لبنان
12 شباط 2018, 09:42

البيان الختاميّ لسينودس كنيسة الرّوم الملكيّين الكاثوليك

صدر عن بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك، في ختام سينودس الكنيسة، البيان التّالي، جاء فيه:

 

"إستهل صاحب الغبطة الجلسة بكلمة افتتاحيّة وجَّه من خلالها الشّكر للقدرة الإلهيّة، كما لأعضاء المجمع على ثقتهم به واختيارهم له لهذه الخدمة، عارضًا أبرز ما جرى في الأشهر الّتي تلت انتخابه، منوّهًا بالترّحيب الكنسيّ والأخويّ الّذي لاقاه حدث الانتخاب، متوقّفًا عند أبرز الصّعوبات الّتي واجهته حتّى الآن في إدارة الكنيسة، معلنًا عن الإجراءات الّتي باشر باتّخاذها من أجل الاهتمام بالإكليريكيّين، كما الاهتمام بالشّأن الماليّ والاقتصاديّ للبطريركيّة. وقد ركّز غبطته على رغبته المتمثّلة بلمّ الشّمل وزرع الألفة بين المؤمنين، والّتي تُرجمت بانتخاب مجلس أعلى لكنيستنا الملكيّة في لبنان، بجوّ هادئ يخدم مصلحة الكنيسة. هذا وتطرَّق غبطته إلى الوضع الرّاهن في دمشق وسائر الأبرشيّات السّوريّة، مؤكّداً أن كلّ الكنائس تعمل ما بوسعها لتخفيف المأساة عن أبنائها.

ثم قدَّم عرضًا موجزًا عمّا ينتظر الآباء في هذا السّينودس، بحيث سيتمّ بشكل أساسيّ انتخاب اللّجان السّينودسيّة، وانتخاب أساقفة جدد وترشيح كهنة للأسقفيّة، كما السّعي لإيجاد حلول لبعض حالات الكهنة، إضافةً إلى دراسة أوضاع أبرشيّات المهجر والتّحدّيات الكبيرة الّتي تواجهها، من دون إهمال الوضع الماليّ للبطريركيّة مع السّعي الحثيث لمعالجته. ثمّ ختم غبطته الخطاب الافتتاحيّ بالتّحيّة الأخويّة للأساقفة الّذين تغيّبوا لدواعٍ مختلفة، مستذكرًا أيضًا الأساقفة الّذين رقدوا بالرّبّ المطرانين جورج المرّ وأندره حدّاد، ضارعًا إلى الله أن ينير أعمال المجمع بشعاع الرّوح القدس.

وقبل بداية الأعمال، كان قد أجرى آباء المجمع خلوةً روحيّة، قدَّمها سيادة المطران جوزيف نفاّع، تعمَّقوا خلالها بالتّعزية الّتي يمنحها حضور المسيح في وسط كنيسته، وفي حياة الرّاعي، رغم الصّعوبات والتّحدّيات، تمامًاًكاختبار التّلاميذ على جبل التّجلّي.

هذا وأرسل الآباء، في مطلع اجتماعاتهم، رسالة إلى قداسة البابا فرنسيس طالبين بركته الرّسوليّة للمجمع، عارضين أهمّ الموادّ الّتي ستبحث خلاله، ومؤكّدين على الشّراكة الدّائمة مع الكرسيّ الرّسوليّ، ومعبّرين عن الامتنان الشّديد لمواقف قداسته المشجّعة للسّلام في المنطقة، مُثْنين على وقوفِه جنبًا إلى جنب مع الإنسانيّة المهمَّشة والمعذَّبة، ومعربين عن حماستهم بمقابلة قداسته في اللّقاء المرتقب فور انتهاء أعمال المجمع.

