البطريرك الراعي يبارك كنيسة سيدة الارز ويرفع الصلاة على نية شهداء الجيش الارز- بشري
في مستهل القداس كاهن رعية مار سابا الخوري شربل مخلوف ألقى كلمة حيا فيها البطريرك الراعي وقال: "هلمي معي من لبنان، أيتها العروس، هلمي معي من لبنان". هذه التعابير رددتها أداب الشعوب القديمة المصرية والعربية والبابلية وغيرها، ودونها الوحي الكتاب المقدس في سفر نشيد الأناشيد حيث الحبيبة جلست متنعمة في حبات حبيبها.
وأضاف: إنها كلمات إكرام فائق رأت فيها الكنيسة المقدسة وروداً تنثر أمام ملكة المجد وأوصافاً تستحقها من هي الملحقة بالشمس والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها إكليل من إثني عشر كوكباً، الأم القديسة. إنها العذراء مريم المرتفع كالأرز في لبنان والتي تتضرع إليها الكنيسة في الطلبة بالقول "يا أرزة لبنان صلي لأجلنا" لقد إرتفع مقامها هنا في العام ألف وتسعمئة وتسع وثلاثين بمبادرة من المرحوم المونسنيور أغناطيوس كيروز. وها نحن اليوم بهمة لجنة الوقف ولجنة أصدقاء غابة الأرز وبسخاء الخيرين الطيبين من أبناء الرعية والرواد والسياح. نعيد ترميمه من الأصل إكراماً فائقاً لسيدة الأرز المرتفعة الى جانب إبنها الرب المتجلي وسط هذه الغابة المقدسة التي تحاكي الدهور. فإرتفعي بالمجد يا سيدة الأرز فوق مرابض الأسود وجبال النمور، إرتفعي فوق بشري مدينة المقدمين وحامية وادي القديسين، إرتفعي فوق الأرز الخالد حيث معقل الأبطال وساحة شرف الشهداء، إرتفعي فوق عريضة وحبر جبران، متعطرين ببخور الصوامع والنساك فوق المدينة الخصينة التي حذورها الشهداء وسورها المعابد وتاجها الصلبان.
وختم: أنت أيتها الأرزة الساكنة بين الغيوم، يا من أعطيت لبنان مجده فوهب هذا المجد لمن يأتيك، هذه العشية، راعياً مباركاً مدبراً حكيماً من مجد لبنان أعطي له غبطة أبينا السيد السند نيافة الكردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بطريرك إنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى. فأهلاً بغبطتكم يا سليلة بطاركة قنوبين في أرض القديسين ويا حارس الأرز في عاصمة الأرز أهلاً ببطريرك البشارة في بشري. أهلاً بالحضور الكريم، أصحاب السعادة.
كما القى رئيس لجنة أصدقاء غابة الأرز أنطوان جبرايل طوق كلمة قال فيها: مع تسبيح الرب عند الصباح، مع صياح المآذن حيوا على الفلاح، نحيي الجيش اللبناني سياج الوطن، حامي الإستقلال، رمز الوحدة الوطنية ووحده وحده الأمل في بناء الدولة. غبطة البطريرك، أيها الحفل الصديق، يسرني أن أرحب بكم جميعاً في ظلال هذه الغابة الدهرية التي تعبق بالشموخ والصلابة. وبإسم لجنة أصدقاء الأرز التي تشهد لها أعمالها خلال إثنين وثلاثين سنة من الإلتزام والنضال في سبيل الحفاظ على هذا الرمز الوطني الجامع وتوسيع مداه. هذه اللجنة التي أصبحت مثالاً في التطوع الذي كاد أن يكون معدوماً في ظل الأعباء الإقتصادية الضاغطة. هذه اللجنة التي غرست حتى الآن حوالي 120 ألف أرزة لتزيل شبح التصحر عن الغابة الرمز وتعيد الإخضرار الى سفوح المكمل من حرج إهدن الى أرز تنورين بالتعاون مع بلدية بشري والبطريركية المارونية وسائر مكونات المجتمع المدني والرسمي.
