البطريرك الراعي يترأس رتبة خميس الاسرار في الصرح البطريركي - بكركي
مثل دور الرسل الاثنين عشر شبيبة من العمل الراعوي الجامعي، الثانويين، الحركات الرسولية، الابرشيات، المكرسين، المعوّقين، ذوي الاحتياجات الخاصة، النازحين، المتطوعين - كاريتاس لبنان، علية النور والحركات الكشفية.
بعد رتبة الغسل القى البطريرك الراعي عظة تحت عنوان: "خذوا كلوا هذا هو جسدي، خذوا اشربوا هذا هو دمي لمغفرة الخطايا. اصنعوا هذا لذكري"، قال فيها:
" بهذه الكلمات يصف بولس الرسول في الرسالة التي سمعنا، ما جرى في مثل هذا اليوم منذ الفي سنة. يسوع في عشائه الفصحي الاخير ليلة الامه وموته واستباقًا لقيامته، اسس سرّ القربان بالخبز والخمر. حول الخبز الى جسده والخمر الى دمه وقال خذوا كلوا، هذا جسدي يُبذل عنكم، خذوا اشربوا، هذا دمي يُراق من اجلكم لمغفرة الخطايا. هكذا، وبفيض من حبّه، جعل الرب ذبيحة الفداء -التي جرت دمويًا على جبل الجلجلة- مستمرة بتأسيس سرّ القربان، ومن خلال خدمة الكاهن على المذبح. وجعل وليمة جسده ودمه لحياة العالم مستمرة في سرّ القربان. الكنيسة اليوم تحتفل بتأسيس سرّ القربان. نحن من سرّ القربان ومن موت المسيح وقيامته وُلدنا. وقد شبّه هذه الولادة بحبة القمح التي عندما تموت في الارض تعطي سنبلة. فحبة القمح هي يسوع الذي مات والسنبلة هي نحن الذين وُلدنا من قيامته. ولاننا نحتفل بتأسيس القربان، نحتفل بعيد ميلادنا الذي يتحقق من خلال الاسرار المقدسة. ولكي تستمر ذبيحة القربان، ووليمة جسد المسيح ودمه، اسس في الوقت نفسه سرّ الكهنوت قائلاً: اصنعوا هذا لذكري. اليوم الكنيسة تحتفل بهذين السرّين العظيمين: سرّ تأسيس القربان وسرّ تاسيس الكهنوت. لهذا احيي معكم اخواني السادة المطارنة وكل الكهنة في الكنيسة لاننا نحتفل معهم بعيد كهنوتنا. نحتفل بعيد ميلادنا في الكهنوت. كلنا، نحن ومن سبقنا ومن سيأتي من بعدنا، الشعب المسيحي كله وُلدنا من سرّ القربان. والكهنة والاساقفة ورعاة الكنيسة وُلدوا في خاطر المسيح يوم اسس سرّ القربان، لذلك نحن هنا لنرفع ذبيحة الافخارستيا اي صلاة الشكر العظمى للرب يسوع، للآب على محبته، للابن على نعمة فدائه، للروح القدس الذي يحقق سرّي القربان والكهنوت.
في هذه المناسبة احتفلنا ايضًا برتبة الغسل تذكارًا لما فعل الرب يسوع ليلة تأسيس القربان والكهنوت، فقام عن العشاء السرّي وغسل ارجل التلاميذ كهنة العهد الجديد ليعطينا أمثولتين، الاولى ان الكهنوت في الكنيسة هو سرّ الخدمة والخدمة المتواضعة، والخدمة التي تبذل من ذاتها على مثال الكاهن الاسمى يسوع المسيح. ولا يمكن ان تقام خدمة كهنوتية من دون فضيلة التواضع وبذل الذات والانمحاء. والامثولة الثانية هي ان سرّ القربان هو مدرسة الحب والبذل والعطاء ومنها نستمد كل روحانيتنا.
يسعدني ان احيي ممثلي الرسل الاثني عشر الذين اتوا هذا العام من صفوف الشبيبة، واحيي مكتب راعوية الشبيبة ومنسقه الخوري توفيق بو هدير. ايها الشباب الاحباء، انني احييكم باسم اخواني السادة المطارنة والاباء وهذا الجمهور، واهنئكم لان هذا الاختيار ليس مجرد احتفال عابر، لكن ينبغي ان ينطبع في قلوبكم وفي ذاكرتكم لانكم تمثّلون الرسل الاثني عشر، انتم تنفتحون اليوم من خلال هذا الامتياز، لان يكون هذا التمثيل اقتداءًبالرسل القديسين، بالايمان بيسوع ومحبته وبغيرة وانفتاح على العمل الرسولي في الكنيسة عامة وفي الرعايا التي تنتمون اليها وفي الحركات التي تمثلون. كما احيي اهلكم الذين يفخرون بكم اليوم وانتم تنعمون بهذه النعمة. واني اشكر معكم جوقة la joya – الكحالة التي تخدم هذه الليتورجيا.
