الرّاعي التقى ممثّلين عن الشّبيبة الأنطونيّة وشبيبة لبنان
إستهلّ اللّقاء بترتيلة ميلاديّة قدّمتها جوقة الشّبيبة الأنطونيّة، ثمّ ألقت مقدّمة الحفل الأخت رولا الفغالي كلمة رحّبت فيها بالبطريرك الرّاعي والحضور، وقالت: "يوم كانت الأرض بعد خاوية حالية قال الله "ليكن نور" فكان النّور وكانت الحياة وتغيّر وجه الأرض. وكأنّنا اليوم نعيش هذا الفراغ والخوائيّة والجماد من جديد، فأتت الصّرخة من أعماق شبيبتنا، صرخة رجاء "يا ربّ ليكن نور". وكم نحن اليوم بحاجة إلى النّور: نور الضّمير وتصفية النّوايا، نور الفرح والجرأة، نور الرّجاء والبصيرة... كم نحن بحاجة ماسّة لنستنير بأنوار الرّوح القدس ونرى وجه يسوع في كلّ آن وفي كلّ إنسان، نرى ملامحه في الأيدي المُحبّة والفكر الصّافي والكلمة البنّاءة والقلوب النّقيّة لكي يتجلّى أمامنا وجه الرّبّ القائل "طوبى لأنقياء القلوب فإنّهم يعاينون الله".
وتابعت: "نلتقي اليوم بحضور غبطتكم، وكم نحن سعداء أنّكم أتيتم تشاركوننا فرحة اللّقاء على الرّغم من كل همومكم وانشغالاتكم. نلتقي مع إخوتنا وأخواتنا الحاضرين لنقول "شكرًا" من الشّبيبة الأنطونيّة، لكلّ الشّبيبة اللّبنانيّة الّتي ساهمت وتساهم في كلّ عمل خير، لتكون شعاع نور ومحبّة من قلب الله إلى قلب الأخوة، ومن دير مار ضومط الدّير الأمّ للرّاهبات الأنطونيّات إلى كلّ العالم."
وأضافت فغالي: "صوته صارخ في البرّيّة بل في العواصم والمدن والقرى: "قوّموا طريق الرّبّ. إنهضوا أيّها النّائمون، تيقّظوا وأيقظوا أترابكم الصّغار منهم والكبار. أيقظوا الضّمير، استنيروا بنجوم الميلاد، أيقظوا الأخلاق المخدّرة، أنهضوا من اللّامبالاة العقيمة، بل اغرفوا من محبّة أبيكم لتعطوا الآخرين.
إنّه صوت المحبّة والحقيقة، حامل المسؤوليّة بحكمة. من محيّاه تنضح بخفر المحبّة والإنسانيّة. إنّه راعي الرّعاة السّخيّ بالرّحمة والدّاعي دومًا إلى الحوار. لا يعرف قلب الحجر بل يستقي من قلب الرّبّ لينشر نوره كالشّمس على الجميع. إنّه العملاق المتواضع الّذي يبشّر بالحرّيّة والعدالة والشّراكة. لا ينعس ولا ينام بل يعمل دون كلل ولا ملل على مثال أبيه السّماويّ وعلى خطوات الرّبّ يسوع. إنّه الأب الحنون، بطريركنا وراعينا، راعي الشّباب وحبيبهم. فخر لنا أن نفتح الآذان والقلوب لسماع كلمات من نور السّماء على لسانك يا أبانا. ونسألكم أن تباركوا هذه الشّبيبة الّتي "قدّمت من ذاتها لمساعدة المحتاجين والمتضرّرين من انفجار مرفأ بيروت في الرّابع من آب من هذا العام، لتكمل مسيرتها في نشر تعاليم المسيح بالعمل والشّهادة من دون مقابل."
وبعد منحه البركة الرّسوليّة تلا البطريرك الرّاعي هذه الصّلاة على نيّة الشّبيبة في لبنان: "ها نحن أمامك يا ربّ، نرفع صلاتنا وشكرنا مع شبيبة لبنان، شبيبة الخدمة بفرح والتّضحية بصمت، الّتي جسّدت ميلاد ابنك يسوع بتفاعُلها ووحدتها، بأخوّة وصمت. نضعها أمامك ونطلب منك في هذا الوقت، أن تباركنا و تشرق علينا بنورك وتمنحنا مواهبك، ليتحوّل ظلامنا نورًا بحضورك، ويأسنا رجاءً، راجين منك أن تنضح إيماننا بميرون محبّتك فنتجذّر بك، ونعيش معنى الشّراكة الحقّة. أمامك يا أيّها النّور الأزليّ، ننحني لا لنقدّم لك ذهبًا أو مرًّا بل قلوبًا تشتعل بالمحبّة، وتصدح مرنّمة مع الملائكة نشائد التّسبيح معلنين: ولد المسيح، ولد شعاع الآب الأزليّ، لك المجد إلى الأبد."
