لبنان
16 آب 2016, 08:55

الراعي من المطار: لانهاء الحروب وعودة النازحين لأن لبنان لم يعد يحتمل

غادر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي متوجها الى روما في بداية زيارة له تشمل ايضا كوريا الجنوبية، وتستمر لنحو أسبوعين، يشارك خلالها في حضور مؤتمر دولي يعقد في سيول بمشاركة وفد من الكرادلة والمطارنة حيث سيكون البطريرك الراعي المتحدث الرئيسي فيه وهو بعنوان "السلام والمصالحة"، وفي روما سيشارك في حضور مؤتمر للمشرعين الكاثوليك. ويرافقه في الزيارة مسؤول الإعلام في بكركي وليد غياض.

وكان في وداعه في المطار المطران بولس صياح، الأباتي انطوان خليفة، مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو ابو كسم والدكتور الياس صفير.

وعن طبيعة الزيارة تحدث البطريرك الراعي في المطار، فقال: "سأشارك في حضور المؤتمر الدولي الذي سيعقد في سيول الذي ينظمه سنويا رئيس أساقفة سيول، وهذه السنة يعقد بعنوان "السلام والمصالحة"، وقد أراد أن يكون هناك صوت من الشرق الأوسط ليعطي الخبرة عن السلام والمصالحة في الشرق الأوسط، ونحن في إمكاننا التحدث عن لبنان وتجربته لأنه اتخذ خطوة بعد الحرب من أجل المصالحة والسلام بعد انعقاد الطائف وانطلقوا من جديد والآن يكملون طريقهم على الرغم من كل الصعوبات، وإنما المهم هنا هو ان الشعب اللبناني استطاع طي الصفحة والعودة الى بلداته ومناطقه، علما ان كل واحد يعرف كيف اعتدى على الآخر. يسعدنا أن نقول ان المصالحة والسلام في لبنان هي من صميم النظام اللبناني والثقافة اللبنانية".

أضاف: "أما بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط فمع الأسف، لا يوجد فيها اختبار السلام والمصالحة، ولكنني سأطرح طريقة الحلول للأزمات التي نعيشها انطلاقا من فلسطين الى سوريا والعراق، فهناك حلول لمنطقة الشرق الأوسط إذا وجدت الإرادات الدولية".

وعن الزيارة الى ايطاليا، قال الراعي: "سنشارك في المؤتمر السنوي الذي يعقده المشرعون الكاثوليك الدوليون، وليست المرة الأولى التي نشارك فيها، وعلى مدى ثلاث سنوات يتم التحدث فيه عن السلام في الشرق الأوسط، وسوف نعطي مساهمتنا تجاه المجتمع الدولي بأهمية وجودنا في هذا الشرق، وخصوصا لبنان، وان الحضور المسيحي في هذا الشرق والعيش المسيحي - الإسلامي أننا لا نريد أن نخسر أحدا لا مسلما ولا مسيحيا، لأننا بنينا حضارة مع بعضنا البعض، وكل ما نراه من داعش والقاعدة والمرتزقة فهذا لا أعتقد أن له علاقة بالإسلام في حد ذاته، وهم يشوهون حضارة بنيناها ولو بصعوبة، إذ إن الحياة الزوجية تشوبها صعوبة مع انها تكون مبنية على الحب، ولكننا نصر على المحافظة على ثقافة العدالة والإنفتاح التي بنيناها سوية منذ 1400 سنة في هذا الشرق الأوسط".

وردا على سؤال قال: "في لبنان مجتمعان مع الأسف، المجتمع المدني والمجتمع السياسي، فبالنسبة للمجتمع المدني تصالح، وتصالح بسهولة وطوى الصفحة، وعاد الناس الى مناطقهم، إنما المجتمع السياسي لم يتصالح وما زال يقسم البلد الى قسمين والبرهان على ذلك انهم لا يستطيعون انتخاب رئيس للجمهورية ولا اتخاذ أي قرار لأنهم لم يتصالحوا، وإن كانوا تصالحوا بالنسبة لغداء أو عشاء فقط، ونراهم كذلك في كل مكان، وإنما كل واحد منهم متشبث ومتمسك بمصالحه".

وتابع: "طبعا نحن في حاجة لمصالحة سياسية جديدة، وهذا يتم عندما يضع كل السياسيين عندنا مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، أي عندما يخرجون من مصالحهم الشخصية التي هي على حساب الخير العام، عندها تتم المصالحة الكبيرة، فعلى المستوى الإجتماعي المصالحة تمت، وعلى مستوى المجتمع المدني تمت ايضا، إنما نأمل من المجتمع السياسي أن يخطو خطوة الى الأمام وليس فقط ان يتصالح باللقاءات وإنما يتصالح بانتخاب رئيس للجمهورية وبإعادة الحياة الى المؤسسات في الدولة وان لا تكون الدولة سائبة لمصالح شخصية تدب فيها الفوضى والفساد، فهذا شيء مرفوض كليا وغير مقبول".

