لبنان
29 آب 2018, 05:00

البطريرك الرّاعي استقبل الرّئيس السّويسريّ في الدّيمان

إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر أمس الثّلاثاء، في الصّرح البطريركيّ في الدّيمان، رئيس الاتّحاد السّويسريّ آلان بيرسي على رأس وفد رسميّ ضمّ وزير الدّولة لشؤون الهجرة أورس فون آرب Urs Von Arb ومدير شؤون الشّرق الأوسط وأفريقيا في وزارة الخارجيّة، السّفير ولفغانغ أمادوس برولهارتWolfgang Amadeus Bruelhart، السّفيرة السّويسريّة في لبنان مونيكا شموتز كيزغوزMonika Schmutz Kirgos، المستشار الدّبلوماسيّ في الرّئاسة السّويسريّة تيرنس بيللوترTerence Billeter وعدد من المستشارين، يرافقهم رئيس بعثة الشّرف وزير الدّولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا التّويني ممثّلاً رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة العماد ميشال عون، بحضور البطاركة: بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر يازجي، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأوّل، بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، بطريرك الكنيسة السّريانيّة الأرثوذكسيّة مار إغناطيوس أفرام الثّاني، السّفير البابويّ في لبنان المونسنيور جوزيف سبيتري، رئيس الطّائفة الإنجيليّة القسّ سليم صهيوني، ممثّل مفتي الجمهوريّة اللّبنانيّة الشّيخ عبد اللّطيف دريان الشّيخ خلدون عريمط، ممثّل رئيس المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى الإمام عبد الأمير قبلان الشّيخ أحمد قبلان المفتي الجعفريّ الممتاز، ممثّل شيخ عقل طائفة الموحّدين الدّروز الشّيخ نعيم حسن القاضي المذهبيّ الشّيخ غاندي مكارم، الشّيخ سامي عبد الخالق عضو المجلس المذهبيّ، وممثّلي قائمقام رئيس المجلس الإسلاميّ العلويّ الشّيخ محمّد عصفور السّيدين جلال أسعد وجلال ضاهر، أمين عامّ المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى نزيه جمّول، الأمير حارث شهاب والأستاذ محمّد السّمّاك عضوي اللّجنة الوطنيّة المسيحيّة الإسلاميّة للحوار.

 

إستهلّ اللّقاء بكلمة ترحيبيّة ألقاها البطريرك الرّاعي وجّه فيها نداء إلى الأسرة الدّوليّة لوقف الحروب والصّراعات وتأمين عودة اللّاجئين والنّازحين إلى بلدانهم، وقال:" باسم أصحاب القداسة والغبطة والسّعادة البطاركة، السّفير البابويّ، الأساقفة، أصحاب المقامات الرّفيعة الشّيوخ المسلمين ممثّلي رؤساء الطّوائف السّنّيّة والشّيعيّة والدّرزيّة والعلويّة وأعضاء لجنة  الحوار بين الأديان الإسلاميّة والمسيحيّة،

يسعدني ويشرّفني أن أرحّب بكم سيّد الرّئيس وبمعالي الوزير ممثّلاً فخامة رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة وبالشّخصيّات السّويسريّة واللّبنانيّة المرافقة.

 

إن هذا الحضور لأصحاب المقامات الرّفيعة المسلمة والمسيحيّة تعبّر بوضوح عن خصوصيّة لبنان كبلد تلاقي وحوار بين الأديان.

 

في الواقع تعيش على هذه الأرض اللّبنانيّة جميع الكنائس الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة والبروتستانتيّة، وهي تنتمي إلى مجلس كنائس الشّرق الأوسط، هذا على الصّعيد الإقليميّ. أمّا على الصّعيد الوطنيّ فنحن نتعاون معًا ونتّحد في حياة مسكونيّة روحيّة وراعويّة بالمحبّة والحقيقة.

 

كما نعيش على الأراضي اللّبنانيّة جماعات مسلمة: سنّيّة وشيعيّة ودرزيّة وعلويّة، تجمعنا بها روح من الأخوّة والتّعاون وسط حوار بين الأديان والثّقافات والمصير. هذا إضافة الى المشاركة في السّلطة وفي إدارة البلاد من دون أن يكون هناك دين للدّولة ولكن باحترام كلّ الدّيانات فإنّ كلّ شيء منظّم وفق الدّستور والميثاق الوطنيّ.

إنّ هذه الخصوصيّة المزدوجة الّتي تميّز لبنان سواء على الصّعيد المسكونيّ أو على صعيد الحوار بين الأديان تجعل من هذا البلد بلد رسالة ونموذجًا كما وصفه قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني.

 

وفي هذه الأوقات الصّعبة الّتي تمرّ بها بلدان الشّرق الأوسط ندرك تمامًا كم أنّ هذا التّعاون والتّعايش بين المسيحيّين والمسلمين يشكّل منارة أمل لشعوب هذه المنطقة المعذّبة.

 

نوجّه نداء إلى الأسرة الدّوليّة لكي تتحمّل مسؤوليّتها وتبذل جهدها لوضع حدّ للصّراعات والحروب الدّائرة ولتأمين عودة كريمة للّاجئين الفلسطينيّين والنّازحين السّوريّين والعراقيّين وغيرهم إلى بلادهم. وحقّ العودة هذا يجب أن يكون أولوية. فهذا من حقّهم كمواطنين أن يحافظوا على ثقافتهم وحضارتهم وأن يستمرّوا في كتابة تاريخهم. لذلك لا يجب ربط مسألة عودتهم بالحلول  السّياسيّة الّتي  قد يستغرق سنين وسنين نظرًا لارتباطه بمصالح القوى النّافذة".

