لبنان
26 آذار 2021, 07:30

الرّاعي في عيد البشارة: مصمّمون على مواصلة مسيرة إنقاذ لبنان واللّبنانيّين ولن نيأس!

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر الخميس، في كنيسة السّيّدة في الصّرح البطريركيّ في بكركي، قدّاس عيد البشارة لمناسبة الذّكرى السّنويّة العاشرة على تولّيه السّدّة البطريركيّة، عاونه فيه المطرانان بولس روحانا ويوسف سويف، بمشاركة السّفير البابويّ المونسنيور جوزيف سبيتاري، ولفيف من المطارنة والكهنة والرّاهبات، في حضور وزير الاتّصالات في حكومة تصريف الأعمال طلال الحوّاط، رئيس الرّابطة المارونيّة النّائب السّابق نعمة الله أبي نصر، رئيس تجمّع "موارنة من أجل لبنان" المحامي بول يوسف كنعان، السّفير خليل كرم، رئيس رابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث نوفل الشّدراوي، والأسرة البطريركيّة.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى الرّاعي عظة بعنوان: "في الشّهر السّادس، أرسل الملاك جبرائيل من عند الله" (لو 1: 26)، قال فيها:  

"1. التّحديد التّاريخيّ بالشّهر السّادس لا يرتبط فقط بالبشارتين، الأولى لزكريّا وعدًا بإبن إسمه يوحنّا، والثّانية بعد ستّة أشهر لمريم بأنّها ستكون أمّ إبن الله بقوّة الرّوح القدس، بل يرتبط أيضًا بعمل الله الّذي يواكب تاريخ البشر، ويحقّق فيه تدبيره الخلاصيّ بموآزرتهم، مختارًا أشخاصًا لهذه الغاية. إنّه لاهوت الزّمن الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا، وتعتبره انفتاحًا دائمًا على تجلّيات الله، وانتظارًا لها في مسيرة الرّجاء.

2. أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء تشكّل لنا المثال في دعوتها ودورها في التّدبير الخلاصيّ. كلّنا بالمعموديّة اُشركنا بدعوة عامّة في هذا التّدبير، ونحن الّذين دعينا بالدّرجة المقدّسة إلى الكهنوت والأسقفيّة، أنعم علينا الله بدعوة خاصّة. نسأله بشفاعة الكلّيّة القداسة مريم العذراء سيّدة البشارة، أن ينعم علينا بنعمة الجهوزيّة الّتي ميّزتها، والطّاعة الدّائمة لإرادته القدّوسة كيفما تجلّت، على مثالها.

3. يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه اللّيتورجيا الإلهيّة في الذّكرى السّنويّة العاشرة لانتخابي من آباء السّينودس المقدّس، بإلهام من الرّوح القدس، وتوليتي "أبًا ورأسًا" لكنيستنا السّريانيّة الأنطاكيّة المارونيّة. إنّنا نرفعها ذبيحة شكر لله على هذه السّنوات العشر، وعلى ما أفاض من جودته على كنيستنا من نعم وبركات. وأذكر فيها إخواننا المطارنة الّذين تعاونت معهم وقد سبقونا إلى بيت الآب، وأذكر على رأسهم سلفي المثلّث الرّحمة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير. متّعهم الله جميعًا برؤيته السّعيدة في المجد السّماويّ. كما أذكر بصلاتي في هذه اللّيتورجيا الإلهيّة كلّ إخواني السّادة المطارنة، أعضاء السّينودس المقدّس، أكانوا في لبنان أو داخل النّطاق البطريركيّ، أم في بلدان الانتشار. إنّني أجدّد لهم ولكم، أيّها المشاركون معنا بحضوركم، التزامي بموجبات خدمتي، متّكلاً على صلاتكم ومؤآزرتكم. فنحن جسم واحد رأسه المسيح، "راعي الرّعاة العظيم". (1 بط 5: 4)"

ورحّب الرّاعي بالسّفير البابويّ متوجّهًا إليه بكلمة في الفرنسيّة وترجمتها: "أريد أن أحيّي سعادة السّفير البابويّ كممثّل لقداسة البابا فرنسيس، وأغتنمها مناسبة لأجدّد نذوري الرّاعويّة الّتي منحني إيّاها البابا الفخريّ بنديكتوس السّادس عشر. شكرًا سعادة السّفير لمشاركتنا هذه اللّيتورجيا الإلهيّة ولأنّكم تنقلون مشاعر الإخلاص الّتي نكنّها لقداسة البابا فرنسيس وصلواتنا الّتي نرفعها لأجله".

