لبنان
29 كانون الأول 2022, 06:00

الرّاعي: الوطن في خطر ولا يجب أن نجرّه إلى دولة مذهبيّة طائفيّة

تيلي لوميار/ نورسات
إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر الاربعاء، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، النّائب سليم الصّايغ على رأس وفد من حزب الكتائب لتقديم التّهاني بمناسبة الأعياد، وكانت مناسبة شدّد فيها الصّايغ على "الدّور الوطنيّ والتّاريخيّ لبكركي وعلى مواقف غبطته الوطنيّة الّتي تصبّ في مصلحة لبنان واللّبنانيّين".

بدوره رحّب الرّاعي بالوفد لافتًا إلى أنّ "الوطن في خطر، وخطر اليوم هو أنّ لبنان الّذي فصل الدّين عن الدّولة بدأ البعض يسعى إلى تحويله شيئًا فشيئًا إلى دولة دينيّة. ولكن لبنان ليس بدولة دينيّة لا مسيحيّة ولا إسلاميّة وهو أنشئ لكي يعيش مواطنوه سويّة التّعدّديّة في الوحدة وهذا ما يميّزه عن جميع دول المنطقة حيث آحاديّة الدّين والسّلطة والرّأي والحزب والتّفكير. علينا بناء هذا الوطن سويًّا على التّعدّديّة في الوحدة والثّقافة والدّين وعلينا أن نبني هذا الوطن على هذا التّفكير ولا يجب أن نجرّ لبنان إلى دولة مذهبيّة طائفيّة هذا هو نضالنا اليوم وأنتم ونحن نناضل من أجل لبنان وفلسفة الكتائب مبنيّة هكذا فأنتم لا تقولون الكتائب المارونيّة بل الكتائب اللّبنانيّة أيّ أنّ هذا اللّبنان يعنينا جميعًا مسلمين ومسيحيّين ونحن من بطريرك إلى بطريرك نتحدّث عن لبنان واللّبنانيّين من دون تمييز."

وتابع: "عند تطويب الإخوة المسابكيّين الشّهداء أطلق البابا على الموارنة تسمية الأمّة المارونيّة ولكنّنا لم نسكر بهذه التّسمية فلم نسع يومًا إلى إنشاء لبنان مارونيّ بل ناضلنا من أجل لبنان وليس من أجل الموارنة فقط. رئيس الجمهوريّة المارونيّ الّذي إن تمّ انتقاده أو الإساءة إليه، لا نقابل هذا التّطاول على المقام الأوّل في الجمهوريّة بالتّظاهرات وأعمال الشّغب والعنف والتّهديد والتّرهيب بل نندّد ونرفع الصّوت عاليًا ونخاطب اللّبنانيّين جميعًا لأنّ رئيس البلاد هو رئيس لكلّ الجمهوريّة ولشعبها وليس لفئة واحدة فنحن تهمّنا الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان وكلّ ما ورد في الدّستور. في المقابل لا يكون الأمر نفسه مع شركائنا في الوطن ولغة التّعاطي تكون مختلفة عن لغتنا وهذا أيضًا غير مقبول لأنّ الدّستور يقرّ بالحرّيّات ولكن للأسف الدّستور في مكان وتطبيقه في مكان آخر."

وأضاف: "من الواجب عدم تقديم المصالح الشّخصيّة على المبادئ الوطنيّة وأن يكون الولاء للبنان" مشيرًا إلى أنّ "الاعتداءات على الأراضي غير مقبولة، كما حصل في رميش لأنّها تدلّ على الاستقواء بفائض القوّة، والأمر نفسه حصل في لاسا حيث بكلّ أسف قالت السّلطات المعنيّة إنّه لا يمكنها القيام بأيّ شيء. فلنتمسّك بثقافتنا وحضارتنا المسيحيّة وحضارة التّعدّديّة الّتي تصبّ في الوحدة الدّاخليّة."

وإختتم: "هذا الشّغور الرّئاسيّ هناك من يريده من أجل أهدافه وآخرون يريدونه من أجل غايات شخصيّة وهذا أمر مستنكر ومرفوض. ونحن نقول لك سعادة النّائب إنّ الوطن في خطر والوضع لا يحتمل الغنج والمراوغة فشعبنا يتلقّى الضّربات ويرزح تحتها لذلك لا يمكن للنوّاب ولا للكتل النّيابيّة الاستمرار بهذا الأخذ والرّدّ بل يجب أن ينظروا إلى وضع الشّعب ولبنان ويتعالوا عن مصالحهم الشّخصيّة والفرديّة. وفكرة أن نجد رئيسًا يعجب الجميع هو شبه مستحيل فما من أحد كامل. طريقة الانتخاب تتمّ بشكل خاطئ فلا أحد يحقّ له وضع فيتو على أحد. تفضّلوا وادخلوا إلى الجلسة صوّتوا ولتبرز الأسماء إلى أن تتبلور بعد عمليّات الاقتراع. لبنان لم يعد يحتمل ونحن نحمّلك هذا الصّوت."  

ثمّ التقى الرّاعي وفدًا من المؤسّسة المارونيّة للانتشار وكان تبادل للتّهاني بمناسبة الأعياد وعرض لوضع المسيحيّين عمومًا والموارنة خصوصًا في لبنان ودول الانتشار.

وبعد الظّهر استقبل البطريرك الرّاعي في إطار التّهنئة بالأعياد وفدًا من الجبهة المسيحيّة ضمّ ممثّلين عن عدد من المؤسّسات المسيحيّة.

وألقى أمين عامّ الجبهة ابراهيم مراد كلمة أكّد فيها على "خطورة انحلال الدّولة وأهمّيّة التّعاون مع الكنيسة لترسيخ صمود اللّبنانيّين ولاسيّما المسيحيّين في أرضهم"، معربًا عن "استنكار شديد لما تتعرّض له الأراضي التّابعة للمسيحيّين من تعدّيات بغياب أيّ محاسبة لذلك يجب قيام دولة عادلة ومستقلّة تكون لكافّة أبنائها."

وتابع مراد: "نحن مع غبطته لناحية إقامة مؤتمر دوليّ لإنقاذ لبنان لأنّه بات ضرورة في ظلّ الوضع المأساويّ الّذي يعيشه كافّة اللّبنانيّين. ونحن بتصرّف صاحب الغبطة لما فيه خير لبنان واللّبنانيين. ونحن في زمن الرّجاء لذلك لا شيء يحبطنا ونحن لا نطالب بحماية من أحد فحقوقنا مصانة وسنرسّخها بنضالنا على غرار ما ناضل قدّيسونا في هذه الارض."

بعدها التقى وفد مجلس إدارة جامعة سيّدة اللّويزة برئاسة الأب بشارة الخوري. تخلّل اللقاء عرض لأبرز نشاطات الجامعة وللظّروف الّتي تمرّ بها في ظلّ الوضع اللّبنانيّ الرّاهن وتشديد على أهمّيّة تمتين علاقات خرّيجيها فيما بينهم ولاسيّما من هم في دول الانتشار لتقديم ما تتطلّبه المرحلة الحاليّة على جميع الأصعدة.

ومن زوّار الصّرح البطريركيّ المهنّئين بالأعياد: النّائبة غادة أيّوب، ثمّ رئيس الهيئات الاقتصاديّة محمّد شقير، وفد من جامعة سيّدة اللّويزة والمحامي جوزيف أبو شرف."