الرّاعي للجالية اللّبنانيّة في لندن: أشكركم لأنّكم تحملون القضيّة الوطنيّة، قضيّتنا اللّبنانيّة
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى الرّاعي عظة تحت عنوان "وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ،" (لو 3: 21)، فقال:
1- يُسعدنا اليوم الاحتفال سويًّا بعيد الغطاس أو الدّنح، عندما نقول عيد الغطاس نعني معموديّة يسوع، لمّا نزل في مياه نهر الأردنّ وعمّده يوحنّا وكان مثالًا لكلّ النّاس. وكلمة دنح هي كلمة سريانيّة معناها الظُهور، يعني اعتلان سرّ المسيح أنّه ابن الله واعتلان سرّ الثّالوث الأقدس.
كما سمعنا في الإنجيل لمّا نزل في الماء واعتمد، فتحت السّماء ثمّ سمع صوت (صوت الآب) يقول هذا هو ابني الحبيب وحلّ عليه الرّوح القدس بشكل طير حمامة واستقرّ عليه.
نعم، في هذا النّهار الظّهور هو ظهور الثّالوث القدّوس والظّهور للعالم واعتلان يسوع الّذي عاش بين النّاس إنسانًا كامل الإنسانيّة وهو الإله.
هذا النّهار، يُذكّرنا نحن المسيحيّين بمعموديّتنا. نعم نحن تعمّدنا لكن معموديّة الربّ يسوع يَعني أنّنا وُلدنا ثانيةً من الماء والرّوح، وأصبحنا أبناء وبنات الآب بالإبن الوحيد يسوع المسيح، وصرنا أعضاء بالجسد السّرّيّ الّذي هو الكنيسة.
هذا الغطاس بالنّسبة لنا هو التّذكير بمعموديّتنا ولكن الدّنح بالنّسبة لنا الظّهور أنّنا نشهد للعالم بأقوالنا، بأفعالنا، وبمواقفنا، نشهد أنّنا لبسنا يسوع المسيح، لبسنا الإنسان الجديد، لبسنا الطّبيعة الجديدة الّتي نحن نحملها فينا. هذه مسؤوليّة كبيرة أن يعلم كلّ واحد منّا أنّ المسيحيّة ليست مجرّد انتماء، إنّما المسيحيّة شركة مع يسوع المسيح مخلّصنا.
نحن صرنا أعضاء جسد المسيح السّرّيّ، هذه المسؤوليّة عظيمة جدَّا، ونحن نصلّي على نيّة أن نكون على قدر مستوى ما أولانا الرّبّ من نِعَم وعطايا فنعيش الإنسان الجديد، مثلما قال مار بولس- بالمعموديّة لبسنا الإنسان الجديد، وانتهى الإنسان القديم- الإنسان الجديد هو يسوع المسيح فينا، والّذي سينمو فينا.
نحن نُصلّي اليوم حتّى نكون على هذا المستوى نتذكّر معموديّتنا، نتذكّر أنّنا أبناء وبنات الله إذًا أخوة مع بعضنا البعض نقول لكلّ النّاس في هذا التّذكار إنّنا نلتزم بإعلان سرّ المسيح من خلال حياتنا.
لم يرَ أحد يسوع المسيح، رأوه لمّا عاش على الأرض، أمّا اليوم، مسؤوليّتنا كمسيحيّين أن نكشف للعالم وجه يسوع المسيح- ما معناه، الويل لي أنا المسيحيّ إذا لم أعلن للعالم هذا الوجه. نُصلي كي نكون على مستوى هذه المسؤوليّة.
أنا سعيد جدًّا أن أكون معكم نحتفل في لندن في هذا العيد، سعيد جدًّا أن نكون بحضور الجالية العزيزة واحد واحد، وأحيّي عائلاتكم. أودّ أن أشكركم على حضوركم، وفي إنكلترا أشكركم على عملكم. أشكركم على شهادتكم للقيم المسيحيّة، علي القيم اللّبنانيّة أو قيم البلدان الأخرى الّتي أنتم منها. أشكركم لأنّكم حاملين تراث المشرق ومدعوّين أن تغتنوا في هذا المجتمع بشكل متبادل، تغتنون من المجتمع الإنكليزيّ بشكل متبادل، من المجتمع في لندن من تراثهم، من ثقافتهم، من قيمهم، من تنظيمهم، وتغنوهم أيضًا بنشاطكم، بعملكم، بحضارتكم، بثقافتكم الّتي تحملونها.
هذا هو الانتشار، هويّتنا أن نكون في المجتمعات الجديدة حاملين لثقافاتنا وتراثنا نغنيهم ونغتني فيهم ومنهم.
