التّحوّرات الفيروسيّة التي تطرأ على فيروس كورونا.. هل ستكون وباءً جديدًا؟
عندما تصيب تلك الفيروسات الإنسان فإنها تلتصق بخلاياه وتقتحم تلك الخلايا وتبدأ في مضاعفة مادتها الوراثية مما يساعدها على الانتشار، بالتالي تصنع الفيروسات نسخاً من نفسها لتتكاثر، لكنها ليست ماهرة في هذه العملية؛ حيث يمكن أن تتسلل الأخطاء أثناء عملية التكاثر، يمكن أن تسبب الأخطاء أثناء عملية التكاثر تغيرات في المادة الوراثية، مما ينتج عنه نسخة جديدة من الفيروس تدعى "المتحور".
فيما بعد، إذا استطاع هذا الفيروس البقاء على قيد الحياة، فستزدهر النسخة الجديدة وتبدأ بسلسة العدوى. تحدث تلك التغيرات بشكل عارض وعشوائي وهي جزء اعتيادي لما يحدث للفيروسات أثناء عملية مضاعفتها وانتشارها. ولأن تلك التغيرات عشوائية فإنها قد لا تحدث فرقاً في التأثير على صحة الإنسان، ولكن قد تسبب تلك الطفرات مرضاً في بعض الأوقات.
تعتمد فرصة بقاء الفيروس على قيد الحياة ليبدأ بالتكاثر على صحة أجسادنا ومقاومة جهازنا المناعي، فكلما زادت الفرصة ليبقى فيروس كورونا داخلنا، زادت الفرصة المتاحة لحدوث الطفرات. من هنا تأتي أهمية الحفاظ على معدل العدوى بحده الأدنى. وهذا ما تقوم به اللقاحات، حيث تساعد في الحد من انتقال العدوى وكذلك الحماية من الإصابة بحد ذاتها.
الطفرات في الفيروسات -بما في ذلك الفيروس التاجي المسبب لوباء COVID-19- ليست جديدة ولا غيرَ متوقعة. فمعظم الفيروسات تتحور بمرور الوقت، وبعض الأنواع يتحور أكثر من البعض الآخر. على سبيل المثال، تتحور فيروسات الإنفلونزا كثيراً، ولهذا يوصي الأطباء بالحصول على لقاح جديد ضد الإنفلونزا كل عام.
ما هو المتحوّر دلتا؟
منذ بداية جائحة COVID-19، تحوّر فيروس كورونا SARS-CoV-2 الذي يسبب COVID-19، مما أدى إلى أنواع مختلفة من الفيروس، وأحدها أطلق عليه المتحور دلتا. ظهر متحور دلتا لأول مرة في الهند في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2020، وقد تسبب في طفرة هائلة في أعداد الحالات في منتصف أبريل/نيسان من عام 2021.
تعتبر منظمة الصحة العالمية أن فيروس دلتا التاجي "متحور مثير للقلق" لكونه ينتقل بسهولة أكبر من شخص إلى آخر. يعتبر المتحور دلتا أكثر الأشكال المعدية لفيروس كورونا SARS-CoV-2 حتى الآن منذ شهر أيلول 2021.
• ما يجب أن تعرفه عن المتحور دلتا:
1. توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بأن ينتظر الجميع حتى يتم تطعيمهم بالكامل ضد COVID-19 قبل السفر دولياً. لا يُنصح بالسفر دولياً إذا لم يتم تطعيمك بالكامل ضد COVID-19، لأن ذلك سيعرضك لخطر الإصابة بفيروس كورونا، بما في ذلك المتغير دلتا، وهذا يشمل الأطفال غير المطعمين.
2. سرعان ما أصبح المتحور دلتا هو البديل السائد لفيروس SARS-CoV-2 في الولايات المتحدة في عام 2021.
3. المتحور دلتا SARS-CoV-2 موجود الآن في معظم البلدان التي ينتشر فيها فيروس كورونا، ومن المحتمل أن يواجه الأشخاص الذين يسافرون دولياً خطر الإصابة به.
4. يجب على البالغين والأطفال غير الملقحين اتباع إجراءات السلامة كاستخدام الكمامة والالتزام بالتباعد المكاني والنظافة وتجنب السفر الدولي إن أمكن.