نحتفل اذا بعيد تأسيس الكهنوت وعيد تأسيس القربان، وسيلي هذا الاحتفال الصمدة القربانية، وكما في كل الكنائس نصمد القربان المقدس احتفالاً بعيده. وبحسب المفهوم التقوي، المؤمنون يسهرون طوال الليل اما الرب الحاضر معنا في سرّ القربان وهذا يذكرنا بيسوع الذي قضى الليل ساهرًا في الالم النفسي، في الوحشة، في الصلاة وفي التسليم لارادة ابيه في بستان الزيتون قبل اعتقاله. نحن نسهر، نعبد، نصلي، نتضامن مع الرب يسوع ونشكره لانه افتدانا ولانه حاضر معنا دائمًا. وهناك ايضًا ممارسة تقوية يزور فيها المؤمنون سبع كنائس حيث يوجد القربان المقدس لكي يواصلوا سهرهم وعبادتهم للرب وشكره على كل نعمه. ولكي نتذكر ايضًا المراحل السبعة التي مرّ بها يسوع في محاكمته قبيل صلبه وموته. حسب الاناجيل كان الرب يسوع من بعد اعتقاله يُنقل من حاكم الى حاكم ومن والٍ الى والٍ ومن مجلس الى مجلس، نقلوه من حنّان الى قيافا الى مجلس الشيوخ الى هيرودس وصولا الى بيلاطس حيث صدر القرار بصلبه. سبع مراحل كان الرب يُنقل فيها مخذولاً مّستهزءا به ومسخرا، يسألونه عن تعاليمه وعما اذا كان ملكاً او كان ابن الله، وكل واحد كان يأتيه بقصاص ما. هذا اوثقه وذاك جلده وآخر وضع اكليل الشوك على رأسه وآخر البسه ثوبًا كهنوتيًا ابيض وفيه الاحمر الارجواني للدلالة على الحبرية وانتهى الامر عند بيلاطس الذي قال: لم اجد علّة على هذا الرجل لكن الشعب كان يصرخ: اصلبه. نحن في هذه الليلة المقدسة عندما نزور الكنائس السبع، نتذكر كم ان الرب يسوع تألم نفسيًا وحسيًا ومعنويًا وروحيًا، متروكا،مخذولاً، لكي ندرك انه عندما نمر نحن بمثل هذه الظروف، اكان في مرض او فقر ام في رفض الناس لنا واساءتهم الينا او عدم فهمهم لنا او اي سبب آخر لالمنا المعنوي والحسي والروحي، نتذكر ان الرب يسوع متضامن معنا ولهذا اسس سر القربان لكي يكون حاضرا معنا. فلا ننسى ان الرب يسير بجنب كل واحد منا في كل ظروف حياته الحلوة والمرّة، وبخاصة في الظروف المرّة لانه عادة عندما نكون في حالة نجاح وفرح وغنى لا نتذكر الله احيانا، ولكن عندما نمر في الظروف الصعبة نقول هذا هو صليب يسوع نحمله ونحن ندرك انه هو معنا. وقد علمونا ونحن اطفال، وارجو ان تبقى في ذاكرتنا ونحن كبار، عندما نتألم لاي سبب كان، من الداخل او من الخارج ان نقول: مع الآمك يا يسوع. ونقول مع بولس الرسول انني اتمم في جسدي ما نقص من آلام المسيح من اجل الكنيسة."
وختم البطريرك الراعي: "ايها الاحباء، هذا الخميس يسمى خميس الاسرار ليس فقط لان الرب اسس السرّين العظيمين القربان والكهنوت ولكن لان من القربان والكهنوت تتحدر الاسرار الخمسة الاخرى: المعمودية، الميرون، التوبة، مسحة المرضى والزواج مع الكهنوت والقربان، سبعة اسرار خلاص في الكنيسة.
ايها الرب يسوع نسألك ان تقبل هذه الذبيحة صلاة شكر نرفعها من قلوبنا مع كل ابناء الكنيسة وبناتها على كل الكرة الارضية وتحت كل سماء، نشكرك يا رب محبتك العظمى، انت الذي احببتنا حتى النهاية وبلغت ذروة حبك من اجلنا انك متّ لفدائنا وقمت لتبريرنا، وتركت لنا الوسيلة في سرّ القربان. لك المجد ولابيك ولروحك القدوس الان والى الابد. آمين."
وفي ختام القداس اقيم زياح القربان المقدس وجال البطريرك الراعي بين المؤمنين حاملاً القربان المقدس الذي رُفع على مذبح خاص ليتبارك منه المؤمنون خلال زيارتهم هذه الليلة وقد جرت العادة ان يزوروا سبع كنائس تكريمًا للاسرار المقدسة.