 

أماّ أهمّ المواضيع الّتي تناولها المجمع فكانت التّالية:

المؤتمر العالميّ لشبيبة الرّوم الملكيّين الكاثوليك في زحلة: توقّف الآباء عند أعمال هذا المؤتمر الّذي ضمَّ شبيبة من كنيستنا من أبرشيّات مختلفة حول العالم، وثمّنوا الجهود الّتي بذلت من أجل إنجاح هذا المؤتمر، كما أثنوا على ضرورة تكراره بشكل منتظم، مؤكّدين على دور الشبّيبة النّابض في حياة الكنيسة، وأهمّيّته في استمرار روح المسيح الحيّ في عالم اليوم. وقد تبنّوا مجموعة توصيات صادرة عن المؤتمر المذكور، أهمّها لجهة تأسيس لجنة بطريركيّة تُعنى بأوضاع الشّبيبة ومرافقتهم وتنشئتهم، مع الإصغاء لمشاكلهم وهمومهم وذلك لدعمهم روحيًّا ونفسيًّا، كما تفعيل مشاركتهم في حياة الكنيسة تعزيزًا لخدمة البشارة.
أمّا في إطار دراسة واقع الأبرشيّات، فقد توقّف الآباء مطوَّلاً عند دراسة أُعدَّت حول واقع الأبرشيّات المتواجدة في بلاد الاغتراب، وتباحثوا في كيفيّة العمل على خدمة أبناء كنيستنا المتواجدين في المهاجر بطريقة أفضل، كما في السّبل الآيلة إلى تفعيل انتمائهم إلى كنيستهم، مع ضرورة تهيئة كهنة أكفّاء لخدمة الأبرشيّات والرّعايا هناك. وقرّروا تخصيص يوم كامل في الدّورة القادمة للسّينودس لتعميق دراسة واقع هذه الأبرشيّات.  
وفي إطار آخر، تطرَّق الآباء إلى الوضع الأمنيّ في منطقة الشّرق الأوسط عمومًا، وأبدوا قلقهم حيال ما يحصل في سورية منذ سنوات من جرّاء الحرب الّتي لا تجد لها نهاية، وقد خلّفت الدّمار وساهمت في هجرة أبناء البلاد وتردّي حالتهم على أكثر من صعيد، كما ركزوا على ظاهرة العنف المتمثّل بالقصف العشوائيّ الّذي ابتدأ يطال المراكز الرّوحيّة من بطريركيّات وأديار وكنائس ضمن الأحياء السّكنيّة في دمشق وغيرها من المدن، وطالبوا المجتمع الدّوليّ بالتّدخّل الجدّيّ لاستعادة الأمن والسّلام والازدهار في المنطقة ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لإعادة النّازحين والمهجّرين إلى بلادهم.
كذلك لحظ الآباء الوضع المتردّي في الضّفّة الغربيّة وخطورة ما يجري من قهرٍ وتعدٍّ على حقوق المواطنين فيها، مطالبين أصحاب الشّأن بإيجاد السّبل المثلى لوقف مأساة الشّعب الفلسطينيّ الّذي يعاني من القتل والتّشرُّد والتّرهيب والتّدمير والموت.
وجّه الآباء تحيّاتهم الحارّة إلى أبنائهم في مصر الّذين يعيشون شهادةً مسيحيّةً يوميّةً صادقة والّذين استقبلوا بمحبّة وعناية واحتضنوا النّازحين السّوريّين، مبدين ارتياحهم للإجراءات الّتي يتّخذها رئيس البلاد والمسؤولون لتوفير الأمن للجميع.  
أمَّا فيما يخصّ لبنان فالآباء يشكرون الله على أنَّ الحالة الأمنيّة مستقرّة رغم بعض الثّغرات الّتي لا يلبث أن يسارع المسؤولون إلى معالجتها بروح المسؤوليّة حفاظًا على الوحدة الدّاخليّة في البلد وعلى تثبيت حالة الاستقرار. ورأى الآباء أنَّه لا بدَّ من توجيه نداء إلى أبنائهم المؤمنين في كلّ أنحاء لبنان، المقبلين على انتخابات نيابيّة بعد أشهر قليلة من أن يكونوا على قدر المسؤوليّة في اختيار ممثّليهم في النّدوة البرلمانيّة وأن يحكّموا ضمائرهم في هذا الاختيار حتّى يأتي مثمرًا وناجعًا لما فيه مصلحتهم ومصلحة بلدهم.
كما لم يغب عن الآباء التّطرّق إلى الوضع الاقتصاديّ المتردّي في غالبيّة دول المنطقة والّذي يثقل على كاهل النّاس ويجعلهم يرزحون تحت عبء تأمين معيشتهم، مطالبين المسؤولين في البلاد كافّةً، ومناشدين أصحاب الضّمائر النّيّرة أينما وجدوا، للعمل على رفع الظّلم الاجتماعيّ وتحقيق العدالة، صونًا للإنسانيّة وحفاظًا على الكرامات. وفي هذا الإطار، شدّد آباء المجمع على ضرورة أن تعمد الإدارات المعنيّة في الدّولة اللّبنانيّة لمؤازرة المدارس الخاصّة في تخطّي مشاكلها النّاجمة عن زيادة الرّواتب جرّاء إقرار سلسلة الرّتب والرّواتب، وهكذا يقف الجميع جنبًا إلى جنب تخفيفًا لوطأة الأزمة.     
من جهة أخرى، درس آباء المجمع تقرير إكليريكيَّة القدّيسة حنّة في الرّبوة، وأكّدوا على ضرورة البحث عن الدّعوات الكهنوتيّة والاهتمام بها من أجل خير كنيستنا ومستقبلها، ووضعوا بعض التّوصيات بخصوص تنشئة الإكلريكيّين، وتطويرها مع مستجدّات العصر، وقد انتخبوا لجنة سينودسيّة للاهتمام بالإكليريكيّة قوامها السّادة الأساقفة ميخائيل أبرص، الياس رحّال ونقولا أنتيبا.
كذلك أجروا انتخابات لرؤساء اللّجان السيّنودسيّة، في ولاية جديدة ممتدّة لثلاث سنوات، على أن يعمل الرّئيس المنتخب على تعيين من يراه مناسبًا لتكوين اللّجنة، وقد أتت النّتائج كالتّالي:

