لبنان
05 أيلول 2022, 13:50

الرّاعي زار أبرشيّة طرابلس وبارك كنيسة مار سمعان الرّميلة- أردة، ماذا في التّفاصيل؟

تيلي لوميار/ نورسات
قام البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، يوم الخميس، بزيارة راعويّة إلى أبرشيّة طرابلس يرافقه راعيها المطران يوسف سويف، وقد استهلّها بالتّوقّف في محطّات عديدة احتشد فيها المؤمنون لاستقباله.

المحطّة الأولى كانت أمام كنيسة سيّدة لورد في رعيّة كفردلاقوس حيث ألقى المطران يوسف سويف كلمة قال فيها: "فرحتنا كبيرة اليوم بزيارة غبطتكم الّتي تبدأ في رعيّة كفردلاقوس. أهلاً وسهلاً بكم في هذه الزّيارة لتكريس كنيسة مار سمعان العاموديّ، الأطفال والشّبيبة والعائلات يحيّوكم يا صاحب الغبطة ويصلّوا من أجلكم لكي تبقوا المدافع عن كيان وطننا لبنان وعن سيادته واستقلاله".

المحطّة الثّانية كانت في رعيّة رشعين أمام كنيستي مار يوحنّا ومار مارون، حيث ألقى المطران سويف كلمة أبرز ما جاء فيها: "نريد أن نشكر الرّبّ اليوم على زيارتكم يا صاحب الغبطة، زيارة تتفقّد بها شعبك وهذا القطاع الجميل جدًّا من أبرشيّة طرابلس المارونيّة. رعيّة بيادر رشعين الّتي تنبض بالحياة الرّاعويّة. هي رعيّة واحدة بعنوانين جميلين هما أساس تراثنا الأنطاكيّ السّريانيّ المارونيّ، رعيّة مار مارون ورعيّة مار يوحنّا، رعيّة واحدة في بيادر رشعين. نريد أن نشكر الرّبّ يا صاحب الغبطة على الحياة الّتي تنبض في هذه الرّعيّة من خلال الأطفال والشّبيبة والأخويّة والحياة الرّوحيّة الرّائعة. نشكر وقفتكم هنا في طريقكم إلى تكريس رعيّة مار سمعان في ارده- الرّميلة، أينما حللتم نشعر بالأبوّة وأنتم تحملون كنيستنا ولبنان في قلبكم وإلى العالم ونحن معكم أينما حللتم."

بدوره شكر البطريرك الرّاعي المطران سويف، وقال: "شكرًا على محبّتكم، أريد أن أحيّي كاهن الرّعيّة وكلّ أبنائها بكنيستيها. هذه الرّعيّة عزيزة جدًّا على قلوبنا لأنّنا كنّا نزورها في مناسبات مختلفة. أشكركم سيّدنا يوسف على ترتيب هذه الزّيارة ولو كانت سريعة، ولكن دائمًا الأشياء الجميلة وقتها قليل، أحيّي كلّ العائلات وأشكركم لأنّكم جئتم. صحيح إنّ زيارتنا سريعة والاحتفال الأساسيّ سيكون بتكريس كنيسة مار سمعان العاموديّ، ولكن تأكّدوا بأنّكم ستكونون حاضرين في صلاتنا من خلال الذّبيحة الإلهيّة. أؤكّد لكم مرّة ثانية أنّ إيماننا مبنيّ على الصّخرة ولذلك لا نتأثّر، ولو كنّا متأثّرين مادّيًّا ومعنويًّا، ولكن إيماننا يبقى ثابتًا كالصّخر، فأجدادنا مرّوا بظروف أقسى، وصمدوا بإيمانهم وصلاتهم واستطاعوا أن يبنوا لبنان، واليوم دورنا نحن أن نصمد بالصّلاة والإيمان، وكما قال البابا فرنسيس، نحن نمرّ بليل، ولكن بعده هناك فجر، بهذا الرّجاء نواصل إيماننا بمار مارون ومار أنطونيوس الّذي سبقونا وأعطونا مثالاً في الإيمان. فليبارككم الرّبّ بشفاعة أبينا القدّيس مارون والقدّيس أنطونيوس يبارككم الثّالوث الأقدس الآب والإبن والرّوح القدس، ولتثبت بركته معكم إلى الأبد، آمين".

وإلى رعيّة حرف أردة توجّه البطريرك الرّاعي حيث قال من أمام كنيسة مار شربل: "بوجود شفعاء كمار شربل ومار مارون نستمدّ مع هذه الرّعيّة القوّة، فنحن قوّتنا ليست بحمل السّلاح، بل بصمودنا في الإيمان والصّلاة والقِيم كما عاش أجدادنا وهيّأوا ولادة لبنان الكبير عام 1920."

