لبنان
24 أيلول 2016, 10:24

الجلسة الأولى من اليوم الثاني : مؤتمر الإعلام المسيحي في الشرق "قضية واحدة ورؤية وموحّدة"

إستأنف مؤتمر الإعلام المسيحي في الشرق: قضية واحدة ورؤية وموحّدة، أعماله في دير سيدة البير لليوم الثاني السبت الرابع والعشرين من أيلول 2016 تحت رعاية أصحاب الغبطة بطاركة الشرق، بدعوة من مجموعة تيلي لوميار نورسات-نور الشرق، بمشاركة وسائل إعلامية مسيحية عاملة في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين والأردن والأراضي المقدّسة ومصر، وحضور شخصيّات رسميّة وسياسيّة وروحيّة وإعلاميّة وأكاديميّة. أبعاد المؤتمر ثلاثية: مناقشة واقع الإعلام المسيحي وحاضره ورؤيته المستقبلية، ووضع شرعة إعلامية تنبثق عن المؤتمرين تعكس روح الإنجيل في مرآة العصر وترسم أطر الحركة الإعلاميّة المسيحيّة في الشرق، وتأسيس مركز إعلامي جامع يحتضنه وطن الأرز يكون منبرًا لإعلام المسيحي والإعلاميين والناشطين في فلكه.

