الرّاعي زار رئيس الجمهوريّة، وإليكم أبرز مواقفه!
بعد اللّقاء، أدلى الرّاعي بتصريح قال فيه بحسب موقع "رئاسة الجمهوريّة اللّبنانيّة": "يشرّفني دائمًا قبل العيد، أن أزور فخامة رئيس الجمهوريّة لكي أدعوه رسميًّا إلى قدّاس العيد، كما جرت العادة. لكن فخامة الرّئيس يسبقنا دائمًا ويقرّر حضور القدّاس، فتأتي زيارتي إليه شكليّة تقريبًا، لأنّه مصمّم أن يحضر القدّاس. وكان تمنيّ أن نعيّد وتكون لدينا حكومة. وهذا كان موضع حديثنا طوال وقت الزّيارة، لأنّه لا يمكننا أن نبقى على هذا الوضع، فهناك الكثير من الأمور الّتي تستدعي ألّا ننتظر أيّ يوم إضافيّ، لأسباب ثلاثة:
أوّلاً، إنّ شعبنا لم يعد قادرًا على الاحتمال بعد. ولا يمكننا إلّا أن نتطلّع إلى شعبنا الجائع والعاطل عن العمل والفاقد الأمل والثّقة، ولاسيّما شعبنا الّذي في بيروت وهو يعاني نتيجة انفجار الرّابع من آب، ويقف متفرّجًا على جراحه. وهذا سبب أساسيّ لتكون لدينا حكومة. فوجودها يعني أن نعيد الحياة الطّبيعيّة بمعنى أنّه بات لدينا سلطة تنفيذيّة تتحمّل مسؤوليّاتها، وهي من المؤسّسات الدّستوريّة الّتي يجب أن تكون موجودة. من هنا لا يمكننا أن نبقى على حكومة تصريف أعمال، قد تستمرّ لشهر أو شهرين، لكن لا يمكنها أن تبقى لمدّة أربعة أو خمسة أو ستّة أشهر. هذا أمر غير طبيعيّ لأنّ البلد يقع في الشّلل. وكأنّ وباء كورونا غير كاف لشلّ كلّ الأمور. لذلك لا يمكننا أن نبقى هكذا. ومهما كانت الأسباب والظّروف، فإنّه من الضّروريّ أن نصل إلى التّفاهم النّهائيّ بين الرّئيس المكلّف وفخامة الرّئيس وفقًا للدّستور. وهذا سبب أساسيّ، لأنّ شعبنا لم يعد قادرًا على التّحمّل.
أمّا السّبب الثّاني، فهو أنّ وجود حكومة هو باب لكافّة الإصلاحات، بدءًا من إعادة إعمار بيروت. فنحن لا يمكننا ان نقف متفرّجين عليها هكذا، ولا أن ندع المواطنين وحدهم يعيدون الإصلاح من لحمهم ودمهم. أنا أشكر جميع الّذين مدّوا يد المساعدة من منظّمات إنسانيّة أو دول ساعدت. إلّا أنّنا أمام ورشة كبرى تحتاج إلى المليارات، وهذا يتطلّب وجود حكومة.
إضافة الى كلّ ذلك، فنحن نعيش في بيئة مشرقيّة على كفّ عفريت. فهل هناك من حلول، ولبنان غائب؟ لا يمكن أن يغيب لبنان، فهو يجب أن يكون جالسًا على كرسيه، ولا يمكن لهذا الكرسيّ أن تبقى فارغة. وإذا لم يكن هناك من حلول، فلا يمكن كذلك للبنان أن يبقى رابطًا نفسه هنا وهنالك. وإذا كانت هناك من حرب، فيجب علينا أيضًا أن تكون لدينا حكومة تعرف كيف تفكّر وتعمل. فباب كلّ المؤسّسات هي الحكومة. لا يمكن للبنان أن يعيش هكذا فيما هو يخسر مؤسّساته الواحدة تلو الأخرى، ويعاني من الشّلل. والحقّ ليس على وباء كورونا وحده، فهذا الوباء عطّل الأعمال وأجبرنا على التزام منازلنا وعدم متابعة حياتنا الطّبيعيّة، أمّا المؤسّسات في الدّولة فهي قائمة بذاتها ولا تحتمل أيّ تأجيل على الإطلاق. هذا كان محور حديثنا مع فخامة الرّئيس، وهو همنّا المشترك الّذي حملناه إليه. وبالطّبع فإنّ الرّئيس هو الرّئيس، وكيفما فكّر النّاس فإنّهم ينادون رئيس الجمهوريّة، وهذا أمر طبيعيّ، ولكن على المؤسّسات أيضًا أن تسير بشكل طبيعيّ، والقضاء والإدارات والوزارات عليها أن تسير بشكل طبيعيّ. هذا كلّه مرتبط ببعضه البعض."
