لبنان
07 آب 2023, 05:00

الرّاعي من كنيسة التّجلّي في أرز بشرّي: نحن بحاجة أن نتذكّر التّجلّي وقيامة الرّبّ حتّى لا نضعف أمام الصّعوبات

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد تجلّي الرّبّ وجريًا على العادة ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي القدّاس الاحتفاليّ في باحة كنيسة التّجلّي وسط غابة الأرز الدّهريّة يعاونه النّائب البطريركيّ العامّ على الجبّة وزغرتا المطران جوزيف النّفّاع والمونسنيوران فيكتور كيروز ويوسف فخري وبمشاركة القيّم البطريركيّ الخوري طوني الآغا وأمين السّرّ الأب هادي ضو وكهنة رعيّة بشرّي بحضور النّائب ستريدا جعجع ممثّلة برئيس لجنة جبران الوطنيّة الأستاذ جوزيف فنيانوس،النّائب ويليام طوق والنّائب السّابق جبران طوق ممثلين بالأستاذ حنّا بصبوص، الوزير السّابق ابراهيم الضّاهر، رئيس بلديّة بشرّي فريدي كيروز، رئيس مؤسّسة شبل عيسى الخوري المحامي روي عيسى الخوري، رئيس لجنة أصدقاء غابة الأرز الأستاذ بيار كيروز، مخاتير بشرّي وحشد كبير من المؤمنين الّذين توافدوا لزيارة الكنيسة من مختلف المناطق اللّبنانيّة.

في بداية القدّاس ألقى كاهن رعيّة مار سابا الخوري شربل مخلوف كلمة رحّب فيها بالبطريرك الرّاعي والمطران والمشاركين وتحدّث عن قدسيّة أرز الرّبّ وتابع "نمجّد الرّبّ في هذه العشيّة المقدّسة من هذه الواحة المباركة من غابة الأرز الّتي زارها الشّعراء الفلاسفة والرّحّالة الباحثون وباتت محطّة صلاة تبارك بالبطاركة العظام الّذين دأبوا على الاحتفال بهذا العيد هنا وتضرّعوا لأمّنا العذراء قائلين يا أرزة لبنان تضرّعي لأجلنا. هذه الغابة المقدّسة الّتي احتفل فيها البطاركة الموارنة عشيّة عيد التّجلّي بدءًا من البطريرك المثلّث الرّحمة يوحنّا الجاي ١٤٤٠ مرورًا البطريرك حبيش الّذي كرّس كنيستها، ونفّذ سور الغابة البطريرك بولس مسعد العشقوتي البطاركة الحويّك وعريضة لنصل إلى غبطة أبينا البطريرك ما بشارة الرّاعي بطرس الرّاعي الكلّيّ الطّوبى".

وإختتم طالبًا بركة البطريرك.

وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى البطريرك عظة بعنوان :"للتّجلّي سبب وهدف ومضمون وثمار نتأمّل كيف تجلّى يسوع كالشّمس وثيابه بيضاء كالثّلج"، فقال:

"أخي صاحب السّيادة النّائب البطريركيّ العامّ على الجبّة الكهنة الأجلّاء الرّاهبات الفاضلات صاحب المعالي رئيس المجلس البلديّ المخاتير والمجالس الممثّلين الرّسميّين لدى أصحاب المقامات، أيّها الإخوة والأخوات،

لحدث التّجلّي سبب وهدف ومضمون وثمار سنتأمّل فيها ونأخذ منها ثمرة لحياتنا الاجتماعيّة والرّوحيّة والعائليّة وقبل البدء بهذا التّأمّل أودّ التّعبير عن فرحي وسعادتي بأن اواصل الّتقليد وهو أنّ البطاركة الموارنة درجوا على الاحتفال بعيد التّجلّي بهذه الكنيسة بين أشجار الأرز الّتي تعكس جمال وسموّ الله ويسعدني أن أقدّم معكم هذه الذّبيحة الإلهيّة على نيّة أبناء بشرّي وكلّ الّذين يؤمّون هذه الغابة في هذا اليوم وأذكر أحياءكم وكلّ الّذين يهتمّون بغابة الأرز، وأذكر موتاكم خاصّة الّذين ودّعناهم بهذا العام الّذي مضى، وبشرّي اليوم حزينة لأنّه غاب عنها وجوه محبّة شهداء القرنة السّوداء وآخرون فارقوا قبل أوانهم وأعرف أنّ العديد من عائلات بشرّي تعيش هذا الحزن نصلّي كي يعزّي الله قلوبهم وكي يرحم موتانا وموتاهم في ملكوته السّماويّ فالله وحده يعرف كيف يخاطب القلوب الحزينة ووحده يعرف كيف يعزّي .