ثمّ كان عرض مصوّر لأبرز نشاطات الشّبيبة الأنطونيّة الّتي أسّستها الأمّ دومينيك الحلبيّ في العام 1997 وللأهداف الّتي تسعى إليها ومن بينها التّعمّق بالإيمان المسيحيّ والتّضامن بالمحبّة والأخوّة.
بعدها رنّمت جوقة الشّبيبة على المسرح باقة ترانيم من وحي عيد الميلاد المجيد تخلّلتها صلوات رفعها ممثّلو الشّبيبة الأنطونيّة من روميه والخالديّة والجمهور ورميش ورشميّا وغزير وزحلة والدّكوانة، وأضاؤوا الشّموع أمام المغارة الميلاديّة الّتي احتضنت تمثالاً يجسّد الطّفل يسوع محاطًا بالزّجاج المكسور الملطّخ بدماء الّذين سقطوا وجرحوا في انفجار المرفأ والرّكام الّذي يرمز إلى ما تهدّم جرّاء هذا الانفجار. وفي ختام الصّلوات تقدّمت مجموعة من الشّبيبة صوب المغارة حاملة علم لبنان ليباركه يسوع المخلّص، "فتكون ولادة جديدة للبنان مع ولادة يسوع."
بدورها ألقت الأخت باسمة الخوري كلمة قالت فيها: "غبطة البطريرك نيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الكلّيّ الطّوبى، فرحة كبيرة تنتابنا نحن جماعة الرّاهبات الأنطونيّات روميه اليوم، وقد شرّفتمونا بطلبكم منّا استقبالكم يا شبيبتنا لساعة من الصّلاة برعاية وحضور غبطة أبينا البطريرك أب الشّباب بحقّ.
نستقبلكم في هذا الصّرح التّربويّ لنشكر الرّبّ عليكم، وأعترف أمامكم جميعًا بأنّكم يا شبيبتنا نزعتم منّا كلّ أسباب التّذمّر والألم من رسالة تربويّة صارت لنا مصدر وجع. لقد أُسقِط بيدنا في السّنوات الأخيرة جرّاء الضّربات المتتالية، فما عدنا نعرف كيف نواصل ما نذرنا أنفسنا له في رسالتنا التّربويّة. فلا وزارة تواكب مشاكلنا لنعرف كيف نُكمل أمام كمّ المخاوف والصّعوبات؛ ولا قضاء يدافع عن مدرسة تتخبّط لتحافظ على وجودها، ولا متموّلين يساهمون في تأمين الضّروريّ من رواتب الأساتذة وسير العمل التّعليميّ والتّربويّ؛ ولا إعلام صادق ينقل الحقيقة؛ ولا قدرة لنا وحدنا في الوقوف إلى جانب كلّ الأهالي الّذين فقدوا أكثر من الكثير... حتّى صرنا أمام خطر فقدان الإيمان برسالة لا يأتينا منها إلّا الهمّ دون حلّ."
وتابعت الخوري: "وفي هذه الظّروف الكارثيّة المظلمة ينبثق نوركم يا شبيبتنا الأنطونيّة ويا كلّ شبيبة كنيستنا. إختبرت في لحمي ودمي وفكري وقلبي كيف تجسّد ما تربّيتم عليه في مدارسنا من قيم إيمانيّة وإنسانيّة، فصار إيمانكم صلاة متواصلة تحثّوننا على مشاركتكم فيها، وصار إيمانكم قراءة إنجيليّة دون كلل ولا ملل تجبروننا على تحضيرها واقتسامها، وصار إيمانكم خدمة متفانية فكنتم أوّل من وصل للمساعدة في رفع أنقاض البيوت، ورفع معنويات المقهورين، وبثّ الرّجاء مع البسمة ومع توزيع اللّقمة... إختبرت كيف عملتم ولا زلتم دون تذمّر رغم التّعب، اختبرت كيف ركضتم تجمعون القروش وحبّات الأرزّ لتطبخوا بأيديكم وأناشيدكم، وبعد امتحاناتكم، صحونًا من المآكل وكأنّكم أمّهات يطبخون لفلذات أكبادهم. نعم يا شبيبتنا الأنطونيّة، أجبرتمونا مع أفواجنا الكشفيّة في مدارسنا على الفخر بما قمنا به في مدارسنا. أعدتم إلينا الرّجاء بأنّنا زرعنا ونزرع ما ينمّيه الرّبّ ليجعل منكم أنبياء لبنان الجديد. نعم أنتم رقباء فجر لبنان الجديد كما سمّاكم غبطة بطريركنا في ميثاقه التّربويّ الوطنيّ الشّامل. خسرنا الكثير نعم، ولسنا أغبياء لدرجة العمى عن كلّ ما يحيط بنا من كوارث لكن على مثال النّبيّ الّذي، في ظروف الحروب والموت والسّبي وخسارة الأرض والهيكل والملك. والمستقبل، كتب الصّفحة الأولى من سفر التّكوين فكتب صيروة الخلق الرّائع."
