الرّاعي مفتتحًا سينودس الأساقفة: ككنيسة لا نستطيع أن نسكت أو أن نقف مكتوفي الأيدي إزاء المظالم
"1. يسعدني أن أرحّب بكم، وقد أتيتم من لبنان والنّطاق البطريركيّ وبلدان الانتشار. ومعًا نشكر الله على أنّه يجمعنا في هذه الرّياضة الرّوحيّة السّنويّة، الّتي نعيش خلالها في الصّلاة والتّأمّل والعودة إلى الذّات أمام الله والتّوبة وتبديل ما يلزم في حياتنا ومسلكنا وفي طريقة القيام بمسؤوليّاتنا. وإنّا نحمل في صلاتنا إخواننا السّادة المطارنة الّذين لم يتمكّنوا من المشاركة معنا بسبب العمر المتقدّم أو المرض أو لأسباب أخرى قاهرة، وكذلك كهنتنا ورهباننا وراهباتنا وكلّ أبناء أبرشيّاتنا وبناتها.
في هذه الرّياضة نستعدّ لمناقشة أعمال السّينودس المقدّس طيلة الأسبوع المقبل، ولاتّخاذ ما يلزم من تدابير ومقرّرات وتوصيات بروح المسؤوليّة والتّجرّد والتّعاون الأخويّ والكنسيّ.
2. ومعكم نحيّي حضرة مرشد الرّياضة، عزيزنا الأب فادي تابت، المرسل اللّبنانيّ المارونيّ، الّذي سيلقي علينا مواعظها. متّخذًا لها موضوعًا عامًّا بعنوان: "كنيستي إلى أين؟" فيتناول على ضوء المبادئ اللّاهوتيّة والرّوحيّة والكنسيّة، واقعَ كنيستنا المارونيّة في بلدان تواجدها، وموقعَها في جسم الكنيسة الكاثوليكيّة، وشركتَها مع الكنيسة الجامعة ورأسها المنظور قداسة البابا فرنسيس، أطال الله سنيّ رئاسته وحقّق أمنياته لخير الكنيسة.
في هذا الإطار، يتناول الأب المرشد كلًّا من الشّأن الرّوحيّ والرّاعويّ والإجتماعيّ والوطنيّ، وبخاصّة في لبنان وبلدان النّطاق البطريركيّ، ويكشف حالات البؤس والفقر والقلق والهجرة من جرّاء الحروب والتّهجير وعدم الاستقرار السّياسيّ، والأزمات الاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة، ويبيّن ضرورة التّفكير في كيفيّة الصّمود، وتنظيم خدمة المحبّة الاجتماعيّة بالتّضامن والتّعاون والتّكامل.
مشكور حضرة المرشد على وضعه بين أيدينا العظات السّبع مطبوعة، من أجل تسهيل المتابعة، والمساعدة على التّأمّل في الأوقات المخصّصة للصّمت والتّأمّل والصّلاة.
ونشكره أيضًا على اقتراح نقاط في آخر كلّ عظة، للتّداول فيها أثناء حلقات الحوار الصّباحيّة، وفقًا لبرنامج الرّياضة.
3. شعبنا يتطلّع إلينا طيلة هذين الأسبوعين، ولم يبقَ له من أمل وثقة سوى في الكنيسة، من بعد أن فقدهما في الجماعة السّياسيّة والمسؤولين. وهذا أمر طبيعيّ إذ يأتي نتيجة انتكاسات وخيبات متتالية. هذا الواقع المعنويّ المرير لا يشكّل بالنّسبة إلينا مجرّد إدانة، بل واجبًا علينا للتعويض عن تقصير الدولة والمسؤولين تجاه المواطنين وكلّ مواطن، من خلال مؤسّساتنا، وأراضينا، وتنظيمنا لخدمة المحبّة الاجتماعيّة والإنمائيّة.
فربّنا يسوع الّذي "جعل الإنسان طريقه"، كما كتب القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني في رسالته العامّة الأولى بعنوان "فادي الإنسان" (4 آذار 1979)، جعله أيضًا "طريق الكنيسة" (الفقرة 14). إنّه "طريقها الأوّل الّذي يجب أن تسلكه لدى قيامها برسالتها، وإنّه طريقها الأساسيّ الّذي شقّه السّيّد المسيح، هذا الطّريق يمرّ دائمًا بسرّ التّجسّد والفداء.
4. وإنّا ككنيسة لا نستطيع أن نسكت أو أن نقف مكتوفي الأيدي إزاء المظالم السّياسيّة والإجتماعيّة والمعيشيّة النّازلة بشعبنا من خلال حرمانه الغذاء والدّواء، أبسط حقوقه الأساسيّة ولاسيّما فرص العمل على أرض الوطن، والعيش بكرامة، وقد جعلته الجماعة السّياسيّة والمسؤولون شعبًا متسوّلًا، محرومًا من الوظيفة ومن مورد العيش بعرق الجبين، حتّى أصبح نصف الشّعب اللّبنانيّ في حالة فقر.
هي كنيستنا مدعوّة "لتتسلّح بالجرأة وتعطي صوتًا لمن لا صوت له، مستعيدة دائمًا صرخة الإنجيل في الدّفاع عن البؤساء والمهدّدين والمحتقرين والمحرومين من حقوقهم الإنسانيّة" (القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني في رسالته العامّة "إنجيل الحياة"، 25 آذار 1995، 5).
5. إنّنا بالنّعمة الإلهيّة، نبدأ رياضتنا الرّوحيّة، راجين لها الثّمار الوافرة من غنى الكنز الإلهيّ.
مع الشّكر لإصغائكم!".