اللّجنة اللّيتورجيّة: صاحب الغبطة البطريرك يوسف الأوَّل.
اللّجنة الرّعويّة: المطران يوحنّا (عصام) درويش.
اللّجنة اللّاهوتيّة والمسكونيّة: المطران كيرلّس (سليم) بسترس.
اللّجنة القانونيّة:  المطران إيلي بشارة حدّاد.
اللّجنة الماليّة: المطران جورج بقعوني.

انتَخَب الآباء المطران جورج بقعوني رئيس أساقفة عكّا وحيفا والنّاصرة، للمشاركة في سينودس الشبّيبة في روما في تشرين الأوّل المقبل.
كما تباحث الآباء في شؤون ليتروجيّة وقانونيّة، وإداريّة وماليّة متعدّدة.
هذا وأجرى الآباء انتخاب أعضاء السّينودس الدّائم وهم: المطران جاورجيوس حدّاد، المطران جورج بقعوني، المطران يوحنّا (عصام) درويش، المطران يوحنّا جنبرت. وانتخبوا ردفاء لهم وهم: المطران جاورجيوس (إدوار) ضاهر، المطران ياسر عيّاش، المطران جورج بكر، المطران نيقولا أنتيبا. كما أجروا انتخابات لملء الأبرشيّات والنّيابات البطريركيّة: المطران نيقولا أنتيبا، متروبوليت بصرى وحوران وجبل العرب سابقًا، نائبًا بطريركيًا في دمشق والمطران ياسر عيّاش، رئيس أساقفة بترا وفيلادلفيا وسائر الأردنّ سابقًا، نائبًا بطريركيًّا في القدس.
وقبل أن يفضّوا الاجتماع، قرَّر الآباء عقد السّينودس القادم من الخامس إلى العاشر من شهر تشرين الثّاني 2018، في المقرّ البطريركي في الربّوة، رافعين الصّلاة من أجل أن يؤازرهم الرّوح القدس في خدمة إخوتهم أبناء الكنيسة الملكيّة داعين الجميع إلى التّآخي والتّعاضد وعيش الوحدة والمحبّة من أجل شهادةٍ أفضل. وبمناسبة حلول الصّوم الأربعيني المقدَّس، تمنّى الآباء أن يكون هذا الزّمن زمن مصالحة مع الذّات والآخرين، وعودة حقيقيّة إلى ينبوع الحبّ والفرح تمهيدًا للمشاركة في مجد القيامة".