وأضافت: "لقد علّمتنا يا بطريركنا الحبيب في الميثاق التّربويّ الوطنيّ الّذي سلّمتنا، كيف نتخطّى أنانيّةَ الألم، والضّعف والخطيئة، فتعلّمها شبابنا وقفزوا فوق كبرياء فشل المجتمع ونجحوا كأفراد متّحدين بإيمانهم والخدمة. مع فرحنا بحضوركم يا صاحب الغبطة نشكر الأمّ الرّئيسة العامّة الّتي آمنت ولا زالت برسالة التّربية في إنتاج هذه الشّبيبة المؤمنة والملتزمة بكنيستها وبوطنها وبالمجتمع ونتأهّل بكلّ الشّبيبة الأنطونيّة من كلّ مدارسنا مع كلّ المسؤولات والمسؤولين، وبكلّ ممثّلي الحركات الشّبابيّة: راعويّة الشّبيبة بكركي، وكاريتاس والدّفاع المدنيّ والصّليب الأحمر ورابطة الأخويّات ولابورا والكشّافة عامّة وكشّافة الاستقلال بنوع خاصّ، وبكلّ من ساهم ولو بفلس الأرملة لإنجاح خدمتهم، كما ونشكر بنوع خاصّ حضرة الأب بطرس عازار الأمين العامّ للمدارس الكاثوليكيّة الّتي حضنتكم يا شبابنا وتحضنكم لتكونوا ما أنتم عليه من إيمان فاعل. ومعكم جميعًا نقدّم صلاة تمجيدِ وشكر، للرّبّ الّذي أعطاكم أن تضيئوا النّور وسط الظّلمة، بعد أن آمنتم عمليًّا بما قال سيّدنا البطريرك من أنّ الأفضل آتٍ بنعمة الله وتضامننا. الشّكر لكم جميعًا ولنصلِّ لبعضنا البعض ولوطننا المعذّب."
وفي الختام ألقى البطريرك الرّاعي كلمة قال فيها: "إنّه لفرح كبير أن نتواجد اليوم في ثانويّة مار ضومط للرّاهبات الأنطونيّات روميه مع الحضور الكريم ومع ممثّلي مدارس الرّاهبات الأنطونيّات الثّمانية الّذين أتوا من مختلف المناطق اللّبنانيّة، والشّكر لكلّ الرّاهبات اللّواتي يعتنين بتلامذتنا وبفرح نقول ولد المسيح هلّلويا.
وتابع: "سوف أعرض عليكم اليوم بعضًا من النّقاط الّتي وردت في الميثاق التّربويّ الوطنيّ الشّامل شرعة الأجيال الجديدة اللّبنانيّة، وهو في الحقيقة استوحيته من ميثاق قداسة البابا فرنسيس الّذي كان من المقرّر أن ينشره في أيلول من العام 2019 ومن ثمّ عاد ونشره في وقت لاحق وكنت بعد قراءتي له ووسط ما عاشه لبنان من حراك مدنيّ وثورة ضمّت الكبار والصّغار والشّباب من كلّ المناطق والطّوائف والأحزاب فرحت بهذه العائلة اللّبنانيّة الّتي التقت مع بعضها البعض ومن دون معرفة سابقة ولكن الحاجة جمعتها فوحّدت الصّوت لذلك كتبت هذا الميثاق."
