البطريرك الرّاعي في جولة راعويّة إلى أبرشيّة صيدا
ثمّ توجّه الرّاعي والوفد المرافق إلى بلدة صفاريّه في قضاء جزّين، حيث أقيم له استقبال رسميّ وشعبيّ شارك فيه عدد من فعاليّات المنطقة السّياسيّة والعسكريّة والدّينيّة تقدّمها النّواب زياد أسود وسليم الخوري وابراهيم عازار، ورئيس البلديّة حبيب ضاهر ومختار البلدة فرحات تادي وكاهن الرّعيّة الخوري جوزف واكيم، وحشد من الآباء والأخويّات والمؤمنين.
وفي كنيسة مارجرجس رفع الرّاعي الصّلاة، ثمّ توجّه بعدها الحضور إلى قاعة الرّعيّة حيث أُلقيت عدّة كلمات ترحيبيّة، بداية مع كاهن الرّعيّة الأب جوزف واكيم الّذي أعرب عن فرحة الرّعيّة بزيارة أبيها البطريرك قائلًا:
"إنّ طرقات وساحات وأحجار بيوت رعيّة مار جرجس تترنّح فرحًا بقدوم صاحب الغبطة، كما أنّ أهل الرّعيّة يعتبرون هذه الزّيارة بركة ونعمة سماويّة لتساعدهم على التّمسّك بأرضهم وتراثهم والإبقاء على إيمان الآباء والأجداد".
بدوره رحّب رئيس بلديّة صفاريّه حبيب ضاهر، بالبطريرك الرّاعي بكلمة جاء فيها: "مسيرتكم يا صاحب الغبطة مسيرة البطاركة المباركة عبر التّاريخ من كفرحيّ إلى يانوح إلى إيليج، حتّى بكركي، ترحال وتنقل حبًّا بالتّنسّك والتّقشّف أو بسبب المصائب والمصاعب، وهمّهم الدّائم كان خدمة الكنيسة". وأضاف: "لقد زرتم يا صاحب الغبطة بلدتنا، أيّام المحنة في التّسعينات، وكم كان لتلك الزّيارة من طيب أثّر في النّفوس، ما زادنا تمسّكًا بأرضنا ونحن اليوم نقدّر مواقفكم الأبويّة والوطنيّة، ودوركم في تقويم كلّ أعوجاج في السّياسة، وإصلاح كلّ خلاف بين الأفرقاء، لأنّ همّكم وحدة الطّائفة والشّعب".
ثم ردّ الرّاعي بكلمة قال فيها: "أشكر راعي أبرشيّة صيدا المطران مارون العمّار على تنظيمه هذه الزّيارة لرعيّة عزيزة على قلبي. فأنتم في الفترة الّتي كنتم تعيشون فيها ويلات الحرب والحصار، والحزن والألم على شهدائكم، لم نكن نسمع في منطقة كسروان إلّا بأسم صفاريّه والقرى المجاورة، ولم نكن ندري أين تقع هذه البلدات، ولكنّكم منذ تلك السّنوات وأنتم في قلبنا وصلواتنا، واليوم أنا سعيد جدًّا بهذه الزّيارة.
أوجّه التّحيّة للنوّاب الحاضرين معنا اليوم، ولرئيس البلديّة ومختار البلدة وكاهن الرّعيّة، وكّل الحضور والفعاليّات ولجنة الوقف والأخويّات، وأريد أن أهنّئكم على صمودكم وإيمانكم وتمسّككم بأرضكم وعدم التّنازل عنها. واليوم عندما نزور صفاريّه ونرى جمال بيوتها، ندرك أنّنا أمام شعب مؤمن ومحبّ ومخلص للبنان.
أتمنّى لكم كلّ خير وتوفيق ونجاح، وأن تكون كلّ التّضحيات الّتي قدّمتموها، فداءً عن صفاريّه لتستطيع هذه البلدة أن تُكمل مسيرتها، ومن العلامات الّتي يُعطينا إيّاها الرّبّ هي عيشكم سويًّا وترميمكم لكنيسة مار جرجس والقاعة الرّاعويّة، وهذا كلّه دليل إيمان.
كما أنّ من مظاهر الفرح والإيمان، مشروع كفرفالوس بقيادة سيادة المطران مارون عمّار، والّذي نتمنّى أن يكون علامة رجاء لكلّ أبناء المنطقة على مختلف طوائفهم كي تستطيعوا الثّبات معًا في هذه الأرض اللّبنانيّة الجميلة".
وختم الرّاعي: "دعائي للرّبّ ولمار جرجس البطل أن يرافقوكم لتستطيعوا التّغلّب على كلّ تنّين أو شرّير من أي نوع أو شكل كان".
