الرجاء والرجاء الكاذب
قال البطريرك ساكو في القسم الأوّل من رسالته: "إذ يحلّ علينا عيد الصليب، بما يحمله لنا من رمزيّة عيشه في أوقات المحن والصعاب، كصليب يحمله المؤمن المسيحيّ، بروح الرجاء، ليسير به إلى عيش إيمانه بفرح مسكونٍ بالرجاء. لذلك، نحن مدعوّون، في الظروف الصعبة، إلى تعزيز الرجاء فينا. هذا الرجاء هو موقف إيمانيّ على مثال أبينا إبراهيم الكلدانيّ الذي "آمنَ على خلافِ الرجاء، وصارَ أبًا لاُممٍ كثيرة" (رو 4/ 18).
أضاف البطريرك قائلًا: "للأسف، اختلف الناس عن السابق. لقد فقدوا نوعًا ما القيم والثوابت والعلاقات الاجتماعيّة، التي تربيّنا نحن عليها. الكلّ يتكلّم عن ثقافة هذا الزمن، هذا العالم. الكلّ يركض وراء المال والنجاح والسلطة والسعادة، لكنّ الناس مُحبَطون بسبب المشاكل المتراكمة، وفقدوا الأمل والصبر والمثابرة. المسيحيّون تغيَّروا أيضًا، إلى حدّ أنّهم، لفرط ما تأثّروا بالمحيط الغالب، صاروا جزءًا من هذا "العالم". ينجرّون وراء التذمّر والتشكّي والانتقاد، بدل ان يمارسوا حقّهم بصدق، ويدركوا أنّ المجتمع يحتاج إلى التزامهم في المجال المدنيّ والثقافيّ والاقتصاديّ والسياسيّ، ليكونوا فعّالين في التغيير، لا اتّكاليّين لا يصنعون شيئًا".
تابع البطريرك ساكو رسالته: "في البطريركيّة، نستقبل يوميًّا مسيحيّين مُحبَطين، يُعبّرون عن مظلوميّتهم وهمومهم. ويشتكون بمرارة من أنّهم لم يستفيدوا من مزايا تغيير النظام، ومن أنّهم أقليّة هُمِّشت حقوقُها وسُلِبَت مقدَّراتُها، لكن عندما تتدخّل الكنيسة لإنصافِهم، يتّهمونها بالتدخّل في السياسة!
ولكن، مع العودة إلى خصوصيّتهم الإيمانيّة، يتعيّن على المسيحيّين أن يدركوا أنّ طريقهم ليس مفروشًا بالورود، وأنّ يسوع كان قد أعلن لتلاميذه عن اضطهادات متواصلة."
أضاف البطريرك قائلًا: "عليهم أن يتأمّلوا بالصليب الفارغ المُعلّق في كنائسنا المشرقيّة، رمزًا للصليب المُمَجّد، لأن المصلوب عليه (المسيح) قام. ونحن أيضًا سنقوم إنْ سلَكنا طريقه. وهذه مقارنة بخصوصيّة الصليب لدى الكنائس الغربيّة، الذي عليه رمز المصلوب، في كونه صليب التضحية.
من المؤكّد أنْ ليس الصليب من يخلّصنا، إنّما المسيح، لكن يبقى الصليب رمز الحبّ الأعظم. الصليب الفارغ يدعونا إلى أن نضع أنفسنا عليه، أو نختبره في حياتنا "من لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يستحقّني"( مت 10/ 38). هذا يجب أن يدركه المسيحيّ. الرجاء بانتصار الصليب يتحقّق، شيئًا فشيئًا، وليس دفعة واحدة. لذلك، علينا أن نتعامل مع الصعوبات التي نواجهها برجاء، ونقرأوها كعلامات أزمنة، لأنّ التفكير بأنّنا ضحايا الظلم هو انتصار للشرّ. علينا إذًا أن نبذل جهودنا لفعل الخير. وأتمنّى، من ثمّ، أن يُدرَج "الرجاء" في التربية المسيحيّة، بقوّة، في كنائسنا".