لبنان
20 أيار 2020, 11:15

الخوري الياس الحاج: الرّبّ يرسم خطًا مستقيمًا بأسطرٍ معوجّة

تيلي لوميار/ نورسات
"العين البشريّة ترى في هذا الزّمن الأسطر المعوجّة الّتي تشوّه جمال الخليقة، لكنّ العين المؤمنة ترى وسط هذا الاعوجاج خطًّا مستقيمًا خطّه الخالق". بهذه الكلمات أبدى الخوري الياس الحاج حكمة الله في ظلّ ما تعيشه البشريّة اليوم، فكتب عبر موقع أبرشيّة أنطلياس المارونيّة ما يلي:

"في زمننا هذا عندما ننظر بالعين البشريّة نرى النّفق الطّويل الّذي لا نستطيع رؤية بصيص أمل فيه، فيضيع من أمامنا النّور الّذي يضيء دربنا، وإن حاولنا أن نفرش على طاولتنا تفاصيل يوميّاتنا ونعيد تقويمها، يصعب علينا كثيرًا أن نضيء شمعة رجاءٍ ولو صغيرة.

لكنّ الرّبّ يسوع يعلّمنا دومًا أن نرى بعين الإيمان، فإن فعلنا وجدنا أنفسنا في مسيرة الخروج الّتي عاشها شعب الله من أرض العبوديّة إلى أرض الميعاد. أرى العبوديّة الّتي كبّلت قلوبنا وأفكارنا، أرى الخيانة الّتي أساءت إلى العهد الّذي أقسمناه لإلهنا، أرى الخوف والاستسلام اللّذين سيطرا على مشاعرنا في منتصف الطّريق والحنين إلى الحياة السّابقة...

في تاريخ البشريّة، أحداث كثيرة غيّرت مسار الإنسانيّة، وإن كان البشر أمام هذه الأحداث يهوون ويسقطون، فالرّبّ يقيمنا من سقطاتنا ويدفع بنا إلى الأمام.

أبدأ أوّلاً بالحرّيّة: في زمن الحجر، أصبحنا جميعًا أسرى منازلنا وتحسّرنا على أيّام حيث لا وقت ولا حدود لتنقّلاتنا، لكنّنا تعلّمنا أهمّيّة الحرّيّة وتعلّمنا أن نشكر الله على الوقت المعطى لنا في حياتنا للعمل والاجتهاد.

ثانيًا المسؤوليّة: في زمن الكورونا، وعملاً بإرشادات الأطبّاء، تعلّمنا أن نكون حذرين ليس على صحّتنا فقط، بل على صحّة الجميع أيضًا، القريبين والبعيدين.

ثالثًا الحياة الرّوحيّة: وهنا أستشهد بكلام أحد الكهنة عندما قال لي يومًا: "في هذه الأزمة، عرفنا أكثر قيمة المؤمنين في رعايانا وعرف المؤمنون قيمة الكنائس والرّعايا". وعادت بنا الأيّام إلى الجماعة المسيحيّة الأولى حيث الكنائس كانت في بيوتنا والجماعة الرّعويّة الأساسيّة هي العائلة. وبرزت أيضًا طرق تبشيريّة جديدة قد تكون بادرة نرتكز عليها لنشر الكلمة فتصل البشرى إلى عدد أكثر من المؤمنين.

العين البشريّة ترى في هذا الزّمن الأسطر المعوجّة الّتي تشوّه جمال الخليقة، لكنّ العين المؤمنة ترى وسط هذا الاعوجاج خطًّا مستقيمًا خطّه الخالق، لنتذكّر دومًا أنّه مهما علا شأن الطّبّ والفلسفات والأيديولوجيّات والسّياسات والأنظمة، تبقى محدودة ولن تتفوّق بقوّتها وحكمتها على الخالق الّذي يدبّر شؤون الخليقة الحسنة ويحافظ دومًا على العهد الّذي أقامه الرّبّ مع شعبه، عهد الحبّ والخلاص والفداء. آمين".