وتابع: "4. لقد اخترت، يوم انتخابي في 15 آذار 2011، شعارًا أملاه عليّ الجوّ الّذي تمّت فيه عمليّة الانتخاب، وهو: شركة ومحبّة. الشّركة كاتّحادٍ عاموديّ مع الله، ووحدةٍ أفقيّة مع جميع النّاس. والمحبّة كلحمة تشدّ عرى الشّركة ببعديها العاموديّ والأفقيّ.

على هذا الأساس قمت بخدمتي بكلّ استعداد ونيّة حسنة. ولكن الكمال عند الله، والخطأ يقع فيه الجميع عن قصد أو عن غير قصد. فيؤسفني أن تكون الشّركة والمحبّة قد جُرحتا مع الله ومع هذا أو ذاك من الأشخاص أو الجماعة. فهي مناسبة لطلب المغفرة. ولهذا أقدّمها ذبيحة استغفار.

5. إنّي بروح الشّركة والمحبّة حفظت العلاقة الطّيّبة مع الجميع في بلادنا، وقد قلّدوني جميلاً لا أنساه بحضورهم الاحتفال بتوليتي في 25 آذار 2011. وقمت بالزّيارات الرّاعويّة إلى جميع الأبرشيّات في لبنان والنّطاق البطريركيّ، ما عدا أبرشيّة حلب العزيزة بداعي انقطاع الطّرقات بنيران الحرب، وإلى جميع أبرشيّات الانتشار. ويسعدني أن أقدّم لكم اليوم الجزء الأوّل من زياراتي الرّاعويّة في سنتي 2011 و2012 إلى بلدان الانتشار. كانت العادة أن أقدّم في مثل هذا اليوم رسالة عامّة راعويّة، وكانت الأخيرة في العام الماضي بعنوان: "الميثاق التّربويّ الوطنيّ الشّامل: شرعة الأجيال اللّبنانيّة الجديدة". لكنّي رأيت من الضّرورة إعطاءها المزيد من الوقت لانتشارها وتطبيقها. فأكتفي بإعلان هذا الجزء الأوّل من زياراتي الرّاعويّة إلى أبرشيّات الانتشار وتوزيعه. وفي المناسبة أشكر مكتبنا الإعلاميّ الّذي جمع الأوراق والأحداث، بإدارة المحامي وليد غيّاض، والسّيّد جورج عرب الّذي حقّق المجموعة والمحامي بول يوسف كنعان الّذي اعتنى بالإصدار. كافأهم الله جميعًا بفيض من نعمه.

6. واتّخذ شعار "شركة ومحبّة" بعدًا اجتماعيًّا وإنسانيًّا، من جرّاء الأزمة الاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة الخانقة. فكانت البطريركيّة والأبرشيّات والرّهبانيّات والمؤسّسات التّابعة لها حاضرة لمساعدة العائلات والأفراد في حاجاتهم المتنوّعة. وفي بداية العام الماضي، على إثر انفجار مرفأ بيروت، والأزمة الحكوميّة، واشتداد الأزمة الاقتصاديّة والنّقديّة، أسّسنا، بتنظيمٍ من المركز المارونيّ للتّوثيق والأبحاث، هيئة طوارئ تنسيقيّة بإسم "الكرمة". شارك في هذا التّأسيس البطريركيّة والأبرشيّات والرّهبانيّات والمنظّمات والهيئات الخيريّة والإنسانيّة، وعلى رأسها كاريتاس لبنان الّتي وضعت إحصاءاتها وأقاليمها ومراكزها في هذه الخدمة، وعزّزت برامجها بحيث غطّت خدمة المحبّة الاجتماعيّة كلّ الأراضي اللّبنانيّة بالتّعاون مع الأبرشيّات والرّعايا.

