لبنان
07 تشرين الثاني 2022, 10:27

الرّاعي في افتتاح دورة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان: بالحوار الصّريح وصفاء العيش المشترك يتمكّن اللّبنانيّون من بناء مجتمعهم

تيلي لوميار/ نورسات
إفتُتحت اليوم في بكركي الدّورة الخامسة والخمسين لدورة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، ألقى البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي كلمة في جلستها الافتتاحيّة، قال فيها:

"إخواني أصحاب الغبطة،  

سعادة السّفير البابويّ، والسّادة المطارنة، والآباء والإخوة والأخوات الأحبّاء،

1. نشكر الله على أنّه يجمعنا وينيرنا بأنوار روحه القدّوس لنحيي الذّكرى الخامسة والعشرين لصدور الإرشاد الرّسوليّ "رجاء جديد للبنان" الّذي وقّعه في بيروت القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني بتاريخ 10 أيّار 1997، في مناسبة زيارته الرّاعويّة إلى لبنان.

2. فيطيب لي أن أحيّيكم جميعًا مع ترحيب خاصّ بسيادة السّفير البابويّ الجديد المطرانPaolo Borgia متمنّين له الصّحّة والنّجاح في رسالته، وبالأعضاء الجدد:

صاحب السّيادة المطران سليم صفير رئيس أساقفة أبرشيّة قبرص المارونيّة.

صاحب السّيادة مار اسحق جول جورج بطرس، المعاون البطريركيّ لرعويّة الشّبيبة والإكليريكيّة لأبرشيّة بيروت للسّريان الكاثوليك.

صاحب السّيادة المطران جورج اسكندر، متروبوليت صور للرّوم الملكيّين الكاثوليك.

قدس الأباتي هادي محفوظ، الرّئيس العامّ للرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة.

حضرة الأب رمزي جريج الرّئيس الإقليميّ لجمعيّة الآباء اللّعازريّين في الشّرق .

أعضاء مكتب الرّئيسات العامّات والإقليميّات للرّهبانيّات النّسائيّة ممثّلات المكتب في المجلس:  

حضرة الأمّ ندى طانيوس، الرّئيسة العامّة للرّهبانيّة الباسيليّة الشّويريّة.

حضرة الأخت جان دارك عيد، الممثّلة الرّسميّة لراهبات النّاصرة.

حضرة الأخت مورين باسيل، النّائبة العامّة لرهبنة الورديّة في لبنان.

ونشكر كلّ الذين أنهوا خدمتهم في هذا المجلس.

3. ويؤلمنا أنّنا ودّعنا إلى بيت الآب أربعة من أعضاء المجلس وكلّهم من كنيستنا المارونيّة، وهم المثلّثو الرّحمة المطارنة:

جورج بو جودة، راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة سابقًا ( في 28 آذار 2022)

طانيوس الخوري، راعي أبرشيّة صيدا المارونيّة سابقًا (في 20 أيلول 2022).

بولس إميل سعادة، راعي أبرشيّة البترون المارونيّة سابقًا (في 21 أيلول 2022)

بولس منجد الهاشم، سفير بابويّ وقاصد رسوليّ في الخليج، وراعي أبرشيّة بعلبك ودير الأحمر سابقًا (في 7 تشرين الأوّل 2022).

وإنّا نقف ونتلو الأبانا والسّلام لراحة نفوسهم.

4. وأعرب باسمكم جميعًا عن التّقدير للأمين العامّ الأب كلود ندرا ومعاونيه في أمانة المجلس العامّة، ولسيادة أخينا المطران ميشال عون رئيس الهيئة التّنفيذيّة وللسّادة المطارنة أعضائها. فنشكرهم على إعداد هذه الدّورة واختيار موضوعها وترتيب جدول أعمالها. ونشكر مسبقًا المحاضرين ومنسّقي الحلقات.

5. تدور نقاط بحثنا حول تطبيق الإرشاد الرّسوليّ بعد خمس وعشرين سنة، على النّاحية الوطنيّة والعيش معًا وتنقية الذاكرة لكونها الحاجة الماسّة في مجتمعنا اللّبنانيّ. ولكن لا بدّ من إلقاء نظرة عامّة على واقع الكنيسة بعد هذه الخمس وعشرين سنة. ولا شكّ في أنّ كلّ كنيسة خاصّة إلتزمت في تطبيق الكثير من تعليم هذا الإرشاد الرّسوليّ. فكنيستنا المارونيّة مثلًا عقدت مجمعًا شاملًا ما بين 2003 و 2006.

