لبنان
20 شباط 2025, 12:06

البيان الختاميّ لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في دورته العاديّة الـ57

تيلي لوميار/ نورسات
في ختام الدّورة العاديّة السّابعة والخمسين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، والّتي عُقدت في بيت عنيا، صدر البيان التّالي:

"مقدّمة

1. عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السّنويّة العاديّة السّابعة والخمسين في بيت عنيا، حريصا، من السّابع عشر إلى العشرين من شهر شباط 2025، بعد أن تأجّل انعقادها من شهر تشرين الثّاني 2024 بسبب الحرب المدمّرة والدّامية الّتي خلّفت أضرارًا كبيرة بالأرواح والأرزاق.

ترأّس الدّورة رئيس المجلس صاحب الغبطة والنّيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي، بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق للموارنة، بمشاركة أصحاب الغطبة البطاركة مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، بطريرك السّريان الأنطاكيّ، ومار يوسف العبسيّ، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك، ومار روفائيل بيدروس الحادي والعشرين، كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، وأصحاب السّيادة مطارنة الكنائس الكاثوليكيّة، وقدس الرّؤساء العامّين والرّؤساء الأعلين، ومكتب الرّئيسات العامّات للرّهبانيّات النّسائيّة والأمين العامّ للمجلس. شارك في الجلسة الافتتاحيّة سيادة السّفير البابويّ في لبنان المطران باولو بورجيا.

2. إفتتح الدّورة صاحب الغبطة والنّيافة رئيس المجلس بالصّلاة، ثمّ ألقى كلمةً شَكَر الله فيها على علامات الرّجاء وقد بدأت تظهر في السّنة اليوبيليّة الّتي أعلنها قداسة البابا فرنسيس بعنوان: "الرّجاء لا يخيّب" (روم 5/5). ثمّ رحّب بالأعضاء الجدد وعرض مواضيع الدّورة، وهي: هويّة المجلس وبنيته الهيكليّة والتّعديلات اللّازمة في ضوء سينودس الأساقفة عن السّينودسيّة، الاطّلاع على الوثيقة الختاميّة للجمعيّة العموميّة لسينودس الأساقفة في روما، إقرار الدّليل بشأن حماية الأطفال والقاصرين، التّنمية البشريّة المتكاملة.

كما ألقى كلّ من أصحاب الغبطة البطاركة كلمة ترحيبيّة.

ثمّ ألقى سيادة السّفير البابويّ كلمة نقل فيها تحيّات قداسة البابا فرنسيس وبركته، مظهرًا عاطفته واهتمامه بلبنان وشعبه. ونوّه بالمبادرات العمليّة الّتي قامت بها الكنائس والأبرشيّات والرّعايا والرّهبانيّات ومؤسّساتها التّربويّة والصّحّيّة والاجتماعيّة خلال الحرب الأخيـرة للوقوف إلى جانب المواطنين المهجّرين والنّازحين وطالب بتكثيفها بروح سينودسيّة وتعاون أكبر في ما بينها.

بعد كلمات الافتتاح، وجّه صاحب الغبطة والنّيافة باسم المجلس برقيّة إلى قداسة البابا فرنسيس أطلعه فيها على أعمال الدّورة طالبًا بركته الرّسوليّة. ورفع الصّلاة مع أعضاء المجلس ملتمسًا من الله نعمة الشّفاء العاجل لقداسته.

أوّلًا: هويّة المجلس وبنيته الهيكليّة والتّعديلات المقترحة

3. إستمع أعضاء المجلس إلى مداخلتين:

- المداخلة الأولى لصاحب السّيادة المطران ميشال عون، رئيس الهيئة التّنفيذيّة، عرض فيها الأسس الموجبة للقيام بتعديلات في نظام المجلس وبنيته الهيكليّة.

- المداخلة الثّانية لأمين عامّ المجلس الأب كلود ندره، عرض فيها التّعديلات المقترحة على نظام المجلس.

كما استمعوا إلى أمناء سرّ اللّجان الأسقفيّة يقدّمون تقاريرهم عن أعمال السّنة المنصرمة، واقتراحاتهم المستقبليّة.