وتأسّست منظّمة Solidarity بالتّعاون بين المؤسّسة المارونيّة للانتشار والرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة ومؤسّسة جيلبير وروز شاغوري، وهي تجمّع المساعدات وتوزّعها مشكورة في كلّ المناطق متّخذة أديار الرّهبانيّة مراكز للتّوزيع.

وتجدر الإشارة إلى ما تقوم به المؤسّسة البطريركيّة العالميّة للإنماء الشّامل الّتي أخذت على عاتقها ترميم كنيسة مار ميخايل قرب المرفأ وشارع مار مخايل، بالإضافة إلى بطاقات التّموين لأكثر من ألف عائلة، وهي على تزايد. كما نذكر أيضًا المساهمات الّتي تقدّمها "الرّابطة المارونيّة" في مختلف المبادرات.

7. ذكرنا هنا ما يدخل في إطار مؤسّسات كنيستنا المارونيّة حصرًا. لكنّني أذكر معكم بالشّكر والتّقدير المؤسّسات الإنسانيّة الأخرى، وبخاصّة رابطة كاريتاس لبنان، جهاز الكنيسة الاجتماعيّ الرّسميّ في لبنان، والبعثة البابويّة، والصّليب الأحمر، والعديد من أمثالها، يضيق الوقت لتعدادها كلّها. ولا ننسى المحسنين الإفراديّين والمتطوّعين، شبيبة واختصاصيّين. ومعكم نوجّه الشّكر للدّول الّتي سارعت إلى مدّ يد المساعدة للأشخاص والمؤسّسات المتضرّرين من انفجار مرفأ بيروت، ونرجو استمراريّتها مشكورة.

8. الآن والأزمة السّياسيّة وتداعياتها الاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة تشتدّ أكثر فأكثر، ترانا أمام واجب استنباط طرق إضافيّة لمساعدة شعبنا الجائع والمحروم من المال والدّخل والخبز والمواد الغذائيّة والأدوية. فالأوضاع لا تحتمل التّأجيل، وخدمة المحبّة تقتضي تنظيمًا أوسع.

9. وبروح "الشّركة والمحبّة"، تعاطينا الشّأن الوطنيّ، وحملنا قضيّة لبنان في زياراتنا الرّاعويّة الدّاخليّة والخارجيّة، مطالبين بتحييد لبنان عن الصّراعات والحروب الدّائرة في منطقة الشّرق الأوسط، وقد أحدثت في الدّاخل اللّبنانيّ انقسامًا سياسيًّا أدّى إلى تأخير الانتخابات النّيابيّة وتعطيل الانتخابات الرّئاسيّة سنتين ونصفًا، وتعليق العمل بالدّستور، وشلّ المؤسّسات الرّسميّة، وقيام أعمال إرهابيّة قمعها جيشنا وانتصر، وتغييب لبنان عن العرب والعالم، وقد ساد الفساد وانتشر، فانهار لبنان اقتصاديًّا وماليًّا، وجاءت جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت لينهكا البلاد. ومن ناحية أخرى كنّا نطالب بحلّ قضيّة اللّاجئين الفلسطينيّين، وبعودة المليون ونصف نازح سوريّ إلى وطنهم ومساعدتهم على استعادة حياتهم فيه بكرامة، ومتابعة كتابة تاريخهم على أرضهم، والمحافظة على حضارتهم لئلّا تتبدّد. فقيمة الشّعوب والبلدان في حضاراتهم.

10. لقد واكبنا طيلة هذه السّنوات جميع التّطوّرات ولم نحجب نصيحة أو مساعدة، وبذلنا جهودًا مضنية لإقناع المعنيّين بسلوك طريق الثّوابت اللّبنانيّة ومنطوق الدّستور من دون اجتهادات عبثيّة لا تفيد أحدًا. وضغطنا لإجراء الإصلاحات الضّروريّة في مؤسّسات الدّولة والمجتمع والمناطق لمنع سقوط البلاد.

ما كنّا نتصوّر يومًا أن يبلغ لبنانُ، منارةُ الشّرق، ولقاءُ الحضارات، هذ الدّرْك من الانحطاط والتّقهقر. ما كنّا نتصوّر يومًا أن تتنازل الشّرعيّةُ عن قرارها وحقّها وصلاحيّاتها وتصبح رهينة لعبة المحاور الإقليميّة. ما كنّا نتصوّر أن تفشل الدّولة بعد مئة سنة على وجودها الدّيمقراطيّ في تأليف حكومة.