ويتمركز بحثنا على مفهوم العيش معًا اليوم على المستويات التّالية:  

- إدارة التّنوّع وتآلف الإختلاف.

- تنقية الذّاكرة والحوار والمصالحة.

- الطّريق لبناء السّلام.

- كيفيّة تنقية الذّاكرة تربويًّا.

هذا بالإضافة إلى الأعمال الإداريّة، وعقد الجمعيّة العموميّة لرابطة كاريتاس لبنان.  

6. نجد محتوى موضوع هذه الدّورة في الفصلين الخامس والسّادس من الإرشاد الرّسوليّ. ونستطيع القول إنّه طبّق منهما أقلّ بكثير ممّا كان يجب أن يكون.

عندما يتكلّم القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني عن "السّلام والمصالحة" بعد محنة الحرب، إنّما يدعو اللّبنانيّين إلى "تنقية حقيقيّة للذّاكرات والضّمائر"، وبالتّالي إلى "تعزيز السّلام الدّائم المبنيّ بكلّ صبر وأناة، لأنّ السّلام وحده بإمكانه أن يكون الينبوع الحقيقيّ للإنماء والعدالة" (الفقرة 97).

7. إنّ تنقية الذّاكرات والضّمائر هي الشّرط الّذي بدونه لا لإجراء حوار صريح وبنّاء بين المسيحيّين والمسلمين من جهة، وبين الأحزاب والكتل النّيابيّة من جهة أخرى، وذلك لكي يسلم العيش المشترك المنظّم بنصوص الدّستور، والّذي يشكّل الميثاق الوطنيّ الّذي توافق عليه اللّبنانيّون سنة 1943، وجدّدوه باتّفاق الطّائف (1989) بحيث يعطي الشّرعيّة لكلّ سلطة سياسيّة (راجع مقدّمة الدّستور (ي)). فبالحوار الصّريح وصفاء العيش المشترك يتمكّن اللّبنانيّون من بناء مجتمعهم (راجع الإرشاد الفقرة 90).

8. ولكن إذا ألقينا نظرة على واقعنا في لبنان، نجد بكلّ أسف أنّ الّذين صنعوا الحرب ما زالوا هم إيّاهم يحكمون بلادنا. الأمر الّذي يشلّ الدّولة بسبب نار الخلافات المشتعلة تحت الرّماد، ويشكّك الرّأي العامّ الخارجيّ. ذلك أنّ من يصنع الحرب لا يستطيع أن يصنع السّلام.

لهذا السّبب لم يتمكّن هؤلاء بكلّ أسف من تنقية ذاكرتهم، ونشاهدهم ونسمعهم كيف يتراشقون أسلحة الكلام الجارح في وسائل الاتّصال على أنواعها، في كلّ مناسبة وكما نشهد في هذه الأيّام. ولهذا السّبب، بعد ستّ سنوات من عهد الرّئيس العماد ميشال عون، لم يتمكّنوا أو بالأحرى لم يريدوا انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. فكان "إنجازهم الكبير" تنزيل العلم وإقفال القصر الجمهوريّ، وتسليم حكومة مستقيلة منذ خمسة أشهر، ولبنان في أخطر مرحلة من تاريخه السّياسيّ والاقتصاديّ والماليّ والاجتماعيّ.

9. إنّ مرور خمس وعشرين سنة على صدور الإرشاد الرّسوليّ "رجاء جديد للبنان" يضعنا أمام واجب وطنيّ يلزم ضمائرنا بإيجاد الوسائل النّاجعة على الأصعدة كافّة، لكي ندخل شعبنا ورجال السّياسة في مسيرة تطبيق الفصلين الخامس والسّادس من الإرشاد الرّسوليّ.

نسأل الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة لبنان،

أن يسدّد خطانا في ما يؤول إلى مجده ونهوض لبنان وخير جميع المواطنين.  

مع الشّكر لإصغائكم."