الرّاعي: رسالة الخادم هي احلال العدالة في العالم
في مستهل القداس رحب كاهن الرعية بغبطته وبالوفد المرافق معتبرا ان حلم الرعية الذي طالما انتظرته يتحقق اليوم بزيارة بطريركها المحبوب الذي بحضوره يبارك ابناءها ويفرح بما انجزوه من مشاريع ويشجعهم على ما يطمحون الى تحقيقه.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة تحت عنوان: "هذا هو خادمي الذي اخترته، حبيبي الذي رضيت به نفسي". (متى 18،12). ومما قال فيها: "يصف لنا إنجيل اليوم ردود فعل متنوعة من الناس الذين كانوا يستمعون إلى تعليم يسوع: الفريسيون اتخذوا موقفا سلبيا وعدائيا تجاه يسوع، وقرروا التآمر عليه وأرادوا أن يهلكوه. وبالتالي، فإنهم بلغوا إلى حد كسر العلاقة بين السلطة الدينية ويسوع. اذ رأوا فيه تهديدا لسلطتهم وتحديا لتعليم الشريعة. من ناحية أخرى، اقبل اليه عامة الناس وقد شفاهم جميعا. لقد وجدوا فيه قائدا، طبيبا، المسيح المنتظر منذ زمن بعيد. العديد من أولئك الناس الذين قدموا أنفسهم ليسوع كانوا من المهمشين والمستبعدين بسبب امراضهم. هم الذين كانوا مرفوضين من المجتمع، ومن السلك الديني، قبلهم يسوع برحمته. قلب الله هو دائما مفتوح ليستقبل كل تائب، ليغفر لك خاطىء، ليشفي كل مريض، ليخفف من آلام كل منازع. اذا نظرتم الى الصليب تجدون يسوع فاتحا قلبه ويديه وفكره للجميع. هو يستقبلنا قائلاً: "انا اتألم من اجلكم لتكون لكم الحياة."
واضاف غبطته: "نحن، كمؤمنين بالمسيح، لنضع نصب اعيننا صورة المسيح الخادم: تواضع، خدمة والآم. من المؤسف ان العالم يتنافس بطرق مختلفة. كثيرون منا يتباهون بانجازاتهم بينما يذكرنا الرب بالتواضع. كثيرون منا يطمعون بالكثير بمجهود قليل، ننتظر من الاخرين ان يعملوا من اجلنا بينما يثمّن الرب من يكرسون انفسهم للخدمة. كثيرون منا يجنبون انفسهم الالم ويتسببون به لغيرهم. في المقابل، شرب يسوع كأس الالم بسبب رفض الناس له وتآمر الرؤساء الدينيين عليه ولامبالاة السلطات السياسية به، ونكران الجميل من قبل الشعب، كما ومن خوف وشك تلاميذه. أجل، لقد تألم كثيرا وكان الصليب الثمن الاقصى الذي كان عليه ان يدفعه ليخلصنا. وقد اتم كل ذلك بحب كبير.
وماذا عنا؟"، تابع البطريرك الراعي، "لنتعلم من المعلم ونقتدي به كأحباء له. فمار شربل، قديسنا الكبير، الذي نكرس اليوم على اسمه مذبحًا وحديقة، هو مثال عظيم للخادم الحقيقي المؤمن والمخلص. ان رسالة الخادم هي احلال العدالة في العالم، وعالمنا يفتقد للسلام والعدالة. "السلام هو ثمرة العدالة" بحسب قول النبي اشعيا.
وختم غبطته: "تحتفل الولايات المتحدة الاميركية في 4 تموز بعيد الاستقلال، وهي بلاد تنادي بالعدالة وباحترام حقوق الانسان، واصبحت تشكل اليوم ارض فرص للكثيرين. فكم من شعوبنا في لبنان والشرق الاوسط تفتقد الى السلام والعدالة والامان؟ ويتطلعون الى الخادم الذي اختاره الله ليخلصهم من صعوباتهم ومشاكلهم. نسألكم ان تذكروهم في صلواتكم وتدعموهم بكل الوسائل. وندعو المجتمع الدولي لاحلال سلام حقيقي ودائم، وارساء عدالة ونمو اجتماعي في هذه المنطقة من العالم."
في ختام القداس اعلن البطريرك الراعي عن منحه رتبة البرديوطية لكاهن الرعية الخوري طوني باخ، تقديرا لخدمته الراعوية الطويلة في الابرشية.
ثم توجه الجميع الى خارج الكنيسة حيث بارك غبطته تمثال القديس يوحنا مارون الذي رفع على مدخل الكنيسة، كما بارك مذبح وحديقة القديس شربل في باحتها الخارجية. وبعد ذلك التقى غبطته المؤمنين في قاعة الكنيسة.
السبت 2 تموز 2016
وكان غبطة البطريرك الراعي قد وصل ظهر السبت ٢ تموز ٢٠١٦، الى رعية مار يوحنا مارون في اورانج كاونتي Orange Countyيرافقه راعي الابرشية المطران الياس عبدالله زيدان والنائب البطريركي العام المطران بولس الصياح وتوجه مباشرة الى الكنيسة حيث كان في استقباله حشد من ابناء الرعية يتقدمهم كاهنها الخوري طوني باخ واعضاء المجلس الراعوي واللجان والحركات الرسولية. وفي القاعة الراعوية التقى غبطته عددا من الاعلاميين المحلين واجاب على اسئلتهم وعلى اسئلة الحضور ثم التقى المسؤولين عن اللجان الراعوية واطلع منهم على نشاطاتهم وعلى تطلعاتهم والتحديات التي تواجه عملهم. وقد القيت كلمات باسمهم عبرت عن فرحة الرعية بلقاء راعي الكنيسة المارونية ورأسها.