واضاف: " بإيجاز سأعلن لكم ما ورد في هذا الميثاق. أوّلاً كلمة ميثاق عزيزة علينا وهي تحمل معنيّين مترابطين المعنى الرّوحيّ والآخر الاجتماعيّ. الله دخل في ميثاق مع البشر وقال أنا هو ربّكم وإلهكم وأنتم شعبي وأنا سأكون أمينًا معكم فكونوا أمناء معي وعندما نسي الشّعب الله أعاد الله إبرام هذا الميثاق من جديد وتجسّد ومهره بدم يسوع المتجسّد. أمّا الميثاق الاجتماعيّ فهو من يتّفق عليه مجموعة من المواطنين على العيش سويًّا وهذا ما قام به اللّبنانيّون سنة 1943 وأسموه ميثاق العيش معًا. المجتمع اللّبنانيّ يتألّف من ثقافتين متناقضتين وهما الثّقافة المسيحيّة والثّقافة الإسلاميّة الأولى تنجذب نحو العلمنة والثّانية نحو الأسلمة ولكن قرّر اللّبنانيّون جمع الثّقافتين فكان ميثاق الـ43 الّذي رافقته العبارة الشّهيرة لا شرق ولا غرب ولا أيّ ارتباط موال أي العيش في بلد محايد. عندما أطلقنا كلمة محايد كان هناك ردّة فعل لبنانيّة كبيرة فلبنان كونه قائم على التّعدّديّة الثّقافيّة والانفتاح المسيحيّ- الإسلاميّ بنظامه الخاصّ هو بلد حياديّ لا يدخل في أحلاف وصراعات ونزاعات لا إقليميّة ولا دوليّة لكي يلتزم رسالته الخاصّة به وهي رسالة التّلاقي والحوار ولبنان البلد الوحيد في الشّرق الّذي يلعب هذا الدّور وأن يكون دولة تطوّر نفسها وتكون قادرة على الدّفاع عن كيانها في وجه أيّ اعتداء."
وأردف: "هذا ما عشناه مدّة خمسين سنة عندما كان لبنان محايدًا كان شعبه يعيش الخير والبحبوحة أمّا اليوم فهناك البؤس واليأس والجوع والعطش. وبعد ميثاق الـ43 أتى اتّفاق الطّائف سنة 89 الّذي جدّد هذا الميثاق. لقد أسميناه تربويًّا بمفاهيم جديدة للمفهوم الثّقافيّ والاقتصاد والعمل السّياسيّ الّذي جوهره هو احترام الكائن البشريّ. وهو ميثاق وطنيّ شامل عابر للأديان والطّوائف والأحزاب والمناطق. ومن أبرز أهدافه وهي مدوّنة في الفقرة 5 الالتزام ببناء وطن أفضل واليوم ذكرتم كثيرًا أنّ الوطن تمزّق ونحن بحاجة إلى إعادة بنائه. أمّا الهدف الثّاني فهو التّغيير نحو الأفضل وليس العودة إلى الوراء في حياتنا الوطنيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة وموقعنا في هذا الشّرق. نحن بحاجة لإعادة بناء مجتمع أفضل يكون صادقًا ونقيًّا من الفساد. ميثاق 43 لم يكن مكتوبًا وإنّما بني على الثّقة واليوم نعيش غير ذلك تمامًا نعيش الغشّ والفساد والدّمار ولكن التّغيير إلى ما هو أفضل هو بانتظاركم أنتم شباب اليوم الّذين أسماكم القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني في زيارته إلى لبنان سنة 97 القوّة التّجدّديّة في الكنيسة والمجتمع وهذا الميثاق يهدف إلى مساعدة أجيالنا الجديدة وشعبنا لكي نبني مجتمعًا أفضل."
