الراعي ترأس قداسا في برلين: سنعمل كالعادة على التوافق بين الجميع إنطلاقا من الواقع المستجد بشأن رئاسة الجمهورية
أضاف: "يسعدنا أن نحتفل معكم هنا في العاصمة برلين بهذه الليتورجيا المقدسة التي يشاركنا فيها سيادة المطران مارون ناصر الجميل مطران أبرشيتنا في فرنسا والزائر الرسولي في أوروبا الغربية والشمالية، وسيادة المطران بولس صياح النائب البطريركي العام، وقدس الأب مالك ابو طانوس الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين، والآباء أبناء هذه الجمعية الذين يخدمون رعايانا ورسالاتنا في ألمانيا، ومنهم رئيس الرسالة الأب غابي جعجع وكاهن رعيتنا في برلين الأب بطرس مرعب. ويشاركنا من رعية M?NSTER الخوري ميلاد عبود، فنحيي الجماعات الآتية معه من M?NSTER و HANNOVER و HAMBURG كما نحييكم أنتم جميعا أيها الحاضرون، وبخاصة جماعتنا الرعائية في برلين".
وتابع: " ان نشيد تعظم نفسي الرب، هو نشيد مريم خادمة الرب الوديعة والمتواضعة التي صنع فيها العظائم. إنه نشيد نبوي من أنوار الروح القدس، يشمل الماضي والحاضر والمستقبل. فماضيا تدخل في لحظة تكوينها في حشا أمها القديسة حنة ككل كائن بشري، من ثمرة حب واتحاد أبيها وأمها، وعصمها من خطيئة آدم وحواء الأصلية، مقدسا إياها هيكلا للإله المتجسد. إنها عقيدة الحبل بلا دنس المعلنة من البابا الطوباوي بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854. وحاضرا، ببشارة الملاك جبرائيل، وقبولها كلام الله على لسانه مجيبة: "أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك"، إستقر عليها الروح القدس فأصبحت أم الإله، وحاملة به، وقد حيتها أليصابات: "بأم ربي". إنها "أم وبتول" وهي "المباركة بين النساء". ومستقبلا، ستصبح مريم شريكة إبنها الإلهي في عمل الفداء. وبمخاض آلام الصليب، سيجعلها أم جسده السري الذي هو الكنيسة بشخص يوحنا، ويوم العنصرة، بحلول الروح القدس عليها وعلى الرسل الأطهار في العلية. كما أعلنها البابا الطوباوي بولس السادس في ختام المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، في 5 كانون الأول 1965. لأجل كل ذلك ستطوبها جميع الأجيال، كما أنشدت في نشيدها النبوي، لأن القدير صنع فيها العظائم، وسيرفعها نفسا وجسدا إلى مجد السماء، ويتوجها، إلى جانب إبنها ملك الملوك وسيد السادة، سلطانة السماء والأرض".
واردف: "ان قيمة حياتنا اليومية، أن نجعلها نشيد تعظيم دائم لله على مواهبه وعطاياه، وعلى ما يمكن كل واحد وواحدة منا من عمل خير على صعيد العائلة والمجتمع والكنيسة والدولة. نحن اليوم نرفع هذا النشيد مع الكنيسة في ألمانيا ومع مؤسساتنا الخيرية والإجتماعية، تعظيما لله الذي يحقق الكثير من الخير بواسطتها داخل البلاد وخارجه وبخاصة في بلدان الشرق الأوسط.
ونرفع نشيد التعظيم مع الدولة الألمانية على مواقفها البناءة من أجل السلام والعدالة في العالم، وعلى ما حققت من نمو وازدهار لحياة شعبها، وعلى ما استقبلت من شعوب، لا سيما من لبنان وبلدان الشرق الوسط، وقد أفسحت لهم بالمجال لتحقيق ذواتهم في مختلف الميادين. وهي اليوم تفتح أبوابها لاستقبال العديد من النازحين اللاجئين إليها من سوريا والعراق، الهاربين من نار الحرب وويلاتها. ونرفع النشيد معكم يا أحباءنا الموارنة والشرقيين، معظمين الله، الذي فتح أمامكم باب الخير والطمأنينة والنجاح، وأفق المستقبل لعائلاتكم وأولادكم".
واشار اى انه "يقوم بهذه الزيارة الراعوية إلى ألمانيا، بدعوة مشكورة من مجلس أساقفتها، فكانت لي لقاءات مثمرة مع السلطات الكنسية وسيادة السفير البابوي، ومع المؤسسات الخيرية الإجتماعية والإنمائية التابعة لكنيسة ألمانيا، ومع بعض من السلطات المدنية والسياسية: نائب رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ووزير الإقتصاد ونائب رئيس مجلس النواب وعدد من النواب. وتداولنا في هذه اللقاءات القضية اللبنانية وأوضاع المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط ودورهم ورسالتهم، ومآسي النازحين والمهجرين واللاجئين من فلسطين والعراق وسوريا، ومشكلة وجود مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان، الذين، بالرغم من تضامننا معهم انسانيا، والمطالبة بمساعدتهم في كل حاجاتهم المادية والثقافية، انما يشكلون عبئا إقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا كبيرا، يفوق طاقات لبنان المحدودة للغاية، ويشكلون فوق ذلك خطرا سياسيا وديموغرافيا وأمنيا، لا يمكن أن يتحمله لبنان. وطالبنا الأسرة الدولية والعربية بإنهاء الحروب الدائرة في هذه البلدان، وإيجاد الحلول السياسية لها من أجل سلام عادل وشامل ودائم، وإعادة جميع المهجرين والنازحين واللاجئين والمخطوفين إلى بيوتهم وممتلكاتهم، لكي يسلم السلام في المنطقة والعالم، ومكافحة الإرهاب ومنظماته".
وقال: "اما بالنسبة إلى لبنان، فكان موضوعه في لقاءاتنا، لجهة حماية نموذجيته في العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، المنظم في الدستور وفي فصل الدين عن الدولة، والمساواة في الحقوق والواجبات، والمناصفة في المشاركة في الحكم والإدارة، ضمن نظام ديمقراطي يقر جميع الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الدين، عبادة ومعتقدا، وشرعة حقوق الإنسان. وكان محور الموضوع الخروج من الفراغ الرئاسي الذي يدوم منذ سنة وأربعة أشهر، بإجراء فوري لانتخاب الرئيس من أجل إعادة الحياة إلى المؤسسات الدستورية ومرافق الحياة العامة. لقد علمنا بمبادرة جديدة بهذا الشأن وبخطوة إلى الأمام، كانت لها أصداؤها الإيجابية والتحفظية والسلبية، من مختلف المكونات السياسية، ولكن، كان لا بد من مثل هذه الخطوة الجديدة، التي كنا نطالب بها دائما الافرقاء السياسيين والبرلمانيين، من أجل حلحلة عقدة إنتخاب الرئيس. إننا سنعمل، كالعادة على التوافق بين الجميع، وتحمل المسؤولية المشتركة، إنطلاقا من الواقع المستجد بشأن رئاسة الجمهورية، وانطلاقا من حماية الجمهورية وكيانها ومؤسساتها، وبجعلها فوق كل اعتبار شخصي أو فئوي. هذا كله يساعد بشكلٍ كبير على فصل مسألة إنتخاب الرئيس عن النزاع السياسي - المذهبي الدائر في المنطقة وفي الداخل، بنتيجته".
وتابع:"لقد سررنا مع جميع اللبنانيين وعائلات العسكريين الذين كانوا محتجزين لدى مجموعة "النصرة"، وقد تحرروا وعادوا الى عائلاتهم، بعد جهود مضنية، صبورة، وثابتة، من اهلهم والقوى الامنية والحكومة. انا اذ نهنئهم بالعودة سالمين، نصلي الى الله من اجل الآخرين الذين هم اصلا في عهدة مسؤولية "الدولة الاسلامية"، المعروفة ب "داعش"، لكي يمس ضمائر الخاطفين فيعود العسكريون الباقون المأسورون الى بيوتهم وعائلاهم. كما نسأل الله الرحمة لرفاقهم الشهداء، العسكريين الذين اعدموا خلال الاسر والعزاء لعائلاتهم المفجوعة".
وختم: "أما ونحن مجتمعون حول المذبح المقدس، فإنا نقدم مع قربان الخبز والخمر كل نوايانا هذه وهمومنا وانشغالاتنا. راجين من "أمير السلام" يسوع المسيح، أن يزرع سلامه في القلوب لكي يشمل كل مجتمع بشري. ولنجعل من أعمالنا ومبادراتنا ومواقفنا، بفضل نعم الله وقدرته، نشيد مجد وتعظيم، مع أمنا وسيدتنا مريم العذراء، للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد.
المصدر: الوطنية- بيروت