وأضاف: أيها الأصدقاء، إن الموارنة الذين تحدوا الظلم بالإيمان وجابهوا الإستبداد بالصبر وقهروا الجوع بالعض على الأسنان سكنوا هذا الوادي الذي أصبح مقدساً ببطريركهم، بنساكهم بعمق إيمانهم وصلابة سواعدهم. جبالهم مقالع رجال، سفوحهم موارد خير، مغاورهم موائل تعبد، أديرتهم منائر علم.
وأضاف: أيها الأصدقاء، إن الموارنة هم شعب البطريركية المميز بالتعاضد والحرية والإنفتاح، والتاريخ يشهد إنهم خرجوا يوماً من تحت جبة بطريركهم المحبوكة من قداسة قنوبين وقدسية الأرز إلا وأصابهم التشرذم والضياع. وأنت يا سيدة الأرز أفلست أنت أيضاً سيدة القبيات، سيدة زغرتا، سيدة بشري، سيدة العاقورة، سيدة بكفيا وسيدة زحلة لا بل أنت سيدة لبنان كله. فبأمومتك الكلية وطهرك اللامحدود ومحبتك اللامتناهية، قولي لهم: لماذا هذا التناحر والتنافر؟ لماذا هذا التباعد والشقاق؟ لماذا هذا الإنغماس بالمصالح الشخصية؟ قولي لهم يا سيدة الكل عودوا الى أصالتكم، عودوا الى ينابيعكم، عودوا الىى معاجنكم، عودوا الى أرضكم، ودعوا الشباب ينخرطون حفاظاً على كرامتهم وكرامة الأجيال الآتية. قولي لهم عودوا الى بطريركيتكم التي هي سيف الحق القاطع، وما كان يوماً غمدها فارغاً ولا سيفها مكسوراً. قولي لهم: إن وجودكم مهدد في هذا الشرق الذي زعزعت كيانه الحروب العبثية وشوهت إنسانه الأحقاد وأعمال القتل المدفوعة سلفاً. وإن تضامنكم وتجذركم في قضاياكم المصيرية هو طريقكم الى البقاء والإستمرار. وإن ذهب الكون كله ومصالح الدنيا كلها لا تساوي ذرة من معنى وجودكم في هذه الأرض.
وختم طوق :أخيراً يا سيدة الأرز، تشييد هذا المزار على إسمك ليس حباً بنحت الأحجار وحبكها بنياناً جميلاً، لا ولا دعاية لسلطانة السماء والأرض بل لتدومي ماثلةً أمام عيوننا كرسوخك في قلوبنا، ولنشهد أمام عظمتك أن لبنان لنا مسلمين ومسيحيين مهما تبختر الباطل ومهما إستفحل الشر وإننا سنحمي حدوده ونصون إستقلاله بك، بسواعدنا، بتعلقنا بالعلم بتمسكنا بالعائلة، بجيشنا وقوانا الأمنية وبإيماننا بدورنا الفاعل في هذا الشرق المعذب.وسننصب كالأرز صارخين صوتاً واحداً من على قبور الشهداء في وجه الطامعين والتائهين والمضللين. إخلعوا نعالكم من أرجلكم فإن أرض لبنان كانت ولا تزال مقدسة.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان "إرتفعت كالأرز في لبنان"، وفيها: كتب الكاتب الملهم في العقد القديم هذه الآية إرتفعت كالأرز في لبنان وهي آية عن حكمة الله الذي خلق الكون بكل جماله وخلق الإنسان على صورته ومثاله. وكانت تحفة الخلق كلها العذراء مريم، فطبقت الكنيسة هذه الآية عن الحكمة الإلهية عن مريم سيدتنا وأمنا ولذلك أصبحت الكنيسة تحييها إرتفعت كالأرز في لبنان، وهذا يأتينا منه امثولتان كبيرتان أولاً أن الله بجماله ومهابته وقدسيته وأزليته أخذ من عندنا صورة الأرز ونحن مؤتمنين عليه وعلى حمايته. والأمثولة الثانية أن مريم التي نحب لقد إرتفعت وترتفع كالأرز في لبنان بسمو فضائلها بمهابتها بقدسيتها وإرتفعت من هذه الأرض بنفسها وجسدها الى السماء وظلت معنا بنعمها كأغصان الأرز في مداها الأفقي هي في السماء وهي معنا ولهذا عن حق وحقيقة نقول ونحييها ونكرمها إرتفعت كالأرز في لبنان. بسبب هذه المعاني ومن أجل هذا التواصل المرحوم المونسنيور إغناطويس كيروز شاء على مدخل وبوابة هذا الأرز ان تكون الكابيلا الأولى وبهذه الروح ومن أجل مزيد من التمسك بهذه المفاهيم اللاهوتية والروحية والكنسية والوطنية شاءت لجنة الوقف ولجنة أصدقاء الأرز بناء هذا المزار الجميل الرائع على إسم سيدة الأرز لكي كل من يدخل الى هذا المكان يشعر أنه أرض مقدسة بالحقيقة. وعندما يدخل هنا يشعر أنه يدخل الى مهابة وأنه مدعو لكي يعيش هو أيضا بمهابة وبسمو بإسنانيته بثقافته بصفاته بفضائله بالقيم التي ينتمي إليها ومن جهة ثانية يتذكر كل لبناني وكل زائر الى لبنان أن شعب لبنان هو شعب متأصل في هذه الأرض.