ومن صفاريّه انتقل البطريرك الرّاعي والوفد المشارك إلى بلدة شواليق، حيث كان في انتظاره أبناء البلدة يتقدّمهم، النّواب زيّاد أسود وسليم الخوري، وممثّل سيادة المطران إيلي حدّاد الأرشمندريت سليمان وهبة، وكاهن الرّعيّة الخوري الياس الأسمر، والمختار سامي فرحات، ورئيس اتّحاد بلديّات جزّين خليل حرفوش.
وفي قاعة كنيسة مار يوسف الجديدة الّتي باركها الرّاعي، رحّب مختار المنطقة سامي فرحات بالبطريرك بكلمة ألقاها نجله المحامي نمر فرحات، جاء فيها:
"أقبلتم إلينا يا صاحب الغبطة في زيارة أردتموها راعويّة، أبويّة، فأقبلنا إليكم كبارًا وصغارًا نحتفي بقدومكم الميمون.
صاحب الغبطة، إنّ بلدتنا تشكّل نموذجًا للعيش المشترك، وتفتخر باعتدال سلوك أبنائها وانفتاحهم واحترامهم للآخر، مجسّدة مبدأ الشّركة والمحبّة الّذي اتّخذتموه شعارًا لكم."
وأضاف: "إنّ حبّ أبناء البلدة لشفيعهم دفعهم للتّصميم على بناء كنيسة جديدة، وممّا لا شكّ فيه أنّ زيارتكم ستعطي أبناء البلدة دفعًا معنويًّا للمواظبة على العمل الجماعيّ لاستكمال مشروع بناء الكنيسة الجديدة".
بدوره رحّب الخوري الياس أسمر بالبطريرك الرّاعي بكلمة اعتبر فيها أنّ بلدة شواليق تفرح وتتهلّل بهذه الزّيارة وهي البلدة الّتي طالها التّهجير في نيسان 1985، ولكنّ الرّجاء الجديد الّذي بثّه الشّعار الّذي اتّخذتموه "شركة ومحبّة" خلق رجاء عند أبناء هذه البلدة".
وأضاف: "في التّاسع من تمّوز 2011 تمّ وضع حجر الأساس للكنيسة الجديدة، وهي نفس السّنة الّتي انتُخبتم فيها بطريركًا، وها أنتم اليوم تباركون وتدشّنون هذه القاعة".
وفي كلمته قال البطريرك الرّاعي: "تحيّة كبيرة لأحبّائنا أبناء الشّواليق الّذي ضحّوا وقاموا ببناء هذه القاعة دليل التّشبّث في الأرض، كما أتوجّه بالتّحيّة إلى مختار البلدة وإلى جميع الحضور والفعاليّات السّياسيّة والدينيّة والاجتماعيّة الّتي ترافقنا اليوم في هذه الجولة، وتحيّة خاصّة لكاهن الرّعيّة النّشيط، ولإبن البلدة الخوري بيار جبّور، وللحضور فردًا فردًا.
قلبي يكبر برؤيتكم اليوم، أنتم الّذين عانيتم التّهجير والحرب، واستطاعت يد الرّبّ أن تساعدكم، وهنا هي يد مار يوسف شفيع هذه الرّعيّة. ما مررتم به يدفعنا لنتذكّر دائمًا أنّ حياتنا المسيحيّة قائمة على يومي الجمعة والأحد، الجمعة للصّلب والموت، والأحد للقيامة، وهذا يُلخّص مسيرتنا المسيحيّة، نمرّ بالألم والمصاعب ولكنّنا ننتظر الأمل والرّجاء، فالرّبّ يسوع قام من الموت، وهذا ما يحدث مع وطننا لبنان مؤخّرًا في كلّ مرّة يصل إلى الهاوية، نشعر أنّ يد العناية الإلهيّة تنقذه، كما يحمي الأب ابنه".
وأضاف الرّاعي: "في هذه الأيّأم الّتي نعيشها، وما يتخلّلها من ضياع ومصاعب اقتصاديّة وتفكّك سياسيّ، يجب علينا أن نوحّد صفوفنا، فقوّتنا بوحدتنا وتعدّديتنا تكمن أيضًا في الوحدة، ولبنان قيمته تكمن في الإختلاف والدّيمقراطيّة والتّعدّدية.
نحن اليوم بلد مميّز، بلد نريده بعيدًا عن المحاصصة الّتي تُنهي البلد، فنحن مع المشاركة، نشارك معًا في بناء هذا الوطن، هذه هي ثقافتنا ورسالتنا".
وإختتم البطريرك: "أنتم دائمًا في قلبي وصلواتي، واليوم أصبح بإمكاني القول أنّني أعرف أين تقع الشّواليق. فليبارككم الرّبّ وليبارك جهودكم وثبّتكم في هذه الأرض الطّيّبة".
ومن رعية الشّواليق توجّه الكردينال الراّعي إلى رعيّة مار أنطونيوس وادي بعنقودين، حيث ألقى مختار البلدة أنطوان مخايل كلمة ترحيب، أبرز ما جاء فيها: "من اللّحظة الأولى الّتي ارتقيتم فيها إلى سدّة البطريركيّة المارونيّة، أعطيتم الأولويّة لكنيسة البشر لأنّها سفينة الخلاص والملجأ الأمين والحصن المنيع والبرج العالي. إنّ هذه الزّيارة يا صاحب الغبطة تعطينا المزيد من الدّعم والعزم، وتقوّي إيماننا وتُضاعف جهودنا".
بدوره رحّب كاهن الرّعيّة الأب إيلي قزحيّا بالبطريرك الرّاعي بكلمة قال فيها: "بطريرك كبير، نعم، وريث بطريرك الاستقلال. إنّه البطريرك ذو القامة المنتصبة والهامّة المرتفعة والجبين العالي والسّيرة الحسنة، الّذي يقود الكنيسة بحكمة عالية وعقل راجح، ونحن نعلم أنّ النّصر حليفه، ونعدك يا صاحب الغبطة أن نُضاعف جهودنا لإتمام بناء الكنيسة الجديدة".
ثمّ كانت كلمة للبطريرك الراّعي جاء فيها: "تحيّة محبّة كبيرة الى أهالي وادي بعنقودين، وأنا سعيد جدًّا بلقائي معكم اليوم وللمرّة الأولى بعد أن كنت أسمع دومًا عن هذه المنطقة العزيزة، وتشرّفت اليوم بزيارتها.
يوم غد هو ذكرى مولد العذراء، أهنّئكم بهذه المناسبة، ونستذكر أنّه يوم تكوّنت أمّنا مريم العذراء في حشاء والدتها، عصمها الله من الخطيئة الأصليّة الّتي تولد مع كلّ إنسان، والّتي تُمحى في سرّ المعموديّة، بينما الله عصم مريم العذراء من هذه الخطيئة قبل أن تولد، وهذه العقيدة أعلنها الطّوباويّ البابا بيوس التّاسع في العامّ 1854، وهذه حقيقة آمنوا بها منذ نشأة الكنيسة، وبعد 4 سنوات من إعلان هذه العقيدة ظهرت العذراء على القدّيسة برناديت الّتي وصفتها بالجميلة جدًّا، وعرّفت عن نفسها قائلة :" أنا الحبل بلا دنس".
وأضاف الرّاعي: " أريد أن أحيّي إبن البلدة السّيّد غطّاس نخلة الرّئيس السّابق لرابطة الأخويّات، الّذي عمل جاهدًا مع جميع الأخويّات، وأحيّي أيضًا جميع الحضور، تحيّة خاصّة لكم أنتم أهل وادي بعنقودين الّذين قدّموا 13 شهيدًا في أحداث عامّ 1985، شهداء أصبحوا اليوم شفعائكم في السّماء، ولولاهم لما كنّا اليوم موجودين هنا. كما نتذكّر أيضًا الزّلزال الّذي ضرب المنطقة عامّ 1956، فتركتم بيوتكم قاصدين المغاور لتستمرّ المعاناة بسقوط إحدى المغاور الّتي كانت تحتضن 11 شخصًا، 7 منهم توفّوا على الفور، و4 عاشوا بعطل دائم.
بفضل دموع الأهل ودماء الأباء والأجداد، عادت هذه المنطقة إلى الحياة، هذه المنطقة الّتي كانت خطّ تماس فيما مضى والّتي كانت تدفع أثمانًا باهظة، استطاعت بفضل العناية الإلهيّة أن تعود اليوم لتنبض من جديد، وهكذا يجب أن ننظر اليوم إلى أوجاعنا من أيّ نوع كانت، وإلى أزماتنا الاقتصاديّة والمعيشيّة، فنحن جماعة الرّجاء والإيمان بأنّ الكلمة الأخيرة هي للرّبّ وليس للبشر".
وإختتم الرّاعي كلمته قائلًا: "أريد أن أهنّئكم على ثباتكم في أرضكم، وهذا ما نطلبه من كلّ النّاس، فالأرض هي مصدر هويّتنا، وهي أمّ، وإذا فقدتها أصبح يتيمًا. ومهما كانت الصّعوبات يجب أن نبقى في أرضنا.
إسمحوا لي أن أشكر مجدّدًا سيادة المطران العمّار على مشروع كفرفالوس، ونحن من الدّاعمين له لأنّه سيكون علامة رجاء لهذه المنطقة ولأبنائها، وأنتم ستبقون دائمًا في قلبي وصلواتي".
