البيان الختاميّ للمجمّع المقدّس لكنيسة السّريان الأرثوذكس، ومضمونه؟
"إفتتح قداسة البطريرك المجمع المقدّس بقدّاس إلهيّ احتفل به في كنيسة القدّيس مار سويريوس الكبير. وخلال موعظته، رحّب قداسته بجميع الآباء الحاضرين، وصلّى معهم من أجل الكنيسة المقدّسة وأبنائها الأعزّاء، مستلهمًا الرّوح القدس ليرشد أعضاء المجمع لما فيه خير الكنيسة وأبنائها. كما رفع قداسته الصّلاة من أجل سلامة وعودة مطرانَي حلب المغيّبين قسرًا مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي، ضارعًا إلى الرّبّ الإله أن يعيدهما سالمَين إلى حضن الكنيسة في أقرب وقت.
وخلال زيارة آباء المجمع المقدّس لفخامة رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة العماد ميشال عون صباح يوم الثّلاثاء 9/10/2018، وبالنّيابة عن المجمع المقدّس تمنّى قداسة سيّدنا البطريرك كلّ الخير والسّلام للبنان، لما يحمله هذا البلد العزيز من رسالة محبّة وتآخ وانفتاح، آملاً أن تتتوّج كلّ المساعي الخيّرة بتشكيل حكومة جديدة ترقى إلى طموحات الشّعب اللّبنانيّ النّبيل، وتأخذ بعين الاعتبار مشاركة كلّ الطّوائف بما فيها الأقلّيّات.
وفي الجلسة الافتتاحيّة وبعد الصّلاة واستدعاء الرّوح القدس، ناقش آباء المجمع المقدّس المواضيع والقضايا المدرجة على جدول الأعمال، حيث استمعوا إلى تقرير خاصّ من قبل قداسة سيّدنا البطريرك وأهمّ الزّيارات واللّقاءات والأعمال الّتي قام بها قداسته خلال الفترة السّابقة، كما اطّلع الآباء على التّقارير المقدّمة من قبل الدّوائر البطريركيّة وهي: (الماليّة، والدّراسات السّريانيّة، والإعلام، وخدمة الشّبيبة، كما استعرضوا المشاريع والإنجازات الّتي حققتها البطريركيّة الجليلة خلال الفترة ما بين المجمعين وأهمّها: افتتاح جامعة أنطاكية السّوريّة في معرّة صيدنايا. وانطلاق قناة سوبورو تي في الفضائيّة، ودير الصّليب للرّهبنة، ومعمل ملكارت للصّناعات الدّوائيّة، وبيت الملاك الصّغير لرعاية الأيتام، والمركز الثّقافيّ السّريانيّ، وروضة الأطفال، وسواها).
كما ناقش الآباء أوضاع الكنيسة في الهند، خاصّةً بعد الفيضانات الكبيرة الّتي ضربت ولاية كيرالا منذ أسابيع، وأسفرت عن الكثير من الضّحايا البشريّة والمادّيّة، مؤكّدين على ضرورة وقوف كنيستنا في العالم إلى جانب إخوتهم والمتضرّرين الآخرين في الهند. كما قرّر الآباء اتّخاذ بعض التّدابير والإجراءات حيال المشكلة القائمة مع الجانب المنشقّ من كنيستنا في الهند منذ بداية القرن الماضي.
وإستمع الآباء إلى بعض التّقارير الواردة عن الأبرشيّات السّريانيّة المنتشرة في الشّرق ودول الانتشار وناقشوا بعض القضايا الرّعويّة أهمّها: موضوع موعد الاحتفال بعيد القيامة، والصّوم الكبير، ورتبة الإشبينيّة في الكنيسة وسواها، إضافة إلى الاستماع إلى تقارير عن بعض الأنشطة المسكونيّة لكنيستنا.
وحضر بقوّة موضوع هجرة أبناء شعبنا من الشّرق الأوسط وخاصّة العراق وسوريا، فبحث الآباء سُبل الحدّ من هذه الظّاهرة من خلال دعم بقاء أبنائنا في أرض الآباء والأجداد بكلّ الإمكانيّات المتاحة، من خلال ترميم وإعادة بناء المنازل المهدّمة، وإحداث مشاريع إنتاجيّة وتنمويّة من شأنها توفير فرص العمل لأبناء الكنيسة، فضلاً عن مساعدة النّازحين الموجودين في لبنان وتركيا والأردنّ. كما أكّد الآباء على ضرورة الاهتمام بالمهاجرين الجدد في دول الانتشار من خلال دمجهم في الرّعايا والكنائس السّريانيّة وذلك حفاظًا على هويّتهم الدّينيّة والثّقافيّة.
وأولى الآباء موضوع مطرانَي حلب المخطوفين مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي اهتمامًا كبيرًا حيث اطّلعوا على أهمّ المستجدّات، مستغربين الصّمت المريب ولامبالاة المجتمع الدّوليّ الّتي طغت على هذا الملف، وناشدوا كلّ الدّول والمنظّمات الدّوليّة وأصحاب النّوايا الحسنة في العالم، لبذل كلّ الجهود المتاحة للعمل على عودة المطرانين وكلّ المخطوفين والمفقودين سالمين.
رحّب الآباء بالجهود المبذولة من أجل استئصال الإرهاب من سوريا وإيجاد حلٍّ سياسيّ للأزمة الّتي طال زمانها، واستبشروا خيرًا بالتّطوّرات الإيجابيّة الّتي تشهدها سوريا وطالبوا برفع الحصار الجائر وغير الشّرعيّ عن الشّعب السّوريّ، واستعادة الوطن لأمنه وسلامه، وعودة جميع أبنائه إليه، مشدّدين على أهمّيّة بناء مجتمع مدنيّ قائم على أسس الحرّيّة والعدالة والدّيمقراطيّة وفق دستور يضمن وحدة الوطن والعيش المشترك بين جميع مكوّناته.
وفي هذا الصّدد، أظهر الآباء اهتمامًا كبيرًا بموضوع المدارس السّريانيّة في الجزيرة السّوريّة وما تعرّضت له مؤخّرًا من انتهاكات وتعدّيات، مستنكرين محاولات فرض واقع جديد يخالف قناعات غالبيّة أبناء الكنيسة والوطن، ومشدّدين على أهمّيّة الاحترام المتبادل بين مختلف مكوّنات المنطقة.
رحّب الآباء بالتّفاهمات الأخيرة حول الرّئاسات الثّلاث في العراق الّتي أدّت إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة ورئيس للبرلمان وتكليف رئيس للوزراء، مصلّين أن تنعكس هذه التّطوّرات إيجابًا على شعب العراق كافّة، وأبدوا ارتياحهم لعودة جزء كبير من أبناء شعبنا إلى بلداتهم وقراهم في سهل نينوى. كما صلّى الآباء من أجل شعب فلسطين الرّازح تحت الاحتلال ومن أجل سلام كلّ المنطقة.
ختامًا، تضرّع الآباء إلى العزّة الإلهيّة من أجل كنيسته المقدّسة، ومن أجل حفظ أبنائها في كلّ مكان، متمنّين لهم جميعًا أيّامَ سلامٍ مكلّلة بالخير، وداعين الجميع للصّلاة من أجل كنيستهم ورعاتها، ليحفظهم الله وهو (في وسطها فلن تتزعزع) (مز46: 5).".