لبنان
18 أيلول 2020, 08:10

الرّاعي في افتتاح اجتماع مجلس كنائس الشّرق الأوسط: مدعوّون لنقوى على الخوف ونصمد في الإيمان

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتح البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي أعمال اللّجنة التّنفيذيّة لمجلس كنائس الشّرق الأوسط في بكركي، بكلمة تحت عنوان "يا معلّم، إنّنا نهلك" (مر 4/ 38)، قال فيها:

"صاحب القداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثّاني،

صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر،

أصحاب السّيادة المطارنة،

سيادة القسّ حبيب بدر،

السّيّدة الأمينة العامّة،

أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء،

1. السّفينة الّتي هدّدتها الرّياح الشّديدة والأمواجُ بالامتلاء والغرق، ترمز إلى الكنيسة الشّاهدة في بحر بلداننا الشّرق أوسطيّة المضطربة برياح النّزاعات والحروب، والأزمات السّياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة، ووباء كورونا، وقد بلغت ذروتها في لبنان بانفجار مرفأ بيروت في الرّابع من آب الماضي وبما خلّف من ضحايا ودمار. وبات الوجودُ المسيحيّ في هذا الشّرق مقلَّصًا، ورسالته محدودة، وسكنَ الخوفُ قلوب المسيحيّين، حتّى راحوا يردّدون صرخة تلاميذ يسوع المملوءة خوفًا ورجاء: "يا معلّم، أمّا تبالي؟ إنّنا نهلك!" (مر 38:4). فكان أن أسكتَ ربُّنا الرّياح بكلمة، وحدثَ هدوءٌ تامّ. ودعا التّلاميذ ليقووا على الخوف، ويصمدوا في الإيمان. هذه الدّعوة موجَّهة إلينا اليوم نحن أيضًا وإلى أبناء كنائسنا. فلا ننسى كلمة ربّنا يسوع: "سيكون لكم في العالم ضيق. لكن ثقوا أنا غلبت العالم" (يو 16: 33).

2. يُسعِدُنا أن نستضيف في هذا الكرسيّ البطريركيّ اجتماع اللّجنة التّنفيذيّة لمجلس كنائس الشّرق الأوسط. وكنّا نتمنّى، لولا جائحة كورونا، أن تنعقد الجمعيّة العامّة الثّانية عشرة في الأيّام الثّلاثة المحدّدة لها أصلاً. ومع ذلك كنّا نرجو أن يشارك جميع أعضاء هذه اللّجنة التّنفيذيّة في أعمالها. فاستُعيض بالتّلاقي الافتراضيّ عبر الوسائل الإلكترونيّة. فإنّا نحيّي أصحاب القداسة والغبطة والسّيادة والآباء الّذين لم يتمكّنوا من المشاركة بحضورهم، وفي مقدّمهم قداسة البابا تواضروس الثّاني، بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة للأقباط الأرثوذكس، وصاحب الغبطة البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، بطريرك بابل للكلدان ورئيس العائلة الكاثوليكيّة. فنؤكّد لهم أنّهم حاضرون في قلبنا وصلاتنا. ونتمنّى النّجاح لأعمال هذا الاجتماع، في مختلف مضامينه.

3. إنّ مجلس كنائس الشّرق الأوسط مدعوّ في الظّروف الرّاهنة للعمل مع الكنائس ورؤسائها، لمواجهة الأمواج والرّياح الّتي تعصف بأوطانها وبها، مؤسّساتٍ وشعبًا وكيانًا ورسالة، بوقفات إيمان ورجاء. فالمسيح الرّبّ هو قائد سفينة كنائسنا، ونحن كلُّنا كمعاونين له نجهد في تجذيفها بوحدةٍ وانسجام. ولكن، هو الّذي يوجّهها ويحميها، من خلال خدمتنا وصمودنا على صخرة الإيمان والرّجاء من دون خوف. هذه كانت مسيرة الكنيسة والمسيحيّين منذ البدايات. وعبر التّاريخ والصّعوبات، صمدوا وشهدوا لمحبّة المسيح، وأعلنوا إنجيله لجميع الشّعوب والثّقافات، وتعاونوا معهم على نشر ثقافة المحبّة والسّلام والعيش معًا وكرامة الحياة البشريّة، والانفتاح واحترام الآخر المختلف. وكنائسهم في كلّ ذلك تُعلن المبادئ الأخلاقيَّة، والثّوابت الوطنيَّة، وتعزّز الحوار مع الثّقافات والأديان.

4. "الرّياح الشّديدة والأمواج" ترمز أيضًا إلى ما يواجه الإنسان في ذاته من أنانيّة وأهواء ومصالح شخصيّة وحسابات ومشاريع وعادات وأولويّات، تحجب عنه الخير العامّ، خير كنيسة المسيح الواحدة، وخير المؤمنين. يا ليت كلُّ واحدٍ يدرك خطر هذه الرّياح والأمواج الشّخصيّة، ويلجأ إلى المسيح الفادي ملتمسًا تهدئتها، وتصويب مسار حياته.

5. نسألك يا ربّ، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، نجمة البحر في العاصفة، أن تقود أوطاننا وكنائسنا وشعبنا إلى ميناء الأمان. لك المجد والتّسبيح، أيّها الآب والابن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين."