الرّئيس عون: نودّع "أبًا" والبابا: نحن لا نفترق أبدًا
الرّئيس عون وبكلمته توجّه إلى البابا قائلًا: "صاحبَ القداسة البابا لاون الرّابع عشر، نلتقي اليوم في ختام زيارة ستبقى محفورة في ذاكرة لبنان وشعبه. فخلال الأيّام الماضية، حملتم إلى لبنان كلمات رجاء و أمل، وجلتم بين مناطقه، والتقيتم بشعبه الّذي استقبلكم بكافّة طوائفه وانتماءته بمحبّةٍ كبيرة تعكس توقه الدّائم للسّلام والاستقرار".
أضاف: "صاحبَ القداسة، لقد جئتم إلى لبنان حاملين رسالة سلام، وداعين إلى المصالحة، ومؤكّدين أنّ هذا الوطن الصّغير في مساحته، الكبير برسالته، ما زال يشكّل نموذجًا للعيش المشترك وللقيم الإنسانيّة الّتي تجمع ولا تفرّق. وفي كلماتكم، وفي لقاءاتكم مع أبناء هذا البلد، لمسنا عمق محبّتكم للبنان وشعبه، وصدق رغبتكم في أن يبقى وطن الرّسالة، وطن الحوار، وطن الانفتاح، وطن الحرّيّة لكلّ إنسان والكرامة لكلّ إنسان".
تابع: "فشكرًا لك يا صاحبَ القداسة، لأنّكم استمعتم إلينا. وشكرًا لأنّكم استودعتم لبنانَ رسالةَ السّلام. وأنا بدوري أقولُ لكم بأنّنا سمعنا رسالتَكم. وأنّنا سنستمرُّ في تجسيدِها، ومع شكرِنا، تظلُّ لنا أمنيةٌ يا صاحبَ القداسة. وهي أن نكونَ دائمًا في صلواتِكم، وأن تتضمّن عظاتُكم لكلِّ مؤمنٍ ومسؤولٍ في هذا العالم التّأكيدَ على أنَّ شعبَنا شعبٌ مؤمنٌ يرفض الموتَ والرّحيل، شعبٌ مؤمن قرّر الصّمودَ بالمحبّةِ والسّلامِ والحقّ. شعبٌ مؤمنٌ يستحقُّ الحياةَ وتليقُ به".
وختم: "وإذ نودّعكم، لا نودّع ضيفًا كريمًا فحسب، بل نودّع أبًا حمل إلينا طمأنينةً وذكّرنا بأنّ العالم لم ينسَ لبنان، وأنّ هناك من يصلّي لأجله ويعمل من أجل السّلام. عشتم يا صاحبَ القداسة. عاش السّلام. وعاش لبنان".
بدوره قال البابا لاون الرّابع عشر: "السَّيِّد الرَّئيس، دولة رئيس مجلس الوزراء ودولة رئيس مجلس النّوّاب، أصحاب الغبطة والإخوة الأساقفة، السّلطات المدنيّة والدّينيّة، الإخوة والأخوات جميعًا!
المغادرة أصعب من الوصول كنّا معًا، وفي لبنان أن نكونَ معًا هو أمرٌ مُعدٍ. وجدتُ هنا شعبًا لا يحبُّ العَزلَةَ بل اللّقاء. فإن كانَ الوصولُ يعني الدّخول برفق في ثقافتِكم، فإنَّ مغادرة هذه الأرض تعني أن أحملكم في قلبي. نحن لا نَفتَرِق إذًا، بل بعدما التقينا سنمضي قُدُمًا معًا. ونأمل أن نُشرِكَ في هذا الرّوح من الأخوة والالتزام بالسّلام، كلَّ الشَّرِقِ الأوسط، حتّى الّذين يعتبرون أنفسهم اليوم أعداء".
تابع: "لذا أشكرُ لكم الأيَّامَ الّتي قضَيتُها بينكم، ويسرّني أنّني تمكّنتُ من تحقيق رغبة سَلَفِي الحبيب، البابا فرنسيس، الّذي كان يتمنَّى كثيرًا أن يكون هنا. إنّه في الحقيقة موجودٌ معنا، ويسيرُ معنا مع شهودٍ آخرين للإنجيل الّذين ينتظروننا في عناق الله الأبديّ: نحن ورثةٌ لِما آمنوا به، ورثةُ الإيمان والرّجاءِ والمحبّة الّتي ملأتهم".
واضاف: "رأيتُ الإكرام الكبير الّذي يَخُصُّ به شعبُكم سيّدتنا مريم العذراء، العزيزة على المسيحيّين والمسلمين معًا. وصلَّيتُ عند ضريح القدّيس شربل، فأدركتُ الجذور الرّوحيّة العميقة لهذا البلد: الرّحِيقُ الطَّيِّبُ فى تاريخكم يَسنِدُ المسيرة الصّعبة نحو المستقبل! أثَّرَت فيّ زيارتي القصيرة إلى مرفأ بيروت، حيثُ دَمَّرَ الانفجارُ ليس المكانَ فحسب، بل حياة الكثيرين. صلَّيتُ من أجل جميع الضّحايا، وأحمل معي الألم والعطش إلى الحقيقة والعدالة للعائلات الكثيرة، ولبَلَدِكم بأكمله".
وقال: "التقيتُ في هذهِ الأيّام القليلة وجوهًا كثيرة وصافحت أيدِيًا عديدة، مُستَمِدًّا من هذا الاتّصال الجسديّ والدّاخليّ طاقة من الرّجاء. أنتم أقوياء مِثل أشجار الأرز، أشجار جبالكم الجميلة، وممتلئون بالثَّمار كالزّيتون الّذي ينمو في السّهول، وفي الجنوب وبالقُرب من البحر. أُحيِّي جميع مناطِقِ لبنان الّتي لم أتمكَّن من زيارتها: طرابلس والشّمال، والبقاع والجنوب، الّذي يعيش بصورة خاصّةٍ حالة من الصّراع وعدم الاستقرار أعانقُ الجميع وأرسل إلى الجميع أماني بالسّلام".
وختم: "وأُطلق أيضًا نداءً من كلّ قلبي: لِتَتَوَقَّف الهجمات والأعمال العدائيّة. ولا يظِنَّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّحَ يَجلِبُ أَيَّةَ فائِدَة. فالأسلحة تقتل، أمّا التّفاوض والوساطة والحوارُ فتَبني. لِنَختَر جميعًا السّلامَ وليَكُن السّلامُ طريقنا، لا هدفًا فقط! لِنَتَذَكَّرُ ما قاله لكم القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني: لبنانُ َأكثرُ من بلد إنّه رسالة! لِنَتَعلَّمْ أن نعمل معًا ونرجو معًا لِيَتَحَقَّق ذلك. بارك الله شعب لبنان، وجميعكم، والشّرق الأوسط، وكلَّ البشريّة! شكرًا وإلى اللّقاء!".
