العالم
14 تشرين الأول 2019, 10:35

الرّاعي من سيّدة لبنان في بوركينا فاسو: العريس آتٍ اخرجوا للقائه

ترأّس بطريرك الكنيسة المارونيّة مار بشارة بطرس الرّاعي القدّاس الإلهي في كنيسة سيّدة لبنان- بوركينا فاسو، مستكملاً زيارته إلى القارّة الأفريقيّة.

وللمناسبة، ألقى الرّاعي عظة على ضوء إنجيل متّى 25/ 1- 13 "العريس آتٍ أخرجوا للقائه"، قال فيها: 

"زمن الصليب هو زمن النهايات أي الواقعات بعد نهاية حياة الإنسان، ونهاية الأزمنة (إسكاتولوجيا)، وزمن مجيء الرب الثاني بالمجد، (باروزيا). لكن مجيئه يعني أيضًا "مجيئه" في حياتنا اليومية لنشهد له، ومجيئه عند ساعة موتنا لنموت بالرب أيّ متّحدين به، لننال الخلاص الأبدي، ولذا، تعلن لنا الكنيسة باستمرار: "العريس آت اخرجوا للقائه".

يسعدني أن أقوم بهذه الزيارة الراعوية إلى واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، مع سيادة أخي راعي الأبرشية المطران سيمون فضّول الذي أشكره على الدعوة لهذه الزيارة. يرافقنا فيها نائبه العام المونسنيور مارون زغيب، والأب طوني فخري المدبّر العامّ للرهبانية اللبنانية المارونية الجليلة ممثِّلاً رئيسها العام الأباتي نعمة الله هاشم، وأمين سرّ البطريرك والمسؤول عن مكتب الاعلام في الكرسي البطريركي وفريق من محطة تيلي لوميار نورسات يغطّي وقائع هذه الزيارة.

فيطيب لي أن أحييكم جميعًا، جالية لبنانية عامّة ومارونية خاصة، مسيحيين ومسلمين، مع محبّة خاصة إلى عزيزنا كاهن رعية سيدة لبنان الخوري فادي البستاني والقنصل الفخري الأستاذ جوزف الحاج، ومدرسة سيّدة لبنان بهيئتيها الإدارية والتعليمية، شاكرًا راهبات القديسة تريزيا الطفل يسوع اللواتي يعتنين بإدارتها.
أحيّي السلطات الكنيسة والمدنية في بوركينا فاسو العزيزة التي استضافت جاليتنا اللبنانية وفتحت أمامها آفاق العمل ومجالات تحقيق الذات. ويسعدني ان أعرب عن تقديري لجاليتنا بفضل مهاراتهم. كما أثني على تضامنكم ووحدتكم وتعاونكم الظاهر في بناء هذه الكنيسة على اسم سيّدة لبنان ومجمّعها الراعوي: القاعة والمدرسة وبيت الكاهن وبيت الراهبات. وأحيّي لجنة الكنيسة: رئيسها القنصل جوزف الحاج وكل أعضائها.
إنّي أقدّم هذه الذبيحة المقدّسة من أجلكم، ومن أجل عائلاتكم: ذاكرًا مرضاكم وموتاكم. ومعًا نصلّي من أجل ازدهار الرعية والأبرشية، ونموّ أشغالكم ومؤسساتكم.

إنّ وجود الرعية بكلّ مكوّناتها، ووجود أبرشيتنا التي تضمّ بلدان أفريقيا الغربية والوسطى، إنّما يندرج في مفهوم إنجيل اليوم حول مجيء الرب يسوع الثاني بالمجد ومجيئه في حياتنا اليومية، ومجيئه عند ساعة موتنا. وذلك انّ العمل الراعوي والتربوي يساعدنا على فهم مجيء الرب يسوع بمعانيه الثلاثة، وعلى الاستعداد له وعلى انتظاره.

كلّ هذه الحقائق علّمها الرب يسوع بمثل العذارى المنتظرات مجيء العريس، الذي هو حضور الله في تاريخ البشر، المعروف بملكوت الله أي الكنيسة. العريس الآتي هو المسيح فادينا ومخلّصنا. العرس هو الخلاص الأبدي. العذارى العشر هنّ الناس: الحكيمات هنّ النفوس الملتزمة، المنتظرة بالوعي والسهر مجيء العريس؛ فيما الجاهلات هنّ النفوس المُهمِلة وغير المكترثة. المصابيح هي العمل لمعرفة الحقيقة؛ والإرادة لالتزام الخير؛ والقلب لمحبة الله والناس. الزيت هو الإيمان للعقول، والرجاء للإرادة، والمحبة للقلب. وهي مواهب الروح القدس السبع. إبطاء العريس هو جهل اليوم والساعة. منتصف الليل هو عمق الظلمة التي تكتنف حياة الإنسان: الخطيئة، الشك، الظلم، المرض، الحزن، الصدمة، الفشل.... الظنّ أنّ الله غائب وبعيد مجيئه. ولكنّه في هذه الظلمة يأتي كما في ليلة ميلاده في بيت لحم. الصيحة انّه آت هي صوت الكنيسة بتعليمها وليتورجيتها وخدمة المحبّة فيها. الذهاب لشراء زيت ووصول العريس يعني انتفاء كلّ امكانية للإصلاح والاستعداد.

من خلال هذا المثل الغني بأمثولته، ننظر إلى الكنيسة الأم والمعلّمة، المتمثّلة في الكنيسة المحلّيّة التي هي الرعية والأبرشية، لكونها تهيّئ نفوسنا لاستقبال المسيح في حياتنا اليومية لكي نشهد له بأعمالنا ومبادراتنا وبكلامنا وثقافتنا، وللمثول أمام عرشه الإلهي عند ساعة موتنا بأعمالنا الصالحة. فلتكن مصابيح حياتنا متّقدة لمجد الله الواحد والثالوث، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد. آمين."

 

المصدر: بكركي