ثمّ كان عمل في حلقات لمناقشة التّعديلات المقترحة في نظام المجلس وعمل اللّجان الأسقفيّة واللّجان المختصّة.

وأخيرًا عمد أعضاء المجلس الى إقرار عناوين النّظام الجديد، على أن تعمل الهيئة التّنفيذيّة على إدخال التّعديلات عليه ومن ثمّ عَرْضَه على الجمعيّة العامّة في الدّورة المقبلة للمجلس.

ثانيًا: الوثيقة الختاميّة للجمعيّة العموميّة لسينودس الأساقفة في روما

4. إستمع أعضاء المجلس إلى مداخلتين:

-المداخلة الأولى لصاحب السّيادة المطران منير خيرالله، عرض فيها تقريرًا عن الدّورة الثّانية والأخيرة للجمعيّة العامّة السّادسة عشرة لسينودس الأساقفة الّتي عُقدت في روما في شهر تشرين الأوّل 2024. وركّز على أنّها كانت مدرسة في السّينودسيّة دُعينا فيها إلى التّوبة والاهتداء (conversion) وتعلّمنا الإصغاء والحوار والتّمييز. ثمّ توقّف عند مضمون الوثيقة الختاميّة الّتي صدرت والّتي تبنّاها قداسة البابا فرنسيس وأمر بنشرها واعتبارها من تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة من دون أن يصدر فيها إرشادًا رسوليًّا. وختم قائلًا: إنّنا عدنا، بعد هذه الخبرة، إلى كنائسنا مُرسَلين سينودسيّين يقودنا الرّوح القدس كي نحمل إنجيل الخلاص، ونكون كنيسة سينودسيّة تسير بشعبها مع يسوع المسيح نحو الملكوت، ونكون رسل رجاءٍ وصانعي سلام في بلداننا.

-المداخلة الثّانية لصاحب السّيادة المطران بولس روحانا، عرض فيها خبرته السّينودسيّة، وتوقّف عند عمليّة تقبّل الوثيقة الختاميّة في كنائسنا الشّرقيّة الكاثوليكيّة والّتي تدعو في فصولها الخمسة إلى فعل توبة واهتداء (conversion) على صعيد العلاقات بين الكنائس والبُنى ومسارات اتّخاذ القرار، والشّفافيّة والتّقييم. فنستعيد الممارسة السّينودسيّة في سينودساتنا وفي أبرشيّاتنا ورهبانيّاتنا ومؤسّساتنا الكنسيّة لتحمّل المسؤوليّة المشتركة مع شعب الله.

ثالثًا: الدّليل الكنسيّ في شأن حماية الأطفال والقاصرين والبالغين الضّعفاء

5.إستمع الآباء إلى سيادة المطران حنّا علوان يعرض ثلاث وثائق وهي:

-دليل التّعامل مع الاعتداءات الجنسيّة على القاصرين والبالغين الضّعفاء الّذي كان قد تمّ إقراره في دورة المجلس سنة 2017.

- متطلّبات المسؤوليّة والخدمة للعمل في الكنيسة حول حماية القاصرين والبالغين الضّعفاء.

- نظام السّياسات والإجراءات القانونيّة حيال الادّعاءات بالاعتداء الجنسيّ على القاصرين والبالغين الضّعفاء. وهاتان الوثيقتان تتطلّبان إقرارهما من المجلس.

كما اتّخذ المجلس قرارًا بإنشاء لجنة مختصّة لمتابعة موضوع حماية القاصرين والبالغين الضّعفاء، برئاسة سيادة المطران حنّا علوان وعضويّة ممثّل عن كلّ من أصحاب الغبطة البطاركة.