لبعا كانت الوجهة التّالية بعد وادي بعنقودين، حيث تمّت إزاحة السّتارة عن شارع البطريرك مارنصرالله بطرس صفير، بحضور فعاليّات المنطقة. وكانت كلمة لرئيس بلديّة لبعا فادي رومانوس، أبرز ما جاء فيها:
"أستذكر في هذه المناسبة ما قلته لغبطتكم في الصّرح البطريركيّ، بأنّك كنت عظيمًا في تكريم سلفكم، وفعلت ما يفعله الكبار في وداع الكبار، وشهد العالم على كبركم وعظمتكم وتواضعكم.
ومع الكاردينال صفير نستذكر الكاردينال إيتشيغاريه الّذي بارك منطقتنا عامّ 1985، بعدما أرسله الحبر الأعظم إلى منطقة جزّين المحاصرة يومها، ونصلّي لراحة نفسه بعد أن انتقل أوّل من أمس الى الرّاحة الأبديّة. كما نستذكر الكاردينال سيلفستريني، رحمه الله منذ أسبوع والّذي زار لبنان في تمّوز 1991، وكان لنا شرف استضفاته".
وأضاف: "تأتي الآن يا صاحب الغبطة رسولًا من كنيستنا الصّامدة، لتقود مرحلة إعمار المنطقة، وسيأتي اليوم الّذي سنشهد فيه على دوركم الجبّار في ملفّ استعادة كفرفالوس، وسيكتب التّاريخ بأنّكم بطريرك الإعمار ونهضة لبنان ومنطقة جزّين، وصاحب الرّؤية في دعم المسيحيّين أينما حلّوا".
بدوره ألقى البطريرك الرّاعي كلمة، جاء فيها: "أريد أن أشكر مجدّدًا صاحب السّيادة المطران مارون عمّار، وصاحب السّيادة المطران إيلي حدّاد، وتحيّة إلى النّائبين الّذين يرافقوننا طيلة اليوم، زياد أسود وسليم الخوري، والرّهبان والرّاهبات، ورئيس اتّحاد بلديّات صيدا والزّهراني محمّد السّعوديّ، ورئيس بلديّة لبعا السّيّد فادي رومانوس الّذي أشكره على كلمته، وكلّ الفعاليّات والأخويّات.
نحن سعيدون جدًّا لوجودنا هنا، لتدشين شارع بإسم المثلّث الرّحمة البطريرك الكاردينال مارنصرالله بطرس صفير الّذي يبتهج اليوم من سمائه ويبارك ويصلّي لكم جميعًا. هذا فخر كبير لنا أن نكون اليوم هنا في هذه البلدة، وأن يكون لنا شارع يحمل إسم المثلّث الرّحمة المحبوب من كلّ اللّبنانيّين، وهذا ما ظهر يوم وفاته وفي أيّام تقبّل العزاء، حيث أنّني أكيد أنّنا لو أقمنا شهرًا كاملًا من العزاء لما فارق المؤمنون الصّرح البطريركيّ.
شكرًا أستاذ فادي على هذه المبادرة، ليكافأك الرّبّ بشفاعة الكاردينال صفير الّذي عرفته منذ العامّ 1962، عندما كان لا يزال مطرانًا شابًّا قريبًا من الجميع كما عهدناه دومًا، ولكن هذه العلاقة بيننا توطّدت سنة 1986 عندما انتُخبت نائبًا بطريركيًّا بدلًا منه، وعشنا سويًّا أربع سنوات في بكركيّ وكانت من أجمل السّنوات حيث تعرّفنا عن قرب على شخصيّته العفويّة والوطنيّة، وقد كان لنا مدرسة كبيرة بالتّواضع وعدم الإدّعاء. لذلك أنا أشكر من قلبي القيّمين على فكرة هذا الشّارع".
وأضاف الرّاعي: "لقد استمعت إلى الكلمة الّتي ألقيتها يا فادي وحفظت كلّ المعاناة الّتي عبّرت عنها والّتي يعيشها أبناء المنطقة، وسأضعها في قلبي وعقلي وأعمل مع السّادة المطارنة وأصحاب الإرادات الطّيّبة، ونضع كلّ جهودنا في خدمة هذه المنطقة العزيزة على قلبنا، ومشروع كفرفالوس كان بالنّسبة لي كالحلم، لأنّه بإدرة أمل في هذه المنطقة.
إنّ لبنان يفقد أهميّته إذا فقد ميزة التّعدّديّة في الوحدة، لذلك ننظر إلى مشروع كفرفالوس من هذا المنظار. وهناك اليوم نوايا صالحة وتطلّعات واعدة من آل الحريري وغيرهم من أصحاب الأيادي البيضاء للنّهوض بهذه المنطقة، وهذا فعل إيمان بهذا الوطن، وأنا أدعو الله أن يبارك هذا المشروع، عشتم، ودام ذكر المثلّث الرّحمة، وعاش لبنان".
