لبنان
05 كانون الأول 2022, 07:30

الرّاعي احتفل بقدّاس اليوم العالميّ لذوي الاحتياجات الخاصّة في معاد، والتّفاصيل؟

تيلي لوميار/ نورسات
في مركز جمعيّة "رسالة سلام"- بيت الكاهن- معاد، احتفل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، يوم السّبت، بقداس اليوم العالميّ لذوي الاحتياجات الخاصّة حيث كانت له عظة قال فيها:

"بحسب التّسلسل اللّيتورجيّ في كنيستنا، يأتي تذكار مولد يوحنّا المعمدان بعد زيارة مريم لإليصابات بعد أن بشّرها الملاك وأعلن لها أنّ إاليصابات في شيخوختها وهي عاقر أنعم الله عليها أن تلد مولودًا اسمه يوحنّا، وفي هذا الأحد- غدًا- هو تذكار مولد يوحنّا. إسمه يوحنّا وهو الاسم الّذي اختاره الملاك وبلّغه لزكريّا لأنّه يعني، "الله رحوم". ويأتي هذا الانجيل ونحن هنا في هذا البيت حيث رحمة الله تتجلّى بكلّ مفاهيمها، الله الرّحوم هو اللّقب الكامل لله، الله محبّة يعني الله رحوم، ولا يوجد محبّة في الهواء، المحبّة تتجسّد في أعمال الرّحمة والخدمة والمساعدة والغفران وقبول الآخر، والعيش بسلام مع الجميع، وانفتاح القلب على كلّ إنسان، المحبّة هي الكلمة، أمّا الرّحمة فتتجسّد.

يسوع الإله المتجسّد هو الرّحمة المتجسّدة، أصبحنا نرى الرّحمة بشخص يسوع وبأعمال يسوع، بآياته وأقواله، الرّحمة هي هذا التّجسيد المنظور، دعوة لنا جميعًا لا أقول كمسيحيّين فقط، بل كلّ النّاس، فكلّ إنسان يولد على صورة الله وينبغي أن يعيش على هذه الصّورة أيّ الرّحمة. بالنّسبة إلينا كمسيحيّين، لأنّنا نؤمن بالمسيح، فنحن جماعة الرّحمة. المحبّة والرّحمة هذه هويّتنا، العالم لا يستطيع أن يعيش من دون رحمة لا في المجتمع ولا في العائلة ولا في الدّولة، الرّباط بين النّاس إسمه "الرّحمة". عالمنا اليوم بحاجة إلى رحمة من كبيرنا إلى صغيرنا، والحاجات الّتي يمرّ بها الإنسان هي حاجات روحيّة ومعنويّة، كلّ واحد منّا بحاجة لأن يفهمه ويقبله ويحترمه ويشجّعه الآخر ويكون إلى جانبه. المريض بحاجة إلى رحمة، المعوّق بحاجة إلى رحمة، الفقير بحاجة إلى رحمة. إذًا عالمنا لا يستطيع أن يعيش بدون رحمة، كلّ جيل بشريّ بحاجة إلى الرّحمة.

