لبنان
26 آذار 2018, 05:00

البطريرك يوحنّا العاشر في عيد البشارة: نصلّي من أجل السّلام في الشّرق

ترأّس بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر قدّاس عيد البشارة أمس الأحد في دير سيّدة البلمند البطريركيّ، وقد كانت عظة من وحي المناسبة قال فيها:

 

"ونحن في فرحِ عيد البشارة، بشارة القدّيسة مريم الّتي نكرّمها جميعًا مسيحيّين ومسلمين، نصلّي من أجل السّلام في الشّرق ونعايد كلّ اللّبنانيّين الّذين شاؤوا أن يكون عيد البشارة عيدًا وطنيًّا جامعًا. ومن وحي الكلام الذي جاء على لسان الملاك جبرائيل لها ومن سلامه "افرحي، أو السّلام عليك" نطلّ على أبنائنا ببشرى السّلام والفرح الّذي نرجو أن يعمّ الأرض كلّها.
في لبنان، نحن على أعتاب استحقاق كبير وهو الانتخابات النّيابّية وذلك مع ما يرافقها من خلط للتّحالفات السّياسيّة وتكثيف للوعود وإطلاقٍ لبرامجَ رائدةٍ، نأمل ونصلّي أن تجد طريقها إلى التّنفيذ. وهنا نذكّر أبناءنا المرشّحين والنّاخبين أنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة تلتزم الشّأن الوطنيّ العامّ وهموم أوطانها ولكنّها لا تلج دهاليز العمليّة السّياسيّة المتشعّبة. وهي من هذا المنطلق تبارك ترشيح أيٍّ من أبنائها وتترك للنّاخبين حرّيّة الاختيار وفقًا لما يمليه عليهم ضميرهم، وذلك حتّى ينتخبوا أشخاصًا يحبّون لبنان ويخلصون لقضاياه ويعلون المصلحة الوطنيّة على الشّخصيّة ويصونون استقلال لبنان وفرادته ورسالته، أشخاصًا مشهودًا لهم بالفهم والحكمة والكفاءة والأخلاق والطّهارة والنّزاهة مؤهّلين لخدمة إنسان هذا البلد وترقيته وتنمية قدراته ورفع الظّلم الاقتصاديّ والاجتماعيّ الّذي ينوء تحته.
ومن هنا أيضًا تأكيدنا أنّ قضايانا الكنسيّة هي ليست أبدًا سلعةً انتخابيّةً وملفاتُنا الكنسيّة الّتي تحلُّ دومًا بروح الوفاق والمحبّة وفق ما يشاء الرّوح القدس، ليس لها أن تُقايَض بمصالح خاصّة. ونؤكّد في هذا الصّدد أنّ وجودنا الكنسيّ الأرثوذكسيّ الواحد كبطريركيّة أنطاكيّةٍ في الأنطاكيّ بكامله هو خطّ أحمر وأمانةٌ ووديعةٌ تاريخيّة نحفظها منذ ألفي عام وسنحفظها دومًا.
إنّ الدّور الأرثوذكسيّ والصّوت الأرثوذكسيّ لهو أكبر من مجرّد تحالفات وأوسع بكثيرٍ من مجرّد مقايضة ملفاتٍ بملفات وأعلى بأشواطٍ من مجرد ركوب موجاتٍ تستغلّ عواطف النّاس. دورنا الأرثوذكسيّ التّاريخيّ كان دومًا وكائنٌ إلى الآن عبر رجال يقولون كلمة الحقّ والموقف من دون تجييرٍ وبقناعة ثابتة تربأ بنفسها عن الآنيّة الانتخابيّة.
يا أحبّة، في بركات هذا العيد وإذ قد بلَغْنا إلى خاتمة الصّيام فلنعمل من أجل تنقية نفوسنا لاستقبال المسيح القائم في الفصح والّذي يطلب منّا أن نرضي الرّبّ ونمجّده في كلّ عمل نقوم به. ألا حملَتْ الانتخابات القادمة للبنان وللّبنانيّين جميعًا الفرح الّذي بشّر به الملاكُ العذراءَ مريم الّتي نصلّي إليها اليوم أن تستعطف الله تعالى ليُجزل علينا من مَعين صلاحه وخيريّتِه، هو المبارك إلى الأبد آمين."