لبنان
06 حزيران 2019, 05:00

الرّاعي في افتتاح رياضة السّينودس السّنويّة: الصّلاة إذا صدرت من قلوبٍ مؤمنةٍ نالت مبتغاها

إفتتح الأربعاء بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الرّاعي الرّياضة السّنويّة للسّينودس المقدّس، في بكركي، بكلمة قال فيها:

 

"إخواني السّادة المطارنة الأجلّاء،

1. يسعدني أن أرحِّب بكم في هذا الكرسيّ البطريركيّ، ومعًا نشكر الله على أنّه يجمعنا بعنايته في هذه الرّياضة السّنويّة الّتي نرجوها مثمرةً في حياة كلّ واحدٍ منّا. وإنّنا نحيّي إخواننا السّادة المطارنة الّذين لم يتمكّنوا من المشاركة معنا، ولكنّهم يرافقوننا بصلواتهم ونحن نذكرهم من جهتنا في صلاتنا. نجتمع وفي القلب غصّةٌ على غياب المثلَّثَي الرّحمة: أبينا البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، وأخينا المطران رولان أبو جوده. وقد انتقلا إلى بيت الآب في غضون عشرة أيّام: المطران رولان في 2 أيّار، والبطريرك مار نصرالله بطرس في 12 منه. نصلّي الآن "الأبانا والسّلام" لراحة نفسيهما، ولكي يعوّض الله على كنيستنا برعاة صالحين.

 

2. ومعًا نحيّي مرشد الرّياضة عزيزنا الأب جوزف بو رعد، المدبّر العامّ في الرّهبانيّة الأنطونيّة الجليلة. ونشكره مسبقًا على مواعظ الرّياضة وما يتّصل بها، لاسيّما وأنّه يقيم معنا طيلة أيّامها. ونثمّن منذ البداية الموضوع العامّ الّذي اختاره لها: "من صلاتهم تعرفونهم".

فالصّلاة الصّادرة من القلب، والنّابعة من كلام الله، والنّاضجة بالتّأمّل، والظّاهرة في الأقوال والأفعال والمسلك، والبالغة ملء الاتّحاد بالله، إنّما تكوّن شخصيّة المؤمنين عامّة ورعاة الكنيسة خاصّة.

 

3. ندخل الرّياضة وقلوبنا قلقةٌ على الحالة المتردّية الّتي يعيشها لبنان وبلدان المنطقة، والّتي لا توحي بالسّلام والاستقرار من ناحية السّياسات الدّوليّة والنّزاعات الإقليميّة والمحلّيّة.

 

فعندنا في لبنان نزاعاتٌ سياسيّةٌ تتحوّل إلى مذهبيّةٍ تشوّه ثقافة الميثاق الوطنيّ والعيش المشترك وصيغة المشاركة المتوازنة في الحكم والإدارة. وإذا بهذه الرّوح السّياسيّة– المذهبيّة تتدخّل في أمور الإدارة والقضاء وأحكام المحاكم والجيش وقوى الأمن وسواها من الأجهزة الأمنيّة وفقًا لمصالحها، وتعمد إلى زعزعة الثّقة بها. ما يعني أنّ أهل الحكم، وبكلّ أسف، أنفسهم يهدمون المؤسّسات العامّة، ويقوِّضون أسس الدّولة القويّة ذات الهيبة، دولة القانون والعدالة. فلا يمكن الاستمرار في هذه الحالة على حساب الشّعب الّذي يعاني من أزمةٍ اقتصاديّةٍ ومعيشيّةٍ واجتماعيّةٍ خانقة.

 

أمّا في المنطقة الشّرق أوسطيّة، ففضلًا عن الحروب والنّزاعات الآخذة في هدمها وإضعافها وإفقارها وكسر قدراتها وتهجير شعوبها واستباحة أراضيها وجعلها مسرحًا للمنظّمات الإرهابيّة والحركات التّشدّديّة، هناك الخطر الأكبر الّذي يقضي على هويّتها وحقوق مواطنيها، والمعروف بصفقة القرن السّياسيّة الإقليميّة والدّوليّة. وهي العمل على توطين الفلسطينيّين والنّازحين السّوريّين في البلدان الّتي تستضيفهم بإغراءات ماليّة تُدفع لسلطات هذه الدّول. وإذا بالأجواء النّفسيّة وإبراز المصالح تسعى إلى جعل التّوطين في أذهان النّاس أمرًا واقعًا أو قدرًا لا مفرّ منه.

 

نقول كلّ هذه الأمور في مستهلّ رياضتنا الرّوحيّة لكي نكثّر الصّلاة الّتي إذا صدرت من قلوبٍ مؤمنةٍ، نالت مبتغاها، كما وعد الرّبّ يسوع في الإنجيل أكثر من مرّة.

 

4. وإذ تتزامن رياضتنا مع عيد الفطر السّعيد، فإنّا نهنّئ الإخوة المسلمين في لبنان والعالم العربيّ وفي العالم أجمع، راجين أن يكون العيد موسم خير وبركة وسلامٍ واستقرار. ولكن آلمتنا مأساة مقتل أربعة من عناصر الجيش وقوى الأمن الدّاخليّ في طرابلس، ليلة العيد، على يد مجرمٍ منتمٍ إلى "داعش". فإنّا نعزّي أهلهم والجيش اللّبنانيّ وقوى الأمن الدّاخليّ، راجين للشهداء إكليل المجد في السّماء وللجرحى الشّفاء العاجل.

 

5. تجدون في برنامج الرّياضة الرّوحيّة زيارة قداسة بطريرك صربيا Irinej للرّوم الأرثوذكس الجمعة 7 حزيران السّاعة السّادسة مساء إلى الصّرح البطريركيّ، مع غبطة البطريرك يوحنّا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس الّذي يستضيفه، والوفد المرافق. هذه مبادرةٌ أخويّةٌ مشكورةٌ منهما. تدوم الزّيارة ساعةً وفقًا للبرنامج المعَدّ لها.

 

6. أمّا صباح السّبت فنختم الرّياضة بالقدّاس الإلهيّ السّاعة التّاسعة. وتتخلّله رتبة تبريك الميرون. يشارك في الاحتفال، إلى جانبكم، أيّها الإخوة السّادة المطارنة، الرّؤساء العامّون والعامّات وكهنة ورهبان وراهبات وعلمانيّون، تعبيرًا عن الشّركة الرّوحيّة بين البطريرك "الأب والرّأس" ورعاة الكنيسة وأبنائها وبناتها. وعند السّاعة الحادية عشرة نفتتح المتحف الّذي أعدنا تكوينه وأغنينا محتواه بما توفّر في الكرسيّ البطريركيّ من هدايا للبطاركة والبطريركيّة.

 

7. إنّنا نضع تحت أنوار الرّوح القدس، وشفاعة أمّنا مريم العذراء، هذه الرّياضة الرّوحيّة ومواعظها، ملتمسين "انفتاح أذهاننا لنفهم الكتب" (راجع لو 45:24)، لمجد الله وخير نفوسنا".