لبنان
28 آذار 2016, 18:00

البطريرك الراعي يترأس القداس السنوي على نية فرنسا

ترأس البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، قبل ظهر اليوم، إثنين الفصح، 28 آذار 2016، ، القداس السنوي على نية فرنسا، عاونه فيه المطارنة: بولس صيّاح، حنا علوان، بول عبد الساتر، سمير مظلوم ولفيف من الكهنة، في حضور البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، المطارنة شكرالله حرب، طانيوس الخوري، رولان ابو جودة، السفير الفرنسي ايمانويل بون، القنصل العام سيسيل لونجي، المستشار الأول في السفارة آرنو بيشو، الملحق العسكري الكولونيل كريستيان هيرو، المستشار الثاني في السفارة جان كريستوف اوجيه، عدد من اركان السفارة الفرنسية العاملين في لبنان مع عائلاتهم، ,وفد من جماعة chretiens d’orient ، الوزيرين السابقين زياد بارود وإبراهيم الضاهر، وسفير لبنان لدى الاونيسكو خليل كرم.

بعد قراءة الإنجيل، ألقى البطريرك الراعي عظة رحب في بدايتها بالسفير الفرنسي وأركان السفارة، ثم قال: 1- "إن الليتورجيا السماوية لقيامة السيد المسيح، التي ترفع كتقليد يوم إثنين الفصح على نية فرنسا تحمل معنيين: عيش قيامة قلوبنا بنعمة يسوع القائم من بين الأموات، والتمنّي لفرنسا نعمة السلام هي التي تولد القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية.

2- ان قيامة السيد المسيح هي حدث تاريخي تماما كما موته على الصليب. فهذان الحدثان مرتبطان بشكل عضوي وهما متكاملان كما يقول القديس بولس:" لقد اسلم يسوع للموت من اجل خطايانا وأقيم من أجل برّنا."(روما 4: 25). ان فصح السيد يعني عبوره من هذا العالم الى الآب من خلال الموت والقيامة وهو مخصص لفصحنا وعبورنا من حالة الخطيئة الى حالة النعمة. انها قيامة قلوبنا. وفي الواقع فان عيد الفصح ليس مجرد  ذكرى ليتورجية وحسب وانما هو ايضا تحديث في داخلنا للسر الذي نحتفل به.

3- ان مريم المجدلية التي اخرج منها السيد المسيح سبعة شياطين اختبرت هي ايضا قيامة القلب. لهذا تراءى لها يسوع قبل غيرها. فآمنت وذهبت تعلن الخبر. نحن نتمنى ونصلي لكي نتمكن نحن ايضا بنعمة المسيح القائم من بين الأموات ان نتمتع بقيامة قلوبنا من خلال اعمالنا وسلوكنا.

مع ذلك يتطلب منا هذا العبور الفصحي تواضعا يشبه تواضع السيد المسيح لكي نرتفع ونتعالى، والذي وصفه القديس بولس في رسالته الى اهل فيليبي قائلا:" ان يسوع المسيح الإله تواضع وتخلى عن كل شيء وانحنى واطاع حتى الموت لهذا رفعه الإله الى المجد..."( فيليبي 2، 7-9).

فبحياته وقيامته أرشد يسوع الجميع الى طريق الحياة والسعادة: هذا الطريق هو التواضع والذي يتضمن التواضع امام الله. انها الطريق التي تقود الى المجد. وحده المتواضع هو من يمكنه الذهاب باتجاه الأعلى اي باتجاه الله. ففي الواقع المتكبر ينظر من الأعلى الى الأسف و المتواضع يرى من الاسفل الى الاعلى( البابا فرنسيس، احد الفصح 9 نيسان 2015).

4 نحن نحتفل بقداس الفصح المجيد على نية فرنسا لنلتمس لهذه الأمة الحبيبة الإزدهار والسلام الذي هو نعمة من يسوع المسيح المخلص. ونتمنى ان تبقى فرنسا دائما داعية للسلام القائم على العدل، وحقوق الانسان وكرامته والقيم الديمقراطية والتعددية الثقافية. احتفالنا اليوم بالذبيحة الإلهية على نية فرنسا، في البطريركية المارونية هو استحضار للصداقة التاريخية بين فرنسا والجماعة المارونية، كذلك للتأكيد على وجود هذا البلد الكريم في لبنان ومن خلاله في الشرق الأوسط. ومن المتوقع ان تكون فرنسا من بين الدول المدافعة ليس عن حياة كل فرد وحسب، هذه الحياة التي افتداها يسوع المخلص بدمه، وانما ايضا عن اسباب العيش ومنها حرية المعتقد، والتفكير والتكلم والمحبة. وفي هذا الاطار كتب الجنرال شارل  ديغول "أن هناك ميثاقا بين عظمة فرنسا وحرية العالم".

وختم غبطته: على هذه النوايا جميعها نقدم الذبيحة المقدسة مع كل تمنياتنا وصلواتنا ليتيح لنا الرب الإله  المشاركة في قيامته من خلال قيامة قلوبنا. له المجد إلى الأبد. آمين".

بعد القداس، تلقى البطريرك الراعي التهاني من المشاركين في الذبيحة الإلهية في صالون الصرح ومن ثم توجه الجميع للمشاركة في الغذاء الذي اقامه غبطته على شرف السفير الفرنسي وأركان السفارة.

وكانت كلمة لغبطته رحّب فيها باسمه وباسم البطريرك صفير وباسم الأسرة البطريركية بالحضور متمنيا "للجميع النعم الإلهية والنجاح في المهمة الديبلوماسية. كما حمل غبطته السفير الفرنسي رسالة الى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يعبر له فيها عن" مدى التقدير والشكر للجهود التي يبذلها في سبيل لبنان."