وإلى رعيّة مار مارون بيصور وصل البطريرك الرّاعي، حيث كان في استقباله حشد من أهالي المنطقة المؤمنين والفعاليّات الدّينيّة والاجتماعيّة، وكان لأهالي بيصور كلمة ترحيبيّة تلاها الأستاذ مارون سمعان معتبرًا هذه الزّيارة زيارة فرح وإيمان ورجاء. وقال: "إنّ هذه القرية لم يزرها سابقًا شخصيّة دينيّة واجتماعيّة بهذا المستوى من الرّفعة والتّواضع، هذه القرية الصّغيرة والّتي تعاني كمعظم قرى قضاء جزّين، من اللّاإنماء، فلا مشاريع اقتصاديّة ولا سياحيّة وإنمائيّة، ما أثّر على نهضتها، وحمل معظم شبابها إلى المغادرة بحثًا عن حياة كريمة ومستقبل آمن".
بدوره رحّب خادم رعيّة بيصور الخوري عبدو أبو كسم مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام بالرّاعي، معتبرًا أنّ زيارته زرعت الفرح في القلوب والرّجاء والطّمأنينة في النّفوس، فبيصور بعد هذه الزّيارة لن تكون كما قبلها". وأضاف: "إنّ دعوتي الكهنوتيّة تفتّحت براعمها في هذه الكنيسة وأنا في العاشرة من العمر، وبعد أن أصبحت كاهنًا كان لي شرف خدمتكم أثناء رئاستكم للّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، ومن بعدها محضتموني ثقة التّنسيق والتّعاون مع مكتبكم الإعلاميّ في بكركيّ والّذي يرأسه الصّديق الأستاذ وليد غيّاض".
وأضاف: "إنّ مواقفكم الدّينيّة والوطنيّة تبعث الرّجاء والأمل في نفوس اللّبنانيّين، وتشكّل الضّمانة لوحدتهم على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم".
من جهّته ألقى البطريرك الرّاعي كلمة، جاء فيها: "أحيّيكم من بيصور وأحيّي السّادة المطارنة مارون العمّار وإيلي حدّاد وبولس مطر والخوري عبدو أبو كسم، وجميع الكهنة، ومختار بيصور ورؤساء البلديّات والمجالس البلديّة والإختياريّة، والأستاذ مارون سمعان على الكلمة التّرحيبيّة.
فرحتي كبيرة اليوم بوجودي بينكم في هذه المنطقة الّتي عانت وقدّمت الكثير وما زالت صامدة بشفاعة مارمارون، وخاصّة بعد التّهجير عامّ 1985، عندما عدتم وبنيتم ورمّمتم وكان اتّكالكم على ذاتكم وعلى الله، وحافظتم على كرامتكم. وهذا ما نتمنّاه دومًا، أن تبقى هذه الكرامة فوق كلّ اعتبار. ولكن عندما تُداس هذه الكرامة أو تُنتهك سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو ماليًّا أو اجتماعيًّا، يصبح الأمر غير مقبول".
وأضاف الرّاعي: "إنّ قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني، في الرّسالة الأولى الّتي وجّهها عامّ 1978، بعد انتخابه، قال فيها أنّ الإنسان هو طريق المسيح وبالتّالي يجب أن يكون طريق الكنيسة، وبالتّالي طريق كلّ من يتعاطى الشّأن العامّ والسّياسيّ، فالكنيسة تفقد مبرّر وجودها إذا لم يكن طريقها هو الإنسان، وخدمة الإنسان، وكذلك السّلطة السّياسيّة تفقد كلّ معنى وجودها إذا لم يكن الإنسان هو هدف خدمتها".
وتابع الرّاعي: "إذا عدتم معي بالذّاكرة إلى جلسة مجلس النّواب الشّهيرة الّتي تحدّث فيها الجميع عن الفساد، لم نستطع حينها أن نفهم أين يكمن هذا الفساد، وكأنّه في الهواء. يجب أن نقول أين هو الفساد، وأن نسمّيه ونحدّد مكانه، في هذه الوزارة وفي تلك الإدارة وفي هذا المركز وفي هذا الشّخص. وإلّا سنبقى نراوح مكاننا".
وإختتم قائلًا: "إنّ الأحداث الّتي عشناها هي أكبر دليل على أنّه لا يمكن إقصاء أيّ طرف من لبنان، وإنّ فرادة لبنان هي في تنوّعه. إنّ من يخلق النّزاعات والحروب هم مجانين، لأنّهم لو فكّروا ولو قليلًا لما وصلنا إلى أيّ خراب".
