لبنان
09 آذار 2018, 07:30

البطريرك الرّاعي في احتفال مكتب راعويّة المرأة في اليوم العالميّ للمرأة: يا ربّ نحن نشكرك على المرأة

رعى البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بعد ظهر أمس، على مسرح الصّرح البطريركيّ في بكركي احتفالاً بعنوان منتمية ومبادرة بدعوة من مكتب راعويّة المرأة في الدّائرة البطريركيّة بمناسبة اليوم العالميّ للمرأة بحضور المطارنة بولس مطر، حنّا علوان، طانيوس الخوري، سمعان عطالله، منسقّة مكتب راعويّة المرأة الأمّ دومينيك الحلبي، عدد من الكهنة والرّاهبات، هيئات رسميّة ودينيّة واجتماعيّة إضافة إلى حشد من السّيّدات من لجان المرأة من مختلف الأبرشيّات.

 

استهلّ اللّقاء بالنّشيد الوطنيّ اللّبنانيّ، تلته كلمة ترحيبيّة لعرّيفة الحفل داني الجمّيل شكرت فيها البطريرك الرّاعي على دعمه لعمل مكتب راعويّة المرأة الّذي أطلقه في 7 آذار من العام 2012 من الصّرح البطريركيّ في بكركي والّذي بلغ عدد لجانه حتّى اليوم 10 لجان توزّعت على الأبرشيّات المارونيّة في لبنان.

بعدها أنشد المرنّم كارل قشوع ترنيمة آفي ماريا، تبعه عرض لوثائقيّ عن أهمّ الإنجازات والنّشاطات الّتي قامت بها لجان المرأة في الأبرشيّات تضمن مداخلات لعدد من أساقفة الأبرشيّات شدّدت على "أهمّيّة دور هذه اللّجان ودور المرأة في الكنيسة والمجتمع لما تتمتّع به من حسّ خلّاق وإبداع.

كما سلّط الوثائقيّ الضّوء على محاور مختلفة وعلى المؤتمرات الّتي عقدها مكتب راعويّة المرأة لإبراز "مكانتها في المجتمع والعائلة والكنيسة على ضوء التّحدّيات في عالمنا المعاصر".

وتخلّل الوثائقيّ لقاء جمع  البطريرك الرّاعي مع الأمّ الحلبيّ شدّد في خلاله البطريرك الرّاعي على "أهمّيّة دور المرأة في الكنيسة وأينما وجدت"، معربًا عن تقديره الكبير "لنشاط لجان مكتب راعويّة المرأة الّذي انطلق في العام 2012،" ومستشهدًا بقول ملفت "إذا أردت أن تتعرّف إلى أخلاقيّة شعب أنظر إلى وجوه نسائه".

كما لفت البطريرك إلى أنّ "موقع المرأة في الكنيسة أظهر أنّها في الخطوط الأماميّة وهي حاضرة وفاعلة في قلب الكنيسة على الرّغم من أن وجودها هو شبه معدوم في لجان إدارة الأوقاف".

ثم كان عزف لماريا بو خرس على القيثارة تلته كلمة للدّكتورة ميرنا مزوق شكرت في خلالها "كلّ من ساهم في إنجاح هذا الحفل".

ووضعت مزوق أمام الرّاعي "كلّ التّحدّيات الّتي تحدّق بدور المرأة من علاقة الأولاد بالكنيسة إلى تعاليم الكنيسة لمواجهة الانحراف وصولاً إلى التّضليلات الإعلاميّة الكبيرة"، مؤكّدة أنّ "ما يلزم لمواجهة هذه التّحدّيات هي سيّدات فاعلات وفعّالات، فكلّ امرأة هي منتمية للإنجيل ومبادرة للعمل في حقل الرّبّ".

وبعد رفع الصّلوات على نيّة المرأة لكي "تنعم بروح البطولة والإبداع على الرّغم من كلّ التّحدّيات، ألقى البطريرك الرّاعي كلمة ختاميّة قال فيها: "لقد عاد كلّ واحد منّا معكم اليوم وفي خلال هذا اللّقاء إلى أمّه وأخته وجدّته. تذكّرنا جميعنا أنّنا تربّينا على أيديهم. شكرًا لمكتب راعويّة المرأة على ما قدّمه وبشكل فنّيّ كبير جسد من خلاله الموضوع الّذي اتّخذه بعنوان "منتمية ومبادرة"، في البداية كما في النّهاية. البداية اختصرتها عرّيفة الحفل بكلمة نعم الّتي قالتها مريم للملاك وانتمائها لتدبير الله الخلاصيّ والمبادرة عندما أسرعت للخدمة. وفي الصّلوات الأخيرة أعدتم مفاهيم المرأة المنتمية والمبادرة".

