لبنان
25 حزيران 2019, 09:29

الرّاعي لخرّيجي دورة التّنشئة الرّوحيّة والإنسانيّة: حلّقوا كالنّسور، واحملوا سرّ المسيح أينما كنتم

برعاية البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي وحضوره، نظَّمَ مكتب راعويّة الشّبيبة في الدّائرة البطريركيّة المارونيّة حفل تخرّج دورة التّنشئة الرّوحيّة والإنسانيّة لعام 2019، وذلك في ختام حلقةٍ خاصّة من برنامج التّنشئة المسيحيّة يوم السّبت، في مسرح الصّرح البطريركيّ في بكركي.

 

الدّفعة المتخرِّجة حملت اسم دورة سينودُس الشّبيبة "المسيح يحيا"، مواكَبَةً لأعمال ما بعد السّينودُس من أجل الشّبيبة 2018. كما وتميّزت هذه الدّورة، بمشاركة شبيبةٍ من كلٍّ من الأبرشيّات المارونيّة في الأراضي المقدّسة وسوريا.
إستُهِلَّ الحفل بصلاة البدء مع البطريرك الرّاعي بمشاركة الشّبيبة المتخرّجة من مسؤولي شبيبة الأبرشيّات والحركات الرّسوليّة من لبنان وسوريا، بحضور المطران طانيوس الخوري، والمونسنيور توفيق بو هدير، والرّئيسة العامّة لراهبات دير مار يوحنّا المعمدان حراش، مع عددٍ من الكهنة والرّاهبات وعائلات المتخرّجين.
ثمّ ألقى الرّاعي كلمة جاء فيها: إنَّ أفضل تحيّةٍ في زمن العنصرة هي، "أرسل روحَكَ أيّها المسيح فيتجدّد وجه الأرض"؛ فمن دون الرّوح ليس هناك تجدّدٌ للكنيسة وليس هنالك حياة. الإنجيل هو كلمة الله، هو يسوع المسيح نفسه، واللّيتورجيا هي الحضور الإلهيّ في حياتنا. ولولا الرّوح القدس لكانت الكنيسة حزبًا انتهى منذ زمن، غير أنَّ الكنيسة بالرّوح القدس هي جسد المسيح السّرّي حتّى انقضاء العالم".

ووجّه الرّاعي تحيّةً للشّبيبة الّذين تابعوا التّنشئة الرّوحيّة الإنسانيّة من مختلف الأبرشيّات والحركات الرّسوليّة، وخاصّة الشّبيبة المشاركة للمرّة الأولى من الأراضي المقدّسة وسوريا، ليكونوا مسؤولين فاعلين فيها، وذلك بتنظيمٍ من مكتب راعويّة الشّبيبة؛ كما ووجّه تحيّةً إلى منسّق المكتب المونسنيور توفيق بو هدير، منوّهًا بقدراته مع الأعضاء كافّة.
وقد نوّه أيضًا بأهمّيّة الاسم الّذي تحمله الدّورة، "دورة سينودُس الشّبيبة "المسيح يحيا""، المرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحدث الكنسيّ الشّبابيّ التّاريخي الّذي لن يتكرّر، ألا وهو السّينودُس من أجل الشّبيبة.
وقد شرح الرّاعي البطريرك بعض الأفكار الرّوحيّة انطلاقًا من الأحد الرّابع من زمن العنصرة، مركّزًا على إنجيل القدّيس لوقا 20: 21 "ابتهج يسوع بالرّوح القدس، وقال: "أعترف لكَ يا أبتي، ربَّ السّماوات والأرض، لأنَّك أخفيتَ هذه الأمور عن الحكماء والفهماء، وأظهرتَها للأطفال...". وقد تأمّل من خلال هذه الآية في فكرة حضور يسوع المسيح معنا ومعرفته عبر سرّ القربان، الّذي هو قمّة المعرفة، معرفته عبر سرّ القربان وعبر الكلمة أيّ الإنجيل. يسوع المسيح هو نفسه الكلمة أصبح ذبيحة فداء ووليمة لغذائنا الرّوحيّ. ومن ثمّ تطرّق إلى الإرشاد الرّسوليّ "المسيح يحيا" المتعلّق بموضوع الشّبيبة، فكان من بين الرّسائل الرّوحيّة الموجّهة للشّبيبة: أنَّ الله يحبّهم إن شعروا بذلك أو لم يشعروا..فيسوع يريد أن يكتب معهم تاريخ حبٍّ.. وقد شدّد على أنّ القدّاس هو موعد الحبّ الإلهيّ.. فالمسيح الحاضر في القربان هو من أجل كلّ إنسان. إنّ اللّقاء بالمسيح يمنح الطّمأنينة الدّاخليّة والفرح الدّاخليّ.. وبمقدار ما ننمو في معرفة المسيح، ننمو في محبّته أيضًا.. إنَّ المسيح لا يفرض علينا محبّته وصداقته ولا يُلزمُنا بها.. هو حاضر دائمًا معنا.. حتّى لو تركناه لا يتركنا أبدًا... وفي ختام موضوع التّنشئة، أَمَلَ أن تكون هذه الدّورات قد ساعدت الشّبيبة المشاركة فيها على التّعّرف أكثر فأكثر على سرّ المسيح وعيش هذه الحقيقة في حياتهم. وأخيرًا، اختتم حديثه بوصيّة للمتخرّجين: "حلّقوا كالنّسور، واحملوا سرّ المسيح أينما كنتم، وأدّوا مسؤوليّاتكم في الحركات الرّسوليّة الّتي تنتمون إليها"، وأنهى بصلاة من صلوات الأب يعقوب الكبّوشيّ، قبل الاستماع إلى كلمات من المتخرّجين.
وبعد ذلك، كانت كلمة للمونسنيور توفيق بو هدير، منسّق مكتب راعويّة الشّبيبة في الدّائرة البطريركيّة المارونيّة، الّذي حَيَّا منسّق لجنة التّنشئة وكافّة لجان مكتب راعويّة الشّبيبة، 
وقد جاء فيها:

"صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الرّاعي الكلّيّ الطّوبى، أبينا، أب الشّبيبة، وصديق الشّبيبة. إنّ اختتام دورات التّنشئة هذه برياضة روحيّة مع غبطتكم تخطّى كلّ انتظارات. إنَّ التّأمّل العميق الّذي اختبرناه مع غبطتكم في هذه التّنشئة المسيحيّة، فاق انتظاراتنا.. إنَّ هذا التّأمّل العميق هو خير ما نتوّج به تنشئتنا اليوم، التّأمّل بوجه يسوع وصداقته الّتي هي أساس كلّ شيء، وهي لبّ تنشئتنا الّتي أخذت هذه السّنة وجوهًا عديدة ومواضيع عديدة، ولكن يبقى هذا هو الأساس، فمن دونها لا شيء ممّا كان. لذلك، نشكرك يا صاحب الغبطة على هذا التّتويج لهذه الدّورة باسم كلّ الشّبيبة الحاضرة، باسم مكتب راعويّة الشّبيبة الّذي أسّسته ووضعت ثقتك فيه. ويرتضي هذا المكتب بكلّ أعضائه أن يردَّ لك هذه الأمانة دائمًا وهذه الثّقة الّتي وضعتها فيه، ثمارًا تُثمر شهادة حياة في شبيبة اليوم. أنت قلت للشّبيبة المتخرّجين اليوم "حلّقوا" وأرسلتهم. إنّهم منطلقين كخميرة، لتخمّر الرّعايا والمجتمعات الّتي يعيشون فيها والعائلات والمدارس والجامعات. هم منطلقين كملح ليملِّحوا العالم الّذي اشتاق لنكهة المسيح، المتغرّب في الكثير من الأحيان عن وجه المسيح، تمامًا كما أخبرتنا اليوم في التّنشئة، عن عدد الشّبيبة والنّاس البعيدين عن الصّلاة والقدّاس وعن جوهر الحياة. إنَّ الشّبيبة المتخرّجين، ينطلقون اليوم بعد كلّ هذه التّنشئة ليقولوا للعالم الكلمة الّتي قلتها لنا اليوم: أنَّ يسوع يحبّهم؛ وأنَّ يسوع يضع ثقته بهم ويرسلهم شهودًا للمسيح الحيّ في هذا العالم. أودّ القول لكم يا صاحب الغبطة، إنَّ هذه التّنشئة كانت تنشئة ما بعد السّينودُس، أيّ من بعد كافّة التّحضيرات الّتي قامت بها شبيبتنا من أجل السّينودُس عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ واللّقاء التّحضيريّ للسّينودس الّذي قدّمنا حصيلته إلى البابا في سينودُس روما والّذي بطرافته المعهودة، قام بإصلاح خطأ إملائيّ في عنوان الوثيقة المكتوبة باللّغة العربيّة على سبيل المزاح. إنَّ هذا العمل الّذي قمنا به، وحمله صاحب الغبطة إلى السّينودُس في روما، وكان في كلّ مداخلاته يقول لي إنّه يعود إلى ما قالوه الشّبيبة، لذلك، إذ نظرتم إلى الوثيقة الّتي صدرت بعد السّينودُس وارتكز عليها البابا في تحضير الإرشاد الرّسوليّ، تحمل كلماتكم وأفكاركم وكلّ ما فكّرنا فيه سويًّا وقمنا به ما قبل السّينودُس. ولكن الجميل في هذه التّنشئة، أنّنا أردنا فيها أن نُعِدّ ونضع موضع التّنفيذ خطّةً تنفيذيّة، وضع بنودها الأولى مكتب راعويّة الشّبيبة، وأنتم من خلال هذه التّنشئة وحلقات الحوار الّتي كنّا نجريها مرّةً بعد مرّة، برزت مبادرات عمليّة. وبالتّالي، ما يطبع تنشئة هذه السّنة ويميّزها أنّها تحمل مبادرات عمليّة، يجب أن نكون مدينين بها لهذه التّنشئة السّابعة، وهي أنّ المركز البطريركيّ للتّنمية البشريّة والتّمكين الّذي أطلقتموه غبطتكم ودشّنتموه قبل أسبوعٍ، سيكون منصّة حتّى تُبصر هذه المبادرات كلّها