 سنتيمترا.

 

"نظرية كل شيء"

وتمثل الانجاز الذي حققه جون يي في إجراء استخدام ما يسمى ساعات "الشبكة الضوئية" التي تحتجز الذرات بطرق معينة بواسطة الليزر. وتتيح هذه التقنية منع الذرات من السقوط بسبب الجاذبية أو من التحرك، مما قد يحد من الدقة.

وتحوي الساعة الجدارية الجديدة مئة ألف ذرة من السترونشيوم، مثبتة في طبقات عدة، يبلغ إجمالي ارتفاعها ملليمترا واحدا.

ومكنت درجة الدقة العالية التي تتسم بها هذه الساعة العلماء من أن يكتشفوا عندما تم تقسيم هذه المجموعة إلى نصفين الفروق الزمنية بين النصف العلوي والسفلي.

وتعمل الساعات كمسابر عند هذا المستوى من الدقة.

وتستطيع ساعات كهذه، مثلا، أن تتيح في المناطق البركانية  التمييز تحت السطح بين الصخور الصلبة والحمم البركانية، مما يمكن تاليا من التنبؤ بالانفجارات البركانية.

كذلك يمكن أن تساعد في درس طريقة تسبب الاحترار المناخي بذوبان الأنهار الجليدية ورفع مستوى سطح البحر.

إلا أن أكثر ما يثير حماسة جون يي هو الدور الذي تؤديه هذه الساعات في مجال الفيزياء.

فالساعة الجدارية الحالية قادرة على اكتشاف فارق زمني على بعد 200 ميكرومتر، ولكن في حال خفض هذا الرقم إلى 20 يمكنها أن تستكشف عالم الكم ، وتساعد تالياً في سد بعض الفجوات النظرية.

وإذا كانت النسبية توفر تفسيرا ممتازا لطريقة تصرف الأجسام الكبيرة كالكواكب أو المجرات، فهي لا تنطبق على ميكانيكية الكم التي تتعامل مع البالغة الصغر.  

ومن شأن تقاطع المجالين إتاحة خطوة إضافية نحو "نظرية كل شيء" قادرة على تفسير كل الظواهر الفيزيائية للكون.