وفي هذا الإطار استذكر الرّاعي المثلّث الرّحمة البطريرك مارنصرالله بطرس صفير "الّذي كان يقول في كلّ مرّة يُقال له "مجد لبنان أعطي له" أنّ هذا المجد منبثق من الشّعب اللّبنانيّ والمارونيّ المؤمن، لهذا السّبب أُعطي البطريرك المارونيّ مجد لبنان، وأنتم اليوم تواصلون هذا المجد في مرحلة يواجه فيها الشّعب يأسًا كبيرًا ويبحث عن الهجرة، لذا يجب علينا أن نساعدهم في هذه المرحلة". كما هنّأ أبرشيّة طرابلس بمطرانها يوسف سويف المُرسل من العناية الإلهيّة بكلّ زخم، كما حيّا الأخويّات والكشّافة وكلّ أبناء الرّعيّة.

أمّا المحطة الأخيرة فكانت في كنيسة سيّدة الانتقال في رعيّة أرده حيث كانت كلمة ترحيب للمطران سويف جّدد في خلالها فرحته مع أهل الرّعيّة بزيارة البطريرك الرّاعي وبدوره الأبويّ الجامع الّذي يجعل منه بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق وحامل لبنان وشعبه في صلاته ومحبّته، مجدّدًا الإيمان مع البطريرك وشاكرًا الرّبّ على وجود القدّيسين مار سمعان ومار مارون ومار يوحنّا ومار جرجس الّذين يحمون لبنان ويبقونه صامدًا وأكثر من وطن، بل رسالة.

وتابع سويف شاكرًا الرّبّ على كلّ الآباء الّذين خدموا رعايا أردة المختلفة وضحّوا في سبيل إنماء هذه الرّعايا الّتي تتميّز بميزات جميلة.

بدوره شكر البطريرك الرّاعي أبناء رعيّة أردة على استقبالهم، كما شكر راعي الأبرشيّة على الكلام الّذي تفضّل به، وأثنى على عدد الدّعوات الكهنوتيّة في هذه الرّعيّة والّتي تعود الى التزام العائلات في الأخويّات والحركات الرّسوليّة وشدّد على أنّ العائلات السّليمة والملتزمة هي ضمانة لوطن سليم وهذه ميزة لبنان المُحافظ على القيَم وعلى الصّلاة على الرّغم من كلّ الألم الّذي يمرّ به.

ومن أمام كنيسة مار سمعان العاموديّ الرّميلة، وقبل البدء بالذّبيحة الإلهيّة، ألقى المطران يوسف سويف كلمة قال فيها: "أيّها الاخوة والأخوات في الرّبّ، غبطة أبينا البطريرك، نحن في هذا المساء المبارك نشكر الرّبّ على حضوركم وزيارتكم المباركة، ومع وصولنا إلى هدفنا الرّئيسيّ من زيارتنا وهو وقوفنا أمام الله في كنيسة مار سمعان العاموديّ الواقف أمام الله يشكر الرّبّ ويسبّحه، أستذكر ما قلته يا صاحب الغبطة بأنّكم لا تعتبرون هذه الزّيارة زيارة راعوية، بل حجًّا مقدّسًا إلى هذه الأرض الطّيّبة المقدّسة.

غبطة أبينا، نحن في مناخ تقديس وتكريس مذبح وكنيسة مار سمعان العاموديّ، وهذه مناسبة اليوم كي نجدّد إيماننا بالمسيح. كما كرّس ما رسمعان حياته للرّبّ، وهو أب عظيم لتراث الكنيسة الأنطاكيّة السّريانيّة المارونيّة، هذه العاموديّة تجسّد روحانيّة التّجسّد من جهة وجذريّة الصّليب من جهة أخرى، ولا تجدّد للكنيسة والوطن الحبيب لبنان وخاصّة في هذه الأزمة الخانقة، إلّا من خلال هذه العاموديّة وهذه الجذريّة وروحانيّة الصّلاة.

أمامك يا صاحب الغبطة اليوم نقف مع رعايانا وأبرشيّتنا وهذا الوطن الحبيب لبنان، ونؤكّد أنّنا سنعبر هذه الأزمة الصّعبة، كالفصح نعبرها نحو دولة المواطنة.

صاحب الغبطة، معكم نصلّي اليوم لأجل تجدّد الإيمان ولأجل لبنان الهويّة والحرّيّة والإيمان والحوار، ونحن نعمل بتوجيهاتكم لأجل الثّبات بالمحبّة وتعزيز التّضامن بين النّاس في هذه الظّروف الصّعبة، ولو لم يوجد هذا التّضامن لكنّا في حال أتعس ممّا نحن عليه."

وإختتم المطران سويف: "نجدّد الشّكر لغبطتكم على هذه الزّيارة "الحجّ"، وهذه الكلمة تحمّلنا مسؤوليّة الالتزام بتوجيهاتكم والالتزام بإيماننا بالرّبّ، كما أشكر المحسنين الطّيّبين أنطوني منصور الّذي قدّم بسخاء مع والديه فؤاد وماريال، وشربل محفوظ وزوجته والعائلة لراحة نفس الوالدين.

في النّهاية نحن ندخل إلى الكنيسة معكم ونقدّم ذواتنا وعقولنا وعواطفنا وأفكارنا ونقدّم لبنان الّذي يمرّ في الجلجلة ولكن بإيماننا سنصل إلى ميناء القيامة."