رابعًا: التّنمية البشريّة المتكاملة في خدمة المحبّة

6.رحّب أعضاء المجلس بنيافة الكاردينال مايكل تشرني، رئيس دائرة التّنمية البشريّة المتكاملة في الكرسيّ الرّسوليّ في روما. واستمعوا إليه يعرض رؤية الدّائرة الفاتيكانيّة لتنمية الإنسان المتكاملة انطلاقًا من تعليم السّيّد المسيح في الإنجيل ومن تعليم الكنيسة الاجتماعيّ، وهي تركّز على العدالة والسّلام وحماية الخليقة وعدم التّسلّح وحقوق الإنسان والصّحّة والمحبّة. وشدّد على العناية بالأشخاص الضّعفاء والمهجّرين والمهاجرين والمنبوذين وضحايا الحروب والكوارث الطّبيعيّة، وهي رسالة تلتزم بها كنائسنا.

خامسًا: خلاصات عامّة

تداول المشاركون في المواضيع المطروحة في حلقات عمل مصغّرة وجلسات عامّة، وأبدوا آراءهم وملاحظاتهم واقتراحاتهم، وتوصّلوا إلى الخلاصات التّالية:

أ‌. في الشّأن الكنسيّ والاجتماعيّ

7.يشكر أعضاء المجلس الله على نعمة السّنة اليوبيليّة الّتي دعا إليها قداسة البابا فرنسيس بعنوان "الرّجاء لا يخيّب" (روما 5/5). ويعتبرون أنّها زمن مميّـز وخاصّ هدفه أن ينعش الإيمان ويثبّت الرّجاء ويحثّ على خدمة المحبّة، ويدعو إلى عيش خبرة الغفران والتّشجيع على أعمال التّضامن والمحبّة والشّركة الأخويّة في الكنيسة وفي المجتمع. إنّهم يؤكّدون التزامهم مع شعبهم، بعيش خبرة اليوبيل بكامل متطلّباتها الّتي تقوم على التّوبة والمصالحة والغفران، فيكونون حجّاج الرّجاء يسيرون معًا نحو تحقيق ملكوت الله، ملكوت العدالة والمحبّة والسّلام.

8.يدعو أعضاء المجلس الشّبيبة الملتزمين في مختلف الحركات والمنظّمات الكنسيّة إلى أن يكونوا رسل الرّجاء لإخوتهم الشّباب الّذين ضعف رجاؤهم وأصيبوا بخيبة أمل. ويؤكّدون أنّهم سيكونون بقربهم ويعملون على تنشئتهم الكنسيّة والاجتماعيّة والسّياسيّة والوطنيّة، ويعوّلون على وعيهم ووحدتهم وتضامنهم وكفاءاتهم ليكونوا الجيل الجديد في تحمّل المسؤوليّة لإعادة بناء الدّولة والمؤسّسات ولبنان الوطن الرّسالة. وقد اتّخذ المجلس قرارًا بإحياء يوم يوبيليّ لشبيبة لبنان بعنوان "حجّاج الرّجاء"، يوم الأحد 23 تشرين الثّاني 2025.

9.توقّف أعضاء المجلس عند مآسي الحرب ومخلّفاتها ومسألة عودة النّازحين والمهجّرين إلى قراهم وبلداتهم. وهم إذ يثمّنون روح التّضامن والمشاركة والضّيافة الّتي تجلّت لدى أبنائهم وبناتهم وإخوانهم المواطنين المقيمين والمنتشرين، يؤكّدون أنّهم سيتابعون رسالة الكنيسة في خدمة المحبّة وسيكثّفون جهودهم من أجل تنسيق أكبر بين كنائسهم ومؤسّساتهم بروح سينودسيّة تميّز عملهم الكنسيّ المشترك.

ويطالبون بالإسراع في وضع خطّة إصلاح شاملة لإعادة الإعمار في المناطق المنكوبة وذلك بسعي من الدّولة وأجهزتها وتضامن الدّول العربيّة والصّديقة والمؤسّسات الإنسانيّة المحلّيّة والعالميّة بعدالة وشفافيّة.

ب‌. في الشّأن الوطنيّ

10.يعبّر أعضاء المجلس عن فرحتهم بانتهاء مأساة الفراغ الرّئاسيّ بانتخاب العماد جوزف عون رئيسًا للجمهوريّة، وتكليف القاضي نوّاف سلام، رئيسًا لمجلس الوزراء، وهما يحظيان بثقة اللّبنانيّين على أن يعملا معًا، ومع الحكومة الجديدة والمجلس النّيابيّ، على تحقيق الإصلاحات المطلوبة، مع الحفاظ على حقوق اللّبنانيّين، وإعادة بناء الدّولة ومؤسّساتها.