إنّنا بحكم مسؤوليّة هذا الصّرح الوطنيّة والتّاريخيّة، مصمّمون على مواصلة مسيرة إنقاذ لبنان واللّبنانيّين، كلّ اللّبنانيّين، ولن نيأس. لهذا السّبب طالبنا بتحرير الشّرعيّة والدّولة، ووجّهنا نداء إلى أشقّاء لبنان وأصدقائه في بلاد العرب والعالم لمساعدة لبنان. ولهذا السّبب اقترحنا اعتماد الحياد النّاشط ليستعيد لبنان توازنه واستقراره. ولهذا السّبب دعونا الأمم المتّحدة إلى رعاية مؤتمر دوليّ خاصّ بلبنان. ولهذا السّبب نجدّد دعوتنا إلى النّهوض من كبوة تأليف الحكومة فيضع الرّئيس المكلّف تشكيلة حكوميّة ممتازة ويقدّمها إلى رئيس الجمهوريّة ويتشاورا في ما بينهما بروح صافية ووطنيّة إلى أن يتّفقا على الأسماء الجديدة وتوزيع الحقائب في إطار المساواة وعلى أسس الدّستور والميثاق.

11. إنّ تزامن خدمتي البطريركيّة، في ذكرى سنتها العاشرة، مع بداية مئويّة لبنان الثّانية، يضعني أمام واجب جعل خدمتي نذرًا لله بالصّلاة اليوميّة والعبادة، ونذرًا للبنان الوطن الرّوحيّ للموارنة حيث فيه كلّ جذورهم وتراثهم، بالتّضحيات الّتي تتواصل من جيل إلى جيل. لكن لبنان كدولة مدنيّة هو لجميع اللّبنانيّين مسيحيّين ومسلمين. والحفاظ عليه مسؤوليّة جماعيّة تشارك فيها كلّ المكوّنات اللّبنانيّة، كعلامة لإيماننا المطلق بوحدة لبنان وهويّته ودوره في الشّرق والعالم. المئويّة الثّانية تقتضي تأسيس لبنان الكبير لا على الأرض، بل في وجداننا جميعًا وفي عقولنا وقلوبنا. وتقتضي الاعتراف بنهائيّة الوطن اللّبنانيّ لا كإعلان دستوريّ فقط، بل كفعل إيمان عاطفيّ وعفويّ وكمسار تاريخيّ وحضاريّ في حياتنا الوطنيّة. قدّرنا الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة البشارة، أن نفي معًا هذا النّذر تمجيدًا لله الآب والإبن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد".

بعد القدّاس، تسلّم البطريرك الرّاعي الجزء الأوّل من سلسلة زياراته الرّاعويّة، الّذي يضمّ زيارات سنتي 2011 و 2012 خارج لبنان، كذلك تسلّم الطّابع البريديّ الأوّل "لحديقة البطاركة، قنّوبين".  

وألقى الإعلاميّ جورج عرب، الّذي حقّق زيارات البطريرك الرّاعي داخل لبنان وخارجه، كلمة جاء فيها: "عشر سنوات مضت كشعاع بشرى، بزغ فجرها يوم الخامس عشر من آذار سنة 2011 حين انتخب المطارنة الموارنة المطران بشارة الرّاعي بطريركًا. لقد رفع الرّاعي الجديد يديه وشرّعهما دروبًا جديدة لكلّ لقاء قوامه الشّركة والمحبّة. لقد راح إلى النّاس يبادرهم بالمحبّة أسمى كلمات الله، فزار رعايا منسيّة داخل لبنان، معيدًا لأهلها أمل الرّسوخ في الأرض، ورعايا تماثلها خارج لبنان، معيدًا لأهلها رجاء التّشبّث بالهويّة اللّبنانيّة. وفي كلّ الزّيارات داخل لبنان وخارجه كان الرّاعي للجميع: للموارنة ولسائر المسيحيّين وللمسلمين. واليوم في الذّكرى السّنويّة العاشرة لبدء خدمة الرّاعي البطريركيّة نقدّم له الإصدار الأوّل من مجموعة أعماله الكاملة، الموزّعة حتّى الآن على ستّة كتب تتناول زياراته الرّاعويّة، ثلاثة كتب لزياراتٍ داخل لبنان، وثلاثة لزيارات خارجه. ولقد شرّفني وأكرمني صاحب الغبطة حين بارك تطوّعي وأتاح لي العمل لتحقيق هذه الأعمال. وقد أثمرت اليوم إصدارًا أوّل يتناول زيارات غبطته الرّاعويّة خارج لبنان سنتي 2011 و2012. لقد جمع هذه الأوراق المحامي وليد غيّاض، مدير مكتب الإعلام في البطريركيّة، وقامت بتبويبها سمر زغريني، لأحقّقها وأنشرها. وقد تحقّق الإصدار الأوّل عن مطابع الكريم لجمعيّة المرسلين اللّبنانيّين الموارنة، بالتّعاون مع رئيس تجمّع موارنة من أجل لبنان المحامي بول يوسف كنعان".  