ومن بيصور، تابع البطريرك الرّاعي جولته وصولًا إلى رعيّة مار يوسف - مزرعة المطحنة، حيث كان في استقباله حشد من أهالي والفعاليّات الدّينيّة والاجتماعيّة، وكان لخادم الرّعيّة الخوري سام اسكندر كلمة ترحيبيّة جاء فيها: "إنّ أبناء رعيّة مار يوسف - مزرعة المطحنة، تغمرهم فرحة كبيرة باستقبالكم، وهم يعتبرون حضوركم بينهم بركة ونعمة كبيرة من الله ويطلبون بركتكم وصلاتكم للثّالوث الأقدس ولشفيع كنيستهم مار يوسف البتول لكي تزيد الشّركة والمحبّة والوحدة فيما بينهم.
صاحب الغبطة، إنّ مزرعة المطحنة هي بلدة الثّقافة والعلم، وهي كحال معظم بلداتنا، الفرقة فيها صعبة والشّرذمة انكسارًا، والمناصب ليست مكسبًا ما دامت تحدّيًا".
أمّا مختار مزرعة المطحنة الأستاذ سعيد جبران، فألقى بدوره كلمة ترحيبيّة، أبرز ما جاء فيها: "لا غرابة في أن تكون يا صاحب الغبطة دائمًا السّبّاق في زياراتك إلى مختلف المناطق، ألستم أوّل بطريرك مارونيّ قام بزيارة العراق، والسّعودية، وتركيا؟ إنّ الشّعار الّذي أطلقته يوم انتخابكم "شركة ومحبّة"، لم يكن مجرّد شعار، بل وضعته موضع التّنفيذ في كلّ مواقفك ومسيرتك، وفهمت مجد لبنان في الانفتاح على الآخر معلنًا أنّ "مجد لبنان يُنتقص بالإنغلاق على الذّات والتّقوّقع، لكنّه ينمو ويعلو بالانفتاح على الآخر على هذا الشّرق وعلى العالم، ولكن يُعطى المجد للبنان وشعبه إذا كنّا كلّنا للوطن"، وإنّ أبناء هذه المنطقة كلّهم للوطن قولًا وفعلًا".
وإختتم قائلًا: "يُضاعف سرورنا أن تكون هذه الزّيارة في ذكرى مولد العذراء، شفيعتنا جميعًا في هذه المنطقة، سيّدة بسري العجائبيّة، ونحن نرى في زيارتكم أبعادًا وأصداءًا لرسالتكم الّتي إختارتكم العناية الإلهيّة لتأديتها وهي رسالة السّلام".
وإلى رعيّة سيّدة بسري توجّه صاحب الغبطة في نفس الأجواء الّتي رافقت محطّات الزّيارة الّتي انطلقت منذ الصّباح، فكانت الوفود في استقباله في بسري، والكلمة التّرحيبيّة الأولى كانت لخادم الرّعيّة الخوري سام اسكندر، وأبرز ما جاء فيها: "لقد شرّفتم اليوم يا صاحب الغبطة إلى الأرض البعيدة، البعيدة عن أعين المسّؤولين واهتماماتهم، إلى أرض ورثناها عن أجداد حافظوا عليها بالدّماء وعرق الجبين. إنّ لكنيسة سيّدة البسري ألف نعمة ونعمة وآلاف الشّفاءات الّتي يردّدها الكثيرون، وإنّ افتقادكم لنا اليوم، يثبّت فينا الرّجاء والإيمان بأنّه مهما انتظرتنا مفاجآت، ستكون مجرّد آلام مؤقّتة لأنّ المسيح أرسلكم إلينا علامة رجاء".
ثمّ كان لمختار بسري رشيد نمر كلمة قال فيها: "نحن نعلم يا صاحب الغبطة أنّكم تتحمّلون مشاكل ومصاعب هذا الوطن، وبحكمتكم تضعون الأمور في نصابها القويم، لذلك يا صاحب الغبطة لا بدّ من التّطرّق إلى موضوع سدّ بسري الكارثيّ الّذي ستقيمه الدّولة.
هل تعلم يا صاحب الغبطة كم من أرتال آليات محمّلة بالأتربة والصّخور، وكم من التّفجيرات الّتي ستحصل طيلة فترة التّحضير للسّدّ، وكم من المعالم الدّينيّة والأثريّة الّتي سيتمّ طمرها أو نقلها؟ لقد بدأ تحضير البنى التّحتيّة لهذا المشروع في بيروت منذ العام 2005، ولم نعلم نحن إلّا سنة 2015، حيث تمّ استملاك الأراضي من قِبل الدّولة ولم يبقى للأهالي لا حول ولا قوّة".
أمّا البطريرك الرّاعي، فكانت له كلمة بعد زيارة رعيتي مار يوسف مزرعة المطحنة، وسيّدة بسري العجائبيّة، وعد فيها بمتابعة موضوع سدّ بسري مع الجهات الرّسميّة المعنيّة. وأضاف: "سنطرح الموضوع من ناحية علميّة، فليس هناك استنساب في الأمر، بل هو يحتاج إلى دراسة جدّيّة، على الرّغم من وجود دراسات عديدة حوله. ونأمل الوصول إلى خواتيم سليمة في موضوع سدّ بسرّيّ، وخوفكم مبرّر ومفهوم".
