لبنان
02 أيار 2018, 05:00

البطريرك الرّاعي: إحملوا في قلوبكم لبنان كلّ لبنان

إستقبل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر أمس الثّلاثاء، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، المندوب الأسقفيّ الفرنسيّ للعلاقات مع المسلمين الأب فينسان فيرولدي، على رأس وفد من ممثّلي الأبرشيّات الكاثوليكيّة في فرنسا ضمّ كهنة وعلمانيّين، بحضور الأمين العامّ للّجنة الوطنيّة للحوار المسيحيّ الإسلاميذ المير حارث شهاب، الّذين اطّلعوا من الرّاعي على واقع العلاقة الّتي تجمع بين المسيحيّين والمسلمين في لبنان منذ إشاء لبنان وحتّى اليوم.

 

وأشار فيرولدي بعد اللّقاء إلى أنّ "الوفد مهتمّ بمعرفة المزيد من المعلومات عن العلاقة بين المسلمين والمسيحيّين للتّعمّق فيها،" لافتًا إلى أنّ "عددًا من أعضاء الوفد تمّ تعيينهم من قبل أساقفتهم لتكوين فكرة واضحة وعميقة عن الموضوع."

وتابع فيرولدي: "لقد قمنا في السّنتين الماضيتين، وفي الإطار نفسه بزيارة للمغرب والقاهرة في رحلة دراسيّة، واليوم أتينا لزيارة لبنان لاكتشاف واقع هذه العلاقة بين المسيحيّين والمسلمين الّتي تهمّنا كثيرًا لاسيّما وسط الظّروف الصّعبة الّتي يشهدها الشّرق الأوسط من حروب ونزاعات أضف إليها مسألة النّازحين وتداعياتها القويّة على لبنان كذلك على أوروبا. لقد كان من المهمّ جدًّا الاستماع إلى قراءة البطريرك الرّاعي للاطّلاع على رأيه حول عدد من المواضيع في هذا السّياق وذلك لمساعدتنا على اتّباع طريق يؤدّي إلى وحدة مشتركة من أجل السّلام تكون في خدمة كلّ الشّعوب وسط هذا التّنوّع الإيمانيّ والثّقافيّ والخيارات السّياسيّة بما أنّ حرّيّة  الدّين وحرّيّة التّعبير هما أمران أساسيّان وغاية في الأهمّيّة بالنّسبة لنا جميعًا."

 

وختم فيرولدي: "لقد تأثّرت كثيرًا بصراحة ووضوح ما قاله صاحب الغبطة واهتمامه بالأخوّة الإنسانيّة أضف إلى ذلك أنّه للحفاظ على الهويّة اللّبنانيّة لا بدّ من أن يعود النّازحون السّوريّون إلى بلادهم فالأخوّة الإنسانيّة تقضي باستقبالهم في الوقت الحاليّ ولكن على المدى البعيد يجب مساعدتهم ليعيشوا في البيئة الّتي ينتمون إليها أيّ حيث هي جذورهم."

 

ثمّ التقى البطريرك الرّاعي مدير عامّ وزارة الزّراعة لويس لحّود وكان بحث في مواضيع تتعلّق بالقطاع الزّراعيّ في لبنان. وأشار لحّود بعد اللّقاء إلى أنّ "الحديث تناول القطاع الزّراعيّ والاستراتيجيّة الّتي تمّ وضعها لحلّ المشاكل. كما تمّ التّطرّق إلى موضوع المطبخ اللّبنانيّ والآليّة الّتي سنطلقها في سياق إطلاق المنتجات الزّراعيّة اللّبنانيّة من نبيذ وعرق وزيتون وزيت الزّيتون والدّبس وغيرها سواء في الاغتراب اللّبنانيّ أو في السّوق الأوروبّيّة والسّوق العربيّة وهذا ما بدأنا العمل به مع النّقابات الزّراعيّة والصّناعيّة وتحدّثنا عن يوم النّبيذ اللّبنانيّ الّذي سيقام في سويسرا إضافة إلى قطاع العرق. وعرضنا لمشكلة المناطق الحدوديّة والأزمة السّوريّة وتحدّثنا عن منتجات أساسيّة كالتّفّاح اللّبنانيّ على ضوء مشاريع بدأ العمل بها لحلّ الأزمة."

