البطريرك يوحنّا العاشر لِكورال الراعي الصالح: "الخراف لا تعرف لغة الراعي لكنّها تميّز نبرة صوته وموسيقى روحه"
بكلمة أبويّه توجّه البطريرك يوحنّا العاشر إلى أعضاء كورال الراعي الصالح الذي يحتفل بيوبيله الفضيّ قائلًا: تعجز الكلمة عن أن تفي اللحن حقّه وتفلس الكلمات أمام النغم. فكيف إذا كان اللحن سبحًا والنغم بشارةَ إنجيل؟ بلا شكّ يقف كلامي عاجزًا وتقف مفرداتي حائرةً. والحال أصعب وأصعب عندما تكون المناسبة اليوبيل الفضيَّ لكورال الراعي الصالح. عندها يمسي الصمتُ أفصحَ من الكلام وتصبحُ السكينةُ أفضل مناجاةٍ لأنّها لغة الروح والروح لها لغة الموسيقى التي تهبط علينا عزاءً وبلسمًا فترقّي النفسَ إلى مرتبة الروح وترفع تلك الأخيرةَ إلى مضارب أبي الأنوار."
تابع البطريرك كلمته قال: "قبل خمسة وعشرين عامًا انطلقت مسيرةُ هذا الكورال. انطلقت مسيرته سبحًا ونشيدًا يدخلُ القلوب، فكنيسة أنطاكية كنيسة ناظمي التسابيح وبوتقةُ النغم الكنسيّ، والموسيقيّين والشعراء كَـارومانوس المرنّم الذي من حمص، وهي كنيسة الدمشقيّ يوحنّا أبي الألحان. وهما رائدا التسابيح الكنسيّة. وهي كنيسة مار أفرام الشهير بأشعاره التي حارب بها سائر البدع. وإذا ما انتقلنا إلى عصرنا الحديث، نجد هذه الكنيسة متهاديةً تناجي ربّها بأعمال وأناشيد أثناسيوس عطالله مطران حمص. نجدها مرنّمةً ومصلّيةً تستسيغ نظم تقاريظ الجنّاز للشاعر المطران أبيفانيوس زائد والتي طُبعت ههنا في اللاذقيّة للمرّة السابعة سنة 1947. نجدها ساجدةً بصوت متري المرّ وبألحانه التي تنتقل من شواهق المجد إلى قرارات التوبة والانسحاق. نجدها متهلّلة بروائع أندراوس معيقل ونتحسّسها في رنّة جرس صوت كوتيا.
وما قدّمه هذا الكورال كان بالفعل إنجيلَ روحٍ للصغير وللكبير. لقد دخلت ألحانه وأعماله روح الصغير والكبير. دخلت موسيقاه الروح وحرّكت أوتارها بحلاوة الإنجيل. دخلت ببساطة اللحن فأسكنت المسيح في خدر النفس.
اخترتم له "اسم الراعي الصالح". والراعي الصالح، لو تأمّلنا قليلًا، يستخدم لغة الموسيقى والنغم مع خرافه. فالخراف لا تعرف لغة الراعي لكنّها تميّز صوته ونبرة صوته وموسيقى روحه. تتحسّس محبّته وكينونته بنغمة روحه وببصمة صوته فتعرف أنّه يناديها إلى محبّته ويدعوها ليضمّها إلى بوتقة روحه ويمسحها ببلسم عنايته.
بوركت جهودكم وبورك عملكم. نحيّي كلّ فردٍ فيكم ونشكركم باسم كنيسة أنطاكية ونسَرّ دائمًا بسماع جديدكم ونفتخر بمسيرتكم التي تكلّل هذه الأبرشيّة بعبق جمال المسيح وتلفح اللاذقيّة كلّها بشذا الموسيقى المبلسم الروحَ.