 

بدوره شكر الرّئيس السّويسريّ آلان بيرسيه البطريرك الرّاعي على حفاوة الاستقبال معربًا عن تأثّره بهذا اللّقاء الجامع وقال: "لقد تشرّفت بهذه الضّيافة وحفاوة الاستقبال وأنا أترجم هذا اللّقاء  كعلامة صداقة تجمع بين بلدينا وكعلامة اهتمام على التّبادل المثمر بين بلدينا والعلاقة التّاريخيّة العريقة الّتي تجمعنا، والتّجربة التّاريخيّة أيضّا الّتي عشناها كما عاشها لبنان والغنيّة بالتّنوّع والتّسامح."

 

وأضاف بيرسيه: "زيارتي إلى لبنان هي علامة دعم لهذا البلد في وقت يشهد فيه الشّرق الأوسط عدائيّة تضعفه وتنهكه وفي غالبيّتها دينيّة وفي هذا الإطار يترتّب على المسؤولين الرّوحيّين مسؤوليّة كبيرة تجاه بعضهم البعض للدّلالة على طريق الحوار والتّبادل والسّلام. ونحن نعلم جيّدًا كم هي وعرة هذه الطّريق وما يعترضها من صعوبات كما يجمع بين بلدينا تاريخ مشترك غنيّ بالتّنوّع والتّطوّر على الرّغم من الآلام وإنّ الجهود المبذولة للوصول إلى طريق السّلام تحتاج إلى الكثير من الصّبر والمثابرة. كما ذكر الكاتب اللّبنانيّ الفرنسيّ أمين معلوف بأنّ الأشخاص يغتنون بهويّات مختلفة وظرفيّة وهذا أمر مثير واليوم ألمس هذا التّنوّع الغنيّ معكم أنتم الموجودون هنا بتنوّعكم في لقاء الصّداقة هذا."

 

وتابع بيرسيه: "لقد ذكرتم يا صاحب الغبطة أهمّيّة الحوار بين الأديان وأنا شخصيًّا أعتبر لبنان بلدًا نموذجًا للحوار بين الأديان. قليلة هي الأشياء الّتي تأثرت بها في حياتي ومن بينها زيارتي منذ سنوات إلى منطقة حاصبيا في جنوب لبنان حيث التقيت في صالة واحدة مجموعة من الأشخاص بصفتي رئيس مجلس الشّيوخ السّويسريّ، وكان هناك نحو 150 شخصًا وقيل لي إنّهم ينتمون الى طوائف ومذاهب متنوّعة وهم يعرفون بعضهم البعض منذ أيّام الدّراسة واجتمعوا في أجواء من الفرح، تأثّرت كثيرًا بهذا اللّقاء الّذي أكّد على أنّ هذا البلد غنيّ بتنوّعه وهذه ميزة فريدة. وهذه الزّيارة مهمّة ليس فقط بالنّسبة للعلاقات الثّنائيّة بين لبنان وسويسرا وإنّما أيضًا للتّذكير بأنّ الوضع في المنطقة ولاسيّما بالنّسبة لموضوع النّازحين السّوريّين ليس مسألة تتعلّق بسوريا أو لبنان فقط وإنّما هذا موضوع عالميّ. لقد جئنا لنؤكّد على اهتمامنا بالموضوع ودعمنا له. وكان من أحد عناوين لقائنا أمس برئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس النّوّاب ورئيس مجلس الوزراء دعم اعتبار لبنان مركزًا للحوار بين الأديان،  وفي هذا الشّأن يمكنكم الاتّكال علينا."

 

ثم كانت كلمات لرؤساء الطّوائف ولممثّليهم ركّزوا فيها على موضوع احترام حرّيّة الإنسان وكرامته وحقّه في العيش على أرضه طالبين من سويسرا بذل الجهود للتّاثير على المجتمع الدّوليّ لوقف الحرب الدّائرة في سوريا وعدد من دول الشّرق اأوسط لينعم الإنسان بعيش كريم في جوّ من السّلام والمحبّة وتقبّل الآخر.

كما طلب من الرّئيس السّويسريّ مساعدة بلاده للإفراج عن المختطفين لدى تنظيم الدّولة الإسلاميّة داعش من أبناء السّويداء ومطراني حلب. وكان تشديد على تقديم حلّ للقضيّة الفلسطينيّة الأمر الّذي من شأنه أن يريح منطقة الشّرق الأوسط ويوقف آلة الدّمار والحرب فيها.

 

وفي ردّه على الأسئلة أكّد الرّئيس بيرسيه على عمل سويسرا الدّائم لإحلال السّلام ومساعدتها للنّازحين السّوريّين على الرّغم من التّعقيدات الّتي يشهدها هذا الملفّ مشدّدًا على اهتمام بلده بالوضع في المنطقة.

 

وختم بيرسيه شاكرًا  البطريرك الرّاعي على "الجهود الّتي يبذلها على المستويات كافّة ولاسيّما في ما يتعلّق بتعزيز الحوار بين الأديان وتبادل الثّقافات."

 

كما استقبل البطريرك الرّاعي وفدًا من أبرشيّة الموصل وكركوك وكوردستان للسّريان الكاثوليك ضمّ راعي كنيسة مار أفرام في قرقوش الأب روني موميكا وأعضاء من منتدى المرأة، وكان عرض للوضع في العراق ووضع المسيحيّين في سهل نينوى ولاسيّما قرقوش الّتي هي المركز الأكبر للمسيحيّين في العراق، ولنشاطات المنتدى الّذي يضم أكثر من ألف امرأة، يهتممن بنشاطات دينيّة واجتماعيّة وثقافيّة بهدف بناء المرأة خصوصًا بعد التّحدّيات والصّعوبات الّتي واجهتها في الموصل ونينوى مع اعتداءات داعش.