وأضاف: يسعدنا ان نحتفل معكم بعيد مولد أمنا مريم العذراء غداً وتشاؤون أن يكون عيد كل 8 أيلول هو عيد هذا المكان المقدس فتلتقون في الأرز لإحتفالين في 6 آب للإحتفال في الكنيسة العليا بعيد التجلي يذكرنا بجمال جبالنا فمن الجبل الرب صعد الى السماء ولكي تحتفلوا في 8 أيلول بعيد مولد العذراء وسيدة الأرز. هكذا لا نستطيع ان نفصل أبداً الرب الإله إرتفعت كالأرز في لبنان ومريم التي إرتفعت كالأرز في لبنان. يسعدنا ان نكون مع سيادة أخينا المطران جوزيف نفاع النائب البطريركي العام في منطقة الجبة وأعتقد انه أول لقاء هنا في الأرز أول إحتفال في كل حال نرجو له النجاح والتوفيق في رسالته ولسيادة المطران مارن العمار النائب البطريركي العام السابق النجاح في رسالته الجديدة في أبرشية صيدا. كما نحيي معكم سيادة أخينا المطران بولس صياح النائب البطريركي العام السابق وكل الأسرة البطريركية المتمثلة بالحاضرين معنا فنحييكم جميعاً ونحيي كاهن الرعية وخادم سيدة الأرز وكنيسة التجلي.
وتابع: هذا مكان جميل هذا مكان موحي هذا مكان غني في الظرف الذي نعيشه الآن. منذ أسبوع إحتفلنا بعيد مولد لبنان الكبير السابع والتسعين وتلازم مع هذا العيد إنتصار جيشنا في معركة فجر الجرود، هذا يعني أننا نحن اللبنانيين مدعوون لنعيش جمال هذا السمو، سمو ولادة لبنان الكبير الذي يتميز عن كل بلدان المنطقة بخصوصياته وثقافته وميزته وقد إكتفينا بما قاله العزيز أنطوان رئيس لجنة أصدقاء الأرز بهذا الدعاء الموجه الى شعب لبنان والى السياسيين في لبنان وليس المجال لكي نكرر الكلام من جديد لكنه شاءه دعاءً الى السيدة العذراء. نحن مدعوون لنعيش جمال السمو جمال الصعود من مستنقعات المصالح الصغيرة، من مستنقعات الحقد، من مستنقعات النزاعة، من مستنقعات التسلط، من مستنقعات التجبر. لبنان ليس هكذا لبنان أرض اللقاء، لبنان أرض جمعت كل المتنوعات في بوتقة واحدة، بوتقة مثل قطعة جميلة يرسمها الرسامون وهنا أود ان أحيي إبن بشري الفنان رودي رحمة وأشكره على هذا المجسم. نحن في لبنان علينا ان نحافظ على جمال هذا التنوع على هذه الفسيفساء اللبنانية فجمال لبنان في كل تنوعه الحزبية والفكرية والثقافية ويوجد في لبنان مكان لكل إنسان ولا يستطيع أحد أن يضع جانباً أي إنسان. هذه خدمة لبنان الصغير مدعوون لكي نتأصل ونتجذر في هذه الأرض. نحن في بشري، نحن في أرض رجالاتها صمدوا، رجالاتها وقفوا في وجه الغزاة، صمدوا كالأرز وأعطوا لبنان وجوهاً نفاخر بها نحن في أرض القديسين في وادي مقدس حيث صمد بطاركتنا ونساكنا وشعبنا ليحافظوا متأصلين في أرضهم في الوادي يحافظوا على هذا الجبل على هذا اللبنان على هذا الكيان ثم إرتفعوا الى الأعالي وإنتشروا هذه هي ثقافتنا، هذه هي حضارتنا.