واضاف: "فرحتنا كبيرة اليوم لأننا نحتفل معا وللمرة الاولى بعد توليكم لمهامكم الديبلوماسية في لبنان بهذا التقليد القديم الذي يجمعنا سنويا، في يوم اثنين الفصح، هنا في البطريركية المارونية. اولا نلتقي حول المذبح للإحتفال بالليتورجيا الإلهية على نية فرنسا ومن ثم نلتقي مجددا حول مأدبة الصداقة هذه. انها مناسبة كريمة لتقوية روابط الصداقة والتضامن والتعاون بين الكنيسة المارونية وفرنسا من خلال سفيرها في لبنان ومسؤوليها السياسيين. وغني عن القول ان هذه الصداقة تمتد بدورها الى الشعب الفرنسي والى الكنيسة في فرنسا. وانها مناسبة ايضا لنتبادل فيها الحديث حول اهتمامات مشتركة تتعلق بالفراغ الرئاسي، نتائج الحرب الدائرة في الشرق الاوسط، آفة الإرهاب واستشراف النظرة المستقبلية".

بدوره شكر السفير الفرنسي ايمانويل بون لصاحب الغبطة هذا الإستقبال لاركان السفارة الفرنسية في لبنان في الصرح البطريركي معربا عن "فرح كبير بالإحتفال بهذا التقليد سنويا على نية فرنسا،" واضاف:" ان هذا القداس الذي رفعتموه يعبّر عن العلاقة التاريخية التي تربط فرنسا بالموارنة وعن الصفات التي يتميز بها لبنان ومنها الضيافة والوفاء والكرم وامور كثيرة يعرفها الفرنسيون ويعبّرون عنها جيلا بعد جيل لما يوجد بين هذين الشعبين من روابط قوية. وهذا ما سمح لنا بان نكون هنا معا اليوم يا صاحب الغبطة ولهذا انا سفير فرنسا العلمانية الجمهورية اتمنى ان تستجاب صلواتكم على نية بلدنا لأن هذه الصلوات هي صلوات صديق دائم صديق تثق به بلادي وهو شرف لفرنسا ان يكون لديها اصدقاء مثلكم."

وأضاف بون:" كما قلتم غبطتكم نحن نجتاز مرحلة قاتمة مليئة بالمعاناة والتهديدات والمخاطر. والأزمات لا تزال تولد المآسي في الشرق الأوسط. ارهاب في اعلى مستوياته، عنف غير محمول ضد المدنيين، نزوح جماعي، وجرائم ضد الإنسانية، ومن اجل هذه الشعوب انخرطت فرنسا اليوم في الحرب ضد داعش والإرهابيين ومن اجل تحقيق الحلول السياسية في سوريا والعراق ومن اجل هذا ايضا استعادت فرنسا مبادرة اقامة دولة فلسطين تعيش جنبا الى جنب بسلام وامان مع دولة اسرائيل. المهم في هذه المرحلة تحضير المستقبل وتأمين امن الشعوب وكل الجماعات. انها مهمة صعبة وسط ما تشهده المنطقة."

وتابع بون: "مسيحيو المنطقة قلقون وهم يخافون اكثر من غيرهم من نمو المجموعات المتطرفة، متخوفون على مستقبلهم ومستقبل اولادهم. وهم لطالما عانوا. كثيرون منهم غادروا.  ولأن فرنسا وفية لتاريخها ولدعوتها فهي تكنّ لهم اهتماما ملحوظا لما لهم من مكانة خاصة في التاريخ ودور هام في الحياة الإجتماعية في بلادهم. المنطقة بحاجة الى الوجود المسيحي والعالم بحاجة لمسيحيي الشرق. لهذا علينا القيام بواجبنا الإنساني للمساعدة وتقديم العون للشعوب النازحة والاطفال والعائلات التي تعيش البؤس في الشرق الاوسط. نحن نفكر بشكل خاص بلبنان الذي يقوم بجهد يفوق طاقته وفي ظروف صعبة للغاية. وفرنسا ستتابع عملها من اجل استقبال اللاجئين على ارضها ولا سيما القادمين من لبنان لان هذا البلد غير قادر على ذلك. واؤكد لكم يا صاحب الغبطة ان لبنان يبقى اولوية كاملة بالنسبة لبلدي، ففرنسا تعرف تماما واجبها التاريخي حيال لبنان وهي تريد وحدة واستقرار وامان وازدهار كل اللبنانيين."

وختم بون:" اود ان اعبّر لغبطتكم عن مدى تقدير السلطات الفرنسية للمواقف الثابتة التي اتخذتموها حيال ايجاد حل للأزمة السياسية والمؤسساتية في لبنان. وكما قلتم ان اللبنانيين لا يمكنهم انتظار نهاية الحرب في سوريا ولا ان يتم الإتفاق السعودي الإيراني لكي يقرروا مصيرهم. على البرلمان ان يجتمع وينتخب رئيسا باسرع وقت لانها مصلحة المسيحيين ومصلحة الأمة ايضا."

وكان غبطته قد تلقى سلسلة اتصالات هاتفية مهنئة بالعيد جاء ابرزها من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، رئيس الحكومة السابق الشيخ سعد الحريري، رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، النائب بهية الحريري، السفير السعودي علي العسيري، سفير لبنان في الأرجنتين انطونيو عنداري والوزير السابق جان عبيد.

كذلك استقبل غبطته وفودا وشخصيات سياسية واجتماعية ودينية وثقافية مهنئة بعيد الفصح.