 

وتابع لحّود: "لقد عرضنا للاستمارات الّتي بدأت تردنا من الأبرشيّات وذلك عملا بتوصيات اللّقاء الّذي عقدناه في شهر آذار الماضي مع مجلس المطارنة في الصّرح البطريركيّ في بكركي على أن يكون هناك عرض لكافّة هذه المشاريع في الصّرح البطريركيّ في الدّيمان في شهر تمّوز المقبل بحضور الهيئات المانحة والمنظّمات الدّوليّة ليكون هذا التّعاون هو الأوّل من نوعه بين الأبرشياّت والمجتمع الدّوليّ نظرًا لأهمّيّة إنماء المناطق الزّراعيّة وحلّ مشاكل الزّراعة في لبنان."

 

هذا وكان قد التقى مساء الاثنين حشد المؤمنين الّذين توقّفوا عند مدخل الصّرح لالتماس بركته الرّسوليّة  قبيل توجّههم في مسيرة صلاة إلى مزار سيّدة لبنان في حاريصا بمناسبة بدء الشّهر المريميّ. وبعد منحهم البركة تحدّث البطريرك الرّاعي إليهم وقال:" سنرافقكم الآن وأنتم متّجهون إلى مزار سيّدة لبنان كما في كلّ عام في هذه المسيرة الرّوحيّة لتفتتحوا بها شهر أيّار المخصّص لتكريم أمّنا مريم العذراء سيّدة لبنان. من المؤكّد أنّكم تحملون في قلوبكم الكثير من النّوايا، ونحن اليوم وكما تعلمون نلتفت دائمًا إلى سيّدة لبنان لكي نضع بين يديها وطننا وشعبنا. ويوم الأحد 13 الحالي سوف نحتفل كالعادة بعيد سيّدة لبنان ومن ثم نعيد في أحد آخر تكريس لبنان والشّرق الأوسط لقلب مريم الطّاهر، وكلّنا ثقة أنّه لولا حماية سيّدة لبنان لما تمكّنّا من أن نقطع كلّ هذه الظّروف الصّعبة. ففي كلّ مرّة نصل فيها إلى شفير الهاوية، نشعر وكأنّ يدًا خفيّة تحمي وطننا وشعبنا."

 

وتابع: "اليوم سنحّملكم هذه الصّلاة وأنتم تصلّون وتسيرون. إحملوا في قلوبكم  لبنان كلّ لبنان بمؤسّساته وشعبه واذكروا الانتخابات الّتي ستتمّ يوم الأحد كي يلهم ربّنا الشّعب اللّبنانيّ فينتخب الأشخاص بضمير فيكونون  لخدمة لبنان وخيره. وأن نقبل بنتائج الانتخابات ونصلّي على نيّة المنتخبين كي يتحمّلوا هم أيضًا مسؤوليّتهم ويكونوا في خدمة وطننا. واحملوا معكم في صلواتكم كلّ مرضانا وأجيالنا الجديدة وهموم شعبنا وأيضّا كلّ بلدان المنطقة من سوريا والعراق وفلسطين واليمن ولاسيّما كلّ البلدان الّتي تعاني من الحروب والأزمات. نصلّي لكي بشفاعة ربّنا وسيّدة لبنان أن يوضع حدّ للحروب ويتوطّد السّلام العادل والشّامل والدّائم ويعود كلّ المخطوفين والنّازحين إلى أرضهم فهذا هو حقّهم."

 

وختم البطريرك الرّاعي: "من المؤكّد أنّ الصّلاة لا تردّ وأنتم في هذه المسيرة الرّوحيّة تتحمّلون مشقّة الطّريق كبارًا وصغارًا. فصلواتكم مقبولة وسهركم عند سيّدة لبنان وقدّاسكم منتصف اللّيل مقبولاً أيضًا وأنا أصلّي لكي يفيض ربّنا بشفاعة سيّدة لبنان عليكم وعلى أهلكم كلّ نعمة وكلّ بركة وهكذا تتابعون طريقكم والعذراء مريم رفيقة دربكم."