الرّاعي: كلام الله يطرق باب القلب ويغيّره
"لا يحق للمواطن اللّبنانيّ، أيًّا يكن السّبب، أن يتخلّى عن الدّور الّذي يمنحه إيّاه الدّستور بتأكيده أنّ "الشّعب هو مصدر السّلطات، وصاحب السّيادة، يمارسها عبر المؤسّسات الدّستوريّة".
لكنّنا ندرك مع الشّعب اللّبنانيّ أنّ قانون الانتخاب الجديد يحمل سلبيّات عديدة تشكّى منها على السّواء المرشّحون والنّاخبون؛ ما يقتضي من المجلس النّيابيّ الجديد المباشرة بتعديله، من دون انتظار الأشهر الأخيرة من ولايته. ومن ناحية ثانية، تشكّى اللّبنانيّون من تسخير الوزارات لدعم مرشّحيها للنّيابة بشتّى الطّرق؛ الأمر الّذي يستوجب الفصل بين النّيابة والوزارة، وبالتّالي تعديل المادة 28 من الدّستور الّتي تجيز الجمع بينهما، من أجل ضمانة ما ينصّ عليه الدّستور نفسه بأنّ "النّظام اللّبنانيّ قائم على مبدأ الفصل بين السّلطات"، ومن أجل تمكين المجلس النّيابيّ من محاسبة الحكومة وعمل الوزارات، من دون هذا الفصل؛ نأمل إجراء هذا التّعديل الّذي طالب به عدد من رؤساء الأحزاب، كما سبق ونادى به فخامة رئيس الجمهوريّة.
إنّ مشهد ترائي الرّبّ يسوع القائم من القبر لتلاميذه، يتكرّر في كلّ قدّاس إلهيّ يجمع الجماعة المسيحيّة. فكما شرح الرّبّ للتّلاميذ "توراة موسى والأنبياء والمزامير، وأعطاهم البراهين عن موته وقيامته"، كذلك يكلّم قلوبنا عندما نسمع القراءات البيبليّة، والعظة الّتي تشرحها وتتوسّع فيها، وتطبّقها على حياتنا. من حقّ كلّ مؤمن ومؤمنة سماع كلام الله، في حالة حياته الخاصّة، وظروفه، وعمره، وأوضاعه؛ وهذا واجب عليه لأنّ الله يكلّمه ويكلّم كل إنسان، ليوجّهه ويقوّيه ويعزّيه ويعضده، ويدعوه، ويزرع في قلبه بذور حياة جديدة. فكلام الله يطرق باب القلب ويغيّره.
سماع كلام الله بالقلب حاجة لكي يولد فينا الإيمان، على ما يقول بولس الرّسول: "الإيمان من السّماع، والسّماع يقتضي الكرازة بكلام الله" (روم 10: 17).
في ختام هذا التّرائيّ القربانيّ، أرسل يسوع تلاميذه: "ليكرزوا باسمه بالتّوبة لمغفرة الخطايا، وليشهدوا لقيامته، لدى جميع الأمم، ابتداءً من أورشليم" (لو 24: 49).
عندما يستنير المؤمنون بكلام الله، ويشاركون في تقديم ذبيحة الفداء صلاةَ شكرٍ لله وتكفيرٍ عن خطاياهم، ويتناولون جسد الرّبّ ودمه، فإنّهم ينطلقون بإرسال من المسيح للقيام بمهامهم اليوميّة بروح الشّهادة لمحبّة المسيح القائم من الموت. وهكذا يعود كلّ مؤمن ومؤمنة إلى محيطه العادي، مصمّمًا أن يجعل من حياته كلّها عطيّة وذبيحة روحيّة مرضيّة لله (روم 12: 1)، ومستشعراً واجب إشراك الآخرين في فرح اللّقاء بالرّبّ.
نصلّي من أجل جميع المسيحيّين، ولاسيّما المسؤولين عن الشّأن العام، كي يعيشوا فرح اللّقاء بالمسيح في قدّاس الأحد، ويحملوا هذا الفرح الرّوحيّ والسّياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ والاستقراريّ إلى جميع المواطنين. وبقلوب يملأها الرّجاء، نرفع معًا نشيد المجد والتّسبيح للثّالوث القدّوس، الآب والابن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين."