لبنان
13 كانون الثاني 2025, 06:00

الرّاعي: شكر الله على استجابة صلوات اللّبنانيّين وسماع أنينهم

تيلي لوميار/ نورسات
خلال قدّاس الأحد الأوّل من زمن الدّنح، شكر البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الله على انتخاب رئيس للجمهوريّة اللّبنانيّة، وأمل أن يتمّم الرّبّ أمنيتات الرّئيس جوزيف عون الّذي قدّم- عبر خطاب القسم- "رؤية وطنيّة جديدة قوامها قيام دولة المؤسّسات والعدالة انطلاقًا من الدّستور ووثيقة الوفاق".

هذا الكلام جاء في عظته الّتي قال فيها:

"1. لقد دخلنا مع عيد الغطاس زمن الغطاس أو الدّنح. فالغطاس هو نزول المسيح في الماء، وقبوله معموديّة يوحنّا. والدّنح لفظة آراميّة- سريانيّة تعني ظهور ألوهيّة يسوع والثّالوث الأقدس: الآب بالصّوت من السّماء: "هذا ابني الحبيب"، والإبن بشخص يسوع المسيح، والرّوح القدس بحلوله فوق رأس يسوع.

وغداة معموديّة يسوع شهد له يوحنّا قائلًا: "هذا هو حمل الله الّذي يحمل خطيئة العالم" (يو 1: 29). إنّنا نتذكّر معموديّتنا الّتي بها وُلدنا ثانيةً من الماء والرّوح، أبناءً وبناتٍ لله بالإبن الوحيد يسوع المسيح. فلنجدّد مواعيد المعموديّة وهي: أنّنا أصبحنا أعضاء في جسد المسيح الّذي هو الكنيسة، وهياكل الرّوح القدس.

2. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا في احتفالنا بهذه اللّيتورجيا الإلهيّة. مع تحيّةٍ خاصّة إلى سيادة أخينا المطران سليم صفير، رئيس أساقفة قبرص، وإلى الحركة الرّسوليّة المريميّة بشخص رئيسها عزيزنا السّيّد إيلي كميد والأعضاء ممثلّيها ومرشدها العامّ قدس الأب مالك بو طانيوس، وسيادة أخينا المطران غي بولس نجيم المشرف عليها. إنّنا نحيّيهم جميعًا ونهنّئهم بالسّنة الجديدة 2025، سنة اليوبيل الكبير المقدّسة. ونحن كلّنا فيها حجّاج الرّجاء الّذي لا يخيّب.

3. الحركة الرّسوليّة المريميّة خاصّة بالشّبيبة. إنّها حركة تعمل بيقظة، وتتحرّك من دون جمود في رسالة الكنيسة والعمل الرّسوليّ. وهي رسوليّة غايتها الأولى والأخيرة الرّسالة المسيحيّة في الكنيسة، يقوم بها علمانيّون يشعرون أنّهم في الصّفوف الأماميّة في الكنيسة. وهي مريميّة لأنّ مثالها، بعد المسيح، مريم العذراء سيّدة الرّسل وأمّ الكنيسة. إنّها منظّمة بمجلس عامّ، ومجالس إقليميّة، ومجالس محلّيّة، وفرق تجتمع أسبوعيًّا.

4. شهادة يوحنّا المعمدان أنّ يسوع هو حمل الله الّذي يحمل خطيئة العالم (يو 1: 29) هي نبويّة تفسيريّة لما حدث بالأمس عندما تقدّم يسوع ليعتمد من يوحنّا، فاعترض هذا الأخير معتبرًا أنّه هو الّذي يحتاج لأن يعتمد من يسوع، لكنّ يسوع أجاب: "يحسن بنا أن نتمّ كلّ برّ (متّى 3: 15). هذا البرّ هو أنّ يسوع الّذي مشى مع الخطأة، ثمّ أعلنه الصّوت من السّماء أنّه ابن الله الوحيد، إنّما هو فادي البشر أجمعين الّذي يحمل خطايا العالم، ويُصلب فداء عنهم، من دون أن يرتكب أيّ خطيئة شخصيّة.

