الرّاعي للمتخرّجين: سيروا في درب الحياة بأقدام ثابتة نحو مستقبل أفضل
1. يسعدني أن أشارك معكم فرحة تخرّج الطلّاب الأحبّاء هنا في مدرسة السان جورج-الزلقا، وقد أنهوا المرحلة النهائيّة من التعليم العام. ويحملون اسم "فوج اليوبيل" المزدوج: يوبيل خمسين سنة الذهبي لتأسيس هذه المدرسة (1966-2016)، ويوبيل سنة الرحمة التي أطلقها قداسة البابا فرنسيس. والشعار هو "بناء جسر التربية والرحمة". إنّ اسم "فوج اليوبيل" الذي تحملونه، أيّها الخرّيجون والخرّيجات، هو اسم مشرّف وملتزم. إنّه يشرّفكم لأنّكم تُتوِّجون بتخرّجكم احتفالات اليوبيل الذهبي لمرور خمسين سنة على تأسيس هذا الصرح التربوي، وأنتم تلتزمون بالأمانة لهذه المدرسة ولِما تربّيتُم عليه فيها من قيم فكرية وروحية وأخلاقية ووطنية. شرف والتزام أيضًا يدعوكم لتكونوا بناة تربية ورحمة في ما تقومون به من أفعال ومبادرات، وفي ما تتّخذون من مواقف في حياتكم.
2. إنّي أهنّئكم من صميم القلب، أيّها الخرّيجون والخرّيجات، متمنّيًا لكم النجاح الكامل في المرحلة الجديدة من حياتكم. وأهنّئ أهلكم الأحبّاء الذين يفرحون بنموّكم. وأهنّئ شاكرًا مدرستكم بشخص رئيسها العزيز الخوري بول ناهض الذي أشكره على دعوته لي لرعاية هذا الاحتفال وأهنّئ الهيئتين الإدارية والتعليمية، وسائر الموظّفين. وهي مناسبة لأشكر معكم وأقدّر خدمة المعلّمين الآنسة انطوانيت ابو غزالة، والسيد بسّام خيرالله اللذين تفانيا في رسالة التربية، وجرى تكريمهما في هذا الاحتفال.
3. وإنّي أوجّه تحيّة خاصّة مع التهنئة إلى سيادة أخينا المطران كميل زيدان، راعي الأبرشية، وليّ هذه المدرسة، الذي ربّى بدوره أجيالًا وأجيالًا في مدارس الابرشية، في الإدارة والتعليم، وعزّز المدارس الكاثوليكية، ونظّم أمانتها العامّة. وفيما أحيّيكم، أيّها الأخ الجليل، نستحضر معكم أرواح المؤسّسين: الشيخ جرجس السمراني وزوجته، مقدّمَي الأرض، والمباني الأولية للمدرسة لتكون في خدمة الأجيال الطالعة، والمطران الياس فرح والخوري انطوان الجميّل اللّذين أطلقاها بزخم. ونذكر بالامتنان وليّ المدرسة السابق سيادة المطران يوسف بشاره الذي أولاها كلّ اهتمامه، والكهنة الذين تعاقبوا على رئاستها، والهيئات الإدارية والتعليمية التي توالت على خدمتها.
أيّها الخرّيجون والخرّيجات الأحبّاء
4. أنتم تتخرّجون من مدرسة السان جورج مزوَّدين بالأسس الثقافية والروحية والخلقية التي تجعل منكم "مسيحيّين ناشطين، وشهودًا للإنجيل، ومواطنين مسؤولين" (رجاء جديد للبنان، 106). وقد صقلت المدرسة شخصيّتكم، ونمّت مواهبكم، وفعّلت قدراتكم، يومًا بعد يوم، وصفًّا بعد صف، إلى أن بلغتم نهاية هذه المرحلة التأسيسية من حياتكم.
أودّ أن أشكر الله معكم على نعمة هذه المدرسة، وعلى أسرتها التربوية. إنّها ينبوع العطاء والرجاء. ومنها أحيّي كلّ مدارسنا الرسميّة والخاصّة، ولا سيّما مدارسنا الكاثوليكية، ومدرسة السان جورج واحدة منها، حيث يبرز البُعد الروحي، والارتباط بسرّ المسيح، والرؤية المسيحية للإنسان وللتاريخ، المستنيرة بتعليم الإنجيل والكنيسة، والسهر على انتقاء معلّمين ومعلّمات يتميّزون بالمعرفة والقدرة في التصرّف والالتزام بمقتضيات إيمانهم المسيحي (المرجع نفسه).
5. وأنتم، ايّها الخرّيجون والخرّيجات، شباب لبنان، إليكم نتطلّع بكثير من الأمل، لكونكم مستقبل الوطن، ومستقبل العائلة والمجتمع. أنتم "حرّاس الفجر" كما يسمّيكم أشعيا النبي (21: 11) والقديس البابا يوحنا بولس الثاني، حبيب الشبيبة. نحن نشعر معكم بخيبات الأمل جرّاء الأوضاع التي أوصلنا إليها المسؤولون السياسيّون على جميع المستويات ولا سيّما الاقتصادية منها والمعيشية واللااستقرار، وإهمال مصير شباب البلاد الذين هم قواه الحيّة والتجدّدية، وتعطيل المؤسسات الدستورية، وتفشّي الفساد والرشوة وسلب المال العام وحالة الفوضى. نحن نرفض معكم بشدّة أن تحرمنا الكتل السياسية والنيابية من رئيس للجمهورية لسنة ثالثة.
6. ما أودّ أن أقوله لكم هو أن الكنيسة تقف إلى جانبكم، وتتضامن معكم وتطالب بحقوقكم، ولا تتأخّر في تأمين فرص عمل لكم في مؤسّساتها وقطاعاتها. وأقول لكم أيضًا: اصمدوا في القيم الروحية والأخلاقية وتعمّقوا في العلم. فالغد غدكم، والمستقبل بين ايديكم. لا تتأثّروا بالمخاطر التي تتهدّدكم من مثل: الفوضى، والفلتان الأخلاقي، وآفة المخدّرات، وتيّارات الإلحاد المقنّع، والمادّية المفرطة، والانحلالية، وتنامي الأصوليات، وسواد الآفاق المستقبلية في بلدان الشّرق الأوسط. فأكرّر لكم نداء المسيح في قلب العواصف والرياح: "لا تخافوا!" هذه كلّها ستهدأ وتزول، شرط أن تظلّوا أنتم ثابتين في ما تربّيتُم عليه في البيت والمدرسة والكنيسة.
أيّها الخرّيجون والخرّيجات، يا فوج اليوبيل،
طيروا كالنسور في أجواء الوطن، احملوا معكم فرح اليوبيل والشجاعة والجرأة، سيروا في درب الحياة بأقدام ثابتة نحو مستقبل أفضل تبنونه بأيديكم.
عشتُم! عاشت مدرسة السان جورج! عاش لبنان!