الأردنّ
14 تموز 2020, 12:33

الدور الذي تقوم به فضائية نورسات بقلم أ.د جلال فاخوري

​أن السؤال الذي تطرحه دائما فضائية النورسات هذه الفضائية المعبرة والجريئة هوماذا يمكن ان اقدم للاعلام الديني الذي اجسده في العالم المسيحي ولأجل صياغة المفهوم الروحي المسيحي للاعلام قبل البدء بتسويغ اسباب قيام مثل هذه الفضائية اللافتة هناك ضرورة للقول انه لو لم يتوفر للعالم المسيحي في الشرق الاوسط مثل هذه الفضائية لطالب العقل المسيحي بإيجاد مثل هذه الفضائية.

 

بدايةً نقول ان العقل المسيحي في الشرق الاوسط يمر بأزمة روحية لعل اقلها هو ترديد لغة الاقلية المسيحية انطلاقاً من مفهوم خاطئ اساسه ان الاقلية هي المفهوم العددي مقارنة بغيرهم من بقية الاديان والمذاهب الدينية استناداً إلى هذا الاساس الخاطئ في مفهوم الاقلية يبادر للقول ان المسيحية ليسوا اقلية وان كان عددهم يشير إلى هذا المفهوم الخاطئ ذلك ان المسيحية وجدت في الشرق قبل كافة الاديان إذ اننا لا نعتبر اليهودية دين منتظم كمفهوم حياتي حيث ان اليهود لم يردوا في العالم كوحدة بشرية متناسقة وقائمة كما هي المسيحية

اذ ان اليهود كانوا قبائل متناثرة في فلسطين والوطن العربي والعالم. 

هذا التناثر غير المحدود بحدود وجغرافية يجعل منهم اشتاتاً لايمكن إعتباره وحدة دينية تحمل تاريخياً 

وعليه تصبح المسيحية مقارنة باليهود وحدة اساسية متماسكة يجمعهم فكر ديني واحد هو المسيحية وثمة شئ اخر هو 

ان تاريخ اليهود يشير إلى عدة انبياء حكمو اليهود وهذا غير متوفر في المسيحية لهذا انطلقت المسيحية رغم معاناتها الشديدة بالقرون الاولى لنشأتها على يد اليهود والرومان هذا التماسك الوحدوي المسيحي حال دون التشتت كاليهود فإستحقت المسيحية الاحترام من الاديان التي جاءت بعدها فحق لهم ان يكون لهم صوت ينطق بإسمهم فكانت نورسات قبل 30 عاماً كصوت تجسد حب السماء للأرض وحب الله لشعب الارض الذي تجسد لأجله وعليه ففضائية نورسات هي صوت الله للأرض كتعبير عن روح الله الموجودة في الانسان المسيحي.

​نورسات هي صوت الله الذي تكلم فينا وبداخلنا يدفعنا إلى الاستقامة الحياتية وهي جوهر الوجود لا كروح مقسة فحسب بل كتجسيد بما اراد الله لنا ان نكون على مثاله هذه الروح تدفعنا إلى ان نطلب بوقاً إعلامياً معبراً عن وجودنا وطلباتنا وهو مطلب لو لم توفره فضائية نورسات لطلبنا ان توفره الحياة لنا وطالبنا بوجوده هذا من حيث الضرورة التي تقتضيها الحياة المسيحية حول وجود فضائية لكن ماقيمة هذه الفضائية وما هو الدور الذي تقوم به فضائية نورسات.

 

​كل مسيحي يعلم ان المسيحيين يقتطرون دماً وينسجون الالم حول ارواحهم كمعاش يومي ويعانون من اضطهاد الارهاب وبعض التطرف ورغم ذلك يقومون بما لا يستطيع غيرهم القيام به من نشر للثقافة والعلم والحضارة ويسهمون جدياً برسم طرق الحياة بشكل مفيد وواضح ان الالم الذي يعانيه المسيحيون في الشرق هو الم يستحق ان تضرع له اجراس الاعلان عن الوجود. 

 فالمسيحيون ليسوا طوارئ او سبايا تاريخ حتى يطالبون بالرحيل والتهجير بل هم التربة الصالحة التي لا تستقيم ارض للزراعة الا بهم لذلك يصبح وجودهم ضرورة تمليها ضرورة استمرار الحياة ولأجل ذلك تقوم نورسات وبإستنبات الروح الالهية لزرعها في هذه الارض وهو دور بالغ الاهمية حينما نتحدث عن الوجود المسيحي ليس كهوية وجود فحسب بل كروح تنطلق بصوت السماء لتسمع الدنيا كأجراس الحقائق المتوارثة والتي تخلص الارض من الهلاك بالاعشاب الضارة. 

هي الانفاس التي بها نستنشق وسائل الحياة. واذا ما استعرضنا حقيقة ما تقوم به نورسات لانستطيع استشعار كل ميزاتها وحقائقها وخصائصها. نورسات هي الحب الذي لو لم نجده في الارض لخلقناه واوجدناه. نورسات ليس تصور قائم على ما نسمعه ونراه بل هي الجوهر الذي ينبت فينا روحية وجودنا ولماذا نحن مسيحيون على ان نورسات هي بوق اعلامي يختلف عن غيره من وسائل الاعلام المرئي ذلك انه يعبر عن حقيقة غير مرئية لكنها موجودة فينا وفي الحياة وهذا ما يفتقده الاعلامي المادي المعاصر اي هو مجرد كلام يذهب مع مرور الحدث الذي 

يتحدث عنه اما نورسات ولكونها صورة لأساس يصعب غيابه بعد الحديث لأنه روح تتشبث بالمستمع كجزء منه. نورسات اذ تقوم بالتعبير عن خلود الروح القدس وتزرع الامل والرجاء والمحبة فتصبح رسالة سماوية مقصودة وهذه هي نورسات انها شجرة لا تطرح الا العطر والطيب في حقل اعلامي لا خصب فيه.