5. وشهد يوحنّا المعمدان أنّ يسوع "حمل الله الّذي يحمل خطيئة العالم"، هو "إبن الله" (يو 1: 34). أجل ابن الله صار خادمًا، والرّاعي الأعظم صار حملًا، من أجل تحرير العالم والبشريّة جمعاء، إذ كفّر بموته على الصّليب عن خطايا الجميع. إنّها شموليّة رسالة المسيح الخلاصيّة وشموليّة عمل القداء.

يوحنّا، الّذي امتلأ من الرّوح القدس عندما حلّ على يسوع ساعة معموديّته، هو أوّل من أعلن أنّ يسوع هو "ابن الله".

6. ملوكيّة المسيح الّذي يملك من على الصّليب، وهي ملوكيّة خالية من أيّ سلطان زمنيّ سياسيّ، ستصطدم بالسّلطة السّياسيّة وبالسّلطات التّوتاليتاريّة، وهو اصطدام دام ثلاثماية سنة أيّام المملكة الرّومانيّة الوثنيّة حتّى عهد قسطنطين الملك، الّذي أصدر مرسوم ميلانو سنة 313 الّذي أعلن فيه المسيحيّة دين الدّولة. لكنّ هذا الاصطدام ما زال قائمًا بأنواع شتّى في أيّامنا. وبالتّالي كلمة القدّيس أغسطينوس ما زالت تطبّق في أيّامنا: "الكنيسة تسير وسط اضطهادات العالم وتعزيات الله... والعالم يطوى كالرّداء، والصّليب ثابت".

7. نشكر الله على استجابة صلوات اللّبنانيّين، وسماع أنينهم، فألهم السّادة النّوّاب على انتخاب رئيس للجمهوريّة بشخص العماد قائد الجيش جوزيف عون الّذي يكسب ثقة اللّبنانيّين في لبنان والخارج، وثقة الدّول الصديقة. وقد لقي خطاب القسم استحسانًا عارمًا، لما فيه من وعود وعهود تجيب على واقع الحياة في لبنان. فقدّم رؤية وطنيّة جديدة قوامها قيام دولة المؤسّسات والعدالة انطلاقًا من الدّستور ووثيقة الوفاق "والتّكاتف في وجه الشّدائد لأنّ سقوط أحدنا يعني سقوطنا جميعًا". وشدّد على تغيير الإداء السّياسيّ وتعزيز دولة القانون: "فلا حصانة لفاسد أو مجرم، بل مكافحة تهريب المخدّرات وتبييض الأموال". وعرض مشاريع إصلاحيّة منها:

- التّعاون مع الحكومة الجديدة، بحيث يكون رئيسها شريكًا له لا خصمًا، على إقرار قانون استقلاليّة القضاء؛

- تأكيد حقّ الدّولة الحصريّ في حمل السّلاح؛

- الإستثمار في الجيش لضبط الحدود وتثبيتها، وتفعيل عمل القوى الأمنيّة كأداة لحفظ الأمن، ومناقشة استراتيجيّة دفاعيّة كاملة، ديبلوماسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا.

- إعادة إعمار ما دمّرته إسرائيل في الجنوب والضّاحية والبقاع؛ وباستثمار علاقاتنا الخارجيّة، لا الرّهان على الخارج للاستقواء على بعضنا البعض.

ووعد بممارسة الحياد الإيجابيّ، مع التّركيز على تصدير أفضل المنتجات اللّبنانيّة واستقطاب السّوّاح، والإصلاح الاقتصاديّ.

وأكّد رفض توطين الفلسطينيّين، والعزم لتولّي أمن المخيّمات.

8. نسأل الله، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، أن يتمّم أمنيات الرّئيس الجديد، لمجده تعالى، وخير جميع اللّبنانيّين وكلّ لبنانيّ. ونرفع نشيد المجد والشّكر لله الآب والإبن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".