العالم
16 تشرين الأول 2019, 11:15

الرّاعي للإعلاميّين في ساحل العاج: اللّقاء مع الجالية اللّبنانيّة حمل وجهين إيجابيّ وموجع جدًّا

قبيل مغادرته ساحل العاج، تحدّث البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي إلى الإعلاميّين عن زيارته الراعوية إلى أبرشيّة سيّدة البشارة في أفريقيا الغربية والوسطى؛ فاعتبر أنّ اللّقاء مع الجالية اللبنانية حمل وجهين: الأوّل إيجابيّ والثاني موجع جدًّا. "لقد لاحظنا أنّ الجالية تعمل بشكل جيّد هنا وتحقّق ذاتها من خلال ما تنجزه من أعمال وهي تشكر الدولة على منحها إمكانيات لتحقيق ذاتها بشكل كامل.

أمّا الجانب المؤلم فهو تمنّياتها الدائمة أن يؤمّن لبنان لأبنائه المجالات لتحقيق ذواتهم كما تفعل ساحل العاج.

فشبابنا في لبنان يتخرّجون سنويًّا من الجامعات والمعاهد ولا يجدون فرصًا لتحقيق أحلامهم في بناء مستقبل في وطنهم.

كما أنّ المؤلم أيضًا هو تمنّي جاليتنا في ساحل العاج أن تهتمّ بها الدولة اللبنانية فهي ابتعدت عن بلدها الأمّ بهدف تأمين المستقبل لها ولعائلاتها. وهي بشعورها لدعم وطنها الأمّ تزداد ثقة واعتزازًا.

لقد لمسنا كم أنّ اللبنانيين في ساحل العاج هم مقدّرون ومحترمون من الدولة في هذا البلد ومن سلطته السياسية والمدنيّة، وهم يتألّمون لرؤية لبنان يعيش أزمات سياسية لا أفق لها.

هذه الرغبة في الدولة الرابعة التي نزورها في جولتنا الراعوية لطالما سمعناها من أبنائنا في غانا وبوركينا فاسو والسنغال سنحملها معنا إلى لبنان.

نحن نعتزّ بهم هنا فهم يعيشون بكرامة ويحقّقون النجاحات ويعملون وفق روحهم الخلاقة التي منحهم إيّاها الرّبّ ونحن نتمنّى لساحل العاج دوام الازدهار والسلام".

وأضاف: "نحن هنا اليوم للتّعرّف إلى أبرشيتنا في إفريقيا بكلّ مكوّناتها ومقوّماتها، نتعرّف إلى واقعها وكهنتها وشعبها كذلك إلى الجالية اللبنانية بتنوّعها الديني والطائفي والمذهبي من مسلمين ومسيحيين .

ومن واجبات البطريرك أن يزور أبرشيّاته كل خمس سنوات، لهذا نظّم المطران سيمون فضّول هذه الزيارة للتعرّف إلى جاليتنا اللبنانية".

وتابع: "لقد تمّ التطرّق اليوم في خلال لقائنا أبناء الجالية إلى موضوعين أساسيّين الأوّل موضوع التبادل التجاري الضعيف جدًّا جدًّا على الرغم من وجود إمكانيات كبيرة هنا في شاطئ العاج يمكننا تبادلها مع لبنان والتعاون التجاري هو منبع أساسيّ للاقتصاد.

أنا آسف لأنّه بحسب ما سمعنا من أبنائنا هنا فإنّ الدولة اللّبنانية هي مهملة لهذا التبادل التجاري، واللّبنانيون الموجودون هنا يصدّرون البضائع إلى أوروبا. فكيف لا يمكنهم تصديرها إلى بلدهم وهذا وجع كبير جدًّا فمهمّة الدولة الأساسية هي تبادل التجارة مع الدول الأخرى لتتمكّن من التقدم .

والأمر الثاني الذي سمعته اليوم من أبنائنا هو قيمة بطاقة السفر التي يجب أن تكون مدروسة ومخفّضة لتشجيع أبنائنا على زيارة بلدهم وهم برفع سعر البطاقة وكأنّهم يطلبون من اللّبنانيين عدم التوجه إلى وطنهم وزيارة بلدان أخرى حيث ينفقون أموالهم وبالتالي تستفيد باقي البلدان منهم.

وكلّنا بأمسّ الحاجة لدخول هذه الأموال إلى لبنان وهنا أتساءل كيف للدولة اللّبنانية والحكومة إهمال هذين القطاعين التجاري والسياحي. لماذا تضعون أمام السائح اللّبناني العراقيل؟".

ورأى البطريرك الرّاعي أنّ "قيمة وجود رعايا ورسالات وأبرشيّة ومطران في دول الانتشار تجسّدت بوضع المسيحيين عامّة والموارنة خاصّة في الدول الأفريقية التي نزورها.

المطران يهتمّ بمهنته ويجول على 24 دولة ليطّلع على أوضاع رعيّته ويعالج المواضيع العالقة ويؤسّس رعايا ليست مارونية للموارنة فقط، إنّما هي تستقبل جميع اللبنانيين وهذا يختبره اللبنانيون يوميًّا. كذلك العلاقة الممتازة بين كهنتنا والكهنة من كنائس أخرى ورجال دين من طوائف مختلفة وهنا أهمّيّة هذا التواجد الماروني في بلدان الانتشار.

من هنا القول لآباء الكنيسة حيث الأسقف هناك الكنيسة. وهذا ما لمسناه فنشكر ربنا على هذه النعمة."

وإختتم الرّاعي قائلاً: "في لبنان هناك تعدّديّة دينيّة ومذهبيّة وحزبيّة وسياسيّة، في لبنان هناك العيش المشترك، إلّا أنّ الممارسة السياسية ليست جيّدة، عندنا دولة وشعب وكيان وحدود وأرض ومؤسّسات، ولكن الممارسة السياسية تعيق عملها من خلال تسييس كل شيء وبدل أن تقوم الدولة بواجبها الأساسي في تأمين الخير العامّ من خلال كلّ مقوّمات ومقدرات الدولة. والخير العامّ هو كلّ الشّؤون التشريعية والإجرائية

والاقتصادية والتجارية والمعيشية والطبية والتربوية التي يستفيد منها كلّ المواطنين، أتى السياسيون وقسّموها إلى اجزاء ودويلات وخلقوا بدعة وهي المحاصصة. وكانت الدولة بمقدّراتها هي كقالب الجبن الذي تقاسمته فيما بينهم، وبعد انتهائهم منه نزل الناس إلى الشارع. هذه هي الممارسة السياسية السيئة في لبنان التي خرّبت الدولة اللّبنانية."