وقال: "أمّا الفقرة الثّالثة فهي تنصّ على ضرورة إيجاد رفاق طريق لنمشي معًا بإخلاص للحفاظ على بيتنا المشترك لبنان وهذا ما تحدّث عنه البطريرك الحويّك عندما قال سنة 1919 في مؤتمر فرساي يوجد في لبنان طائفة واحدة اسمها لبنان وبقيّة الطّوائف تشكّل النّسيج الاجتماعيّ. هذا هو بيتنا الّذي علينا الحفاظ عليه بعد أن تشرذم وتقطع وانعدمت فيه الوحدة. نحن بحاجة إلى رفاق درب. واليوم مع 8 ثانويّات للرّاهبات الأنطونيّات مثّلوا القوّة الجبّارة من كلّ المناطق اللّبنانيّة وهذا يغيّر المجتمع إن عرفنا عن حقّ أهمّيّة تربيتنا وعملنا. إنّهم رفاق الدّرب للحفاظ على بيتنا المشترك هذه الدّولة المدنيّة الّتي نريد استعادتها فلبنان دولة مدنيّة منذ تأسيسه لأنّه يفصل بين الدّين والدّولة وهذا ما يميّزه في محيطه ولكن هذه الدّولة شوّهت وجعلت دولة طوائف ودولة مذاهب ودولة أحزاب. نحن بحاجة إلى رفاق درب يستكملون تحرير الممارسة السّياسيّة الطّائفيّة والمذهبيّة ويحافظون على الدّستور والميثاق ويحترمون التّنوّع. لبنان يختلف عن كلّ مناطق الشّرق بتنوّعه في وحدته. لا يمكننا أن نكون حزبًا واحدًا أو لونًا واحدًا أو رأيًا واحدًا أو طائفة واحدة."
وتابع: "نحن بحاجة إلى رفاق درب لكي نعيد بناء الأخوّة الإنسانيّة الّتي فقدناها وهي الّتي تجمعنا سويًّا أبناء الله على تنوّعنا. وثيقة الأخوّة الإنسانيّة الّتي وقّعها قداسة البابا وشيخ الأزهر في أبو ظبي ليست بجديدة علينا، فنحن نعيشها في لبنان ولكن اليوم على الأرض ندرك كم أصبحنا طائفيّين وحزبيّين ومشرذمين ونحن نفقد طبيعتنا وهويّتنا لذلك لا نستطيع الاستمرار ولا يمكن للشّباب اليوم أن يرثوا خلافاتنا فعلى ما الخلاف؟ نحن إخوة بالإنسانيّة مهما كان لوننا وعرقنا وهذه هي الثّقافة الّتي علينا نشرها في لبنان والشّرق. إنّ الرّؤية الّتي تتحدّث عنها الوثيقة في الفقرة 15 تدعو إلى الحفاظ على الوحدة في التّنوّع وتطوير العلاقات بين الأشخاص والعمل على تغيير وجه المجتمع وإعادته إلى أصالته والرّسالة الّتي يحملها الميثاق هي العمل سويًّا ليعيش شبابنا فرح العمل الإنتاجيّ في الزّراعة والصّناعة والتّصنيع واكتساب المهارات ونحن بأمسّ الحاجة لهذا. لذلك أنشأنا مركّزين أحدهما في ريفون يرعاه المونسنيور توفيق بو هدير لتنشيط المهارات عند النّاس والآخر في عينطورة يستأنف عمله في حزيران المقبل لكي يعطي المجال للشّباب لعيش العمل الإنتاجيّ والمهارات وهذا يجعلهم يتمسّكون أكثر بأرضهم."
وإختتم البطريرك الرّاعي كلمته موجّهًا تحيّة للشّبيبة "كقوّة تجدّديّة في الكنيسة والمجتمع ولبنان."
ثمّ رفع والحضور الصّلاة الختاميّة على نيّة لبنان وشبيبته وجاء فيها: "نسألك يا ربّ أن تشرق فينا لنحيا بدفء كلمتك. وأمامك نعلن اللّهم يا أيّها النّور الحقّ، يا من أرشدت خطانا نحن الشّبيبة الأنطونيّة نؤمن ونعلن مع كلّ شبيبة لبنان أنّك أنت إلهنا، أرسلتنا لنكون رسل الفرح بتواضع، أنّك أنت إلهنا، أرسلتنا لنكون صوتك في قلب عالمنا، أنّك أنت إلهنا، أرسلتنا لنكون أولاد السّلام والأخوّة أولاد الصّفح والمصالحة، أنّك أنت إلهنا، أرسلتنا لنكون يد الخدمة بمجّانيّة ومحبّة، أنّك أنت إلهنا، أرسلتنا لنكون نورًا في عالم الظّلمة، وبسمةَ رجاءٍ حيث اليأس. وبقلب واحدة وفكر واحد نهتف إليك متّحدين خاشعين، أبانا الّذي في السّماوات ليتقدّس اسمك ليأتي ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السّماء كذلك على الأرض، أعطنا خبزنا كفاف يومنا، واغفر لنا ذنوبنا وخطايانا كما نحن نغفر نحن لمن خطىء إلينا، ولا تدخلنا في التّجارب، لكن نجّنا من الشّرّير. آمين."