11.ينوّه أعضاء المجلس بخطاب القَسَم الّذي ألقاه فخامة رئيس الجمهوريّة وبكلمة دولة رئيس مجلس الوزراء لدى تكليفه، وبالمبادئ الواردة فيهما، لاسيّما بمبدأ الحياد الإيجابيّ للبنان تجاه المحاور الإقليميّة والدّوليّة الّذي يتلاقى مع مواقف صاحب الغبطة رئيس المجلس. فالحياد هو في أساس قيام الدّولة اللّبنانيّة والميثاق الوطنيّ ولا يضرّ في انتماء لبنان إلى جامعة الدّول العربيّة ومنظّمة الأمم المتّحدة اللّتين كان من مؤسّسيهما، ويدعون الحكومة إلى تطبيق هذه المبادئ بالتّعاون مع المجلس النّيابيّ.

12.يرى أعضاء المجلس، في مواجهة التّحوّلات السّياسيّة الجارية في الشّرق الأوسط وفي العالم، أنّه بات من الضّروريّ أن تقف كنيستنا بشجاعة وجرأة وتواضع أمام التّاريخ وأمام الضّمير وأمام الله، وتدعو أبناءها وبناتها وجميع اللّبنانيّين إلى اتّخاذ مبادرات تقود إلى عمليّة وطنيّة لتنقية حقيقيّة للذّاكرة الّتي تقتضي مراجعة ذاتيّة نقديّة ترقى إلى فحص ضمير وتوبة ومحاسبة وغفران للوصول إلى حوار صادق وصريح وإلى مصالحة باتت ملحّة اليوم.

خامسًا: شؤون إداريّة

13. إطّلع أعضاء المجلس من الأمين العامّ على التّقرير السّنويّ للهيئة التّنفيذيّة والأمانة العامّة للمجلس وعلى البيان الماليّ للعام 2023 – 2024، وأقرّوا موازنة العام 2024 – 2025.

14. ثمّ عمدوا إلى ملء المراكز الّتي شغرت في المجلس ولجانه، فتمّ انتخاب:

‌أ. حضرة الأب جان يونس، المرسل اللّبنانيّ، أمينًا عامًّا للمجلس.

‌ب. حضرة الأب يوسف نصر، الرّاهب الباسيليّ المخلّصيّ، أمينًا عامًّا للمدارس الكاثوليكيّة في لبنان لولاية ثانية.

‌ج. حضرة الخوري جان موره، مرشدًا عامًّا للسّجون لولاية ثانية.

‌د. سيادة المطران جوزيف معوّض، راعي أبرشيّة زحلة المارونيّة، رئيسًا للّجنة الأسقفيّة اللّاهوتيّة الكتابيّة.

‌ه. سيادة المطران كريكور باديشاه، الأسقف المعاون لأبرشيّة بيروت البطريركيّة للأرمن الكاثوليك، رئيسًا للّجنة الأسقفيّة لراعويّة الخدمات الصّحّيّة.

‌و. وجدّد المجلس لسيادة المطران الياس سليمان، مهمّة الإشراف باسم المجلس على رابطة الأخويّات في لبنان.

خاتمة

15. في ختام أعمال الدّورة السّابعة والخمسين للمجلس، وفي موازاة مسيرة الحجّ في هذه السّنة اليوبيليّة 2025، الّتي يلتقي فيها جميع المسيحيّين للدّخول معًا في زمن الصّوم الكبير والاحتفال بقيامة الرّبّ يسوع في العشرين من نيسان، يتابع أعضاء المجلس السّير مع أبنائهم وبناتهم بهدي الرّوح القدس وشفاعة العذراء مريم سيّدة لبنان، بالصّوم والصّلاة والتّوبة وحمل رسالة الكنيسة في تحقيق ملكوت الله على أرضهم وفي محيطهم الشّرق أوسطيّ شهودًا للمسيح بالمحبّة والمصالحة والسّلام."