إنني بإسمكم أود أن أحيي جيشنا اللبناني الذي نقول عنه أيضاً في إنتصاره في معركة فجر الجرود ونحيي كل الشهداء الذين سقطوا، نعم نطبق على هذا الجيش هذه الآية "إرتفعت كالأرز في لبنان". وهي آية ينبغي أن تطبق على كل لبناني وعلى الشعب اللبناني أن يرتفع إرتفعت كالأرز في لبنان لا أحد منا مثل الله لا أحد من منا مثل العذراء ولكن لنا هذا المثال في أمنا مريم في المسيح الرب لنا مثال من على فكما سكنوا الوادي المقدس السحيق كانت أنظارهم الى فوق فإستلهموا من السماء إختارهم وإنطلقوا نحن علينا ونقول إرتفعت كالأرز في لبنان أن نستلهم العلى القيم العليا السامية التي تبني حياتنا الوطنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية.
واضاف غبطته: إنني سعدت اليوم قبل المجيء الى هنا أن أزور مدرسة التزلج حيث حيينا رئيسها ومعاونيه والجيش اللبناني وقد أردنا عمداً هذه الزيارة أولاً لكي نهنئ الجيش بالإنتصار لكي نعزي بالشهداء الذين سقطوا في المعركة والذين وقعوا ضحية الإرهابيين، ولبنان يكرمهم غداً ونحن معهم لنقول لهم إصمدوا وشعبنا معكم ثم أتينا الى هنا لكي نعيش هذا الواقع الروحي العميق إذ ندرك أن السيدة العذراء حاملة وجه هذا الأرز والرب يسوع هما اللذين يحميان هذا الوطن باليد الخفية ألسنا نختبر في كل مرحلة من مراحل حياتنا أن كل مرة لبنان يصل الى شفير الهاوية هناك يد خفية غير منظورة ترجع به الى الوراء هي العذراء هي سيدة لبنان، هي هذه المتأصلة مثل الأرز في أرضنا والمرتفعة بالسمو مثل الأرز والتي تنشر عنايتها كأغصان الأرز التي تمتد نحو الأفق. نحن نأخذ هذه الأمثولة هذه الليلة وأود أن تبقى معنا بكلمتها متأصلين في أرضنا كالأرز متسامين بالقيم مثل الأرز ونعطي منفتحين لكل الناس مثل شجرة الأرز. على هذه النية نصلي ونطلب من مريم أمنا التي إرتفعت الى السماء وتعيش معنا بإستمرار تذكرنا بهذه الآية وبما أن الكاتب الملهم أخذ صورة الله وصورة حكمته من أرضنا وأرزنا هذا يعني أن أرزنا مقترن بإسم الله وبإيمان نقول ونلتزم بما ان الله أزلي ينبغي أن يكون لبنان أبدياً.
وختم البطريرك الراعي: بحماية أمنا مريم العذراء أشكر حضوركم أشكر محبتكم أشكر هذا اللقاء الجميل الذي عشناه الجمال الفولكلوري والرقص ونحن في بشري كما أشكركم أيضاً على الهدايا الجميلة درع لجنة أصدقاء غابة الأرز شكراً ومجسم المسيح المصلوب القائم من الموت المرتفع عالياً نحو السماء للفنان رودي رحمة أحييكم وأحيي الجوقة وهذه الذبيحة تقدم من أجلكم من أجل بشري بنوع خاص ومن أجل شعب لبنان ومن أجل جيش لبنان لكي نبقى صامدين في وجه العواصف مثل الأرز ونرتفع بالقيم من أجل لبنان أفضل ومجتمع أفضل.