وتابع: "إسمحوا لي أن أهنّئكم اليوم بذكرى ميلاد مريم العذراء والّذي تحتفلون به في سيّدة بسري العجائبيّة الّتي نسلّمها حياتنا، ونطلب منها القيام بأعجوبة في موضوع السّدّ، للحدّ من المخاطر الّتي يمكن أن تحصل.
ولا يمكنني أن أنسى شهداءكم العشرة الّذي دفعوا الثّمن سنة 1985 فداءً للوطن، وهم باقون دائمًا في الذّاكرة. فالشّهادة هي في صلب تاريخ المسيحيّين.
أنا أحيّي كلّ القيّمين على هذه الزّيارة، وكاهن الرّعيّة الخوري سام اسكندر، ومختار بسري، ومختار مزرعة المطحنة، وكلّ الفعاليّات العسكريّة والقضائيّة، فهذه الأرض خصبة بعطائها رجال فكر وعسكر وقضاء وثقافة".
وإختتم قائلًا: "أريد أن أهنّئكم بعيد ميلاد أمّنا مريم العذراء، وأذكّركم بالمقولة الشّهيرة "يوم ميلاد مريم العذراء بزغ نور الخلاص" لأنّه يوم تكوّنت في حشاء أمّها عصمها الله من الخطيئة الأصليّة، وهذا يعني أنّ الله يرافق كلّ واحد منّا، منذ لحظة تكوينه، ويعطيه دورًا في تاريخ الخلاص، وعلينا جميعًا أن نسأل ما هو دورنا الّذي يطلبه الله منّا في مسيرة الخلاص. نطلب من أمّنا العذراء أن تبقى ساهرة على همومكم وحمايتكم، وكلّ عيد وأنتم بخير".
ومن رعيّة بسري إلى خربة بسري توجّه البطريرك الرّاعي والوفد المرافق، حيث إستقبله حشد شعبيّ وكان أيضًا لمختار المنطقة السّيّد شفيق عيد كلمة ترحيبيّة شدّدت على فرحة الأهالي والمنطقة بزيارة الرّاعي، وأبرز ما جاء فيها: "إنّ زيارتكم لهذه الرّعيّة هي حلم حقّقه القدّيس شربل، بفضل كنسيته الّتي نقف أمامها اليوم، هذه الكنيسة الحلم، الّتي شُيّدت في خلال ثلاثّ سنوات، بفضل الخيّرين من أهالي المنطقة، وهي فعل إيمان وتجذّر بأرضنا وكنيستنا الّتي تعلّمنا العيش المشترك والمحبّة. وبالرّغم من أنّ الدّولة غائبة عنّا لاسيّما على صعيد الخدمات، إلّا أنّ البلدة ليست سائبة، فنحن أبناؤها".
وبدوره ألقى الرّاعي كلمة، جاء فيها: "تحيّة كبيرة لهذه البلدة الجميلة والكبيرة، خربة بسري، إنّها بلدة كبيرة بأهلها وسكّانها. هنا الكثير من القلوب المُحبّة والمؤمنة، والدّليل الأكبر هو بنيانكم لكنيسة مارشربل. وأحيّي أيضًا آباء دير المخلّص الّذين قدّموا الأرض لبناء هذه الكنيسة. أنا أدرك حجم المعاناة الّتي مررتم بها، ليس فقط من الزّلزال عامّ 1956، بل من الأحداث الّتي تلت الزّلزال أيضًا، ودفعتم أثمانًا باهظة، لذا أنا أحيّي تمسّككم بأرضكم وصمودكم في هذه الأرض الجميلة".
وإختتم البطريرك: "المطلوب اليوم أن يكون هناك فرص عمل في المؤسّسات العامّة والخاصّة لأهلنا في هذه المنطقة لنتمكّن من تحقيق العودة الكاملة والحقيقيّة".
