لبنان
29 تشرين الأول 2019, 12:15

البطريرك الرّاعي: الورديّة هي موجز الإنجيل

واصل بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الرّاعي، خلال التّنشئة المسيحيّة، شرح ورديَّة العذراء مريم، بنقل تعليم القدّيس البابا يوحنّا بولس الثاني في رسالته الرّسوليّة: "ورديّة العذراء" (16 تشرين الأوّل 2019)، بهدف جعلها صلاةً تأمّليّة، وقال:

"نبدأ بنقل مضمون الفصل الثاني وهو بعنوان: "أسرار المسيح. أسرار أمّه".

1. الورديّة هي موجز الإنجيل، وصلاةٌ إنجيليّة ترتكز على سرّ تجسّد الفادي الإلهيّ. إنّها مسيرة صلاةٍ مسيحيّة ترتبط بتأمّل وجه المسيح من البشارة إلى الميلاد وطفولته، فإلى حياته العلنيّة وآلامه وموته وقيامته، وإلى صعوده وإرسال روحه القدّوس، وأخيرًا إلى مريم أيقونة الفداء والخلاص. في ترداد "السّلام عليكِ يا مريم" تمجيدٌ وتسبيحٌ ومدحٌ للمسيح، ابن الله وابن البتول (الفقرة 18).

2.الأسرار التأمليّة الأربعة: الفرح والنور والألم والمجد تجعل من الورديّة "موجزًا للإنجيل". نتأمّل اليوم في اثنين: الفرح والنور.

فحلقة "أسرار الفرح" تتميّز بالفرح المشعّ من حدث التجسّد، وهو واضح من سلام الملاك جبرائيل لمريم: "إفرحي يا مريم". تاريخ الخلاص كلّه، بل تاريخ العالم مدعوّ إلى بشرى الفرح، لأنّ الحظوة لمريم مسّت نوعًا ما الكون كلّه. فليلة الميلاد أعلن الملاك لرعاة بيت لحم: "أبشرّكم بفرحٍ عظيمٍ يكون للعالم كلّه" (لو10:2).

وهكذا المسيحيّة هي قبل كلّ شيء "بشرى سارّة للعالم"، مرتكزها شخص المسيح، الكلمة الذي صار بشرًا، ومخلّص العالم الأوحد. لكنّ ميلاد ابن الله كان للفداء والخلاص عبر آلامه وموته وقيامته. هذا ما تنبّأ عنه سمعان الشيخ لمريم عند تقدمة الطّفل لله في الهيكل أنّ "سيفًا سيجوز في قلبك" (لو2: 34-35). وعندما وجداه في الهيكل بعد ثلاثة أيّام، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، أعلن لأبويه تكريسه الكامل للآب السّماويّ معلنًا الجذريّة الإنجيلية التي تعيد النظر في أعزّ الربط على قلب الإنسان إزاء متطلّبات الملكوت المطلقة. الأمر الذي ولّد الاضطراب والقلق عندهما "فلم يفهما كلامه" (لو50:2) (الفقرتان 19 و 20).

3. حلقة "أسرار النور" تشمل حياة يسوع العلنيّة التي بدأها بعمر ثلاثين سنة. تُدعى "أسرار النور"، لأنّ نور المسيح أشعَّ في شخصه وآياته وكلامه، حتّى قال عن نفسه: "أنا نور العالم" (يو12:28)، كلّ واحدٍ من أسرار النور الخمسة هو سرّ نور:

العماد في الأردنّ سرُّ نور. فعندما نزل يسوع في المياه، وهو البريء الذي جُعل "خطيئة" من أجلنا (2كور 21:5)، انفتحت السماوات، وأعلن صوت الآب أنّه ابنه الحبيب (متى 17:3)، وحلَّ عليه الروح القدس بشكلٍ منظور ليوكل إليه الرسالة التي تنتظره.

وآيته الاولى في عرس قانا سرُّ نور، إذ حوَّل الماء خمرًا فائق الجودة، وأشعل الإيمان في قلوب تلاميذه (يو2: 1-12).

وإعلان مجيء ملكوت الله ودخوله عبر التوبة سرُّ نور بالكرازة ومغفرة الخطايا بالتوبة (مر15:1)، وخدمة الرحمة والمصالحة الموكولة إلى الكنيسة (مر2: 3-13؛ يو20: 22-23).

التجلّي على جبل طابور سرُّ نور بامتياز، إذ تألَّق مجد الألوهيّة على وجه المسيح. وقدَّمه الآب وعرَّف به كي يَسمعه الرسل الحاضرون، ويستعدّوا ليحيوا لحظة آلامه، فيبلغوا معه إلى فرح القيامة، وإلى حياة يبدّلها الروح القدس.

أخيرًا تأسيس الإفخارستيا، ومعه سرّ الكهنوت سرُّ نور. فالمسيح يقدّم ذاته ذبيحة فداء، وغذاءً روحيًّا بجسده ودمه تحت شكلَي الخبز والخمر للحياة الجديدة، ودواءً لعدم الموت، معطيًا "حتّى النهاية" شهادة حبّه للبشريّة، من أجل خلاصها (الفقرة 21)".

 

المصدر: بكركي