أشكركم مجدّدًا على كلّ ما تعملونه لبلدكم من هذا العالم المشرقيّ، أشكركم لأنّكم تحملون القضيّة الوطنيّة،
قضيّتنا اللّبنانيّة.
أعلم بتألّمكم من الواقع، لكنّنا أبناء وبنات الرّجاء ونحن نؤمن أنّ العالم والتّاريخ ليس فقط بأيدي أصحاب المسؤوليّات، بأيدي السّياسيّين، وليس بأيدي المقتدرين بالمال، بالسّلاح، بالنّفوذ، وبأيّ شكل من الأشكال.
نحن نؤمن أنّ يسوع وحده سيّد هذا العالم وهو الله، هو السّيّد المسيح الّذي هو مخلّص العالم، نحن نؤمن بهذا السّيّد الوحيد.
نحن جماعة الرّجاء، نؤمن أنّ الله يتدخّل بسلامه وهو لا يريد الحروب، ولا الفقر ولا يريد الاستبداد الّذي نعيشه في واقعنا، الرّبّ يريد لكلّ إنسان عيش حياة كريمة مهما كان دينه، لنحترم الإنسان والإنسانيّة- هذه ثقافتنا هذه حضارتنا، هذا ما يجعلنا أبناء وبنات الرّجاء.
سنبارك الماء وهذه العادة أنّه في عيد الغطاس، نبارك المياه- أيّ أنّه لمّا نزل يسوع في نهر الأردنّ قدّس المياه- وصارت الكنيسة تبارك المياه ويأخذخها المؤمنون إلى بيوتهم، مرضاهم، يتذكّرون بها معموديّتهم يتذكّرون أنّهم ولدوا من نعمة الماء والرّوح- لهذا السّبب نحتفل بتبريك المياه وتأخذوها إلى بيوتكم.
لنوجّه سويًّا تحيّة شكر معكم للرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة الجليلة الّتي تقدّم خدمة رعيّتنا في لندن في إنكلترا وفي إيرلندا.
أشكر الأب فادي والأبوين المعاونين،
أشكر قدس الأب العامّ هادي محفوظ الرّئيس العامّ الجديد للرّهبنة الّذي شرّف هذه المناسبة، أشكر الرّهبانيّة على خدمتها الدّائمة والدّؤوبة ونتمنّى للرّهبانيّة المزيد من الاستقرار، المزيد من النّموّ، المزيد من القداسة. وقد أعطت قدّيسين وطوباويّين كلّنا نكرّمهم، مار شربل، مار نعمة الله، القدّيسة رفقا، الطّوباويّ الأخ اسطفان، أبناء الرّهانيّة و بشفاعتهم نحن نواصل رسالتنا.
معكم نوجّه تحيّة لنيافة الكاردينال هو صديقنا وصديق لبنان وصديق كنيستنا، شكرًا على حضوره معنا نتمنّى له كلّ خير، الكاردينال فيتسجرالد يتقن اللّغة العربيّة ويتقن اللّغة الفرنسيّة وخدم الكرسيّ الرّسوليّ واليوم بحضوره يقدّم الشّهادة لما يحمل من تراث بشخصيّته، معكم أشكر كلّ الآباء الدّومنيكيّين، الّذين يعيشون بهذا الدّير العامر وقد واصلوا شهادتم بالعمل والصّلاة.
أنا أشكرهم على البازيليك الّتي وضعوها بخدمتنا اليوم في هذا اللّقاء شكر لكلّ واحد منكم على ما أنتم وعلى ما تعملون، وما تشهدون.
شكرًا لصلاتكم شكرًا لألمكم- شكرًا لوجعكم، لقد حدّثنا سعادة السّفيرعن تألّمكم جميعًا بسبب لبنان لكن كما قلت لكم نحن أبناء وبنات الرّجاء فلا بدّ من أن يتدخّل الله، ويخرجنا من هذه المأساة الّتي صنعها البشر بسبب مصالحهم الصّغيرة والرّخيصة. الرّبّ يريدتنا أعلى من هذا. فالّذين يريدون تعاطي السّياسة يجب أن يكونوا أرفع من ذلك يجب أن يكونوا على مستوى خدمة الخير العامّ، ليس على مستوى المصالح الشّخصيّة على حساب الشّعب، على حساب الوطن مثل أنتم تعلمون.
صلاتنا الى الله اليوم في عيد الغطاس الدّنح أن نبقى ملتزمين بإيماننا، مدعوّين أن نعلن يسوع المسيح في الكنيسة الحيّة طبعًا، والرّبّ يباركنا جميعًا ونقول على الطّريقة اللّبنانيّة: "دايم دايم"".