وأضاف: "كما نقدّم لغبطته الطّابع البريديّ الأوّل الخاصّ بحديقة البطاركة، قنّوبين، ونتوجّه بالشّكر والتّقدير لمعالي المهندس طلال الحوّاط، وزير الاتّصالات، ابن طرابلس، الفيحاء، الّذي أولى هذا الأمر عناية مشكورة، فتحت الباب لتعاون ثقافيّ واسع معه متّصل بحياتنا المشتركة مسيحيّين ومسلمين. كما أوجّه الشّكر والامتنان لمؤسّسةLiban Post ، لاهتمامها بتقنيّات تنفيذ الطّابع البريديّ وملحقاته".

بعد ذلك قدّم عرب ومسوؤل مكتب الإعلام والبروتوكول في بكركي المحامي وليد غيّاض الإصدار الأوّل إلى البطريرك الرّاعي، ثمّ قدّم رئيس رابطة قنّوبين نوفل الشّدراويّ ورئيس تجمّع موارنة من أجل لبنان بول كنعان نسخة أيضًا للبطريرك الرّاعي وللوزير الحوّاط.

ثمّ كانت كلمة للمطران جوزيف نفّاع، النّائب البطريركيّ المشرف على رابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث، قال فيها: "يعطي الإصدار الأوّل لمحة تاريخيّة في موضوع الزّيارة الرّعائيّة في كنيستنا المارونيّة، وتطوّرها بعد المجمع اللّبنانيّ سنة 1736، لتشكّل أحد أبرز وجوه العمل الرّاعويّ الإحصائيّ على مستوى الدّيموغرافيا وحركة الهجرة والنّسيج الاجتماعيّ والعمران الكنسيّ والمقتنيات الثّقافيّة والتّراثيّة والخدمة الرّوحيّة وخدمة التّربية والتّعليم والموارد الاقتصاديّة والأوضاع المعيشيّة. واتّخذت الزّيارة الرّاعويّة معكم يا صاحب الغبطة بعدًا متّسعًا كونكم بادرتم، بمحبّتكم الأبويّة، إلى لقاء أبنائكم الموارنة وسائر الأخوة اللّبنانيّين، مسيحيّين ومسلمين، وتفقّدتم أحوالهم واطّلعتم على أوضاعهم داخل لبنان وخارجه، وخطابكم هو هو، خطاب الثّوابت الرّوحيّة والوطنيّة، الّتي سار عليها أسلافكم، خطاب الحوار والانفتاح والعيش الواحد والتّعاون على قاعدة الخير المشترك، مشجّعًا كلّ مارونيّ ولبنانيّ، أينما وجد، على أن يكون رسول محبّة وسلام. أمّا الطّابع البريديّ فهو تعبير وفاء وتقدير حكوميّ رسميّ لموقع حديقة البطاركة، قنّوبين. وقد شئناه في رابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث تحيّة محبّة وولاء لكم. وحقّق رغبتنا هذه، مشكورًا، معالي وزير الاتّصالات المهندس طلال حوّاط، الّذي له منزلة خاصّة في قلبكم وفي قلوبنا جميعًا للفضائل والقيم الرّوحيّة والأخلاقيّة والوطنيّة الّتي يحملها ".