وإلى الزعروريّة وصل البطريرك الراعي متابعًا زيارته الرّاعويّة لأبرشيّة صيدا، حيث كانت حشود المؤمنين في استقباله بالإضافة إلى فعاليّات المنطقة يتقدّمهم النّائب الدّكتور بلال عبدالله ومدير عامّ قوى الأمن الدّاخليّ اللّواء عماد عثمان، وعدد من الآباء، وعلى رأسهم كاهن رعيّة الزعروريّة الخوري بطرس الهاشم الّذي رحّب بالرّاعي في كلمة أبرز ما جاء فيها:
"لقد زرتمونا اليوم يا صاحب الغبطة في ليلة مولد السّيّدة العذراء، لتكون ولادة وبداية جديدة لهذه البلدة المباركة، وكم نحن بحاجة في هذا الوطن لبدايات جديدة، بدايات يسودها الرّحمة والاعتدال الّذي أسّست له عبر السّنوات عصا بكركيّ الّتي هزّت العالم، والّتي لم تضرب أحدًا يومًا، بل كانت بمجرّد أن تتحرّك ، يلتفّ حولها الخراف. عصا بكركيّ قادرة على إزالة الظّلمات ومدّ الجسور. وتبقى لنا عصا بكركيّ هي عكّازنا وتعزيتنا، ودمتم لنا بشارة وراعيًا".
من جهّته ألقى رئيس المجلس البلديّ في الزعرورية السّيّد سلام عثمان كلمة جاء فيها: "نحن أهل هذه البلدة المعطاء نؤمن بالدّولة الحرّة السّيّدة، ونحترم مؤسّساتها ونلتزم بقوانينها، ونرجو من حضرتكم أن يبقى همّكم كما كان، العناد في المحافظة على هذا البلد الصّغير بجغرافيّته والغني بتنوّعه".
الكردينال الرّاعي ردّ على الكلمات التّرحيبيّة بكلمة قال فيها: "يسعدني أن أكون اليوم في الزعروريّة، هذه البلدة الجميلة بأرضها وشعبها، وأنا سعيد بوجود اللّواء عماد عثمان إبن هذه البلدة ومدير عامّ قوى الأمن الدّاخليّ، وأدعو لله أن يوفّقكم في هذه المهمّة الصّعبة، في ظلّ الأوضاع الرّاهنة، لأنّ الشّعب اليوم يحتاج للشّعور بثقة في مؤسّسات الدّولة.
تعرّفت في هذه الزّيارة على بلدتكم وأهلها ولاحظت أنّكم تعيشون كعائلة واحدة مترابطة، وأحيّي أيضًا في المناسبة كاهن الرّعيّة على كلمته اللّطيفة، وأشكر سعادة النّائب الدّكتور بلال عبدالله على حضوره معنا، ورئيس المجلس البلديّ سلام عثمان. يقول البابا فرنسيس أنّ الإسم الجديد للسّلام هو الإنماء، وهذا ما تعملون عليه من خلال مجلسكم البلديّ".
وأضاف الرّاعي: "لقد لفتني خلال الجولة الّتي قمت بها مع اللّواء عثمان ورئيس المجلس البلديّ، كلامهما عن بناء الكنيسة الجديدة واندفاعهم لتأمين وإتمام هذا المشروع، وهذا دليل على وحدة العيش في هذه المنطقة.
أريد أن أذكر اليوم معكم، شهيدي القضاء، القاضي عاصم أبو ضاهر، والقاضي حسن عثمان، استشهدوا ليبقى القضاء مستمرًّا لخدمة العدالة والحقّ".
وإختتم البطريرك قائلًا: "أنا سعيد جدًّا بوجودي معكم اليوم، وأتمنّى لكم كلّ خير وتوفيق، وأشكر حضوركم وانتظاركم لنا، وأنا عشت فرح العائلة اللّبنانيّة الحقيقيّة بينكم، وأنا أؤيّد حرص المجلس البلديّ على المحافظة على أرض البلدة، لأنّ الأرض هي الكرامة والأمّ والوطن، وأتمنّى أن تنتقل هذه العدوى إلى كلّ الأراضي اللّبنانيّة لنحافظ على التّنوّع والتّاريخ والحضارة".
المحطّة الأخيرة في اليوم الأوّل من زيارة البطريرك الرّاعي إلى أبرشيّة صيدا، كانت في كاتدرائيّة سيّدة الخلاص في بيت الدّين، حيث احتفل بالذّبيحة الإلهيّة بحضور حشد كبير من المؤمنين يتقدّمهم النّائب مروان حمادة ممثّلًا النّائب تيمور جنبلاط والنّواب ماريو عون، ابراهيم عازار، بلال عبدالله والوزراء السّابقين جوزف الهاشم وطارق الخطيب ورئيس بلديّة بيت الدّين طوني عازار ومختارها مارون غيّاض وعدد من الفعاليّات السّياسيّة والقضائيّة والعسكريّة والحزبيّة ورؤساء بلديّات ومخاتير. وقد عاون الرّاعي في القدّاس المطران مارون العمّار والنّائب العامّ المونسنيور مارون كيوان وكاهن الرّعيّة الخوري طانيوس طانيوس والمونسنيور أمين شاهين والخوري عبدو بو كسم والخوري هنري كرم.
وبعد القدّاس تبادل البطريرك الرّتعي والمطران عمّار تهاني العيد مع المشاركين في الذّبيحة الإلهيّة.