فقال ردا على سؤال: اضافة الى التشجيع المعنوي عليكم ان تساعدوا اهلكم واخوتكم في لبنان اقتصاديا، مثلا عبر الاستثمار فيه، والمهم هو مساعدتهم على البقاء في بلدهم وبقاء المسيحيين ايضًا في بلدان الشرق الاوسط. كل الاوطان تمر بظروف قد تكون اصعب من ظرفنا الحالي في لبنان ولكن ضمانة نجاته هي وحدة ابنائه مسيحيين ومسلمين في الداخل وتضامن المنتشرين معهم وتغليب مصلحته على مصلحة اية دولة اخرى.
وشدد غبطته على ضرورة محافظة اللبنانيين المنتشرين على جنسيتهم واستعادتها لمن فقدها وتسجيل كل وقوعاتهم الشخصية في سجلات النفوس في لبنان. وتابع: "كما انكم تحملون لبنان في عروقكم عليكم ان تحملوا قضيته على حقيقتها الى المجتمع الاميركي والى الادارة الاميركية التي طلبنا ونطلب منها العمل على تحييد لبنان عن صراعات المحاور الاقليمية وعملية اثبات النفوذ الطائفي في المنطقة، والذي يرخي بظلاله على موضوع انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان." واضاف غبطته: "الاميركيون يعلمون جيدًا قيمة لبنان ودوره الحضاري في المنطقة واهمية الاعتدال الاسلامي فيه، الامر الذي يفرض على الجميع الحفاظ على هذا الاعتدال وحمايته." واضاف حول الوضع اللبناني: "هناك موضوع مهم في لبنان هو موضوع النازحين السوريين، وقد رددتم على مسامعي تخوفكم من توطينهم في لبنان. ان هذا الامر مرفوض تمامًا من قبلنا وهذا هو موقف الدولة اللبنانية الرسمي. فلا لتوطين الفلسطنيين ولا لتوطين السوريين ونحن نرفض اي كلام عن عودة طوعية لهم، فالعودة لا يمكن ان تكون الا قسرية والزامية، وهذا ما ابلغناه رسميا الى الامين العام للامم المتحدة والى رؤساء العديد من الدول. ويكفي لبنان ما يتحمله من تداعيات الحروب والازمات في المنطقة. في سوريا مناطق آمنة جدا يمكن ان تستقبل كل النازحين بكرامة. واعود لاكرر ان الاوضاع الانسانية للنازحين- التي نعرف مرارتها وصعوبتها ونتضامن معهم فيها- قد تفتح في المجال للمنظمات الارهابية لان تستغل البعض منهم لتطويعها في صفوفها، او للاندساس في مخيماتهم وتحويلها الى ملجأ لانطلاق عملياتهم الاجرامية منها، ونخشى ان يكون هذا ما حصل في بلدة القاع العزيزة التي نذكر شهداءها وجرحاها بصلاتنا اليومية ونحيي صمود اهلها الاحباء وتشكيلهم السياج والدرع الحامي للوطن.
واضاف غبطته: "يجب مطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ التزاماته تجاه لبنان وعدم الاكتفاء بالثناء على استضافة اللاجئين وضيافة الشعب اللبناني لهم."
ولفت البطريرك الراعي في معرض رده على سؤال حول وضع المسيحيين في الوظائف العامة الى "ان لبنان يكرس المناصفة، ولكن في الادارات العامة لا تحترم هذه القاعدة مع الاسف."
ومساء اقامت الرعية حفل عشاء على شرف غبطته حضره عدد من المسؤولين الروحيين والمدنيين وتخللته كلمات لكل من كاهن الرعية الاب طوني باخ ولقنصل لبنان العام في لوس انجلس جوني ابراهيم، الدكتور ايدّ سالم ولراعي الابرشية المطران الياس عبدالله زيدان.
وفي كلمة شكر له قال البطريرك الراعي: "نزوركم للمرة الاولى واهنئكم على ما حققتموه في ابرشيتكم في الولايات المتحدة وفي رعاياكم بفعل ايمانكم وتضامنكم وبعناية راعي الابرشية، واتساءل لو لم يكن هناك مطارنة وكهنة واكبوا موارنتنا الى بلدان الانتشار، من كان سيجمعهم وما كان حصل بشعبنا؟ كانوا حتما كخراف لا راعي لها. ومعكم نصلي لكي يرسل رب الحصاد المزيد من الفعلة لحصاده."
واضاف غبطته: "نحن في لبنان والشرق الاوسط امام تحد كبير جدا الا وهو بناء المستقبل. فاننا نشعر وكأن الشرق الاوسط انتهى ومعه الحضور المسيحي فيه وفي لبنان. فبناء المستقبل يكون مع اجيالنا الجديدة ومع مجتمعنا الاهلي والمدني، ومعكم انتم بتعاوننا هنا وهناك. المهم كيف نواجه التحديات، وفي ذلك لكم دور كبير في دعم لبنان الذي سنحتفل بعد اربع سنوات بمرور مئة سنة على اعلانه دولة مميزة في الشرق. فنحن مؤتمنون على تاريخ عمره الفي سنة، وجذور المسيحية العالمية امانة في اعناقنا."