لبنان
14 تموز 2025, 05:00

الدّيمان أحيا "عيد الزّوجين" بحضور ذخائر لويس وزيلي مارتان

تيلي لوميار/ نورسات
في الدّيمان، ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي العيد الجديد "عيد الزّوجين"، بحضور ذخائر القدّيسين لويس وزيلي مارتان والدي القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع، جدّد خلاله والحاضرون الالتزام بالحبّ العائليّ، وبكون العائلة مهد قداسة.

الرّاعي، وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى عظة من وحي المناسبة بعنوان "كونوا حكماء كالحيّات، وودعاء كالحمام" (متّى 10: 16)، قال فيها:

"1.عندما أرسل يسوع تلاميذه والكنيسة، نبّههم أنّهم سيلقون الاضطهاد بسببه، وبسبب الحقيقة الّتي يعلنونها، والمحبّة الّتي يعيشونها ويشهدون لها بأعمالهم، وقداسة السّيرة الّتي يسلكونها. وقال لهم: "ها أنا أرسلكم كالخراف بين الذّئاب. كونوا حكماء كالحيّات، وودعاء كالحمام" (متّى 10: 16).

2.الحكمة هي فضيلة وموهبة من أولى مواهب الرّوح القدس السّبع. تساعد العقل على تمييز الخير الحقيقيّ، وعلى اختيار الوسائل الفضلى للبلوغ إليه. وتلتقي الحكمة مع الفطنة في حسن التّصرّف مع الانتباه والحذر.

أمّا الوداعة فهي تواضع القلب المنفتح على الله والنّاس. إنّها من ثمار الرّوح القدس فينا إلى جانب اللّطف والقرب والمحبّة وروح السّلام. ويضيف الرّبّ يسوع على هاتين الفضيلتين، فضيلة الصّبر، مؤكّدًا: "من يصبر إلى المنتهى يخلص" (متّى 10: 22). الصّبر يرتكز على فضيلة "الرّجاء الّذي لا يخيّب" (روم 5: 5). فالرّجاء يشجّع على الثّبات وقبول الاضطهاد كما فعل المسيح نفسه، إذ قال: ليس تلميذ أفضل من معلّمه ... فحسب التّلميذ أن يصير مثل معلّمه... فإذا لقّبوا ربّ البيت ببعل زبوب (رئيس الشّياطين)، فكم بالحريّ أهل بيته" (متّى 10: 25).

3. يطيب لي أن أرحّب بكم جميعًا للاحتفال معًا بهذه اللّيتورجيا الإلهيّة، وبخاصّة بفرق السّيّدة، Équipes Notre-Dame الأعزّاء، الّذين يشاركوننا بدعوة كريمة من "راعويّة الزّواج والعائلة" التّابعة للكرسيّ البطريركيّ في بكركي. "فرق السّيّدة" حركة رسوليّة أسّسها سنة 1939 خادم الله الأب Henri Caffarel.غايتها عيش الحياة الزّوجيّة كدعوة إلى القداسة بالصّلاة، والتّأمّل بكلام الله، والمشاركة في الحياة الزّوجيّة، والنّموّ في المحبّة، في ما يُعرف "بحياة الفريق Vie d’équipe".

4. أسّس الأب Caffarel فريق السّيّدة كحركة دوليّة، منتشرة حاليًّا في أكثر من ثلاث وتسعين دولة، وتكوّن شعلة العائلة المسيحيّة الحيّة، وتجسّد في العالم وجه المسيح المحبّ والمتواضع، من خلال حياة الأزواج الّذين يعيشون الإيمان ببساطة يوميّة ولكن بعمق كبير. فتضمّ هذه "الفرق" اليوم 72،000 Couples، و2،900 أرمل وأرملة، و9،100 كاهن مستشار روحيّ. وقد تأسّست سنة 1963 منطقة لبنان الّتي تضمّ الأردنّ والإمارات وقطر، وتتألّف حاليًّا من 500 كوبل، و15 أرمل وأرملة، و70 كاهنًا مستشارًا روحيًّا.