وأكد أن "الطريق الأسهل هو أن يحضروا الى المجلس النيابي وبالتشاور والإقتراع يتوصلون الى نتيجة".

قانون الانتخاب
وعن استمرار الخلافات حول قانون الإنتخابات قال: "منذ ثماني سنوات على الأقل وهم يعملون على إيجاد قانون للانتخاب، وفي رأيي ان لا شيء يمشي في البلد إذا لم يتم انتخاب رئيس، فرئيس الجمهورية هو الباب الذي ندخل فيه الى البيت، وبعد الدخول الى البيت نرتبه، لكنهم يريدون أن يفعلوا كل شيء من الخارج من دون رئيس".

وسأل: "أي قانون يصدر من دون وجود رئيس للجمهورية؟ ومن يعطي انتظاما لمؤسسات الدولة غير وجود رئيس للجمهورية؟ ولماذا وضع مشروع المرحوم فؤاد بطرس في "الجارور"؟ ولماذا لم يقر مشروع القانون الذي قدمه الوزير مروان شربل؟ الموضوع ليس موضوع قانون انتخاب، إنما اسمحوا لي أن أقول إن هذا كله هو هروب من الواجب الأساسي ومن المدخل الأساسي لكل شيء ألا هو انتخاب رئيس للجمهورية".

الجيش
وعن تعليقه لما تعرض له الجيش بالأمس من استهداف في عرسال؟ قال: "أوجه التحية الى الجيش لأنه لولا الجيش ما كان في استطاعة أحد العيش بأمان في لبنان، فالجيش هو سياج الوطن وهو موجود في الجرود في الصيف والشتاء، معرضين لأصعب الظروف، نحن ندعمه وكل الشعب يدعمه أيضا، وإنما الجيش لا يمكنه أن يكون مكسر عصا لأحد، لذلك نحن كلنا مدعوون لكي نسانده ونكون الى جانبه ومعه كلنا درع واحد".

وعن التمديد لقائد الجيش لتلافي الوقوع في فراغ عسكري بعد الفراغ الرئاسي؟ أجاب: "نحن كنا ضد التمديد للمجلس النيابي، وكنا ضد التمديد لرئيس الجمهورية، لأن الدستور يقول ذلك. فالتمديد بالإجمال هو علامة كسل، ويدل على انني لا أريد أن أتخذ أي قرار، فما هو المبرر للتمديد للمجلس النيابي لمرتين وبأي حق وبأي قانون، وإنما حينما يستسهلون التمديد في كل مكان، هذا لا يجوز".

أضاف: "على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها وتجري التعيينات عندما يكون ذلك مطلوبا، وان وجب اتخاذ غير تدبير فعليها أن تتخذه وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم، فلا يجوز ان نستمر على هذه الحال، وأنا لاأريد أن أعلن موقفا في هذا الموضوع لأنه موضوع يعني الحكومة، لكنني أتكلم بالمبدأ، ولماذا نريد الإستمرار في المخالفات ونستسهل هذه المخالفات للدستور؟ ومتى سيأتي اليوم الذي نحترم فيه الدستور ونحترم كل الناس؟ وبرأيي، ان الحكومة هي مسؤولة عن تشريد الشعب المسكين من أرضه وممتلكاته، نحن متضامنون مع كل النازحين واللاجئين وكل الأشخاص الذين هم ضحية الحروب التي هي مصالح كبيرة بين الدول ان كانت مصالح سياسية أواقتصادية أواستراتيجية، إنما لماذا على لبنان أن يكون ضحية الحرب في سوريا والمنطقة؟ لماذا علينا نحن في لبنان أن نتلقى كل نتائج هذه الحروب؟ فاقتصاديا الطرقات مقفلة علينا، سياسيا نحن في نزاع كبير جدا في لبنان حيث أننا من دون رئيس منذ أكثر من سنتين ونحن أيضا نعاني من وجود أعداد كبيرة من اخوتنا السوريين الذين أصبح عددهم يقارب المليونين الى جانب نصف مليون فلسطيني، ونحن نطالب العالم كله بإنهاء الحرب لكي يستطيع هؤلاء الناس العودة الى اراضيهم، أما في حال استمرار الحروب، فلبنان ليس باستطاعته تحمل المزيد، إنما يجب أن يكون هناك تدبير آخر ان يتمكنوا إيجاد أمكنة آمنة في ارض سوريا يستطيع أن يعيش الشعب السوري فيها الى حين التمكن من العودة إلى أرضه وبيوته وإلا فإننا ذاهبون الى كارثة اقتصادية، اجتماعية، إنسانية، ثقافية، سياسية ومذهبية، لبنان لا يتحملها".

وكان البطريرك الراعي تلقى مساء أمس اتصالا هاتفيا من قائد الجيش العماد جان قهوجي تمنى له خلاله التوفيق في سفره.