العراق
14 كانون الثاني 2022, 09:45

البطريرك ساكو: الطّاعة نذر يتمّ بإرادة حرّة

تيلي لوميار/ نورسات
ردًّا على سؤال "متى تكون الطّاعة ملزمة ومتى لا تكون؟"، أضاء بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو على أشكال الطّاعة المتعدّدة ونظرة النّاس إليها.

وفي هذا السّياق، أجاب ساكو قائلاً بحسب إعلام البطريركيّة: "هناك عدّة أشكال من الطّاعة: طاعة الله، طاعة الوالدين، طاعة السّلطة الدّينيّة، طاعة الرّؤساء، طاعة الرّهبان والرّاهبات.

لا ينظر النّاس اليوم إلى الطّاعة بإيجابيّة وفرح، إنّهم يتأرجحون بين قبولها ورفضها معتبرين إيّاها انتقاص من كرامة الإنسان.

المؤمن عمومًا يسلّم ذاته لله بحرّيّة تسليمًا مطلقًا، أمّا غير المؤمن فلا يعنيه الأمر بتاتًا لأنّه رافض لله منذ البداية. ما يجب فهمه بشكل صحيح هو أنّ فضيلة الطّاعة، جميلة لأنّها إصغاء إلى الله، إذ يخضع الإنسان له ببساطة فيما يتعلّق بالقضايا الإيمانيّة والأخلاقيّة، ويعمل على تطبيق مشيئته، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر:

المباشر هو تطبيق مشيئة الله من خلال ما نتعلّمه بالقانون الطّبيعيّ أو الكتاب المقدّس، وتعليم الكنيسة الرّسميّ، وغير المباشر من خلال الطّاعة للسّلطة الدّينيّة عندما ينسجم قرارها مع إرادة الله، لأنّ سلطتها منه. توصي الرّسالة إلى العبرانيّين المؤمنين قائلة: "أطيعوا مرشديكم واخضعوا لأنّهم يسهرون لأجل نفوسكم" .(13/ 17) ويعطي يسوع الطّوبى للمطيعين: "طوبى للّذين يسمعون كلام الله ويعملون به" (لوقا 11/ 28).

لا يخضع الأشخاص لرؤسائهم في كلّ شي، ولكن فقط في أشياء معيّنة وبطريقة معيّنة. للرّهبان، الطّاعة نذر يتمّ بإرادة حرّة، وهي أساس الحياة الرّهبانيّة إلى جانب العفّة والفقر.

يجب أن تكون الطّاعة مستنيرة، وامتثالاً للحقيقة عندما نميّز ضميريًّا ما هو الخير الّذي يجب فعله والشّرّ الّذي ينبغي تجنّبه.

ليس صحيحًا الكلام عن "الطّاعة العمياء". لا توجد في المسيحيّة طاعة عمياء لأنّ الطّاعة واعية، تتطلّب اختيار ما هو صائب فعله وتجنّب ما لا ينبغي فعله. وهنا تكون الأولويّة للضّمير وفقًا للتّقليد الكاثوليكيّ.

قد يكون الفرد وحده لا يستطيع أن يميّز بشكل صحيح متى ينبغي أن يطيع، في هذه الحال عليه أن يصلّي أوّلاً لينيره الله ثمّ أن يستعين بمرشد له الخبرة والحكمة والضّمير الحيّ، لكي لا يتعارض اختياره مع فضيلة الطّاعة على الأقلّ. إنّ الشّخص الفاضل ذو الضّمير المستنير سيجد الطّاعة سهلة حتّى لو سبّبت له بعض المعاناة.

تعرّض الرّسالة إلى رومية قاعدة واضحة للطّاعة: "فمَن عارَضَ السُّلْطَة قاوَمَ النِّظامَ الَّذي أَرادَهُ الله، والمُقاوِمونَ يَجلُبونَ الحُكْمَ على أَنفُسِهم. فلا خَوفَ مِنَ الرُّؤَساءِ عِندَما يُفعَلُ الخَير، بل عِندَما يُفعَل الشَّرّ. أَتُريدُ أَلّا تَخافَ السُّلْطَة؟ إِفعَلِ الخَيرَ تَنَلْ ثَناءَها" (13/ 2-3)."