5. يمكن أن يحميك التطعيم الكامل ضد COVID-19 من متحور دلتا، ولكن يبقى احتمال الإصابة ممكناً.
6. يمكن أن تحميك جميع لقاحات COVID-19 الثلاثة المرخصة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من متغير دلتا، وبالنسبة للقاحات فايزر وموديرنا، فأنت بحاجة إلى كلتي الجرعتين لتوفير أقصى قدر من الحماية.
7. يجب عليك أن تعلم أن اللقاحات فعالة جدًا في الوقاية من أشد أشكال COVID-19، ولكن يمكن أن تحدث العدوى رغم ذلك، ومن الواجب أخذ جميع الاحتياطات الصحية اللازمة حتى بعد التطعيم.
8. في حين أن لقاحات COVID-19 المصرح بها ليست مثالية في الوقاية، إلا أنها فعالة للغاية ضد مضاعفات فيروس كورونا وتقلل من خطر الاستشفاء والوفاة.
9. قد لا تكون اللقاحات الأخرى المتوفرة في البلدان الأخرى فعّالة في حمايتك من متغير دلتا والطفرات الأخرى لفيروس كورونا.
ما هو المتحوّر أوميكرون؟
تم تسجيل المتحوّر أوميكرون من قبل منظمة الصحة العالمية في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2021 بناءً على ملاحظة العديد من الطفرات المميزة لدورة حياته. هناك أدلة علمية على أن أوميكرون ينتشر أسرع بكثير من متحور دلتا في البلدان غير الملتزمة بالإجراءات الوقائية، ولا يزال الخطر العام المتعلق بهذا المتحوّر الجديد مرتفعاً للغاية. يحتوي هذا المتحور على العديد من الطفرات التي ظهرت في وقت واحد، مما يجعله مختلفاً عما سبقه من نسخ التحور بما فيها متحور دلتا؛ إذ يحتوي على أكثر من 50 طفرة أغلبها في البروتين الشوكي، ويلعب هذا البروتين دوراً هاماً في التصاق الفيروس بالخلايا والاستجابة المناعية له.
هل المتحور أوميكرون أخطر من متحورات COVID-19 الأخرى؟
تشير النتائج المبكرة إلى انخفاض خطر مضاعفات أوميكرون مقارنةً بالمتحور دلتا. لكن منظمة الصحة العالمية تحذر من اعتبارها مضاعفات خفيفة، حيث من المتوقع أن تؤدي زيادة انتقال العدوى إلى مزيد من المضاعفات. هذه الزيادة تسبب ضغطاً على العاملين في الخطوط الأمامية وأنظمة الرعاية الصحية، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الوفيات.
هل متحورات فيروس كورونا أكثر خطورة؟
يمكننا القول أن بعض هذه الطفرات قد تمكن الفيروس التاجي من الانتشار بشكل أسرع من شخص لآخر، ويمكن أن تسبب المزيد من العدوى في مرافق الرعاية الصحية وتؤدي إلى إصابة المزيد من الأشخاص بالمرض. على الجانب الآخر، يرى العلماء أن الطفرات التي تجعل الفيروس أكثر فتكاً قد لا تمنحه فرصة للانتشار بكفاءة، فإذا مرضنا بشدة أو متنا بسرعة بسبب فيروس معين، فإن الفيروس لديه فرصة أقل لإصابة الآخرين. لكن كما رأينا مع دلتا وأوميكرون فإن المزيد من الإصابات من متغير سريع الانتشار ستؤدي إلى المزيد من الحالات الخطيرة والوفيات. هل يمكن لمتحورات COVID-19 الجديدة أن تؤثر على الأطفال بشكل متكرر أكثر من السلالات السابقة؟ أدى انتشار العدوى بمتحورات دلتا وأوميكرون إلى زيادة عدد حالات الإصابة لدى الأطفال، بما في ذلك حالات العدوى الشديدة غير الشائعة والوفيات. لكن لا يوجد دليل مقنع على أن أيّاً من المتحورات لها ميل خاص لإصابة الأطفال. فالعلماء متيقظون جداً لمراقبة هذه المتحورات، لكن لا يملكون إلا التكهن في هذه المرحلة.
المصدر: ناسا بالعربي