لبنان
13 حزيران 2022, 11:50

الرّاعي في افتتاح سينودس الأساقفة: ينبغي أن نكون أوّلًا رجال صلاة ومحبّة

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتح البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي أعمال سينودس الأساقفة البطريركيّ اليوم في بكركي، بكلمة قال فيها:

"إخواني السادة المطارنة الأجلّاء،

1. ها نحن نعود، بعد الرّياضة الروحيّة، إلى تدارس المواضيع المدرجة على جدول أعمال السّينودس المقدّس الّذي نعقده في جوّ سينودسيّ عامّ في الكنيسة الكاثوليكيّة يقتضي منّا أن نسير معًا نحو توطيد روابط الشّركة فيما بيننا، ونعيش المشاركة في بناء كنيستنا المارونيّة، ونلتزم معًا برسالتنا المسيحيّة والكنسيّة في شرقنا الّذي ننتمي إليه، وعوالم الانتشار حيث تتواجد رسالاتنا وأبرشيّاتنا ورعايانا.

2. الرّياضة الرّوحيّة كانت ضروريّة، لأنّها ذكّرتنا بجوهر كياننا الأسقفيّ، كرجال صلاة ومحبّة ورحمة. وبهذه الصّفة المثلّثة نحن رعاة، ومنها نستمدّ نهج ممارستنا للسّلطة الرّاعويّة، مع كهنتنا ورهباننا وراهباتنا والمؤمنين والمؤمنات الّذين نشكّل معهم الكنيسة المحلّيّة في الأبرشيّة. وبهذه الصّفة إيّاها نتدارس المواضيع المقترحة.

3. ينبغي أن نكون أوّلًا رجال صلاة نعيشها في الأسرار والأعمال اللّيتورجيّة، وبخاصّة في القدّاس اليوميّ وصلاة السّاعات. فالصّلاة تملأنا فضيلة ومحبّة وتواضعًا وصبرًا واحتمالًا وغفرانًا. من هذا المنطلق نتدارس الشّؤون اللّيتورجيّة، لا كحرف بل كروح.

عندما نكون رجال صلاة حقًّا نعتني بتنشئة إكليريكيّينا وكهنتنا على الصّلاة، وبجعلها أولويّة في حياتهم اليوميّة. الصّلاة هي نبع الفضائل الكهنوتيّة والصّفات الإنسانيّة والقيم الأخلاقيّة. كيف نستطيع نحن كرعاة، وكهنتنا معاونونا، أن نتصرّف مع شعبنا من دون فضيلة؟ إنّ شعبنا ينتقدنا من هذا القبيل، ويفقد احترامه لنا، ويبتعد عن الكنيسة بسببنا. ينبغي التّركيز على هذا الموضوع عندما ندرس مسألة التّنشئة الإكليريكيّة والكهنوتيّة.

4. كهنوتنا يفترض أنّنا رجال محبّة، على مثال المسيح الّذي أحبّ البشر، كلّ البشر، حتّى قبل الآلام والموت، فداء عن خطايانا وخطايا البشريّة جمعاء.  سلّم الرّبّ يسوع بطرس رعاية خرافه، بعدما تأكّد ثلاثًا من محبّة بطرس له ثمّ قال: "اتبعني" في نهج محبّتي (راجع يو 21: 15-19). كهنوتنا مدرستنا فيه نتعلّم من المسيح الرّبّ فرح التّضحية والبذل والعطاء. أبرشيّاتنا بحاجة إلى بذلنا وسخائنا في العطاء حتّى على حساب الوقت الخاصّ والرّاحة والمشاريع التّرفيهيّة الشّخصيّة. هل نتعب مثل شعبنا؟ هل نسخى مثلهم من ذات يدنا وبكلّ قلبنا. ما معنى أبوّتنا إذا لم يكن في قلوبنا محبّة لكهنتنا ولشعبنا؟ هنا مكمن المشاكل في أبرشيّاتنا. عندما سندرس هذا الموضوع يجب ألّا نلقي المسؤوليّة على كهنتنا وشعبنا، بل على ذواتنا. هؤلاء لا يرفضون أبوّتنا مجّانًا. الأبوّة لا تلغي السّلطة بل تُأنسنها، وتبقى هذه سلطةً تحسم.

5. إذا سادت المحبّة في قلوبنا كأساقفة، مارسناها أفعال رحمة تجاه إخوتنا وأخواتنا في حاجاتهم المادّيّة والرّوحيّة والمعنويّة. الرّحمة هي المحبّة الاجتماعيّة المنظّمة في أبرشيّاتنا، أوّلًا من خلال هيكليّاتها الرّعائيّة، ومكوّناتها البشريّة، ثمّ بالتّعاون مع المنظّمات الاجتماعيّة الخيريّة ولاسيما مع كاريتاس- لبنان. فلا ننسى أنّ "الفقراء هم كنز الكنيسة"، وعليها أن تحميهم من سلب اليأس والقنوط والفقر المدقع. من واجبنا استنباط الطّرق لتأمين مساعدتهم الدّائمة لا الموسميّة. كلّ أبرشيّة قادرة على إحصاء فقرائها وتنظيم خدمة المحبّة لهم، إذا جعلنا ذلك همّنا.

6. بهذه المفاهيم الرّوحيّة والرّاعويّة والاجتماعيّة، نتدارس، بروح المسؤوليّة والتّجرّد والصّراحة والجرأة والسّرّيّة، المواضيع المدرجة على جدول الأعمال، الّتي تحتاج إلى حلول مسؤولة.

تحت أنوار الرّوح القدس، وشفاعة أمّنا مريم العذراء، نضع أعمال هذا السّينودس المقدّس، راجين أن تكون نتائجها مرضيّة لدى الله. إنّا بإسم الثّالوث الأقدس نبدأها."