5. لقد فهم المؤسّس الأب Caffarel أنّ سرّ الزّواج لا يختصر بمجموعة واجبات اجتماعيّة أو طقسيّة، بل هو دعوة إلى القداسة في قلب الحياة، حيث تتحوّل الشّركة الزّوجيّة إلى عيش ملموس للنّعمة الإلهيّة. وهكذا، بنموّ هذه الحركة، باتت تشكّل اليوم شبكة روحيّة عالميّة ترافق الأزواج، وتزرع في قلوبهم فرح الإنجيل، وتقوّي التزامهم تجاه بعضهم البعض، وتجاه أولادهم ومجتمعهم.

6. شاءت حركة "فرق السّيّدة" أن يكون قدّاسنا اليوم فاتحة "عيد الزّوجين"، كما يوجد "عيد الأمّ" و"عيد الأب" و"عيد العائلة". وترغب أن يصبح هذا العيد عيدًا سنويًّا يجدّد فيه الزّوجان العهد بينهما، ويعاد التّأكيد على أنّ سرّ الزّواج هو في ذاته دعوة ورسالة ومسيرة خلاص.

وفيما نحن نحتفل بهذا العيد الجديد ترافقنا نعمة عظيمة من السّماء، هي حضور ذخائر القدّيسين الزّوجين لويس وزيلي Martin، والديّ القدّيسة تريز الطّفل يسوع، اللّذين أعلنهما السّعيد الذّكر البابا فرنسيس قدّيسين معًا سنة 2015. وقد عاشا حياتهما في نور الإنجيل بالعمل والتّربية والصّلاة والتّضحية. وأظهرا أنّ العائلة الّتي تبني بيتها على الصّخرة، صخرة الإيمان، لا تهزّها عواصف الحياة. من بين أولادهما التّسعة، واجها وفاة أربعة منهم، فيما خمس دخلن الحياة الرّهبانيّة. فكانت القدّيسة تريز الطّفل يسوع، بحسب شهادة القدّيس البابا بيوس العاشر: "أعظم قدّيسة في العصر الحديث". وقالت القدّيسة تريز يومًا: "تعلّمت القداسة من والديّ". إنّها بزيارة ذخائرها إلى لبنان في هذه الأيّام، تنثر ورود النّعم على هذا الوطن وشعبه.

إنّنا بمناسبة زيارة ذخائر والديها القدّيسين لويس وزيلي، نجدّد التزامنا بالحبّ العائليّ، ونثق بأنّ العائلة، رغم التّحدّيات، قادرة على أن تكون مهد قداسة، إذا تأسّست على الإيمان، وانفتحت على النّعمة، وسلكت طريق المحبّة المتبادلة والتّضحية الصّامتة.

7.في خضمّ ما نعيش من أزمات وضغوط اقتصاديّة واجتماعيّة تحاصر العائلة في وطننا لبنان، تبقى العائلة النّواة الصّامدة، والحصن الأخير، والمدرسة الأولى والطّبيعيّة للقيم، وأوّل مجتمع على الأرض، فحين تُبنى العائلة على الإيمان، يُبنى الوطن على الرّجاء. كلّ عائلة تعيش حبّها بأمانة، تسهم في بناء لبنان الجديد، لبنان الدّولة المتنوّعة ثقافيًّا ودينيًّا، لبنان الرّسالة، لبنان التّلاقي، لبنان الإنسان، لبنان العيش المشترك المنظّم في الدّستور بروح الميثاق الوطنيّ.

8. فلتكن أمّنا مريم العذراء، شفيعة فرق السّيّدة، وسيّدة جميع الشّعوب، رفيقة درب الأزواج، ونجمة عائلاتنا، ومثال الطّاعة والثّقة والتّسليم لمشيئة الله، الّذي له المجد والشّكر الآن وإلى الأبد، آمين."