لبنان
28 تموز 2020, 11:15

الرّعب المثلّث الأضلاع: "كورونا"... الجوع، المال المنهوب ونداء البطريرك

تيلي لوميار/ نورسات
إستنادًا إلى الواقع الّذي يعيشه اللّبنانيّ، توقّف الأب يوسف مونّس عن الرّعب المثلّث الأضلاع: "كورونا"... الجوع، المال المنهوب ونداء البطريرك، فكتب:

"كورونا الرّعب الأوّل

يعيش اللّبنانيّون هذه الأيّام حالة رعب وهلع مثلّثة الأضلاع. الرّعب الأوّل هو وباء كورونا وقد راح ينتشر ويجتاح جميع المناطق وسكّانها. وقد أخذت المستشفيات تضيق بالمصابين المهرولين اليها والوباء يضرب الاطباء والممرضين والممرضات والعاملين في المستشفيات.

 

الجوع، الرّعب الثّاني

الرّعب الثّاني الجوع وانهيار العملة اللّبنانيّة وارتفاع الدّولار الجنونيّ حتّى صار بعض الجائعين والفقراء يبحثون في حاويات الزّبالة والنّفايات عن كسرة خبز يسدّون فيها جوعهم وأمعاءهم الفارغة والخاوية.

 

المال المنهوب الرّعب الثّالث

الرّعب الثّالث المال العامّ المنهوب والمسروق من جميع المؤسّسات والمشاريع. وأمّا المال الخاصّ الموضوع كودائع في المصارف وقد أخذ يتبخّر ويتبخّر معه تعب الأيّام وعرق الجبين ومدّخرات العمر وسهر اللّيالي.

 

القلق، اليأس والانتحار

هذه الأضلع الثّلاثة للوضع البشريّ اليوم تشكّل عنصر قلق واضطراب يضرب الشّخصيّة الإنسانيّة وأحيانًا توصل إلى اليأس والانتحار، إذا لم يكن الإنسان يتمتّع بإيمان كبير ورجاء بالله عظيم. أو أنّه يقع فرّيسة الهلع الشّديد الّذي يطيح بكلّ الضّوابط النّفسيّة والوجدانيّة. ويصبح الإنسان كائنًا مفكّكًا مهزوزًا مضطربًا لا استقرار عنده ولا هدوء أو سكينة وكآبة.

 

الحاجة إلى مخلّص  

في هذه الأجواء من القلق والهلع وغياب القرار السّياسيّ والرّقص على هاوية الموت والنّزول إلى الجحيم بالكلام عن إنجازات موجودة بأوهام من يتكلّم عنها وهي سراب وفراغ في هذه الأجواء تصبح الحاجة إلى منصف ومخلص يرسّخه الله لشعبه العابر بصحراء الآمال والرّجاء وهو يمضغ المرارة واليأس وعاصفة الانتحار.

 

القدرة الإلهيّة والأعجوبة

القدرة الإلهيّة وحدها في هذه الأيّام السّوداء قادرة حتّى على صنع الأعجوبة الإنقاذيّة والإتيان بالآية الخلاصيّة تجاه تراخي السّلطات المسؤولة واستلشاء واستهتار ودلع بعض الأشخاص وعدم مسؤوليّتهم. وخفّة تصرّفاتهم الولّاديّة تجاه مرض ووباء قاتل ولا يرحم ولا يشفق. وهو يجعل الواقع حالة رعب وهلع جهنّميّ.

 

من سويسرا الشّرق إلى مذبلة العالم

إلى كلّ هذا يضاف الفقر والصّرف من العمل والمآكل الفاسدة وحالات السّرقة والنّشل والنّهب والتّزوير والانهيار الأخلاقيّ والأدبيّ فيصبح النّاس ضحايا وفرّيسة سهلة للوباء والجوع والمال المنهوب والمرسل إلى المصارف خارج لبنان خاصّة إلى سويسرا وغياب القرار السّياسيّ المسؤول عن الشّأن العامّ والخدمة العامّة. لبنان سويسرا الشّرق أصبح مذبلة العالم.

 

الرّقص على أنغام الهبل السّياسيّ

يرقص لبنان على أنغام هبل سياسيّ وأوهام مشاريع خياليّة لم تولد في الواقع المعيشيّ المسؤول عن فقراء الله ومساكين شعبه وبؤس أولاده الباحثين عن لقمة خبز يابسة وملوّثة في حاويات الزّبالة والنّفايات والأطفال والشّيوخ النّائمين على أبواب المستشفيات.

 

نداء البطريرك

ويأتي نداء السّيّد البطريرك بشاره الرّاعي حول حياد لبنان واستقلاله صوتًا مدوّيًا صارخًا في صحراء غياب السّلطة السّياسيّة والشّدّ بلبنان إلى أن يتوجّه بعكس ما قام عليه تاريخه ومساره الحضاريّ والثّقافيّ والوقوع تحت سيطرة جماعة ولاؤها للفقيه وليس للوطن. نداء السّيّد البطريرك أنّ لبنان في ذاتيّته الكيانيّة هو وطن مبنيّ على الحياد الإيجابيّ والانفتاح التّنوّعيّ والتّعدّديّ.

 

نداء البطريرك يفتح باب رجاء وينشلنا من الرّعب المحيط بنا أمام عجز السّلطة وعدم المبادرة إلى اتّخاذ قرار فعليّ بالإصلاح ومكافحة الفساد والتّهريب وإطلاق يد السّلطات العسكريّة للوقوف بوجه هذا الوباء من التّعافي عن النّهب والتّهريب والكذب والمخادعة والفساد الأخلاقيّ والأدبيّ."