الرّاعي مفتتحًا دورة مجلس البطاركة والأساقفة: لحكومة إنقاذيّة قادرة على القرار والعمل من أجل انتشال لبنان من حالة الانهيار
"1. يسعدنا أن نعقد معًا هذه الدّورة الاستثنائيّة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، لهدفين أساسيّين: الأوّل إنتخاب أمين عامّ المدارس الكاثوليكيّة في لبنان، ورؤساء اللّجان الأسقفيّة ونوّابهم. والثّاني: التّداول حول الأوضاع الرّاهنة في لبنان، والمزيد من تفعيل خدمة المحبّة الاجتماعيّة، ومساعدة أبناء كنائسنا وبناتها على الصّمود بوجه الأزمة الاقتصاديّة والماليّة والاجتماعيّة الخانقة.
2. إنّنا بالرّجاء الّذي يملأه في قلوبنا المسيح القائم من الموت نواجه المحن والمصاعب الّتي تتقاذفنا كرياحٍ شديدة وأمواج عاتية في بحر عالمنا اللّبنانيّ والمشرقيّ والدّوليّ: جائحة كورونا العالميّة، الشّلل الاقتصاديّ والسّياحيّ والتّجاريّ النّاتج عنها، وفوق ذلك في لبنان، أزمة حكومة منذ ثمانية أشهر، ارتفاع الدّولار بشكل جنونيّ تجاه اللّيرة اللّبنانيّة، أزمة اقتصاديّة وماليّة ومعيشيّة خانقة، 50 % من الشّعب اللّبنانيّ تحت مستوى الفقر بحسب صندوق النّقد الدّوليّ.
3. نحن ككنيسة معنيّون مباشرةً بالشّأن الوطنيّ، بحيث نذكّر الجماعة السّياسيّة أنّها موجودة لتأمين الخير العامّ والتّنافس في تأمينه لخير جميع المواطنين ولكلّ مواطن. ولذلك نطالب بتأليف حكومة إنقاذيّة قادرة على القرار والعمل من أجل انتشال لبنان من حالة الانهيار، وإنهاض الشّعب من حالة الفقر والجوع، والحدّ من فكّ أوصال الدّولة، والعمل على إنعاش المؤسّسات الدّستوريّة والعامّة، واحترام الفصل بين السّلطات، وإعادة الهيبة للدّولة، والمباشرة بإجراء الإصلاحات في مختلف البنى والقطاعات، وتحرير القضاء من تدخّل السّياسيّين والأحزاب، لكي يتمكّن من إجراء الحكم بالعدل. "فالعدل أساس الملك".
4. وإذ بات لبنان فاقدًا سيادته الدّاخليّة والخارجيّة، ومتورّطًا في أحلاف ونزاعات وحروب إقليميّة، وفاقدًا وحدته العسكريّة وقواه الذّاتيّة الموحّدة للدّفاع بها عن نفسه ضدّ أيّ اعتداء، وفاقدًا بالتّالي إمكانيّة القيام بدوره ورسالته كمكان لقاء وحوار للثّقافات والأديان، طالبنا بإعلان حياده الإيجابيّ النّاشط.
وإذ باتت القوى السّياسيّة اللّبنانيّة عاجزة عن الجلوس معًا لا في المجلس النّيابيّ، ولا في الحكومة، ولا على طاولة الحوار، لبتّ المسائل الخلافيّة النّاتجة عن عدم تطبيق وثيقة الوفاق الوطنيّ الصّادرة عن مؤتمر الطّائف (1990) بكامل نصّها وروحها، وعن تفسيرات للدّستور خاصّة وفرديّة وفئويّة، وعن عدم تطبيق كامل للقرارات الصّادرة عن مجلس الأمن الخاصّة بلبنان وكلّها مرتبطة بتطبيق وثيقة الوفاق الوطنيّ، وأمام انهيار البلد بمؤسّساته واقتصاده وماله، طالبنا بعقد مؤتمر دوليّ خاصّ بلبنان برعاية منظّمة الأمم المتّحدة، أسوة بسواه من البلدان.
5. إنّنا نضع دورتنا تحت أنوار الرّوح القدس، وشفاعة أمّنا مريم العذراء، راجين لها النّجاح، تمجيدًا لله، وإعلاء شأن كنائسنا، والتماسًا لخير شعبنا.
مع الشّكر لإصغائكم."