ثمّ ترأّس البطريرك الرّاعي القدّاس الإلهيّ الّذي حضره الوزير السّابق بيار رفّول ممثّلاً رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة العماد ميشال عون ووزير الإعلام زياد مكاري، والنّوّاب ميشال معوّض، طوني فرنجيه، جميل عبّود، عبد العزيز الصّمد وأديب عبد المسيح، والوزير السّابق إسطفان الدّويهيّ، قائد منطقة الشّمال العسكريّة العميد المهندس وائل أبو شقرا ممثّلاً قائد الجيش العماد جوزف عون، ومعالي وزير الدّفاع الوطنيّ الجنرال موريس سليم، ورئيس عامّ الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة الأباتي هادي محفوظ ممثلاً بالأب كليم التّوني رئيس دير مار جرجس عشاش، كما حضر القدّاس رئيس الرّابطة المارونيّة السّفير خليل كرم، ممثّلون عن رؤساء وقادة الأحزاب المسيحيّة وقادة الأجهزة الأمنيّة، ورؤساء بلديّات ومخاتير، ونقباء، إضافة إلى ممثّلين عن المؤسّسات البطريركيّة المارونيّة وعدد من رؤساء الأديرة، والجمعيّات الخيريّة والإنسانيّة.

وخلال القدّاس ألقى الرّاعي عظة تحت عنوان: "أنت الصّخرة وعلى هذه الصّخرة ابني كنيستي"، وجاء فيها:

"لقد سمّى الرّبّ يسوع إيمان سمعان بالصّخرة بعدما أعلن إيمانه بالمسيح إيمانًا مميّزًا سمّاه صخرة أيّ بلغة يسوع كيفا وباللّغة اليونانيّة بيتروس.

أراد يسوع تسمية هذا الإيمان المعاش بالصّخرة وعليها بنى كنيسته ونحن المؤمنين بالمسيح مدعوّون لكي يكون إيماننا معيوشًا بالأفعال والأعمال فنستحقّ أن ندعى صخرة. وفي الواقع بطرس الرّسول يسمّي المؤمنين الملتزمين بحجارة بيت الله.

الكنيسة هي بيت الله ونحن حجارة بيت الله الحيّة وكلّ واحد منّا يحمل اسم حجر حيّ في بناء ملكوت الله أيّ الكنيسة.

يسرّنا وبدعوة من المطران يوسف سويف تكريس كنيسة مار سمعان العاموديّ اليوم. هذا القدّيس الّذي ارتفع عن الأرض ليكون الأقرب إلى الله بصلاته وإيمانه ويعلّمنا أن نرتفع عن حطام الدّنيا نحو الله ونخرج من مشاكلنا اليوميّة ومشاكل الحسابات الصّغيرة .

القدّيس سمعان ارتفع إلى الله وعالمنا في لبنان بأمسّ الحاجة لأن نرتفع بإيمان حيّ بالصّلاة لكي نستمدّ القيم من الله. أذكر كلّ واحد منكم لأنّكم ستكونون حجارة حيّة في بناء بيت الله في هذا العالم فلا تكون الكنيسة مجرّد بيت بل المكان الّذي تجتمع فيه عائلة الله. فلنكون أصحاب قلب ونفس جميلة مبنيّة على الإيمان.

أذكر كلّ من له فضل من قريب أو بعيد في بناء هذه الكنيسة ونذكر كلّ من سلّمنا حبّ الإيمان. منطقة إيمان هي هذه المنطقة وأنتم تحافظون عليها ونحن اليوم في مسيرة حجّ مع هذا الشّعب المؤمن والمصلّي، والأرض الّتي أعطت عائلات مؤمنة.

نصلّي لكي نحصل على نعمة وعلى صخرة الإيمان بالله وبالقيم يبنى لبنان على الرّغم من كلّ شيء يوجد إيمان في قلوب الشّعب اللّبنانيّ أنّه الإيمان بالله ويوجد قيم أخلاقيّة ووطنيّة وروحيّة لذلك لا نخاف على لبنان فهو ينهض ويولد من جديد وكالنّسر يجدّد شبابه .

هذا إيماننا نعلنه مع صاحب العيد."

وبدوره ألقى كاهن الرّعيّة الخوري سايد مارون كلمة شكر خلالها البطريرك الرّاعي على حضوره وأكّد أنّ عائلات الرّعيّة مندهشة من عمل العناية الإلهيّة الّتي رافقت الرّعيّة في مختلف الظّروف، كما أكّد افتخار الرّعيّة لكون البطريرك إسطفان الدّويهيّ خدم رعيّة أرده، وشكر بإسمه وبإسم الخوري يوسف ديب الأساقفة والكهنة وجميع المقامات الرّسميّة الحاضرة.

وبعد القدّاس الإلهيّ كانت كلمة شكر بإسم المتبرّعين بترميم الكنيسة ألقاها الإعلاميّ جوزف محفوض. وبعد الاحتفال زار البطريرك الرّاعي كنيسة القدّيسة ريتا في أرده.