وردًّا على سؤال حول ما إذا كان نقل رسالة من الرّئيس الحريري إلى رئيس الجمهوريّة قال: "لا لا. أنا أتيت أوّلاً بصفتي الشّخصيّة كبطريرك متحمّلاً مسؤوليّتي، وحاملاً الهمّ الّذي يعبّر عنه الشّعب باستمرار. نحن لدينا يوميًّا استقبالات، وأناس تأتي إلينا، وتصلنا رسائل يوميّة من النّاس. وقد حملت إلى فخامة الرّئيس صوت النّاس ووجعهم، ووجعنا معهم، فنحن من النّاس. وليس من الطّبيعيّ أن نبقى هكذا. أنا طلبت من الرّئيس الحريري أن أستمع منه لماذا هناك تأخير في تشكيل الحكومة. وقلت لفخامة الرّئيس هذه الأمور، واستمعت إلى وجهة نظره."
وأوضح "أنّه ليس هناك من عرقلة لا من هنا ولا من هناك. الأمر يقتضي جلسة مشتركة، وهذا ما قلته إلى فخامة الرّئيس."
وسئل عن اعتراض الرّئيس عون على تفرّد رئيس الحكومة المكلّف بتسمية الوزراء خصوصًا المسيحيّين منهم، فأجاب: "نحن لا ندخل في هذا الموضوع كلّه. نحن ننطلق من المبدأ الأساسيّ في الدّستور الّذي ينصّ على أنّ الرّئيس المكلّف يحضّر تشكيلته. أمّا كيف يحضّرها، فهذا عمله. وعليه أن يأتي إلى رئيس الجمهوريّة للتّشاور معه كي تصدر الحكومة. وأنا لا أدخل معهما في التّفاصيل لجهة من معه حقّ ومن ليس معه حقّ. هذا الأمر يتمّ حله بين بعضهما البعض، وهذا ما يجب أن يحصل."
وسئل عن رفض الرّئيس المكلّف إعطاء الثّلث المعطّل لأحد، فأجاب: "أنا لم ألمس في حديثي مع فخامة الرّئيس أنّه متمسّك بالثّلث المعطّل، خاصّة وأنّ هناك اتّفاق ورأي عام يقومان على وجوب ألّا تكون الحكومة سياسيّة، ولا حكومة حزبيّة، بل حكومة مكوّنة من اختصاصيّين، غير مرتبطين بأيّ حزب. فلو كانت الحكومة سياسيّة، عندها يمكن الكلام على ثلث معطّل شمالاً ويمينًا، علمًا أنّه كمبدأ فإنّ الثّلث المعطّل غير موجود لا بالطّائف ولا في الدّستور، وهو دخيل ولا لزوم له في نظري. أمّا أن تكون الحكومة من مستقلّين وتقنيّين ولا علاقة لها بالأحزاب، فأنا لم ألمس على الإطلاق في حديثي أنّ فخامة الرّئيس متمسّك بالثّلث المعطّل."
وعمّا إذا كان الرّئيس المكلّف وضعه بصورة الأسماء المطروحة من قبله، وما رأيه بها، أجاب: "أنا لا أعرف كافّة الأسماء، لأنّه تمّ تبادل هذه الأسماء بين الرّئيس المكلّف وفخامة الرّئيس، وهناك أكثر من اسم أو اثنين. وأنا شخصيًّا لا أعرف الأشخاص، وليس من دوري أن أقوم بعمليّة تقييم لهم. أنا أحترم حدودي أيضًا. إنّ مسألة تقييمهم وإسناد الحقائب إليهم لكي تكون هناك فعلاً حكومة اختصاصيّين، كلّ أحد في مكانه فيها، فهذه أمور من اختصاص فخامة الرّئيس والرّئيس المكلّف."
وعن موقفه من الحملات الإعلاميّة الّتي تطال رئيس الجمهوريّة يوميًّا، فقال: "نحن ضدّ هذه الحملات. ونحن كمواطنين ورجال دين، نريد الاحترام للسّلطات القائمة، بحكم تكوين تفكيرنا وتربيتنا وروحانيّتنا، فنحن نحترم كلّ حامل سلطة. وإذا ما كان لديّ أي أمر تجاه حامل سلطة، عليّ أن أصارحه بها. لكن ليس عليّ أن آتي في الإعلام لأتعرّض لكرامة صاحب السّلطة، فكيف إذا كان رئيس الجمهوريّة؟ إذا ما كان لديك أيّ أمر، تفضّل وقله له، لكن على الاحترام أن يبقى فوق أيّ اعتبار. مع الأسف اليوم، فإنّ وسائل الاتّصال تسمح لنفسها بأن تتعرّض للجميع، وقد تعرّضت لنا شخصيًّا أكثر من مرّة، وجرحتنا أكثر من مرّة، وجرحت كرامتنا أكثر من مرّة. وجوابي كان أنّ من يريد أن يعرف الحقيقة، فبكركي معروفة، وليس لدينا أيّ أمر مخفيّ، تفضّل اسألني وأنا أعطيك الجواب. ولكنّنا لا نقبل ولا نسمح ولا نقوم بانتهاك كرامة أيّ إنسان كإنسان، فكيف إذا كان صاحب مسؤوليّة. هذا بحكم تربيتنا وثقافتنا."