وتابع الرّاعي: "أحيّي في اليوم العالميّ للمرأة كلّ امرأة: الأمّ والأخت والمكرّسة، الأمّ الّتي تعمل في الخفاء، الأمّ المريضة والأمّ الموجودة في كلّ قطاعات الحياة. اليوم هو عيدكم وعيد العائلة والكنيسة وعيد المجتمع والأوطان. بعودتنا للبدايات يسوع تربّى على يد مريم الأمّ. الإله الّذي صار إنسانًا كان بحاجة لأمّ. القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني يقول لا أحد يعرف وجه يسوع كأمّه مريم فهي الّتي حملته وربّته وهيّأته للرّسالة الّتي تمّمها وهو أخذ كلّ قوّته من مريم أمّه. وفي الكنيسة قدّيسنا العظيم أغسطينوس يكمن سرّ ارتداده لأمّه الّتي صلّت وبكت فكان القدّيس أغوسطينوس من أهمّ القدّيسين بفضل أمّه مونيكا. وفي العائلة لا أحد يمكنه تصوّر كم أنّ الأمّ مؤثّرة في تربيتها وهذا ما اختبرناه جميعنا. وعن دور الأمّ وتأثيره في حياة العائلة أذكر الرّئيس الأميركيّ لينكولن الّذي تميّز في حياته بمبادراته وثقافته وعند سؤاله عن مصدر ثقافته أجاب أملك كتابًا أساسيًّا أقرأه واسمه أمّي. كذلك عند قراءتي كتاب الرّئيس الفرنسيّ الحاليّ ماكرون هذا الشّابّ الّذي يبلغ الـ38 عامًا وفي revolution et combat pour la france فوجئت أنّه كتب مليًّا في الفصل الأوّل عن جدّته الّتي تربّى على يديها ويروي كيف ربّته وعلّمته واعتنت به ويقول اليوم توفّيت ولكنّني اتذكّر وجهها يوميًّا وإرشاداتها وما كانت تقوله. وهذا لأقول إنّه في الكنيسة وفي الدّولة المرأة هي صاحبة القرار لأنّها هي الّتي تربّي الأجيال وفي كلّ المجتمعات المرأة هي الّتي تقوم بالمبادرات على مختلف أنواعها".

ووجّه البطريرك الرّاعي كلمة "شكر وتقدير لكلّ امرأة في الظّرف والوضع الّذي تعيشه في البيت أو المجتمع أو الكنيسة"، وقال: "نشكر المرأة على انتمائها للعائلة وللمجتمع والدّولة والكنيسة وشكرًا لكلّ المبادرات الّتي تقوم بها في هذه القطاعات الأربعة. المرأة أينما كان هي روح كلّنا اختبرناه. ما من مجتمعات من دون هذه الرّوح الّتي هي المرأة وهذا ما تحدّث عنه قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني عندما شكر الثّالوث الأقدس على سرّ المرأة هذه العطيّة العظمى الّتي أعطاها الرّبّ لمجتمعاتنا".

وتابع:" من المؤسف اليوم أن يجعل بعضهم المرأة سلعة ويحتقرها. هناك مجتمعات تنظر إليها نظرة دونيّة وهذا يؤسفنا ونحن نعمل من أجل أن تتحرّر المرأة وأن تعيش جمال حياتها وعطاءاتها. مشكلتنا ليست في تعاليم الكنيسة وإنّما في الأنظمة والتّقاليد الموجودة الّتي تؤثّر على حياة المرأة. ونحن كمسيحيّين نحمل رسالة ثقافتنا الكنسيّة والإنجيليّة، وكلّ تعليم الكنيسة يتحدّث عن المساواة بين الرّجل والمرأة ونحن على تقدّم في هذا الأمر. ففي لبنان 111 مرشّحة للانتخابات النّيابيّة نتمنّى أن ينجح الرّبع منهنّ لأنّهن يعطين الحياة والمعنى. للمرأة الكاريزما الخاصّة بها سواء في منزلها أو خارجه. هذا هو سرّ المرأة ونتمنّى من الدّولة اللّبنانيّة ومن الشّعب اللّبنانيّ أن يسخى بصوته للمرأة فمن الجيّد أن يكون عندنا عددًا ملفتّا في المجلس النّيابيّ والإدارات لأنّ لبنان بحاجة لأشخاص يعملون من كلّ قلبهم وبجدّيّة والمرأة تعمل بجدّيّة ومن كلّ قلبها وهذا أمر معروف".

وختم البطريرك الرّاعي قائلاً: "في هذا اليوم الجميل اليوم العالميّ للمرأة نحيّي كلّ امرأة بينكم وكلّ امرأة لبنانيّة وفي العالم أجمع ومع البابا يوحنّا بولس الثّاني القدّيس نقول: يا ربّ نحن نشكرك على المرأة."

وفي الختام، أنشد الجميع ترنيمة "تعظّم نفسي الرّبّ".