فلماذا حدث التّجلّي؟ لمّا أنبأ يسوع تلاميذه لأوّل مرّة أنّه سيتألّم ويتعذّب ويموت ثمّ يقوم في اليوم الثّالث لم يستطيعوا تحمّل هذا الخبر فتكلّم بإسمهم سمعان بطرس وقال ليسوع لن يكون لك هذا أنّبه يسوع. لكن الرّبّ يسوع أراد أن يتجلّى ببهاء بشريّته وبألوهيّته أمام ثلاثة من تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنّا كي لا يشكّكوا في طبيعته لأنّه بالتّجلّي سبق القيامة هذا هو السّبب المباشر أمّا الهدف هو أنّ كلّ واحد منّا عندما يكون ضعيفًا أو متألّمًا أن يتذكّر أنّ الرّبّ القائم من الموت حيّ ويؤكّد في تجلّيه أنّ الطّبيعة البشريّة رغم ضعفها سعدت بتجلّيه وسعدت ببهاء الصّورة الإلهيّة. لقد خلق الله الإنسان على صورته ومثاله ولكن للأسف لقد شوّه الإنسان هذه الصّورة بالخطيئة وإذا بالرّبّ يسوع يعيد الكيان البشريّ كي يذكّرنا أنّه يجب الحفاظ على جمال وبهاء صورتنا البشريّة فإذا نظرنا إلى الواقع اليوم أمام الشّرّ والكبرياء والبغض والحقد نتساءل أين أصبح الإنسان وصورة الله فيه لقد أعطانا سرّ التّوبة حتّى نعود ونتجدّد بهذه الصّورة.

عيد التّجلّي اليوم يدعو كلّ واحد منّا كي يحافظ على صورة الله وبهاء صورة الله بطبيعته وكيانه البشريّ ولا نستطيع المحافظة إلّا بقوّة النّعمة الإلهيّة وقوّة الكلمة الإلهيّة والمشاركة بالذّبيحة الإلهيّة وتناول جسد ودم يسوع. ألا تعتقدون أنّ الحالة التّعيسة الّتي نعيشها اليوم حالة الدّمار والخراب والحقد والبغض ما هو سببها؟ الإنسان الّذي فقد صورته وكيانه فالمسيح بالتّجلّي يذكّرنا أنّنا حاملون بهاء الصّورة الإلهيّة وهكذا أراد من خلال تجلّيه فكيف نفهم كلمة الملاك لمريم يا ممتلئة نعمة فكانت كالشّمس في داخلها وكالنّور بداخلها. الرّبّ يسوع يقول عن الأبرار والقدّيسين يتلألؤن كالشّمس في ملكوت الآب.

مضمون التّجلّي له وجهان موسى وإيليّا موسى رمز الشّريعة القديمة وإيليّا رمز النّبوءة حضورهم في التّجلّي معناه أنّ الرّبّ يسو ع يجمع بين القديم والجديد. هو الكلمة، هو الّذي يجمع، هو القريب من كلّ إنسان، لذلك نحن بحاجة أن نعود إليه حتّى نجد تموضعنا في هذا التّاريخ مثل الدّائرة الّتي لا تنعقد إلّا إذا كان لها وسط فنحن ارتباطنا بيسوع المسيح، نحن بحاجة أن نتذكّر التّجلّي وقيامة الرّبّ حتّى لا نضعف أمام الصّعوبات وأن نعود إلى المسيح وتعاليمه.  

الكنيسة تقول إنّ الإنسان لغز لا يفهم لماذا خلق ولماذا يتعذّب ويموت ولماذا الخير والشّرّ الجواب هو يسوع المسيح فلا نفهم شيئًا إلّا على درب الكلمة على نور يسوع المسيح ويجب أن نرجع إليه هو وحده الّذي يجمع وكلّ أمر آخر تفرقة وابتعاد عن يسوع فالمؤمن الحقيقيّ هو الّذي يجمع باسم يسوع ولا يفرّق ويسوع قال عن نفسه أنا الحقيقة وبدوني كذب أنا الطّريق وبدوني ضياع أنا الحياة وبدونها الموت.

فيا ربّ تجلّيت على الجبل لأجل كلّ واحد منّا أعطنا في هذا اليوم بهاء الصّورة كي نحافظ على نعمة أسرارك وجمال وصورة الله فينا لك المجد إلى الأبد."