حاول المؤتمرون في الجلسة الأولى الإجابة عن السؤال "هل الإعلام المسيحيّ في خطر؟ وقد ترأسها القسّ فادي داغر ممثلاً القسّ سليم صهيوني وأدارها النقيب أنطوان قليموس، رئيس الرابطة المارونيّة.
ركز القسّ داغر على نقاط سبع: يكون الإعلام المسيحيّ في خطر عندما لا يكون خطابه هادفًا في مجتمع يعيش فيه المسيحيون تحولات مصيريّة وعندما لا يكون قادرًا على استقطاب الطاقات المسيحيّة وتوظيف قدراتها في خدمة حاجات المسيحيّين، وعندما لا يكون قادرًا على مواكبة التطورات التقنيّة والمهنيّة عامة التي تحصل في مجال الإعلام، وعندما تتدنى قدراته التنافسية وعندما لا يحسن التوجه إلى غير المسيحيين وعندما نقع في الرتابة الطقسيّة وعدم تمكننا من مخاطبة العقل وعندما لا نقدر أن ننافس المحطات غير الدينيّة في المهارة والخبرة والتمويل.
بدوره النقيب قليموس دعا الإعلام المسيحيّ إلى ملامسة قضايا مصيريّة وجودية تهدّد مسيحيّي هذه المنطقة وإحداث تحوّلات نوعيّة تساعد على بناء مجتمع مسيحيّ حقيقيّ والتحوّل إلى نقطة جذب للناشئة. وتمنى أن يتولّى إدارة دفّة الإعلام المسيحي من تحصّنوا بثقافة روحيّة كنسيّة وتاريخيّة ترسم خريطة الطريق لإعادة صوغ فعل إيمان جديد يزيدنا رسوخًا في أرضنا وتعلّقًا بجذورنا وهويّتنا المشرقيّة.
الكلمة الأولى ألقاها فؤاد دعبول مدير تحرير جريدة الأنوار وأمين سر المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع تناول فيها التحديّات المهنيّة أمام الإعلام المسيحي في الشرق، فرأى "أننا ننهل عصرنة الإعلام في مؤتمر الإعلام المسيحي في الشرق. هي مجموعة قضايا تجمعها قضية واحدة ورؤية موحدة"، محذرًا من أن الإعلام المسيحيّ مهدد ولبنان قد يفقد دوره إذا خسر حرية الكلمة لأن لبنان الذي نحب هو لبنان الكلمة الحرة وواجبنا أن نرعى الحرية ونحافظ على الفكر المتميّز وعلى التنوع وإلا نخسر دورنا في الشرق. وجدد إيمانه في بقاء الإعلام رمزًا للكلمة الحرّة وبأن الكلمة المكتوبة والمسموعة والمنظورة هي الباقية في نهاية المطاف.
الكلمة الثانية للأب ميشال جلخ الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الاوسط عرض خلالها للتحديات الدينية أمام الإعلام المسيحي في الشرق في حين استعرض التحديات الاقتصادية طوني مخايل رئيس مجلس إدارة IND للتوزيع والبث التلفزيوني.
لخّص الأب جلخ مسيرة تطور الإعلام المسيحي في الشرق في منطقة تحولت اليوم بركانًا يحرق دولاً ويُسقط أنظمة ومجتمعات تتصارع وتتفكك وينتشر فيها التطرّف والتكفير ويتلاشى فيها صوت العقل والتنور. ثم توقف عند رسالة الإعلام الذي قرّب بين الجماعات المسيحية المشرقية داعيًا إلى توسيع دائرة هذه المعرفة وهذا التواصل وإنشاء إئتلافات وشبكات تجمع صفحات متنوعة بين دول مختلفة على الإنترنت وعدم حصر الإعلام في الليتورجيا واللاهوت أو في تداعيات السياسة... ثم طرح مجموعة أسئلة تشكل أطرًا لهوية إعلاميّة مسيحية وخصوصية عمليّة ترسّلية. وتناول موضوع الإرهاب التكفيري الذي يواجهه الإعلام المسيحيّ في الكثير من الأحيان بتكتيكات متقطّعة منفردة وليس باستراتيجيات بعيدة المدى شاملة وهادفة. من هنا وجه الدعوة إلى البحث والتنقيب عن صوت التنور العقلانيّ والاعتدال وقبول الآخر مع حق الاختلاف ضمن المجتمع الواحد.
أما مداخلة د. طوني مخايل فقد تناول في مقدمتها التقاطع السياسيّ والإقتصادي الذي أثر بواقع الإعلام المسيحي في الشرق متوقفًا بشكل خاص عند العبء الجوهريّ الذي يتحمله كونه إعلامًا رسوليًا يحمل أسمى رموز البشارة وهو يؤدي رسالته بأمانة لروح الإنجيل ولخدمة الأسرة البشرية بالنور والحق. من هنا يتخذ صفة الرسالة والرعاية والتوجيه والحض على التمسك بتعاليم الكنيسة وقيمها. ثم سلط الضوء على وضع المسيحيين في الشرق كأقليات دينية تعرضت لأعمال عنف وتهجير، ولفت إلى ما يقوم به هذا الإعلام من تثقيف وتوعية واعتبر الكنيسة المشرقيّة الحارسة والمؤتمنة على كلمة الرب والإنجيل والمسيحيين المشرقيّين لا يزالون يجسدون روح المسيّحية الحقة. ويحافظون على الجذور الليتورجية والروحية ويتفاعلون مع جميع الأديان في حوار بناء ويحرصون على الدفاع عن كرامة الإنسان والالتزام بالقيم ثم توقف عند دور الإعلام المسيحيّ في حركة توحيد البشرية بعدها عدد التحديات الاقتصادية أمام هذا الإعلام. فتناول موضوع الاستثمار والتمويل وصناعة الإعلان وكلها مصادر يفتقد لها الإعلام المسيحي في الشرق لاسيما وأنه يرفض الترويج للإعلان غير المنسجم مع اهدافه ورسالته. ثم تحدث عن عوامل وتحديات أخرى لا تقل خطورة كالقرصنة والسطو على البرامج والإنتشار الواسع لشبكة الإنترنت التي اتاحت أمام الجميع فرصة القيام بمهمة المراسلة الإعلامية ما أبعد الناس وخصوصًا الأجيال الناشئة عن متابعة الأخبار من مصادرها الأصلية والأمينة.
ثم أوصى بعدد من التوصيات لمعالجة هذه الفجوة الإقتصادية، فحث رجال المال والأعمال المسيحيين على دعم الإعلام والإستثمار فيه والمساهمة في إنتاج الأعمال والمشاريع الإعلامية وتخصيص وقف مسيحي للإعلام وحث الكنائس على دعمه ماليًا. وتأمين التمويل من المؤسسات الدولية وتشجيع الأفراد على التبرع والمشاركة وضخ الإعلانات عبر وسائل الإعلام المسيحي والتعاون مع الهيئات الحكومية والقضائية للقضاء على ظاهرة القرصنة.
ثم كانت شهادة إعلامية للشماس صبحي مخّول مدير مركز الإعلام المسيحي في الأراضي المقدسة، لخّص فيها مسار تطور الإعلام المسيحي في الأراضي المقدسة بدءً باللجنة الإعلامية التابعة لمجلس الأساقفة الكاثوليك مرورًا بإطلاق تيليباتشي وجماعة كانسانوفا البرازيلية في التسعينيات، ثم تكليف مجلس الأساقفة الكاثوليك الأباء الفرنسيسكان بإقامة "مركز الإعلام الفرنسيسكاني الذي أبصر النور في العام 2007 والذي تحوّل اسمه في العام 2014 إلى "المركز المسيحي للإعلام". وشرح واقع حال المسيحية في فلسطين والتوجه الإعلامي الذي تبنته وسائل الإعلام المسيحي وسعيها لتكون صوتًا إيجابيًا صارخًا في برية عالمنا المتألم. ثم أضاء على الصعوبات التي واجهت الإعلام المسيحي من رفض السلطات إعطاء التراخيص ومن صعوبات التمويل، ليكشف الدور الذي لعبته تيليلوميير في حل هذه المشاكل عبر مبادرتها إلى تغطية الأخبار الواردة من الأراضي المقدسة.