بدوره ألقى الوزير الحوّاط كلمة قال فيها: "لقد كانت زيارتي لكم يا صاحب الغبطة الصّيف الماضي في الدّيمان فرصة مفرحة ومباركة. كانت مفرحة حين أتاحت لي التّعرذف عن قرب على قامة إنسانيّة رفيعة. وأقرّ يا صاحب الغبطة بأنّ إحاطتكم الأبويّة للقائنا في الدّيمان هي إحاطة غير مسبوقة بالنّسبة لي. أمّا كون الزّيارة مباركة فلأنّها فتحت آفاق تعاون مع إحدى مؤسّساتكم البطريركيّة، أعني رابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث. وتعزّز تعاوننا بقدر ما تعرّفت على عنايتها بتراث الوادي المقدّس، الوادي المقدّس بضفّتيه، الممتدّ إلى طرابلس الفيحاء، حيث يتحوّل نهر قاديشا في قنّوبين نهر أبو علي في طرابلس. إنّ ينابيع هذا النّهر الطّبيعيّة المشتركة بيننا تدعونا إلى توسيع المشترك، الّذي أفاضت علينا به ينابيعنا الرّوحيّة. والدّعوة هذه هي دعوة اللّقاء الدّائم والوحدة الرّاسخة في الإيمان بالله وبلبنان، وهي صدى صوتكم ودعوتكم الدّائمة. وبوحي هذا اللّقاء الإنسانيّ الجامع كان تطلّعنا مع رابطة قنّوبين إلى عمل ثقافيّ مشترك يعمّق هذا اللّقاء الإسلاميّ المسيحيّ وينشر قيمه ومفاهيمه الّتي فيها خلاص لبنان. إنّ مباركتكم يا صاحب الغبطة لهذا التّعاون هو ضمانة نجاحه. وممّا لا شكّ فيه أنّ "مطراننا" في طرابلس سيادة المطران يوسف سويف، سيكون شريكًا فاعلاً في هذا العمل وسائر مرجعيّاتنا الرّوحيّة الإسلاميّة والمسيحيّة.  

وأضاف: "أمّا الثّمرة الأولى لتعاوننا مع رابطة قنّوبين فكان إصدار أوّل طابع بريديّ لحديقة البطاركة، قنّوبين. ويسعدنا أن نقدّم نسخته الأولى إلى غبطتكم اليوم في الذّكرى السّنويّة العاشرة لتولّيكم مسؤوليّاتكم البطريركيّة. إنّني أجدّد محبّتي لكم يا صاحب الغبطة، وأحيّي جهود رابطة قنّوبين المتّصلة بتراثنا الرّوحيّ والوطنيّ، وأحيّي سيادة المطران جوزيف نفاع، مطران الوادي المقدّس، سائلاً الله أن يعزّز خدمتنا المشتركة، كلّ من موقعه، مؤكّدين أنّ المسؤوليّة هي خدمة، وقد قال سيّدنا عيسى عليه السّلام "جئت لأخْدمَ لا لأُخْدَم" ".

بعد ذلك سلّم الوزير الحوّاط البطريرك الرّاعي الطّابع البريديّ وملحقاته. وسلّم أيضًا المطران نفّاع والشّدراوي وكنعان مجموعة من الطّوابع ومظاريفها لتوزّع كهدايا تذكاريّة.  

وأكّد بول كنعان في كلمته "أنّ السّنوات الـ10 للبطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي على كرسيّ أنطاكية وسائر المشرق شكّلت محطّة مشرقة في العمل الكنسيّ المؤسّساتيّ والرّاعويّ، وحملت مبادرات وطنيّة أساسيّة أسهمت وتسهم في حفظ الكيان ومنع انهيار الدّولة".

وقال: "إنّنا مع كنيستنا وبطريرك المئويّة الثّانية في مسار حماية لبنان واستعادة دوره وحضوره، وفي تطبيق خريطة الطّريق الّتي حدّدتها البطريركيّة للخروج من الأزمة، فحيث بكركي تكون بوصلة لبنان".

وإختتم كنعان: "لسنين عديدة يا سيّد، لنهضة الكنيسة ولبنان التّعدّديّة والتّنوّع والحرّيّة والكرامة الوطنيّة".