لبنان
17 أيار 2018, 13:53

البطريرك الرّاعي: شعبنا يعاني البطالة والفقر والحرمان

ترأّس غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي قبل ظهر اليوم الخميس 17 أيّار/ مايو 2018، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، اجتماعًا للمؤسّسات المارونيّة، شارك فيه رئيس المؤسّسة المارونيّة للانتشار النّائب المنتخب نعمة افرام ونائبه شارل حاج، رئيس المجلس العام المارونيّ الوزير السّابق وديع الخازن على رأس وفد من الهيئة التّنفيذيّة للمجلس، رئيس الرّابطة المارونيّة النّقيب انطوان اقليموس، المنسّق العام بين المؤسّسات انطوان ازعور وأمين سرّ مكتب التّنسيق جورج عرب، نائب رئيس المؤسّسة البطريركيّة المارونيّة العالميّة للإنماء الشّامل سليم صفير ومارون الحلو، رئيس الصّندوق الاجتماعيّ التّعاضدي الصّحّيّ الأب جورج صقر، رئيس "حركة الأرض" طلال الدّويهي، رئيس "مؤسّسة لابورا" الأب طوني خضرا، رئيس "المركز الكاثوليكيّ للإعلام" الأب عبدو ابو كسم، النّائب البطريركيّ المطران بولس عبد السّاتر، مدير المركز المارونيّ للأبحاث والتّوثيق الأباتي انطوان خليفة، المحامي سيرج عويس، الخبير شادي زين، تانيا توتنجي، وممثّلون عن باقي المؤسّسات.

 

رفع غبطته صلاة مشتركة، وألقى بعدها كلمة افتتاحيّة جاء فيها: يسعدني أن أرحّب بكم، أنتم المسؤولين عن المؤسّسات التّابعة للبطريركيّة أو المتعاونة معها، وممثّليها، في إطار التّنسيق فيما بينها، من أجل التّكامل والتّعاون والشّموليّة في الخدمة. في المرحلة الأولى، أصدر مكتب التّنسيق "الدّليل" الذي عرف بكل مؤسّسة وبأهدافها ومساحة عملها، وقارن في ما بينها، ووضع خلاصة العقبات في عمل كلّ مؤسّسة، مقترحًا آليّة لتفعيله، وأخيرًا عرض بعض مبادرات إنمائيّة".

 

أضاف غبطته: "أمّا اليوم، فينبغي أن نخطو خطوة إلى الأمام، فيما شعبنا يتطلّع إلى هذا الكرسيّ البطريركيّ، وهو في حال قلق على المصير بسبب الأزمات السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة. شعبنا يعاني البطالة والفقر والحرمان، وشبابنا وقوانا الحيّة تهاجر وتفرغ الوطن إلى بلدان تحترم الإنسان، وتفسح له في المجال ليحقق ذاته، ويحفّز مواهبه وقدراته. وما يؤلم شعبنا بالأكثر الرّكود الاقتصاديّ في كلّ قطاعات الاقتصاد، لسببين أساسيّين، بالإضافة إلى عدم الاستقرار في العالم العربيّ، وهما: غياب خطة اقتصاديّة واعية ومسؤولة تؤمّن النّموّ، والفساد المتزايد الظّاهر في نهب المال العام. وقد قال أحد رؤساء الحكومة السّابقين (نجيب ميقاتي): "البلد مش منكوب، البلد منهوب". الأمر الذي يعرقل الإصلاحات الإداريّة والماليّة والبنى التّحتيّة التي يتطلبها المجتمع الدّوليّ الدّاعم للبنان وقد أعرب عنها في الشّهرين السّابقين في كلّ من مؤتمر روما وباريس وبروكسل".

