العراق
05 كانون الثاني 2018, 11:36

البطريرك ساكو: عماد المسيح أساس عمادنا

نشر الموقع الرّسميّ للبطريركيّة الكلدانيّة، موعظة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو لمناسبة عيد الدّنح، وجاء فيها:

 

"عيد الدّنح- دنحا، أو العماد في بعض الكنائس أو الغطاس أو Epiphany هو احتفال بذكرى ظهور يسوع رسميًّا مسيحًا وابنًا لله وبدء رسالته العلنيّة.

كلمة الدِّنح تعني الإشراق، وتعبّر عن المعنى اللّاهوتيّ الحقيقيّ لعماده في نهر الأردنّ على يد يوحنّا المعمدان.  معموديّته تعبير رسميّ عن نيله المسحة ناسوتيًّا بالماء وبحلول الرّوح القدس عليه. وشهادة الله الآب له: "هذا هو ابني الحبيب الّذي به سررت" (متّى 3/17)، وحلول الرّوح القدس عليه بشكل حمامة إعلان للثّالوث الأقدس. يسوع ابن الله لأنّ الله وضع فيه حبّه وكان حبّ الله هو أساس حياة يسوع وكرازته وسلطته.

في القرون الثّلاثة الأولى كان المسيحيّون الشّرقيّون يحتفلون بعيدي الميلاد والدّنح معًا، ثم احتفلوا بهما في موعدين منفصلين. حاليًّا يحتفل به معظم الكنائس في السّادس من كانون الثّاني من كلّ عام. وعندنا نحن الكلدان يعدّ عيدًا عظيمًا- مرنيا.

معموديّة يسوع أساس  معموديّتنا الّتي فيها نولد أبناء لله من خلال الماء والرّوح القدس. وكما حلّ ابن الله الكلمة في الماء والرّوح مسيحًا وربًّا kyrios، هكذا كلّ مؤمن يحلّ في الماء وينال الرّوح القدس يغدو ابنًا لله بالتّبنّي. وكأبناء يصير لنا ميراث في ملكوته. هكذا تستمرّ أيقونة المعموديّة إلى الأبد. ننزل مع المسيح في الماء ونقوم معه للحياة الجديدة: "وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح. وإِذا كانَ الأَمواتُ لا يَقومونَ البتَّة، فلِماذا يَعتَمِدونَ"؟ (1 قورنثية 15/22، 30)، أو كما جاء في الرّسالة الأولى ليوحنّا" كلّ الّذين ينقادون بروح الله، هم أبناء الله (1يوحنّا 3/6).

المعموديّة بالماء هي التّعبير الاعتياديّ عن الإيمان وعن سرّ والاندماج التّدريجيّ في المسيح من خلال مسيرة "التّلمذة" الّتي تشمل الحياة بأكملها حتّى يستمرّ حضوره فينا ومن خلالنا: "فإِنَّكم جَميعًا، وقَدِ اعتَمَدتُم في المسيح، قد لَبِستُمُ المسيح" (غلاطية 3/17).

المعموديّة مشروع يسعى المسيحيّ للنّموّ بمسيحيَّته في تفاصيل حياته اليوميّة. المسيحيّ المؤمن يتخلّى عن إنسانه القديم، أيّ عن عقليّته وعاداته الّتي لا تتماشى مع الإنجيل، ليتحلّى بتعليم المسيح لكي يتجلّى المسيح فيه. هذه المسيرة تجعلنا "مشابهين لصورة الابن الوحيد" (رومية 8/ 14).

المسيح اعتمد  حتّى نعتمد نحن فيه لحياة جديدة. وهذا هو الهدف. وهو الابن البكر الّذي يوحّد بشخصه جميع أبناء الله وبناته في عائلة واحدة (الكنيسة). هذه الحقيقة سلّمها إلينا المسيح وهي أمانة في أعناقنا لعيشها ونقلها إلى الأخرين.

ليكن هذا العيد فرصة لتجديدنا بالرّوح والحقّ (يوحنّا 4/24). ونحن في أجواء عيد جيشنا الباسل والانتصارات الباهرة على تنظيم داعش الإرهابيّ لنجعل منه سانحة لبناء الجسور والثّقة بيننا والسّلام في بلدنا ليعيش مواطنونا بكرامة وفرح".