في هذا الإطار ولدت جماعة "رسالة سلام" الّتي ولدت من مشروع الأمم المتّحدة عندما أسّس منذ ثلاثين سنة اليوم العالميّ لذوي الاحتياجات الخاصّة. الإحتياجات المعنويّة والرّوحيّة والأخلاقيّة، وليس فقط الجسديّة، ومن 25 سنة تأسّست جمعيّة رسالة سلام على يد معالي الوزير هيكتور حجّار، وتمّ اختياره لاحقًا ليكون وزيرًا للشّؤون الاجتماعيّة. أنا أحيّيك معالي الوزير وأحيّي كلّ الّذي يخدمون معك في هذه الجمعيّة وأحيّي رئيستها السّيّدة منال نعمة، وكلّ العاملين معكم أكان في المركز الأساسيّ في بكفيّا أم هنا في معاد، أم في الأشرفيّة- بيروت. أنا أحيّي أخي المطران غي– بولس نجيم الّذي هو بركة عندكم في مركز بكفيّا وهو من الّذين خدموا ويخدمون الرّحمة في العديد من المؤسّسات الّتي تواصل الرّسالة. أحيّي أخي المطران ميشال عون راعي الأبرشيّة الّذي بقلبه الكبير فتح المجال أن يكون مركز الجمعيّة في مؤسّسة بيت الكاهن. طبعًا أنتم تعرفون أنّ 15% من سكّان العالم هم من أصحاب الاحتياجات الخاصّة، و180 دولة وقّعت شرعة حقوق أصحاب الاحتياجات الخاصّة، وهذه علامة جيّدة في التّقدّم الإنسانيّ، وجمعيّة رسالة سلام تعمل من أجل إخوتنا الحاملين في جسدهم وأرواحهم جرحًا، وأنا أحبّ أن أحيّيهم وأقول لهم إنّهم يواصلون آلام وجراح يسوع المسيح من أجل خلاص العالم، وعلى هذا الأساس جميعنا مدعوّون كي نكون بقربهم كما تفعل الجمعيّة من خلال الاهتمام بهم وتأهيلهم وتمكينهم وفتح الباب أمامهم كي يستطيعوا تحقيق ذواتهم وكي لا يعيشوا عقدة نقص لأنّهم يحملون إعاقة. يجب علينا أن نشعر أنّ علينا واجب تجاههم، وعلى الدّولة والمسؤولين وأصحاب الإمكانيّات أن يشعروا بذلك أيضًا. يجب على الجميع أن يدركوا أنّ هؤلاء الأشخاص مثلنا، يتمتّعون بجميع الحقوق، وليس لأنّ الرّبّ أنعم عليّ أن أكون كاملاً جسديًّا أحسب أنّ كلّ النّاس هكذا وأحتقر غيري. هذه المؤسّسة تحمل رسالة كبيرة لمجتمعنا اللّبنانيّ، لأنّ هناك عائلات ما زالت تخجل بوجود أصحاب الإعاقة، هناك أشخاص إذا عرفوا بوجود جنين يحمل إعاقة، يقومون بالتّخلّص منه علمًا أنّهم بركة في هذا العالم ونعمة الله في هذا العالم، إنّهم كالحربة الّتي تجنّب العالم الضّربات، هؤلاء هم إخوتنا المجروحون، الحربة في وجه شرور العالم، وكما قال مار بولس، أكمّل في جسدي ما نقص من آلام المسيح من أجل الكنيسة. نقدّم لهم كلّ الاحترام والمحبّة، وندعمهم مادّيًّا واجتماعيًّا ومعنويًّا، ولا يجب أن يشعروا أبدًا أنّنا نشفق عليهم، على العكس يجب أن يدخلوا من الباب العريض كشخص بشريّ يتمتّع بكلّ الحقوق، ونسبة التّقدّم والحضارة في الدّول تقاس من خلال كيفيّة التّعامل مع هؤلاء الأشخاص.

نصلّي من أجل دولتنا ومن أجل لبنان كي يُخرجنا الله من هذه الأزمة الّتي نمرّ بها، بدءًا من انتخاب رئيس وصولاً إلى المؤسّسات الدّستوريّة كي يتحمّل لبنان مسؤوليّة نفسه وإلّا سيكون كلّ النّاس للأسف في حالة إعاقة. تكفينا إعاقة الفقر، وإعاقة الحرمان والهجرة، ونحن نعيش هذه الإعاقة.

نحن نقدّم هذه الذّبيحة ونتأمّل بسرّ المسيح الّذي تألّم ومات وصلب من أجل خلاصنا، ولكنّه قام من بين الأموات، نصلّي من أجل إخواننا المجروحين كي يكون الله سلواهم ومخاطب قلبهم من خلال كلّ المحبّين في هذه الجمعيّة وفي مثيلاتها، ونصلّي كي يدركوا أهمّيّة حياتهم وأن يقبلوا واقعهم بروح الصّلاة وبروح الإيمان. نصلّي كي يكافىء الله كلّ المحسنين إلى هذه الجمعيّة وإلى كلّ الجمعيّات الخيريّة والإنسانيّة وأن يبقي شعلة الرّحمة مضاءة. "اسمه يوحنّا"، هذا اسم كلّ واحد منّا. آمين."