 

وتابع غبطته: "كلّ هذه الأمور تؤخر اطلاق مشروع الشّراكة بين القطاعين العام والخاصّ، وتعزيز بيئة عمل القطاع الخاصّ. هذا فضلًا عن أزمة اجتماعيّة وثقافيّة كبيرة، هي أزمة التّعليم في المدارس الخاصّة. وهو تعليم من حقّ الأهل اختياره لأولادهم بحكم الدّستور. هذه الأزمة سببها القانون 46/2017 الذي أقرّ زيادات باهظة على رواتب المعلّمين من شأنه أن يستدعي زيادة الأقساط المدرسيّة بمّا يفوق قدرة أهالي التّلامذة. والمدارس غير مستعدة لزيادتها بسبب عجز الأهل، علمًا أنّ هؤلاء يعانون من ثقل الأقساط الحاليّة، والمدارس تبذل جهدها لمساعدتهم. أمّا بعد صدور القانون 46، فعدد كبير من المدارس ستقفل أبوابها، ويزج مئات ومئات من المعلّمين والموظّفين في عالم البطالة. إنّ قيمة الزّيادة على رواتب 11،350 معلّمًا التي أقرّها القانون 46 تبلغ 120 مليون دولار أميركيّ".

 

وختم غبطته: "لقد ذكرت كلّ هذه الهموم التي تعنينا جميعًا، لكي نعمل معًا على وضع خطّة استراتيجيّة من أجل حماية شعبنا والمحافظة عليه، باذلين كلّ ما بوسعنا من جهود وطاقات على مختلف الأصعدة. فلا نخاف من هول المشكلات. فرحلة الألف ميل تبدأ بالميل الأوّل".

 

ثمّ كان عرض لجدول أعمال الاجتماع الذي تناول عددًا من المبادرات التي تعمل هذه المؤسّسات على تطويرها لتخلق فرص عمل جديدة للشّباب الطّالع وتحدّ من هجرة العائلات ومنها إمكانيّة التّعاون مع مؤسّسات غربيّة في هذا السّياق، ومواكبة التّطوّر التّكنولوجيّ وتفعيل برامج تبادل الخبرات والاستثمار لمزيد من النّموّ الاقتصاديّ.

كما توقّف المجتمعون عند موضوع الأزمة الحاليّة التي تعاني منها المدارس الخاصّة في لبنان وتداعياتها على المدرسة والأهل والطّلاب والأساتذة معًا، مؤكّدين على خطورة الأمر وعلى ضرورة إيجاد حلّ جذريّ يكون بالتّعاون مع الدّولة التي من واجبها تأمين التّعليم لأبنائها على غرار ما تقدّمه الدّول الرّاقية من دعم للتّعليم الخاصّ، لأنّ القطاع التّربويّ هو قطاع حيويّ وهو يشكّل مصدرًا لثروة لبنان الحقيقيّة وهي أجياله المستقبليّة.

 

وكان البطريرك الرّاعي قد ترأّس ظهر يوم الأربعاء 16 أيّار/ مايو 2018، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، اجتماعًا تشاوريًّا حضره أعضاء اللّجنة المنبثقة عن مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك لمتابعة تداعيات القانون 46/2017 ومسؤولين تربويّين، "لإيجاد حلول للأزمة التي تعاني منها المدارس الخاصّة والأهل والمعلّمين والتي جاءت نتيجة لإقرار القانون 46 وعدم إمكانيّة تطبيقه وما نتج عن ذلك من تداعيات كان لها أثرها الواضح على الأوضاع الاجتماعيّة ومستقبل المدرسة الخاصّة وتلامذتها."

 

وأكّد المجتمعون على "أهميّة التّنسيق بين مختلف مكوّنات الأسرة التّربويّة لإيجاد حلّ يناسب الجميع والتّركيز على هدف واحد وهو مستقبل الأجيال الطّالعة التي تشكل ثروة لبنان الأساسيّة، إضافة إلى العمل على وضع دراسات تربويّة في هذا الإطار تؤمّن انطلاقة واقعيّة وسليمة للعام الدّراسيّ المقبل وذلك بالتّعاون والتّنسيق مع جميع المعنيّين بهذا الملف التّربويّ الهام."