الّتي أرسيناها النّور حقيقةً وننطلق فيها حقيقةً إلى شبيبتنا. سأسمّي ثلاثة من مبادرات عديدة تأسّست وتركّزت في دورات التّنشئة هذه. المبادرة الأولى، مركز الإصغاء للشّبيبة. وهذا كان العنوان الّذي طبع سينودُس الشّبيبة "الإصغاء"، الكنيسة تُصغي. سيكون هذا المركز بعد أن وضعتم أُسس هذا المركز: المهمّة والرّؤية وخطّة العمل، وفكّرنا حقيقةً في كيفيّة عمل لجنة تأسيسيّة له، وكيفيّة تحضيره من خلال مجموعات فكريّة كنتم أنتم أساسها ونواتها، سيُبصر النّور، وستكونون أنتم حقيقةً بعد الجهد والفكر المشترك الّذي قمنا به في أساس تأسيس المركز. المبادرة الثّانية، المركز السّمع بصريّ Youth Multimedia Center، الّذي ستكون منصّته ومكانه في المركز البطريركيّ ريفون، والّذي سنستعمل كلّ ما فكّرنا به في موضوع التّواصل الاجتماعيّ، وكلّ رغبات شبيبتنا الّتي تنتظرنا لنلاقيها على كلّ منصّات التّواصل الاجتماعيّ، الّتي يستخدمها مجتمع اليوم وحضارة الموت لمحاربة وتهديم ونشر ثقافة الموت والحقد والظّلاميّة والشّعبويّة؛ إنَّ شبيبتنا ستستعمل هذه الوسائل عينها لنقل البشارة وكلمة الله ولملاقاة شبيبتنا أينما وُجدوا في كلّ مكانٍ وزمان. وأمّا المبادرة الثّالثة، فهي المبادرة البيئيّة الّتي أسّسناها معًا وفكّرنا فيها معًا وقرّرنا أن نعمّمها ونقترحها لتكون فعليًّا في تصرّف رعايانا وكنائسنا وكلّ المباني التّابعة للكنيسة، مثلما أوصى سينودُس الشّبيبة أن تكون صديقة للبيئة، لتنقل بالحقيقة ثقافة سلام مع الخالق سلام مع الخليقة، ولننقل نحن بالحقيقة هذه الثّقافة الإيكولوجيّة الّتي توصي بها كلمة البابا في "كُن مُسبَّحًا" الّتي درسناها معًا وطبّقناها وحوّلناها إلى مبادرات عمليّة. هذه المبادرات الثّلاثة ستكون ثمار هذه الدّورة". وختم المونسنيور بو هدير: "أحيّي بشكلٍ خاصّ الّذين منعتهم ظروفهم المختلفة من الحضور معنا؛ كما وأوجّه تحيّةً إلى المسؤولين عنكم وأساقفة أبرشيّاتكم. إنَّ هذه المبادرة كانت مبادرةً وقد تحقّقت. لطالما قلنا إنّنا لا نريد أن تبقى مبادراتنا حبرًا على ورق. إنَّ هذه المقرّرات كانت مقرّرات فوروم الشّبيبة والأيّام العالميّة للشّبيبة المارونيّة. الشّبيبة ليسوا أشخاصًا يضعون الحبر على ورق، وليسوا أشخاصًا يُصدرون البيانات ليتكلّموا فحسب، هم يتكلّمون ويفعلون. أودّ أن أحيِّيكم وأشكر الله عليكم، وأريد أن نعاهد بعضنا البعض أنّ نكمل هذه المسيرة، ونتواعد في الدّورة التّالية إن شاء الله في السّنة القادمة، لنكون كلّنا شبيبة متّحدين دومًا معًا، وممتلئين من الرّوح، لننطلق إلى كلّ الّذين ينتظروننا على طرقات هذا العالم".
وفي الختام، قدّم الشّبيبة المتخرّجين أيقونة يسوع المسيح المعلّم، عربون تقديرٍ ومحبّةٍ بنويّة إلى البطريرك الرّاعي، الّذي قدّمها بدوره إلى مركز دير مار سركيس وباخوس في ريفون، ملتمسين البركة الرّسوليّة والدّعاء له ليبقى أمامهم الرّاعي الحكيم والشّاهد الأمين للمسيح الحيّ الأبديّ الشّباب. بعدها، تمّ توزيع الشّهادات على المتخرّجين.