الرقيم البطريركي في جنازة المطران الخوري: كان الصوت الداعي للاهتمام بالانتشار الماروني وتعزيز علاقته بالوطن الروحي لبنان
بعد ان تلا مطر الإنجيل المقدس، قرأ خيرالله الرقيم البطريركي وجاء فيه: "الى بيت الأب يعود المثلث الرحمة المطران يوسف الخوري عن ثمانين سنة من العمر، وهي سنوات توزعت ما بين لبنان تأسيسا وروما دراسة، وحاضرة الفاتيكان خدمة وأوروبا مطرانا زائرا رسوليا، وأخيرا كندا راعيا لأبرشية مار مارون مونتريال. وقد حضر منها خلفه سيادة أخينا المطران بول-مروان تابت للمشاركة في صلاة المرافقة والوداع، باسم الأبرشية التي قضى في خدمتها سبع عشر سنة زاخرة بالعطاءات والإنجازات، وشعار خدمته مجد الله شرف الكنيسة".
أضاف: "في بحويتا، البلدة الشمالية الوادعة، ولد في يوم عيد جميع القديسين، أول تشرين الثاني 1936، في بيت وأسرة كريمتين، والداه المرحومان رزق الله الخوري وكتر اسحق. فتربى مع أشقائه الأربعة وشقيقاته الأربع، على الإيمان المسيحي السليم والتقاليد المارونية الحميدة، في جو من التقوى والصلاة، فاختاره الله من بينهم للحياة الكهنوتية، ولباها بغيرة ونشاط، محافظا على الروابط الأخوية معهم جميعا ومع عائلاتهم بكل إخلاص، وآلمه وداع الوالدين وشقيق وشقيقتين، فتعزى بعائلاتهم. ومن بعد أن أنهى دروسه التأسيسية في إكليريكيتي مار انطونيوس كرمسدة ومار مارون غزير، توسم فيه مطران ابرشية طرابلس، المثلث الرحمة انطون عيد، المؤهلات الروحية والإكليريكية والعلمية، فأرسله الى روما حيث تابع دروسه الفلسفية واللاهوتية في جامعة نشر الإيمان وتخرج كمجاز، وبعد رسامته الكهنوتية في روما في 19 كانون الأول 1964، آذن له مطرانه بمتابعة الإختصاص العالي في الحق القانوني الكنسي والمدني في جامعة مار يوحنا اللاتران، فنال شهادة الدكتوراه بالإضافة الى دروس المحاماة في محكمة الروتا الرومانية، واللاهوت الأدبي وتاريخ الإلحاد المعاصر في الجامعة الغريغورية للآباء اليسوعيين".
وتابع: "بفضل هذه العدة الكهنوتية والعلمية الرفيعة، الى جانب إتقانة الفرنسية والإيطالية والإنكليزية واللاتينية والسريانية، دعي لخدمة الكرسي الرسولي في مجمع الكنائس الشرقية سنة 1969، فأسندت اليه وظيفة الإهتمام بشؤون كل من الكنيسة القبطية والحبشية والكلدانية والروم الملكية واللاتينية. وخدم في الوقت عينه كمستشار في المجلس الحبري للحوار مع الأديان، والمجلس الحبري للعائلة، وعلم في جامعات روما مواد اختصاصاته، ومثل الكرسي الرسولي في مؤتمرات دولية، ونقل الى العربية العديد من الوثائق الحبرية، وترك لنا كتبا في اجتهادات محكمة الروتا في الدعاوى الشرقية، وتاريخ الفلسفة الإسلامية، وشرح وتعليق على قانون الرهبان في مجلة الحق القانوني، ومقالات متنوعة في كبريات المجلات الرومانية والفاتيكانية. بفضل هذه الخدمة المتفانية في روما طيلة أربع وعشرين سنة، رقاه البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى الدرجة الأسقفية، وعينه زائرا رسوليا على موارنة اوروبا الغربية والشمالية، بناء على طلب سينودس أساقفة كنيستنا البطريركية المقدس، فلم شمل الموارنة بالتعاون مع المطارنة المحليين، ورفع الى الكرسي الرسولي والبطريركية تقارير مفصلة ذات قيمة".
وقال: "بعد ثلاث سنوات عين مطرانا لأبرشية مار مارون مونتريال، خلفا للمثلث الرحمة المطران جورج ابي صابر بعد استقالته، فأعطى الأبرشية من قلبه: اقتنى كاتدرائيتها الجميلة، وأنشأ رعايا جديدة ونظمها، متعاونا مع كهنة ابرشيين وآباء من الرهبانيتين اللبنانية المارونية والأنطونية، فأصبح في عهده عدد الرعايا المنظمة مع الكاتدرائية سبع عشر رعية منتشرة في مختلف مقاطعات كندا، وأرسى أفضل علاقات الشركة مع مطارنة كندا اللاتين والشرقيين، وعزز علاقات المودة والحوار المسيحي-الإسلامي مع المركز الإسلامي في مونتريال، وفي ختام خدمته جمع في كتاب شيق كل عظاته وخطبه، بعنوان "مجد الله شرف الكنيسة" وكان في اجتماعات سينودس كنيستنا الصوت الداعي الى الإهتمام بالإنتشار الماروني، وتعزيز علاقته بالكنيسة الأم والوطن الروحي لبنان. ولما قبل قداسة البابا بندكتوس السادس عشر استقالته من إدارة الأبرشية لبلوغه السن القانونية، عاد الى لبنان وعاش بين أهله في بحويتا والضبيه حيث لقي من شقيقه العزيز انطوان وعائلته ومن سائر الأشقاء والشقيقات كل محبة وعناية وتكريم، وبخاصة عندما أنهكه مرض الشيخوخة. فلبى دعوة الله الأخيرة لينتقل من هذا العالم الى بيت الأب، حيث ينعم بالمشاهدة السعيدة مع الرعاة الصالحين، ويشفع بنا جميعا أمام العرش الإلهي، وعلى شفتيه مناجاة الكتاب المقدس: "طوبى لمن يحيا ليراك،، ولمن يموت شوقا اليك".
أضاف: "إذ يعز علي أن أكون خارج لبنان في يوم وداعه والصلاة معكم لراحة نفسه، فإنني أشارككم فيها من قرب ضريح القديس بطرس في روما، حيث اعتاد هو أن يصلي في معظم سني حياته، وأكلف سيادة أخينا المطران بولس روحانا، نائبنا البطريركي العام في منطقة صربا، ليرئس باسمنا حفلة الصلاة لراحة نفس، وينقل اليكم تعازينا الحارة".
وختم: "أجزل الله له بوافر رحمته ثواب الرعاة الصالحين، وسكب على قلوبكم بلسم العزاء، وعوض على الكنيسة برعاة مثل قلبه".
كاتشيا
بعد ذلك ألقى كاتشا رسالة تعزية موجهة من أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بياترو بارولين باسم قداسة البابا الى غبطة البطريرك الراعي والمطارنة وأهالي الفقيد أكد فيها ان "قداسته يثمن عاليا الدور الذي لعبه المطران يوسف رزق الله الخوري اثناء وجوده في الفاتيكان ومساهمته في وضع القوانين المختصة بالسينودس، والشؤون المسيحية الاخرى".
في النهاية ألقى رئيس ديوان نيابة صربا المارونية الاب عبدو ابو خليل كلمة العائلة فشكر للبطريرك والسفير البابوي والمطارنة مشاركتهم في الجناز والصلاة.
بعد الجناز نقل جثمان خوري الى بلدته بحويتا - الضنية ليوارى الثرى.